كتب - مصطفى بودومي: رغم وجود منظومة رقابة قوية وقوانين صارمة لمكافحة كل مظاهر إساءة استغلال السلطة والتربح على حساب الوظيفة العامة، إلا أن ظاهرة الواسطة مازالت تمثل الباب الخلفي للفساد الإداري الذي يهدر مبدأ تكافؤ الفرص. فالشكوى من تحكم الواسطة في اختيار المتقدمين للوظائف بالجهات الحكومية والقطاع الخاص تمثل قاسمًا مشتركًا بين الشباب الباحث عن عمل، والذين يطالبون بوضع معايير ولوائح وقوانين صارمة وواضحة وشفافة لاختيار المتقدمين لشغل الوظائف، للحد من تحكم الأهواء الشخصية لدى المديرين. ويؤكد مواطنون ل الراية أن الواسطة هي الوجه الآخر للفساد الإداري الذي يحبط الشباب ويمنح الوظائف لغير المستحقين ، محذرين من تسبب الواسطة في إبعاد الكفاءات الوطنية، فضلاً عن الآثار النفسية والاجتماعية والاقتصادية لتفشي ظاهرة الواسطة. وأشاروا لى الخسائر الاقتصادية الناجمة عن تولي غير المؤهلين لبعض الوظائف، ما يحمل ميزانية الدولة أعباء رواتبهم وما ينشأ عنهم من قرارات وسياسات خاطئة تهدر المال العام. وطالبوا بتشديد الرقابة واتخاذ إجراءات رادعة ضد المديرين الذين يمنحون الوظائف لاعتبارات شخصية وغير موضوعية كونها نوعًا من الرشوة الاجتماعية لتسهيل حصول البعض على رواتب ومزايا وظيفية وترقيات استثنائية وعلاوات خاصة بسبب القرابة أو مجاملة الغير. وأكدوا أن القوانين وحدها لا تكفي لمكافحة ظاهرة الواسطة وأن الأمر يحتاج إلى تغيير ثقافة المجتمع، وتشديد الرقابة الإدارية، ووضع معايير دقيقة لشغل الوظيفة العامة، والتدرج والترقي الوظيفي حسب المؤهلات والكفاءة. وأوضح علماء دين أن الشفاعة الحسنة تكون في حق مهضوم لا يعجز صاحبه في الوصول إليه، فلا مانع في هذه الحالة من مساعدته حتى يصل إلى حقه المشروع دون أن يتعارض ذلك مع حقوق الآخرين، وشددوا على أن التعدي على حقوق الغير في شغل الوظائف الحكومية والخاصة حرام شرعًا لأن يهدر مبدأ تكافؤ الفرص، واختيار الأجدر على شغل تلك الوظائف حيث لا يجوز مجاملة الغير على حساب المصلحة العامة. سعود الكواري: مرض اجتماعي يجب استئصاله يقول سعود الكواري إن الواسطة مرض ينتشر في جسد المجتمع مثل السرطان وهو بحاجة إلى علاج أو استئصال حتى يعيش المجتمع في ظل الالتزام بالقوانين وعدم التعدي عليها. وأكد أن الواسطة تمثل تجاوزًا صارخًا ونوعًا من الفساد الإداري للمديرين الذين يوزعون الوظائف على غير المستحقين من الأقارب والمعارف والأصدقاء على حساب المستحقين وفقًا للتخصص وسابق الخبرة والمؤهل الدراسي وهو ما يسبب إهدارًا لمبدأ تكافؤ الفرص وإهدار الكفاءات الشابة ومنح غير المؤهلين سلطات وظيفية أكبر من خبراتهم. وشدد على ضرورة ترسيخ ثقة المواطنين بمؤسسات الدولة للقضاء على الظاهرة، لافتًا إلى وجود العديد من الجهات الخدمية التي تشهد تراجعًا في مستواها من حيث التعامل مع المراجعين نتيجة انتشار الواسطة بها. راشد المهندي: تشديد الرقابة لردع المخالفين يشير راشد المهندي إلى أن ظاهرة الواسطة ليست جديدة على المجتمع، واعتبرها الوسيلة والطريقة لتحقيق المكاسب وتحقيق المصالح الشخصية، وهي اليوم حديث الشباب