إصابة 4 مواطنين بنيران العدو السعودي في صعدة    بعض الحضارم بين خيانة الأمس وتكرار المشهد اليوم    مفاجأة طوكيو.. نادر يخطف ذهبية 1500 متر    النصر يكرر التفوق ويكتسح استقلول بخماسية أنجيلو    رسالة نتنياهو بعد قصف الدوحة: التطبيع أو الاستهداف!    شركة صهيونية :دفاعاتنا الجوية المتطورة مثقوبة أمام الصواريخ اليمنية والإيرانية    واشنطن تزود أوكرانيا بالباتريوت بتمويل الحلفاء    نتائج مباريات الأربعاء في أبطال أوروبا    أصبحت ملف مهمل.. الحرب المنسية في اليمن والجنوب العربي    الرئيس الزُبيدي ينعي المناضل الجسور أديب العيسي    عاجل: غارة أمريكية تستهدف ارهابيين في وادي خورة بشبوة    دوري أبطال آسيا الثاني: النصر يدك شباك استقلال الطاجيكي بخماسية    رئيس هيئة النقل البري يعزي الزميل محمد أديب العيسي بوفاة والده    مواجهات مثيرة في نصف نهائي بطولة "بيسان الكروية 2025"    قيادي في الانتقالي: الشراكة فشلت في مجلس القيادة الرئاسي والضرورة تقتضي إعادة هيكلة المجلس    حضرموت.. نجاة مسؤول محلي من محاولة اغتيال    حياة بين فكي الموت    حكومة صنعاء تعمم بشأن حالات التعاقد في الوظائف الدائمة    تعز.. وفاة صيادان وفقدان ثالث في انقلاب قارب    حكومة صنعاء تعمم بشأن حالات التعاقد في الوظائف الدائمة    واقعنا المُزري والمَرير    الامم المتحدة: تضرر آلاف اليمنيين جراء الفيضانات منذ أغسطس الماضي    برنامج الغذاء العالمي: التصعيد الحوثي ضد عمل المنظمات أمر غير مقبول ولا يحتمل    الأرصاد: استمرار حالة عدم استقرار الأجواء وتوقعات بأمطار رعدية غزيرة على مناطق واسعة    استنفاد الخطاب وتكرار المطالب    بعثة منتخب الناشئين تغادر إلى قطر للمشاركة في كأس الخليج    الذهب يتراجع هامشياً وترقب لقرار الفيدرالي الأميركي    اختتام دورة تدريبية بهيئة المواصفات في مجال أسس التصنيع الغذائي    مجلس وزارة الثقافة والسياحة يناقش عمل الوزارة للمرحلة المقبلة    التضخم في بريطانيا يسجل 3.8% في أغسطس الماضي    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الإبادة الإسرائيلية إلى 65 ألفا و62 شهيدا    غياب الرقابة على أسواق شبوة.. ونوم مكتب الصناعة والتجارة في العسل    قمة الدوحة.. شجب واستنكار لا غير!!    لملس يزور ميناء يانغشان في شنغهاي.. أول ميناء رقمي في العالم    المفوضية الأوروبية تقترح فرض عقوبات على إسرائيل بسبب غزة    محافظ شبوة يتابع مستوى انتظام العملية التعليمية في المدارس    محاكمة سفاح الفليحي    الانتقالي يثمن مؤتمر الأمن البحري ويؤكد: ندعم تنفيذ مخرجاته    فريق التوجيه والرقابة الرئاسية يطلع على أداء الادارتين القانونية وحقوق الإنسان والفكر والإرشاد بانتقالي حضرموت    مفاجآت مدوية في ابطال اوروبا وتعادل مثير في قمة يوفنتوس ودورتموند    بسلاح مبابي.. ريال مدريد يفسد مغامرة مارسيليا في ليلة درامية    مصدر أمني: انتحار 12 فتاة في البيضاء خلال 2024    وادي الملوك وصخرة السلاطين نواتي يافع    العرب أمة بلا روح العروبة: صناعة الحاكم الغريب    كأنما سلخ الالهة جلدي !    