«أخرجوا عيالنا - حرية ولدي أولاً» .. جملة وضعتها أمهات المختطفين عنواناً لحملة احتجاج تهدف لمخاطبة الضمير العالمي والمحلي لعلها تصل اليهم وتلقى تعاطف إنساني مع نساء زج بأبنائهن وأزواجهن خلف قضبان مليشيات الحوثي وصالح. وتستمر حملة الاحتجاج منذ عدة أشهر للمطالبة بالإفراج عن مئات المحتجزين في السجون التابعة لجماعة الحوثيين المسلحة بأمانة العاصمة ومعظمهم من النشطاء والسياسيين والإعلاميين الرافضين لانقلاب جماعة الحوثي المسلحة.
وفي ظل غياب دور منظمات المجتمع المدني والنقابات بسبب الخناق الذي فرضته مليشيا الحوثي وصالح، ما تزال أمهات المختطفين في سجون مليشيات الحوثي وصالح، منذ عام ونصف، ينظمن وقفات احتجاجية أسبوعياَ يرفعن فيها اللافتات للمطالبة بإطلاق أبنائهن، إلا أن تلك الوقفات لم تجد صداها على المستوى الدولي، وفي المقابل قوبلت بالعنف الممنهج من قبل مسلحي جماعة الحوثي جماعة كان آخرها الاعتداء بالضرب علي امهات المختطفين وضربهن بالهراوات وأعقاب البنادق، في محاولة لفض الوقفة الاحتجاجية التي كانت أمام مبنى الأممالمتحدة بالتزامن مع زيارة المبعوث الأممي لليمن إسماعيل ولد الشيخ.
وبحسب مصدر خاص فقد سبق هذا الاعتداء اعتداءان متتاليان في ذات المكان من قبل مسلحين يرتدون الزي المدني وآخرين يرتدون زي عسكري، بينما كان عناصر الشرطة يقفون بالقرب من المشاركات في الوقفة الاحتجاجية ويحذرونهن من الإعتداءات التي قد تطالهن من مسلحي المليشيات، وحين تعرضن للإعتداء اكتفت الشرطة بمراقبة ما يحدث دون أن تقوم بأي إجراء لحماية المحتجات.
تحدثت ل "المصدر أونلاين" قريبة أحد المختطفين والتي تنشط في الاحتجاجات النسوية التي تشهدها مدينة صنعاء تقول ”لم تكن تلك المرة الأولى التي يتم فيها الاعتداء على أمهات المعتقلين فقد سبقتها حوادث عديدة حيث أن المسلحين الحوثيين القائمين على سجن ”هبرة “اعتدوا في أول أيام عيد الأضحى المبارك الفائت على أهالي المختطفين ومنعوا عنهم الزيارات“.
وتضيف وهي تسرد معاناة أمهات المختطفين بألم "وقامت عدد من النسوة المنتميات لجماعة الحوثي بالاعتداء على أمهات المختطفين أمام مكتب النائب العام في وقت لاحق أثناء تنظيم وقفة احتجاجية للمطالبة بإطلاق سراح أبنائهن المختطفين".
وكانت النساء المشاركات في الوقفات الإحتجاجية قمن في وقت سابق بإحراق ظفائر شعرهن أمام القصر الجمهوري يناشدن فيها النخوة والرجولة والأعراف القبلية المتعارف عليها في المجتمع اليمني إلا أنها لم تلقَ أي صدى في ظل سيطرة المليشيات التي لم تعر الأعراف والعادات والضمير الإنساني أدنى اعتبار، وعن المغزى من استعمال هذا الأسلوب تقول إحدى المشاركات التي طلبت عدم الإفصاح عن اسمها خوفاً من بطش المليشيات «نحاول تنويع وسائل الاحتجاج لنوصل رسالتنا إلى من لا يزال لديه ضمير حي أو إلى المجتمع الدولي للضغط من أجل الإفراج عن المختطفين».
تحدثت ل "المصدر أونلاين" "أم الحارث" وهي قريبة أحد المختطفين لدى المليشيات عن مرارة الخذلان التي تشعر بها المحتجات من النشطاء والمنظمات التي لا تزال في صنعاء "فعلاً نشعر بالخذلان من قبل النشطاء والمنظمات التي لا تزال تتواجد في صنعاء لأننا لم نلمس دوراً حقيقياً لهم في هذه القضية الإنسانية" بل ذهبت إلى أبعد من ذلك واتهمت بعض المنظمات بالتواطؤ والعمل على التغطية على جرائم الحوثيين بحق المواطنين تقول رسالتي للمنظمات والنشطاء العاملين في صنعاء «هذا ليس دوركم وباستطاعتكم فعل الكثير ولكنكم متواطؤون».