والمجتمع لارتباطها بالتوظيف والتعيين، والقبول بالجامعات وبالكليات المرموقة، وإشكالية الدرجات حسب المكانة والأهمية. وأشار إلى دور الحكومة الإلكترونية في القضاء على المحسوبية والمحاباة ورفع الحرج عن المسؤول والموظف، لافتًا إلى أن كثيرًا من المواطنين بدأوا يدركون ذلك من خلال سرعة إنجاز المعاملات وعدم التفرقة بين المواطنين. وطالب بتشديد الرقابة واتخاذ إجراءات رادعة ضد المديرين الذين يمنحون الوظائف لاعتبارات شخصية وغير موضوعية كون ذلك نوعًا من الرشوة الاجتماعية لتسهيل حصول البعض على رواتب ومزايا وظيفية وترقيات استثنائية. ناصر الكواري: الواسطة تهدر مبدأ تكافؤ الفرص يقول ناصر الكواري: الواسطة تهدر مبدأ تكافؤ الفرص الذي يكفله القانون في الحصول على الحقوق والخدمات وتفقدنا الثقة في التوظيف وسرعة إنجاز المعاملات، حتى إن كثيرًا من الشباب يتذمر من الشروط التي تعلن عنها بعض الجهات لتولي بعض الوظائف فيها، حيث يبدو عدم تطابقها مع المؤهلين. وأضاف: إن الواسطة تصيب الشباب المجتهد بالإحباط فمن لا واسطة له يصعب عليه الحصول على وظيفة مهما كانت مؤهلاته حتى أصبح الشباب يطلقون عليها اسم فيتامين (و) تذمرًا وذلك لأهميتها،لافتًا إلى دور الواسطة الخطير في انتشار البطالة بين الشباب، مطالبًا بوضع عقاب رادع للوسطاء، ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب. وقال: إن القوانين وحدها لا تكفي لمكافحة ظاهرة الواسطة وأن الأمر يحتاج الى تغيير ثقافة المجتمع، وتشديد الرقابة الإدارية. حمد اليزيدي: تفتح أبواب الفساد الإداري يقول حمد اليزيدي: الواسطة تفتح أبواب الفساد الإداري وهي آفة تفتك بعجلة التقدم والنمو في المجتمعات وتقود إلى تفشي روح الانتهازية، وأخطر ما فيها أنها غالبًا ما تكون قائمة على "المقابل"أي أن فلانًا يخدم فلانًا مقابل رد الجميل بمعنى رشوة، من هذا المنطلق تتفاقم أضرار الواسطة، بحيث تقتصر على من يرجى منه رد الخدمة، مشيرًا الى أن نشر الثقافة العدلية في المجتمع يساعد على القضاء عليها. وأضاف: نحن بحاجة إلى الشعور بالمسؤولية لكل من الموظف والمسؤول، فلو أن كل مسؤول رفض الواسطة لما تجرأ الموظفون على قبولها،عوضًا عن ذلك لا يوجد رادع أو عقوبة لاستخدام الواسطة، ما أثر بشكل سلبي على المجتمع. عبدالله المهندي: يجب تقييم أداء موظفي الواسطة يرى عبدالله المهندي أن الواسطة أصبحت مثل الأكسجين فلا يستطيع أحد التنفس دونها، مؤكدًا أنها أشد أنواع الفساد الذي تفشى في أوساط بعض الموظفين، ومن صورها الخطرة عندما يقوم مسؤول بعمل قفزة لأحد معارفه أو قرابته أو من هو على شاكلته من أصدقائه على حساب الآخرين دون مراعاة للمعايير الوظيفية. وشدد على ضرورة أن تكون الرقابة والشفافية في أعلى مستوياتها في كل مؤسسة حكومية أو خاصة، وأكد أن ذلك سوف يخلق ثقافة مغايرة ومكافحة لثقافة الواسطة لتجتثها. وأشاد بجهود الجهات الرقابية التي ساهمت في القضاء الى حد كبير على الواسطة والمحسوبية، مطالبًا بتوسيع عمل تلك الجهات في مكافحة الفساد. محمد العذبة: ظاهرة تهدر المال العام محمد علي العذبة عضو المجلس البلدي عن دائرة