خواطر سرية..( الحبر الأحمر )    ترك المدرسة ووصم ب'الفاشل'.. ليصبح بعد ذلك شاعرا وأديبا معروفا.. عبدالغني المخلافي يحكي قصته    رئيس هيئة المدن التاريخية يطلع على الأضرار في المتحف الوطني    محور تعز يدشن احتفالات الثورة اليمنية بصباحية شعرية    اكتشاف نقطة ضعف جديدة في الخلايا السرطانية    العصفور .. أنموذج الإخلاص يرتقي شهيدا    100 دجاجة لن تأكل بسه: قمة الدوحة بين الأمل بالنجاة أو فريسة لإسرائيل    في محراب النفس المترعة..    بدء أعمال المؤتمر الدولي الثالث للرسول الأعظم في صنعاء    العليمي وشرعية الأعمى في بيت من لحم    6 نصائح للنوم سريعاً ومقاومة الأرق    الصحة تغلق 4 صيدليات وتضبط 14 أخرى في عدن    إغلاق صيدليات مخالفة بالمنصورة ونقل باعة القات بالمعلا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التنافس الإيراني – السعودي على التقارب من إسرائيل
نشر في الخبر يوم 10 - 08 - 2014

مع نهاية عام 2010 وبداية عام 2011 بدأ زلزال الثورات الشعبيّة يهز المنطقة العربية من مغربها الى مشرقها، وقد تفاوتت ردود أفعال بعض الدول الإقليمية الكبرى على هذا الزلزال، لكن كان من اللافت انّ الحالتين السوريّة والمصريّة قد تركتا أثرهما البالغ على وضع كل من النظامين الايراني والسعودي. فقد كانت الصدمة كبيرة لدرجة أنّ كلاهما اعتمد في ردّه على هذا التحدي على ثلاثة توجّهات: أوّلها الانخراط بشكل قوي ومباشر لإيقاف التحولات الجارية في هذين البلدين (ايران في سوريا والسعودية في مصر)، وثانيهما الانفتاح على الفاعلين الدوليّن واعادة تقديم نفسيهما من خلال الدور الخدمي أو الوظيفي في المنطقة، والثالث هو إعادة ترتيب الأوراق الداخلية بشكل يعمل على امتصاص ارتدادات الزلزال العربي على أركان النظامين الحاكم فيهما. ما يعنينا في هذه المقالة هو الحديث عن النقطة الثانية والمتمثلة في اعادة تقديم كل من ايران والسعودية نفسيهما من خلال الدور الوظيفي أو الخدمي.
فيما يتعلق بإيران، لم يكن كافيا أن يقدّم النظام الايراني من خلال لعبة توزيع الادوار حسن روحاني كرئيس للبلاد لإقناع الغرب بتخفيف أو فك القيود المفروضة على طهران، فالملالي يعون أنّهم بحاجة الى ورقة أهم وأكثر فعالية خاصة أنّ إنخراطهم في المنطقة أصبح الاكثر دمويّة منذ الثورة الإيرانية ومصير النظام الايراني اصبح على المحك، لذلك كان لا بد من ورقة أخرى أيضا، اعادة تعريف إيران من خلال الدور الخدمي.
شرطي الخليج سابقا يمتلك الخبرة الكافية لإعادة تقديم نفسه من خلال بوابة الخدمات الإقليمية فهذه الوظيفة ليست طارئة عليه، وقد أعيد احياؤها خلال العقد الاخير ثلاث مرات، نهاية عقد خاتمي (في أفغانستان) وخلال عهد أحمدي نجاد (في العراق) والآن مع روحاني (في سوريا).
