بدأت الدعاية الانتخابية للرئيس عبدربه منصور هادي برفع صوره على كل حائط ومبنى واعتلت صورته بعد نجاحه الجانب الأيسر العلوي من الصفحة الأولى لصحيفة الثورة وتحتها مقولات له مقتطفة من أحدى خطاباته. ولم يقتصر الأمر على فترة الانتخابات بل استمرت الصور معلقة في كل زاوية حتى باص الراحة لم يسلم من صور الرئيس والمشكلة أن الرئيس الحالي عبدربه لم يهتم كثيرا بالصور ويتفنن في التقاطها كسابقه فصوره كلها مدنية وعلى وجهه علامات الهم والكرب مما يزيد من إحساسنا بالألم. ولو تأملنا في صور الرئيس السابق والحالي من حيث الكم والنوعية سنجد فروقا شاسعة ولعل أهمها أن كم الصور التي كنا نراها وما زال بعضها موجودا حتى اللحظة لا يمكن مقارنتها بصور الرئيس الحالي والذي تعلق صوره في بعض الأماكن ولا تعلق في أماكن أخرى. أما من حيث النوعية فأغلب صور الرئيس السابق كانت من العيار الثقيل سواء من حيث الحجم أو المساحة أو العدد أو الخامة المستخدمة في إخراجها عكس صور الرئيس الحالية فهي أقل ضخامة ومساحة وعددا وبالتالي تكلفة. كما أن صور الرئيس السابق على كانت متنوعة مرة باللباس العسكري وهو رافع هامته ، وأخرى باللباس الشعبي (القبلي) ليكسب تعاطف المناطق التي يزورها، ومرة بلباس مدني لمناطق مدنية، ومرة باللباس الأفرنجي مع النظارة الشمسية والبرنيطة وهكذا. أما الرئيس الحالي عبدربه فإن صوره لا تضاهي في تنوعها صور الرئيس السابق بل هي صور تقليدية بسيطة تعكس زهده وعدم اكتراثه بالصور رغم سعي المتزلفين والمنافقين من حاشية الرئيس السابق لمحاولة نشر صوره في كل زاوية وهيجة. ولعل الأمر المؤسف حقا أن نجد صور للرئيس الحالي التوافقي تمزق من بعض الجدران، وبعضها يتم الشطب عليه بالأقلام والكتابة فوقه وصور أخرى متدلية ولا أحد يكترث لها. ترى لماذا ونحن في إطار التغيير وبناء الدولة المدنية الحديثة كما يتم إعلامنا أو تضليلنا ما زلنا نقدس الفرد، ونركز على القيادة كمحور لكل شيء، فإذا كنا جادين في التغيير وبناء دولة المؤسسات فلنبدأ بنزع صور الرئيس بشكل لائق ونضع بدلا منها علم اليمن وصور لليمن السعيد ان شاء الله. يكفي أن تظهر صور الرئيس أو أي شخصية مسئولة وعامة في الأخبار والمقابلات الصحفية فلا داعي مثلا لصور الرئيس في المكاتب الحكومية والخاصة وفي البيوت وغرف النوم وو...
يكفينا تقديسا للأفراد، أتدرون أنه حتى الصحف حين تظهر صور الرئيس أي رئيس يتم فرشها للأكل ثم ترمى في الزبالة، هذا ليس في مصلحة الرؤساء، لماذا لا يدعوا المواطن حين يلمس منجزاتهم العملاقة يذهب طواعية وبحب كي يكبر لهم صورة ويبروزها ويضعها في بيته دون أن يكون هدفه الارتزاق من روائها. واقترح أيضا أن ننزع صورة الرئيس التوافقي من الجزء العلوي الأيسر في صحيفة الثورة حتى لا نختزل الوطن بشخصه ، ونضع بدلا عنها حكمة يمنية قديمة تفيدنا في حاضرنا. أتذكر الرئيس الراحل الشهيد إبراهيم الحمدي والذي كانت منجزاته تسبق صوره ومازالت الكثير منها رغم قصر فترة حكمه بادية لكل مواطن يترحمون له رغم أنه لم يهتم بالصور ولكن منجزاته وأعماله جعلت صورته محفورة في أذهاننا وقلوبنا.
يفضل أن لا نفرض على المواطنين في الأماكن العامة والخاصة صور الرئيس أي رئيس حتى لا تصبح صورته مملة من كثرة مشاهدتها. ولعلي سأتفق في هذه النقطة مع أخواننا السلفيين في تحريمهم للتصوير ولكني سأقصرها على مجال الضرورات تبيح المحظورات. فلا تتصوروا بأن الصور يمكن أن تصور الواقع كما هو بل قد تبالغ أو تشوه الواقع يهمنا أن نراك يا رئيسنا حقيقة لا صورة، لتنزل كل مرة لجهة ما، وتقابلنا وتسمع منا، بدلا من الشائعات التي تصلك وتصلنا من حاشيتك.