زعم محامو المواطن الأميركي شريف موبيلي، المسجون في اليمن منذ أكثر من أربع سنوات، أن موكلهم اختفى داخل متاهة المرافق الأمنية اليمنية، وأعربوا عن مخاوفهم من أن يكون عُرضة للخطر. واعتقل موبيلي، البالغ من العُمر 30 عاماً، قبل أربع سنوات في العام 2010 من قبل وكلاء الاستخبارات اليمنية من أحد الشوارع في العاصمة صنعاء، بعد رصد المخابرات مكالمة تلفونية له مع الأمريكي من أصول يمنية الشيخ أنور العولقي، الذي كان أحد أبرز المطلوبين للإدارة الأمريكية بتهمة التحريض على الإرهاب، قبل أن يقتل بضربة جوية لطائرة أمريكية بدون طيار عام 2011.
ونقل مراسل ال"واشنطن بوست"، أمس السبت، أنه ومنذ أواخر فبراير/شباط لم يُشاهد موبيلي من قبل محاميه أو ممثليهم.
وأضافت الصحيفة الأمريكية – طبقاً لمنظمة "ريبريف" المعنية بحقوق الإنسان - مقرها بريطانيا، وتتولى الدفاع عن موبيلي، أن جلسة الاستماع (المحاكمة) التي كانت مقررة في 2 إبريل/نيسان تم إلغاؤها بسبب إضراب الجهاز القضائي، حيث توقع خلالها محاموه أنها قد تكون ذات أهمية للجانب الأمريكي في تقديم مبررات بشان اعتقال موبايلي.
اختفاء موبيلي جاء قبل جلسة استماع كانت مقرة مطلع أبريل خصصت لتقديم المحامين ما يُثبت تورط أمريكا في اعتقاله لكن الجلسة تأجلت بسبب إضراب القضاة ونشرت صحيفة "الجارديان" البريطانية، الخميس الماضي، تقريراً عن آخر مستجدات هذه القضية لمراسلها في نيويورك، أكد فيه أن آخر لقاء جمع المحامين بالمعتقل الأمريكي في معتقله بالسجن المركزي بصنعاء كان في 27 فبراير الماضي، لكن وبعد أسابيع حين حاولوا ترتيب زيارة أخرى مع موكلهم تفاجأوا عندما أبلغتهم السلطات اليمنية أنه تم نقله إلى سجن آخر مجهول، ومنذ ذلك الحين لم يعرفوا عنه شيئاً.
وقال المراسل إن اختفاء "موبيلي" المفاجئ جاء "قبل جلسة المحكمة التي كان يعتزم فيها محاموه تقديم ما يعتقدون أنها أدلة على تواطؤ الولاياتالمتحدة في القبض عليه واستجوابه لاحقاً".
ونشرت الصحيفتان الأمريكية والبريطانية اقتباساتٍ من رسالة رفعها محامي منظمة "ريبريف"، كوري كريدر، الأسبوع الماضي إلى السفارة الأمريكيةبصنعاء، اعتبر فيها أن موكله "مختفياً".
وتضمنت الرسالة عباراتٍ ضمنيةً تتهم السلطات اليمنية بأنها قدمت "رواياتٍ متضاربةً ومكذوبةً عن مكان وجوده".
وطالب المحامي كريدر، ضمن رسالته، بضرورة "اتخاذ إجراءات عاجلة" لتحديد موقع موبيلي وتطمين عائلته ومحاميه بأنه في مأمن.
ويتهم موبلي أيضاً بجنحة قتل حارس أمن المستشفى الذي نقل إليه، بينما كان يحاول الهرب بعد أسابيع على اعتقاله عام 2010.
وقالت السلطات اليمنية إنه خدع الحارس لفك قيوده، ثم اختطف البندقية وحاول إطلاق النار أثناء خروجه من المستشفى الذي كان قد تم إسعافه إليه لعلاجه من الإصابات التي تعرض لها خلال اعتقاله في المرة الأولى.
ولاحقاً أصيب موبيلي مرة أخرى خلال معركة بالأسلحة النارية مع الشرطة، والتي تم خلالها القبض عليه مجدداً واستعادته إلى المعتقل.
ونقلت ال"واشنطن بوست" عن محاميه زعمهم أنه تعرض لسُوء المعاملة خلال استجوابه من قبل المسؤولين الأمريكيين وذلك قبل الهجوم على المستشفى، وأنه كان خائفاً على حياته وحياة أسرته.
وأشارت الصحيفة إلى أن محاميه يعترضون على طريقة احتجازه في الأولى باعتبارها عملية "اختطاف" غير قانونية.
