قالت مصادر مقربة من الحوثيين إنهم يعتزمون الاستمرار بمواجهة قبائل الوسط والجنوب لبسط هيمنتهم على مناطق جديدة غير آبهين بتفاقم عزلتهم الدبلوماسية وتوجه الكثير من الدول إلى نقل سفاراتها إلى عدن التي باتت بحكم الأمر الواقع عاصمة سياسية ودبلوماسية للبلاد. وبعد خطوة مشابهة من السعودية والإمارات وقطر، أعلنت الكويت استئناف عمل سفارتها في اليمن من عدن. وانحسرت خيارات الحوثيين بدرجة غير مسبوقة إثر انتقال الرئيس هادي إلى عدن حاملا معه الشرعية الوحيدة التي لازال يعترف بها المجتمع الدولي، ما تسبب في حالة إرباك أفشلت البرنامج الزمني والسياسي الذي كانت الجماعة تسعى من خلاله لإحكام قبضتها على اليمن. ووفقا لمصادر مطلعة ومقرّبة من دائرة اتخاذ القرار في الجماعة الحوثية فإن خطط مواجهة شرعية الرئيس هادي في عدن أصبحت تتمحور حول أمرين الأول يتمثل في إسقاط محافظة تعز عسكريا وهو الأمر الذي يضع الجماعة على أعتاب المحافظاتالجنوبية وتحديدا مدينة عدن. وفي هذا الصدد تقول مصادر سياسية إن جماعة الحوثي المسلحة تستعد لاجتياح محافظة تعز التي من المتوقع أن يتم اختيار عاصمتها لاحتضان الحوار بين القوى السياسية اليمنية. وبحسب صحيفة «الشرق الأوسط»، فإن الحوثيين «يكثفون، هذه الأيام، من تحشيد عناصرهم داخل محافظة تعز والمناطق المجاورة لها من محافظة إب التي تعتبر تحت سيطرتهم». وذكرت المصادر أن الحوثيين يوجدون قرب مطار تعز من الجهة الشمالية على الطريق الذي يربط بين صنعاء ثم إب ثم تعز، مشيرة إلى أن الحوثيين «يسعون إلى فتح جبهة مواجهات مسلحة وحالة عدم استقرار في تعز، من أجل إفشال نقل الحوار السياسي بين القوى اليمنية برعاية الأممالمتحدة». وفي سياق الاستعدادات التي يجريها الحوثيون للسيطرة على المدينة كشفت مصادر خاصة ل «الخبر» عن وصول شحنات أسلحة إلى مسلحي الحوثي في محافظة تعز عبر ميناء الحديدة. وتحدثت المصادر عن الأطراف المنسقة والمشاركة في تهريب شحنات الأسلحة للحوثيين إلى محافظة تعز، مشيرة إلى أن مهمة تهريب الأسلحة وإيصالها إلى مديريات شرعب وماوية ومقبنة والمخا وشمير نفذها كلا من القياديين الحوثيين زيد الخرج وعلي القرشي رئيس مجلس التلاحم القبلي التابع للحوثيين، بالتعاون مع النقيب إحسان الكامل. ويتمثل الخيار الآخر للحوثيين بعد السيطرة على تعز بالسعي لاختراق عدد من معسكرات الجيش في المحافظاتالجنوبية والتي ينتمي معظم أفرادها للشمال. وهو الأمر الذي بدأ بالفعل حيث أعلنت وسائل إعلام حوثية عن تمكن اللجان الشعبية التابعة للجماعة من فك حصار ضربته اللجان الشعبية التابعة للرئيس هادي وعناصر الحراك الجنوبي حول أحد معسكرات الجيش في منطقة ردفان بمحافظة لحجالجنوبية المتاخمة لمحافظة عدن. ويراهن الحوثيون في مواجهتهم مع هادي على تكوين تحالف مع حزب الرئيس السابق علي عبدالله صالح، واتضحت معالم ذلك في الخطاب الأخير لزعيم الجماعة عبدالملك الحوثي. وقال الحوثي إنه لا يستهدف حزب المؤتمر الشعبي العام في معرض تعليقه على اقتحام معسكر