معيذر الشمالية يؤكد أن ظاهرة الواسطة تفشت في المجتمع بطريقة مخيفة وأصبح البحث عن دفتر التليفون والسؤال عن المعارف في أي جهة هو التصرف الطبيعي للكثير من المواطنين حتى في الإجراءات البسيطة التي لا تستدعي الواسطة، فبات هناك ثقافة مجتمعية ترسخ أهمية الواسطة. وأشار إلى أن القوانين وحدها لا تكفي لمكافحة ظاهرة الواسطة، وأن الأمر يحتاج الى تغيير ثقافة المجتمع وتشديد الرقابة الإدارية، من خلال وضع معايير دقيقة لشغل الوظيفة الحكومية، والتدرج والترقي الوظيفي حسب المؤهلات والكفاءة. وقال: إن ظهور الواسطة ساهم بشكل كبير في البعد عن الكفاءات الوطنية، حتى صرنا نضع في أماكن المسؤولية أشخاصًا ليسوا أكفاء. أحمد البوعينين: الواسطة اعتداء على حق الغير وحرام شرعًا يؤكد الشيخ أحمد البوعينين أنه لا وجود ولا مكان في الإسلام لما يُعرف بمسألة المحسوبيات أو الشفاعات أو المجاملات على حساب المصلحة العامة، مضيفًا أن الإسلام قائم على مراعاة هذه الفوارق ليشارك الجميع في نسيج مجتمع قوي بعيدًا عن أي نوع من الضغط بالتقديم أو التأخير ولابد للأمة أن تقدم المتميز وتفسح له المجال ليمارس دوره في نهضتها لافتًا إلى أنه من الظلم أن يولى الأمر إلى من لا يحسنه لأن في ذلك تفويتًا لمصلحة كبرى وهي إسعاد الإنسان واستقراره. وأضاف: الشفاعة الحسنة تكون في حق مهضوم لإنسان لا يستطيع أن يصل إليه إلا بوسيلة، فلا مانع في هذه الحالة من مساعدته حتى يصل إلى حقه المشروع دون أن يتعارض ذلك مع حقوق الآخرين ولكن أن يتعدى أو يجير على حق غيره فهذا حرام شرعًا لأن فيه تضييعًا لقدرات الأمة، مشيرًا الى أنه لا يجوز مجاملة الغير على حساب المصلحة العامة. وشدد على ضرورة أن يتحلى الشباب بالصبر والاجتهاد وألا يركنوا لمشاعر اليأس والإحباط التي قد تعتري بعضهم بسبب المحسوبيات، موضحًا أن الواسطة خير عاجل، وما عند الله خير دائم وعلى كل فرد أن يتطور ويحسن من مستواه وأن يسعى للتميز دائمًا لأن الله حكم عدل. خليفة القبيسي: ذوو العلاقات المحدودة هم الضحية يقول خليفة القبيسي إن الواسطة آفة تفتك بالمجتمع والضحية ذوو العلاقات المحدودة من المواطنين، لافتًا إلى أن الكثيرين يتأثرون بها من دون أن يشعروا بذلك فكم من شاب تقدم لوظيفة يملك من المؤهلات العلمية والخبرات العملية ما يؤهله لها إلا أنه لا ينجح في الحصول عليها لأنها منحت لآخر قد يكون لا يمتلك نصف ما لديه من مؤهلات إلا أن الواسطة أوصلته لوظيفته. وأشار إلى أن الواسطة يمكن أن تكون وسيلة لحل المشاكل وتسهيل الأمور، وقال: الواسطة تستخدم في صورتها السلبية التي يجب أن نحاربها وأن يكون شعارنا دائمًا أن الشخص المناسب يجب أن يكون في المكان المناسب بغض النظر عن كل الاعتبارات الأخرى. د. بتول محي الدين خليفة: الواسطة فساد يهدد مستقبل الشباب تشير د.