وتشير الصحيفة إلى أن موبلي كان أحد مسلمي نيو جيرسي، حيث نشأ وترعرع فيها بشكل كبير على الإيمان. وفي العام 2008 انتقل الى اليمن مع عائلته الصغيرة بسبب ما قال إنه كان يرغب في تلقي التعليم الديني واللغة، لكنها لفتت إلى أن مسؤولين أمريكيين يشتبهون في انه كان لديه دوافع متطرِفة، ويستدلون على ذلك باتصالاته مع الداعية المتطرف أنور العولقي، الذي قُتل بغارة أمريكية بدون طيار في العام 2011.
ونقلت الصحيفتان الأمريكية والبريطانية عن المتحدث باسم السفارة اليمنية في واشنطن، محمد الباشا، تأكيده أن موبيلي موجود في أحد المرافق التأهيلية (سجن) وسط العاصمة صنعاء.
غير أن المحامي كرادير، طبقاً لل"واشنطن بوست"، أصر على السلطات الأمريكية أن موبيلي غير موجود في ذلك السجن، ولا في أي سجن آخر من تلك التي قام ممثلوهم بزيارتها خلال الشهر الماضي.
وفي هذا الشأن، نقلت "الجارديان" عن المتحدثة باسم منظمة "ريبريف" كاثرين أوشي تصريحات خاصة بالصحيفة، أكدت فيها أن محاميي المنظمة قاموا، الخميس الماضي، بزيارة كافة المعتقلات اليمنية الأربعة المحددة كأماكن احتجاز معروفة في صنعاء - بما في ذلك السجن المركزي - إلا أنه تعذر عليهم تحديد موقع موبيلي.
وعن محامي المنظمة، كرادير، نقلت الصحيفة تصريحات يرد فيها على تصريحات المتحدث بإسم السفارة اليمنية في "واشنطن"، قال فيها: "أنت ترسل شخصا ما إلى موقع الاحتجاز وترفض أن تخبر عائلته، محاميه، أو حكومته أين هو؟ لقد قمت بإخفائه".
المتحدث بإسم سفارتنا في واشنطن أكد وجوده في السجن المركزي بصنعاء ومحاموه نفوا ذلك وقالوا إنهم زاروا كافة المعتقلات اليمنية المعروفة ولم يجدوه وأضاف: "أنا أعلم أن المتحدث باسم السفارة لا يرغب في ذلك، ولكن هذا يعتبر اختفاءً ممنهجاً" .
وفي رسالته التي بعثها الأسبوع الماضي إلى السفارة الأمريكية، أكد كرايدر: "لم نحصل على أي أخبار عنه منذ 39 يوماً، على الرغم من المحاولات المضنية لتحديد مكانه". وأضاف "ونحن قلقون للغاية بشأن سلامة وحالة السيد موبيلي". طبقاً لل"واشنطن بوست".
وقالت الصحيفة الأمريكية إن وزارة الخارجية رفضت التعليق على حالة موبيلي، التزاماً بقوانين الخصوصية (السرية).
وأضافت: "لكن محاميه يقولون إنهم مستثنون من قيود الخصوصية، ويؤكدون أن المسؤولين في السفارة الأمريكية هم بالمثل غارقون في الظلام (لا يعلمون شيئاً) عن المكان الذي يحتجز فيه موبيلي".
من جهتها، وفي السياق ذاته أيضاً، كانت صحيفة "الجارديان" نوهت إلى أن السفارة الأمريكية أحالت جميع طلبات الحصول على تعليق إلى وزارة الخارجية الأمريكية، حيث رفضت مسؤولة الشؤون الصحفية في القنصلية، جيسيكا وولف هدسون، الإدلاء بأي تصريحات، مشيرة إلى أنه "ولاعتبارات الخصوصية (السرية)، فإننا غير قادرين على تقديم المزيد من المعلومات"، مكتفية بالقول إن الموظفين القنصليين "يسعون جاهدين لمساعدة مواطني الولاياتالمتحدة المحتجزين في الخارج كلما كان ذلك ممكناً".
وأشارت الصحيفة إلى أن السفارة اليمنية في واشنطن لم ترد طلب التعليق على القضية. واقتبست "ريبريف" عن أحد مسؤولي السفارة الأمريكية رداً على رسالتها الأسبوع الماضي، قوله: "لقد تواصلنا مع كل المواقع المحتملة التي يمكن أن يكون محتجزاً فيها. وتلقينا النفي من الجميع، باستثناء وزارة الداخلية الذين قالوا إنه سوف يعود إلينا". ولم تشر "ريبريف" إلى هوية هذا المسؤول.