القوات الخاصة المحسوب على صالح والذي وصفه بأنه مجرد حادث عرضي تمت معالجته. ويعمل الحوثيون كذلك على تأليب مكونات في الحراك الجنوبي ضد الرئيس هادي بغية تحريك الشارع في المحافظاتالجنوبية ما قد يضعف موقفه كثيرا في الصراع. ونقلت صحيفة «العرب» اللندنية عن مصادر مطلعة قولها إن «قيادات من الحراك الجنوبي المحسوب على جناح علي سالم البيض وحسن باعوم المرتبطين بإيران قد قامت بزيارة صعدة والالتقاء بعبدالملك الحوثي». كما يسعى الحوثيون لتحريك بعض ملفات الصراع القديمة في عدن والتي أفضت إلى حرب يناير عام 1986 جنوباليمن بين تكتلات قبلية وحزبية وكان الرئيس هادي طرفا فيها قبل أن يغادر إلى صنعاء في ذات العام بعد خسارة جناح الرئيس علي ناصر محمد الصراع لصالح علي سالم البيض وحيدر أبوبكر العطاس. بالمقابل، يمتلك الرئيس عبدربه منصور هادي الكثير من الأوراق التي تمكّنه من كسب المعركة السياسية في حال أتقن استخدامها. ومن بينها أنه يحظى بدعم واسع خصوصا من دول الخليج إضافة إلى استحواذه على الاعتراف الدولي كرئيس شرعي لليمن. وعقد هادي أمس اجتماعا مع السفير السعودي محمد سعيد آل جابر الذي استأنف عمله الخميس من عدن، وجدد السفير السعودي دعم المملكة للرئيس هادي مؤكدا على "ضرورة استكمال التسوية السياسية في اليمن الشقيق في إطار المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية". كما يتمتع هادي بشعبية في العديد من المحافظات الشمالية مثل تعزومأرب والبيضاء والجوف والتي التقى قادتها خلال الأيام الماضية في عدن. ويسيطر هادي عمليا على المحافظات المنتجة للنفط والغاز والطاقة (حضرموت، شبوة، مأرب) وهو الأمر الذي يجعله مسيطرا على الملف الاقتصادي والمالي في اليمن شمالا وجنوبا. وفي اللحظة التي يقرر فيها هادي تحويل إيرادات المشتقات النفطية إلى خزينة البنك المركزي في عدن سيكون قد تسبب في انهيار شرعية الحوثيين الذين يسيطرون على معظم محافظات الشمال بالقوة.. كما تنبئ الكثير من التقارير عن خطوات ستقوم بها دول الخليج بغية تجفيف مصادر الدعم والسيولة المالية في صنعاء وضخ تلك الأموال إلى عدن مباشرة الأمر الذي سيعزز من موقف الرئيس هادي. وذكرت أنباء أن المملكة العربية السعودية تدرس فرض عقوبات اقتصادية على الانقلابيين الحوثيين ومنها منع توريد التحويلات من المغتربين إلى البنك المركزي في صنعاء، ما يعني نقل المركز المالي من صنعاء إلى عدن. كما أن استئناف وصول المساعدات الدولية إلى اليمن عبر عدن سيكون ضربة قاصمة لظهر للحوثيين بعد خطوة نقل عدد من السفارات إلى عدن. ومع توقيف معظم خطوط الطيران رحلاتها إلى صنعاء والخوف من استحكام العزلة المفروضة عليهم أعلن الحوثيون عن تسيير أربع عشرة رحلة في الأسبوع بين صنعاء وطهران الملاذ الوحيد أمامهم . لكن الأنباء القادمة من إيران تقول إنها بدأت بدورها بتقليص دعمها المالي للحوثيين في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعيشها بفعل أزمة النفط الأخيرة والعقوبات المفروضة عليها.