"الحب مرة" و "ما عاد بش حلى في شيء" و "دور عليك في كل زوة" و "شرف من الطاقة موزي مقرش".. تلك نوعية من الأغاني التي انتشرت على الساحة الغنائية اليمنية بأصوات فنانين شباب، والتي تؤكد انهيار الكلمة وافتقارها للقيمة، وحجة أصحابها أن هذه الكلمات هي المرغوبة سماعها. وقبل أي شيء دعونا نضع مغناة "الحب والبن" من كلمات الشاعر القدير مطهر الإرياني وغناء المرحوم علي بن علي الآنسي، أمام ما تسمى بأغنية "الحب مرة" مع احترامنا للشاعر والمغني.. إلا أننا نكون بمجرد المقارنة قد ارتكبنا جرماً بحجم البون الشاسع بين المغناة وما تسمى بالأغنية.. بين الأغاني الرفيعة والأغاني الهابطة. الحسنة الوحيدة لموجة الأغاني الهابطة أنها تبرز على السطح الأهمية النوعية للأغاني الرفيعة، وذلك لما تحدثه من أثر نفسي وذهني طيب على المستمع وهو الهدف، وفقا للناقد الموسيقي جابر علي احمد، الذي يسعى إليه كل فنان أدرك رسالة الفن الحقيقية، على أن السؤال الحيوي اليوم هو لماذا طغيان الأغاني الهابطة على هذا النحو؟!. فنان لا يحترم نفسه الأديب الشاعر القدير حسن الشرفي أرجع السبب إلى الفنان نفسه الذي وصفه بأنه الفنان الذي لا يحترم نفسه ولا يضع للذوق العام أي اعتبار. وقال ل"الجمهور":" ان فنان كهذا يحاول أن يقدم نفسه للجمهور بطريقة مغايرة من باب (خالف تعرف). وعما يقوله الفنانون الشباب عندما يبررون لأنفسهم أداء الأغاني الهابطة ذات الكلمات السطحية الخالية من الدلالات الإنسانية السامية والبعيدة من المقومات الجمالية، بأن الذوق العام يتطلبها أو أنها تلقى رواجا أكثر من غيرها.. قال الأستاذ حسن الشرفي: "وهذا التعميم منافٍ للمنطق وإذا كانت هناك شريحة معينة أو بالأصح فئة معينة تستسيغ هذا الفنان أو ذاك بأغانيه الهابطة لمجرد أنه من القرية أو من الحارة أو من الشلة فهذا أمر يختلف"- مشيرا إلى أن هؤلاء لا يمثلون أو لا يشكلون الذوق العام الذي "يجب أن يحترم". البحث عن الذوق لكن الفنان إذا لم يجد الكلمة الراقية سيقبل بالموجود من أجل أن يغني حتى لو كانت هابطة.. هكذا يقول البعض أو هذا ما قد يتبادر إلى الذهن، وهو ما لم يوافقنا عليه الشاعر القدير حسن الشرفي في سياق تصريحه ل"الجمهور" حيث يقول الشعراء موجودون.. لكن نادراً ما يحصل كاتب كلمات يقبل أن يعطيها كل من هب ودب".. ويضيف: "الشاعر الذي يحترم نفسه ويحترم الفن لا بد أن يبحث عن الفنان والبحث عن الفنان يعني البحث عن الذوق". قدرة الفنان وعن تجربته يقول الشرفي: "أنا لا أبخل بكلمة على فنان شاب أجد فيه المقدرة وأكون على إدراك بأنه سوف يعطيها حقها ولو بنسبة تقريبية".. ويشير إلى أنه سبق أن تعامل مع خمسة أو ستة من الفنانين الشباب. اللهث وراء المادة والشهرة ومن أسباب شيوع الأغنية الهابطة وفقاً للشاعر حسن الشرفي البحث عن المادة "الفلوس" واستعجالهم على الشهرة!! والتي لا شك أنها تكون في الأخير "على حساب جودة الأداء.. أو جودة الأغنية بشكل عام". ويضيف: "مع احترامي للفنانين الشباب، وقد تعاملت مع عدد منهم وأنا على استعداد للتعامل مع أي فنان أرى فيه المقدرة على الأداء الجيد، هناك استعجال.. وهناك من جعل (الفلوس) كل همه فتراه يلهث وراءها.. وتراه يغني كلمات سطحية وبألحان ركيكة تخدش الذوق العام.. وهذا خطأ يجب أن يكون الفن أولاً ثم تأتي بعد ذلك المادة والشهرة". الدور الرسمي غائب تحتوي هيكلية وزارة الثقافة على إدارة "الرقابة على المصنفات".. أين دورها؟!.. أليس من المفترض أن تضع حداً للأغاني الهابطة التي لا شك أنها تسيء إلى تراثنا الغنائي الأصيل؟!.. سؤال طرحناه أمام الشاعر القدير حسن الشرفي الذي تأسف على غيابها قائلاً: "للأمانة لا دور يذكر لهذه الإدارة" وبدلا من أن يختم حديثه معنا بإجابة أبى إلا أن يتساءل لعل الإجابة تأتي من حيث يجب أن تأتي: "هل القائمون على هذه الإدارة أشخاص مؤهلين ثقافياً؟!.. مؤهلون فنيا ولغوياً؟!.. هل لهم أية علاقة بالموروث؟!."