في العراق، كانت الرسالة الايرانية قصيرة ومباشرة وعبر عنها أحمدي نجاد في نوفمبر عام 2006 بشكل واضح عندما قال موجها خطابه لواشنطن: "الأمة الإيرانية مستعدة لانتشالكم من المستنقع العراقي". لقد انتهى هذا العرض بالاتفاق الشهير بين طهران وواشنطن وكان يقوم على معادلة بسيطة سوقتها طهران وهي "نستطيع محاربة الارهابيين في العراق وتحقيق الامن والازدهار والاستقرار بما يعود بالنفع عليكم أيضا".
في ذلك الوقت كانت واشنطن دون غيرها هي المعني المباشر بهذه الخدمة لأنها كانت بحاجة الى الخروج من المستنقع العراقي، لكن مع اندلاع الثورة السورية لاحت فرصة ثمينة لطهران للترويج لدورها الوظيفي والحصول على ثقة الغرب او على الاقل البرهنة على أنّ نظام طهران نظام عقلاني يعي التوازنات الاقليمية والدولية، وكان الامن القومي الاسرائيلي المفتاح لتحقيق طهران لهذا الهدف.
لقد عبّرت النظام الايراني عن هذا التوجه بشكل مباشر وغير مباشر عبر أداوته تارة وعبره طورا آخر . نظريا كان مخلوف أوّل من أفصح عن هذه المعادلة الايرانية بقوله ان أمن سوريا من أمن اسرائيل، وهو ان كان ينطق بلسان النظام السوري، الا انّ جوهر هذه السياسة كما سيظهر كان ايرانيا. على الصعيد العملي، كان حزب الله اول من نفّذ هذه المعادلة على أرض الواقع، فقد سحب حزب الله مقاتليه من جنوب لبنان والبقاع تاركا ظهره مكشوفا لمن يقول أنّه "العدو الأول وسرطان الأمة" وزج بهم في العمق السوري. ليس هذا فقط فقد اكتفى الحزب بالتفرج على الضربات الجويّة الاسرائيلية لبعض مواقع تخزين الاسلحة داخل سوريا وحتى لمواقع مقاتليه على الحدود وقد كان ذلك بمثابة امتحان لمدى التزام الحزب وطهران بهذه المعادلة الجديدة وثبت أنّهم يعنون ما يقولون حيال الالتزام بأمن اسرائيل خاصّة، وقد حصّن الأسد هذه المعادلة بالتنازل عن السلاح الكيماوي الكيماوي.
أكثر من ذلك، فجأة تحوّل حديث أمين حزب الله والقادة الايرانيين الى مخاطر الارهاب والتكفيريين في سوريا على المنطقة برمتّها مع التركيز على أن الحزب ومن ورائه إيران يرميان بثقلها في الساحة السورية لمنع انتشار خطر هؤلاء. في تلك الفترة، كتب المعلق الإسرائيلي «جاكي كوخي» تقريرًا في صحيفة «معاريف» في 31/5/2013 أثناء هجوم حزب الله على القصير يقول فيه صراحة إن "هناك التقاء مصالح غير معلن بين إسرائيل وحزب الله. . . إنها لحظة نادرة لتطابق المصالح بين الحكومة الإسرائيلية والموقف العلني للتنظيم الشيعي في لبنان"، ولعلّ هذا ما يفسّر السكوت الاسرائيلي التام وغض نظر واشنطن والمجتمع الدولي على اجتياح حزب الله لسوريا والانغماس الايراني الكبير في الازمة السورية.
عمليا كان كانت رسالة ايران تقول انّ هؤلاء "هم خطر عليكم أيضاً ونحن نقاتلهم بالنيابة عنكم وهذه بحد ذاته أكبر خدمة لكم". ففي أواخر عام 2013، ولتكتمل الصورة، أوقف النظام الايراني شعار الموت لأمريكا، وألغى بعد ذلك المؤتمر السنوي لمكافحة الصهيونيّة واستبدله بمؤتمر دولي حول مخاطر الجماعات التكفيريّة. في المحصلّة، فقد أكّد العدوان الاسرائيلي على غزّة على طبيعة موقف حزب الله وايران أعلاه بشكل قاطع.