بتول محي الدين خليفة أستاذة الصحة النفسية بكلية التربية جامعة قطر إلى أن الواسطة ظاهرة اجتماعية متفشية في المجتمع، تفرض نفسها على الناس، ولا يجد المجتمع مفرًا من التعامل معها، فتارة يذمونها وتارة يفرحون بها، مركدة أنها نتاج الموروث الشعبي والأعراف التي تحكم المجتمع. وأشارت إلى أن السر في استمرارية هذه الظاهرة أنها قد تحولت إلى ثقافة، وأصبح الناس يألفونها ويتوقعونها عند كل موقف يتطلب قضاء حاجة لدى القطاعين العام والخاص، وأبدت تعجبها لتفاخر الناس بها. وتقول: الواسطة ترسخت في الأعراف الاجتماعية، وأصبح الناس يتباهون بخرق النظام، واللجوء إليها باعتبارها أحد مظاهر الوجاهة الاجتماعية، مؤكدة أنها تمثل الوجه الآخر لجريمة الرشوة، حيث من الممكن اعتبارها "رشوة اجتماعية" يتم خلالها تسهيل حصول البعض على الخدمات أو المزايا بسبب قرابته لأحد الأشخاص أو لتدخل شخصية مقربة من الموظف العام أو نافذة لدفع الموظف إلى تقديم مميزات أو خدمات أو تصعيد وظيفي لموظف يعمل تحت رئاسته، بالمخالفة لمبدأ تكافؤ الفرص. وردًا على سؤال حول الآثار الاجتماعية للواسطة أجابت بتول خليفة: تشير بعض الدراسات إلى أن من الآثار الاجتماعية للواسطة تعطيل مبدأ تكافؤ الفرص، وإعاقة تحقيق العدالة الاجتماعية في المجتمع، لافتة إلى أن هذا يوجد الشعور بالظلم بين الناس، لسلب حقوقهم وإعطائها لمن لا يستحقون. وأوضحت أن هذا يؤدي إلى فقدان الناس الثقة بالقيم والمثل الاجتماعية كالاجتهاد، والمثابرة والإخلاص والتحصيل العلمي والاعتماد على النفس، وهذا بدوره قد يعطل الإنتاجية في المجتمع. وأكدت أن أول مسمار يدق في نعش التنمية هو انتشار الفساد بكافة أشكاله وأبرزها المالي والإداري وما تعارف عليه المجتمع ب الواسطة، لما في ذلك من تهديد مباشر للوفاء بحاجات المجتمع اليومية ومستقبل الأجيال القادمة، مشيرة إلى ما يترتب على هذا الاختيار من أخطاء ومنها على سبيل المثال لا الحصر ارتفاع معدلات البطالة، وكذلك انحدار مستوى الخدمات وهدر المال العام. صالح العنزي: الواسطة سهلت حصولي على الوظيفة صالح العنزي يقول: نلت وظيفة في إحدى الجهات عن طريق الواسطة، فقبل حصولي عليها كنت قد شاركت في العديد من الأعمال التطوعية التي أثبتت كفاءتي وخبرتي وطلبت من أحد المسؤولين التوسط لي لنيل الوظيفة،علمًا بأنني خريج جامعة وحاصل على شهادة البكالوريوس. وحول طريقة تعامل الآخرين معه قال: كان الموظفون غير مقتنعين بتواجدي بينهم ويرون أنني لا أصلح لتولي الوظيفة لأنني جئت عن طريق توسط مسؤول، وكانوا يتجنبون الحديث معي ولكنني في المقابل حاولت جاهدًا أن أتعامل معهم بشكل طبيعي وكنت أتبادل الأحاديث معهم باستمرار ولم أكن أشعرهم بأنني متضايق من معاملتهم لي، ومع الوقت بدأوا يلمسون جهدي وعملي ويقتنعون بكفاءتي ما حدا ببعضهم للإشادة بي وتمنى لو تم توظيفي منذ وقت طويل. أحمد السبيعي: الواسطة وصلت قرارات العلاج بالخارج ويقول أحمد السبيعي: تعرضت ابنتي لحادث سيارة منذ عام، وتطلب علاجها السفر إلى الخارج، ونظرًا لظروفنا المادية، فقد عجزنا عن تدبير نفقات العلاج، موضحًا أنه قدم الشهادات الطبية لابنته للجنة العلاج في الخارج التابعة للمجلس الأعلى للصحة لكن طلبه قوبل بالرفض. وأضاف: نسبة كبيرة من قرارات العلاج بالخارج على نفقة الدولة تتم عبر الواسطة فمن لديهم واسطة يتحمس الموظفون لهم، ويرسلون لهم التذاكر للسفر سريعًا. جريدة الراية القطرية