ميخاييل سكاشفيلي - فورين بوليسي ترجمة بشرى الفاضل قامت روسيا الاتحادية في أوائل شهر مارس، بتنظيم استفتاء في شبه جزيرة القرم تحت تهديد الكلاشنكوف، تمهيدًا لضم القرم وشرعت في عمليات على الأرض ووضعت الأسس - من أجل إقرار «الحقائق السياسية والقانونية الجديدة» وفقا لموسكو - وهذا يعني صنع نموذج روسي جديد لعالم ينعدم فيها القانون أو كما قالت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل في خطابها أمام البرلمان الألماني يوم 13 مارس: روسيا أصبحت تستحضر قانون الغاب إلى طاولة المفاوضات. وبالنسبة لأولئك الأشخاص من الذين عاشوا خلال محاولات فلاديمير بوتين لاسترجاع حالة ما قبل تفكك الإتحاد السوفيتي وذلك في رفض واقع ما بعد ما يسميه «أكبر كارثة جيوسياسية في القرن العشرين» - ويعني تفكك الاتحاد السوفيتي – فإن ما يحدث في أوكرانيا ليس أمرًا غير متوقع، ولا تصنع الفصل الأخير من فصول الدراما. وينبغي أن يكون واضحا تماما الآن أن خطة بوتين الأولية الرامية إلى الاستيلاء على شرق أوكرانيا عن طريق تعبئة السكان الروس هناك قد فشلت، ولكن هذا لا يعني أنه تخلي عنها، فالاستراتيجيون الروس تحدثوا عن «عطلة نهاية أسبوع يسودها الغضب» يمكنها أن تنطوي على نوع من الحصار المسلح لبعض المباني الحكومية في جنوبي وشرقي أوكرانيا، إذا قام المحرضون المحليون بالتعاون مع «قوات الدفاع الذاتي» بالاستيلاء على تلك المباني الحكومية كما فعلوا سابقًا في شبه جزيرة القرم، فإن هذا قد يكون بمثابة الأساس لمزيد من التدخل العسكري، يجب ألا نفاجأ بعد هذا من قواعد اللعبة التي أصبحت تمارسها روسيا ساخرة. التاريخ يمكن أن يكون دليلا مفيدا للسياسيين: أولا للمساعدة على منع كوارث جديدة، وثانيًا للمساعدة في الاستجابة للكوارث التي تحدث حتما بما لا يمكن تفاديها على أي حال، على الرغم من أفضل الخطط الموضوعة لمجابهتها. وحتى الآن، فالكثير من السياسيين يقعون في الأخطاء نفسها التي كان يجب أن يعوها ويتعلموا منها منذ عقود مضت. في الشيشان، قتل عشرات الآلاف من الناس فقط لجعل بوتين رئيسًا وتعزيز سلطته. ثم عندما أصبحت الثورات الملونة - والإصلاحات الناجحة خطرا على حكمه، قام بغزو جورجيا من أجل قتل هذا النموذج المعدي ومرة أخرى تعزيزًا لسلطته. الآن، وكما كان من قبل، فهو يواجه تآكل شعبيته في روسيا، وثورة الغاز الصخري في أمريكا الشمالية، والحاجة إلى الوصول إلى منفذ متسق مع عمليات تزويد حلفائه في الشرق الأوسط، لذا هاجم بوتين أوكرانيا واستولى على شبه جزيرة القرم. وحتى الآن، وحتى مع هذه الأمثلة التي لا تعد ولا تحصى، يستمر الغرب في سوء فهم عدوان بوتين أو تقديم عذر له. ففي هذه الأيام، أصبح العديد من النقاد مشغولين بالبحث عن الذات، ويناقشون فكرة واحدة ثابتة مفادها كيف بالغ الغرب وحلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي فقاموا بالتوسع، وكيف أن آثار بلا داع الدب الروسي. والنتيجة التي حصلوا عليها جراء هذا التوسع هي أن جزءًا من السلوك الروسي - مهما تسبب في النكد للجميع- كان نتيجة للنشاط التوسعي الغربي، أنه هذا نوع معين من جلد الذات فكريًا، وبالنسبة لبوتين، هو انعكاس لضعف الغرب بما قاده لتشجيعه وتقويته لا غير. *ميخائيل نيكوليزيس دزي ساكاشفيلي (21 ديسمبر 1967 -)، سياسي جورجي أصبح رئيسًا الثالث لجورجيا بعد انتخابات يناير 2004 وأعيد انتخابه مرة أخرى سنة 2008، ولد في العاصمة الجورجية تبليسي لأب طبيب وأم تعمل أستاذة جامعية لمادة التاريخ إبان الحقبة السوفيتية التي كانت تحكم جورجيا، تلقى تعليمه الابتدائي في مسقط رأسه ثم ذهب للدراسة في أوكرانيا وفرنسا قبل أن يلتحق بكلية للحقوق في أمريكا، الأمر الذي مكنه من إجادة عدة لغات. انتخب رئيسا لجورجيا خلفًا للرئيسة بالنيابة نينو بورغانادزه ثم استقال بعام 2007 ليتقدم للانتخابات الرئاسية وينتخب ثانية بعام 2008. صحيفة المدينة