ظلت الأممالمتحدة، على مدار أكثر من أسبوعين، تتحدث عن الهدنة، التي قالت بأنها تتعلق بالعمل الإنساني في اليمن، فلماذا ماتت قبل أن تولد؟! ولماذا كان أول من خرقها هو صالح والحوثي برغم أنهما الأكثر حاجة إليها؟! ولماذا كان سيد مران، هو الذي بشر بذلك؟! رغم أنه لم يمر سوى24ساعة على لقاء مندوب الأممالمتحدة، بجماعة صالح والحوثي في صنعاء. أعرف بأنه لا إنسانية في ما تقوم به هذه المنظمة، ذات الأدوار المُخزية تجاه الإنسانية، وخاصة ما يتعلق بقضايا المسلمين على وجه التحديد، من أراد أن يتأكد من ذلك، فبإمكانه تأمل الدور الإنساني لهذه المنظمة، في سوريا على سبيل المثال، ليدرك بأن الأمر لن يخرج عن احتمالين: الأول، أن الشعب السوري ليس مدرج ضمن قائمة الإنسان -بالنسبة للأمم المتحدة-. الثاني: أن ما تسعى إليه الأممالمتحدة في اليمن، هي أدوار سياسية مشبوهة، تخدم مصالح الدول الكبرى(أمريكا، روسيا، بريطانيا، على وجه الخصوص – في مقالات سابقة تحدثنا عن مصالح تلك الدول فيما يجري في اليمن-) وأن ما يجري هي أمور مُرتبٌ لها سلفاً، مع حلفاء الإنقلاب (صالح والحوثي) وهي أدوار لا علاقة لها بالعمل الإنساني، بل وحتى الأخلاقي. من لا يزال بمقدوره أن يستخدم عقله بطريقة سوية، لاشك بأن الاحتمال الثاني، سيكون هو الأكثر قرباً من الحقيقة، لأنه الأكثر وضوحاً، الأدوار التي يلعبها صالح والحوثي على الساحة اليمنية، هي الأدوار المشبوهة، وهي تتم بتنسيق واضح مع الأممالمتحدة. أنا غير قادر على تصور، مطالبة الأممالمتحدة لما أسمته -الأطراف المتصارعة في اليمن- لإقامة هدنة إنسانية، في الوقت الذي أصدرت قرارات تحت البند السابع، ضد أطراف قالت هي بأنها خارجة عن الشرعية وترتكب أعمال عنف ضد المدنيين، يمكن أن نتقبل فكرة دعوة الأطراف المتصارعة لوقف إطلاق النار، إذا كانت الحرب بين صالح والحوثي من جهة، ودول التحالف الخليجي من جهة ثانية، غير أن ما هو حاصل، أن الحرب يقوم بها كلٌ من صالح، والحوثي، ودول التحالف الخليجي، وأن الشعب اليمني هو الطرف المعتدى عليه من الجانبين، الجميع يُمعن في قتل اليمنيين -من حيث المبدأ- من هو الطرف الأكثر إجراماً بحق هذا الشعب؟! ومن يجب عليه التوقف عن سفك دماء مواطنيه؟! إذا كان الأمر يتعلق بالعمل الإنساني، أو الوطني، أو حتى الأخلاقي -بالنسبة لصالح والحوثي- فإن توقفهما عن قتل أبناء شعبهما، أمراً لا حاجة لمطالبة أي جهة بإقامته، لأن ما يقومان به تجاه أبناء شعبهما، هي جرائم إنسانية بشعة، كونها جرائم ضد أبناء شعبهما، وليس شعوب الدول المعتدية، لأن، تعز، عدن، مأرب، وغيرها من المحافظات التي يتم حصار سكانها بتلك الطريقة، كلها محافظات يمنية، ليست سعودية، ولا خليجية. إذاً: مايجري هو اعتداء داخلي وخارجي على أبناء هذا الشعب، أن يصل الأمر إلى قيام أطراف القوى في الداخل بمساندة الخارج للإمعان في قتل اليمنيين بهذه الصورة، هي عملية إجرامية بكل المقاييس، ولست أدري أين المتحدثين عن الوطنية، والخيانة، والإجرام الذي يمارس ضد أبناء الشعب منذ ثلاثة أشهر!!!. لأن أولائك اللابسين لعباءة الوطنية، في حقيقة الأمر لا يغطي سوأتهم سوى الأوراق النقدية المختلفة. إذا توقف صالح والحوثي عن جرائمهما بحق هذا الشعب -التي تعد الأكثر قسوة وإجراماً- قد يشعر الشعب بعدوان الخارج، لكن لسان حال صالح والحوثي المدعوم بالأممالمتحدة، يقول بوضوح، يجب على المجتمع الدولي ودول التحالف الخليجي، أن يستجيب لمطالبنا، وشروطنا، التي نفرضها، وإلا فإننا سنستمر في قتل أبناء شعبنا، والتضييق عليه وحصاره بكل وسائل العنف والإجرام. بمعنى آخر: ما يقومان به، يشبه رجل استقوى على أخيه، أو أبناءه، فأمعن في امتهانهم، مخاطباً الآخرين، إما أن تستجيبوا لمطالبي أو أقتلهم جميعاً!!! ترى هل يمكن أن تكون المملكة، أو الأممالمتحدة، أو الخارج بكامله، أكثر رحمة بهذا الشعب من أبناء جلدته ؟!. بقايا الشرعية في الرياض، ودول التحالف الخليجي لم تستجب لما يُطالب به الحوثي وصالح، الأمر الذي دفعهما إلى جعل الساعة الأولى التي من كان من المفترض أن يتوقف فيها إطلاق النار، بمثابة ساعة الصفر، لتكثيف القصف العشوائي، على المساكن والسكان في كل من مأرب، وتعز، وعدن، لذلك فسيستمر الاعتداء على الشعب، من الداخل والخارج، أما الداخل، فقد أثبت بأنه لا يحتاج إلى مبررات، لما يقوم به ضد أبناء شعبه، مادامت الأممالمتحدة بقيادة الدول الكبرى تقف إلى جواره، أما الخارج -فإنه يعتبر جرائم الداخل هي المبرر لاستمرار عدوانه- لذلك فإنه سيستمر في ضرباته الجوية على الشعب. ومالم يدرك الشعب بأنه يجب عليه أن يكون له موقفاً واضحاً مما يجري، للتحرر من قتل واعتداء طرفي الإجرام، الداخلي والخارجي، فإن الجميع سيستمر في البحث عن مصالحه وأهدافه، بين دماء وأشلاء، ومعاناة اليمنيين جميعاً. [email protected]