في المقابل، النظام السعودي ومنذ اندلاع الثورات العربية والانفتاح الايراني على واشنطن، بدأ يشعر عمليا بتضاؤل أهميّته الاستراتيجية في المنطقة خاصّة بالنسبة للولايات المتّحدة، وقد عبّر المستشار السابق للأمن القومي لنائب الرئيس الأميركي "دك تشيني" جون حنّا عن هذا الوضع بشكل ممتاز عندما قال العام الماضي بما يعكس مستوى التجاهل الأميركي للسعودية أنّ "الرياض علمت بقرار أوباما إلغاء الضربة العسكرية على الأسد عبر ال "سي. أن. أن"، وكذلك علمت بعقد الصفقة الأميركية-الروسية حول الكيماوي السوري عبر ال "سي. أن. أن"، وعرفت بقرار قطع الدعم العسكري الأميركي لمصر عن طريق ال "سي. أن. أن"، وأخيرا وليس آخرا علمت الرياض على ما يبدو أن مجموعة خمسة زائد واحد على وشك توقيع اتفاق مع إيران آنذاك -وهو أمر سيئ للغاية بالنسبة لها- أيضاً عبر ال "سي. أن. أن".
هذا الواقع دفع السعودية الى البحث عن طرق لإعادة تقديم دورها الوظيفي في المنطقة خاصّة انّها بدأت ترى انّ الكفّة تتجه نحو ايران وانّ الاخيرة استطاعت التقرب من الولايات المتّحدة وإسرائيل بشكل قد يشكل خطرا عليها. وبما أنّ الطريق الأقرب الى قلب واشنطن دوما يمر عبر إسرائيل فقد وجدت السعودية ضالتها على ما يبدو أيضا في محاربة الإرهاب بما فيه ما يطلق عليه ايضا اسم "حركات الاسلام السياسي" الأبعد تاريخيا عن كل ما يمت للإرهاب بصلة.
من المنظور السعودي، يعتبر ذلك أمرا منطقيا للغاية على اعتبار أنّ وصول هذه الحركات الى السلطة عبر وسائل ديمقراطيّة يشكل تهديدا حقيقيا لطبيعة النظام السعودي، وبما انّ اسرائيل تعتبر أيضا انّ هذه الحركات تطيح بالبديل المجرّب تاريخيا والذي يقدّم كل ما يلزم لحماية امن اسرائيل مقابل بقائه في السلطة فقط، فهذا يعني انّ هناك التقاء مصالح يمكن استغلاله لإعادة دور المملكة الى الواجهة من الجديد.
لقد وجدت السعودية المفتاح سريعا، عودة عقارب الساعة في مصر من شانه أن يشكّل صلة الوصل في هذه المعادلة السابقة، وقد ادى ذلك الى ولادة نظام السيسي الوظيفي في مصر، وعادت يافطة محاربة الارهاب الامني "حماية أمن اسرائيل" والسياسي "التخلّص من جماعة الاخوان المسلمين"، وقد نجحت المملكة في ان تصل سريعا الى حيثما تريد، اذ سرعان ما اعيد الحديث مجددا في واشنطن وتل أبيب عن محور "اعتدال" في المنطقة، وقد أثبت العدوان الاسرائيلي على غزّة أيضا حجم وحدود هذه المعادلة بشكل واضح.
في المحصلة، كانت طهران والرياض تتنافسان في وقت من الاوقات على محاولة كسب قلوب وعقول الجماهير وتخططان للكيفية التي يتم فيها حرمان الطرف الآخر من الحصول على شعبية واسعة في المنطقة تخوّله لعب دور فعّال وتعطيه الشرعيّة في التحرك إقليميا، امّا اليوم فيبدو أنّ النظامين يتنافسان على التقارب من إسرائيل على ما يبدو.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.