تلك الموافقة الصورية التي أعلنها (صالح والحوثي) لها بعدين أساسيين الأول: إعلاء شرعيتهما على الشرعية الدولية. الثاني: العودة مرة أخرى للإمساك بزمام الأمور -ليس بهدف الحكم الذي يعني القيام بمهمة خدمة الشعب- بل للتمكن من خلق المزيد من العنف والفوضى والانتقام من المعارضين، وإيجاد نوع من الاستقرار يمكنهم من استعباد بقية أبناء الشعب، المتمثل في أنصارهم وأصحاب المواقف السلبية -الصامتين-. البعض قد يعتبر هذا القول أمراً مبالغاً فيه أو رأيٌ لموقف شخصي لا يعكس الحقيقة، فتصير المطالبة بإثبات صحة هذا التحليل إنصافاً، والإتيان به عدل. دلائل البعد الأول: 1-صدر القرار الأممي(2216)تحت البند السابع وبإجماع الأعضاء، ما يعني أنه قراراً مُلزماً، يُمكن الأممالمتحدة من تنفذه بالقوة، لكن (صالح والحوثي)تحت رعاية الأممالمتحدة ذاتها فيما أطلقوا عليه(اتفاق مسقط)حولوه إلى مشروع للتفاوض. 2-اليوم أجمعت رسائلهما الموجهة إلى الأممالمتحدة، على الالتزام ب(مبادئ مسقط، أو النقاط السبع)التي أشارت إلى القرار(2216) وليس على تنفيذ القرار، هذا القول يجعل القرار الأممي تابع، والنقاط السبع هي الأصل -عكس للمشروعية-. 3-هذه النقاط: هي في الأساس تعديل لثمانية شروط أو خطوات، قدمها الرئيس هادي وحكومته لممثل الأممالمتحدة كوسيلة لتنفيذ القرار، فعدلها(صالح والحوثي)كاملة، حينما حاوروا أنفسهم في مسقط دون وجود أي طرف آخر، هم اليوم يجعلون مرجعيتها أقوى من القرار الأممي. 4-النقاط السبع في حقيقة الأمر أفرغت القرار(2216)من مضمونه، لأنها انتقت منه ما يتوافق معها وتجاهلت ما يخالفها -مثل العقوبات الدولية عليهما، ومشروعية هادي وحكومته، وقضايا أخرى- الأمر الذي يعني الإخلال بقرارات الشرعية الدولية، كما أن التعديل أنهى القرار الأول وحوله إلى قرار آخر، هم اليوم يعلنون التزامهم بالقرار الجديد؟! 5-مطالبتهم بوضع آلية لتنفيذ القرار(2216)ليسوا معنيين بها لأنها مهمة من أصدر القرار ومهمتهم فقط التنفيذ، قبول الأممالمتحدة بهذا -إذا لم يكن إلغاء للقرار- فإنه يُقلل من قوته القانونية والإلزامية، ويفتح المجال للمزيد من التغيير والانتقاء، فيفقد القرار محتواه الذي صدر من أجله. 6-مشاركة(صالح والحوثي)في وضع آلية لتنفيذ القرار، هي محاولة للبحث عن مكاسب تعيدهم من جديد إلى واجهة الأحداث برعاية الأممالمتحدة، وهو في نفس الوقت، توقيفٌ لمطرقة إنجازات التحالف العربي التي تلاحقهم في كافة المناطق، لكسب المزيد من الوقت وترتيب أوضاعهما العسكرية التي أوشكت على التفكك. دلائل البعد الثاني: 1-من خلال قوة السلاح الذي يملكوه فرضوا لأنفسهم أثناء الحوار ممثلين أكبر من حجمهم الفعلي، ومع ذلك لم يقدموا للشعب سوى عرقلة الحوار وفرض رؤيتهم ذات المصلحة الشخصية، وإعاقة مهام الحكومة، وتخريب أي منجز يخدم الشعب. 2-استولوا على الحكم بقوة السلاح في21سبتمبر2014م وفرضوا على الآخرين ما أسموه ب -اتفاق السلم والشراكة- فكان بمقدورهم أن يقدموا نموذجاً متميزاً يكسبهم حب الشعب ووقوفه إلى جوارهم -إن كانوا يريدون الحكم لخدمة الشعب- دون الحاجة إلى كل هذه الحروب، لكنهم انقلبوا على كل شيء، والغوا مخرجات الحوار التي رسمت خطوط عريضة لحل الكثير من المشاكل. 3-إشعال الحروب في المحافظات، وإقامة فتوحات عسكرية بقوة السلاح، لم يكن لها مبرر سوى الإنتقام من المعارضين وامتهانهم، وجعلهم عبرة لمن يفكر أن يرفض طريقتهم في الحكم -ففجروا المنازل، واحتلوا ونهبوا البيوت والمؤسسات…الخ- وهذه ليست أساليب من يريد الخير للشعب. 4-صالح في غمرت انتصاراته، حدد منفذاً واحداً لهروب خصومه، وأكد بأنه لم يشمت، لكنه سيشمت -في إشارة واضحة لما يريد أن يقوم به لاحقاً-. [email protected]