ووجهت رسالة "إلى كل إنسان يؤمن بالحقوق والحريات"قالت فيها "المختطفون ينتظرون منكم الانتصار لقضيتهم الإنسانية" وطالبت بعدم ترك هذه القضية ورقة بيد المليشيا «لتساوم بها وتحقق منها مكاسب سياسية».
ورغم شعورها بخذلان من المجتمع الذي يتفاخر دوماً بحماية النساء وعدم المساس بهن الذي قالت إنه «تخلى عن هذه القيمة الحميدة» وتساءلت «كيف أصبح المجتمع يقبل أن تهان نساء مفجوعات باختطاف أقاربهن!».
رابطة أمهات المختطفين التي بدا مؤخراً أنها جبهة النضال المدني الأخيرة في صنعاء نفذت خلال الفترة الماضية ما يزيد عن 50 فعالية احتجاجية للمطالبة بالإفراج عن المختطفين أمام مكاتب المنظمات الحقوقية الدولية منها مكتب الأممالمتحدة، ومقر المفوضية ولجنة الصليب الأحمر وعدد من السجون التي يغيب خلفها الآلاف من المختطفين منها سجن احتياطي هبرة وسجن الأمن السياسي وسجن البحث الجنائي بالعاصمة صنعاء.
ووجهت عدداً من الرسائل للمنظمات الدولية والحقوقية وفي مقدمتها الأممالمتحدة ممثلة بأمينها العام بان كي مون، ومبعوثها إلى اليمن اسماعيل ولد الشيخ، وكذلك مراسلة المفوضية السامية لحقوق الإنسان واللجنة الدولية للصليب الأحمر وأعضاء في الحكومة الشرعية وفي اللجنة الثورية التابعة لجماعة الحوثي وصالح.
كما قدمت الرابطة عدداً من البلاغات والبيانات والرسائل الإنسانية لوسائل الإعلام للنشر والتضامن مع قضايا المختطفين.
ونظمت حملات ضغط عبر مواقع التواصل الاجتماعي تزامناً مع مؤتمر الكويت لجعل قضية المختطفين على رأس جدول الأعمال، وعلى الرغم من أن ملف المختطفين والمخفيين قسرياً، والمعتقلين وأسرى الحرب أحد الملفات الرئيسية على طاولة مشاورات السلام التي انعقدت في الكويت لأكثر من 90 يوما ( منذ 21 إبريل/نيسان 6 أغسطس/أب الجاري)، إلا أنه لم ينجز شيء من الوعود بالإفراج عن المختطفين، حتى التفاهمات المبدئية التي أعلن المبعوث الأممي التوصل إليها بالإفراج عن 50 % من المعتقلين لدى الجانبين، قبيل شهر رمضان الماضي تبخرت في الهواء.
وكان وفد الحكومة الشرعية قدم قائمة تشمل ما يزيد عن 3000 مختطف لدى مليشيا الحوثي وصالح وقدم وفد الانقلابيين قوائم بنحو 3700 اسير حرب ومعتقل لدى سلطات الحكومة الشرعية، إلا أن لا شيء تم على أرض الواقع واستمرت المليشيا في عمليات الاختطاف والاعتقال الفردي والجماعي في حق آلاف المدنيين متجاهلة للقرارات والتوصيات التي انبثقت عن جولات المشاورات المختلفة.
وكانت الرابطة قد استنكرت في وقت سابق الصمت الحكومي والدولي المطبق تجاه ملف المختطفين والسكوت عن ما يحدث لهم في الزنازين من تعذيب ممنهج ويومي وعدم السماح للأهالي بزيارة أبنائهم والاطمئنان على صحتهم ومنع الطعام والدواء عنهم.
لم تكن المشكلة الوحيدة لدى أمهات المختطفين الاحتجاز فقط وإنما تعداه للممارسات التي تقوم بها الجماعة في حق المعتقلين من تعذيب وحرمان من الحقوق الأساسية للسجين، كما أنه تم رصد عدد من الحالات التي فارقت الحياة على أثر التعذيب ومنهم خرج من السجون في حالة شلل كلي ووضع صحي مزري. وذكر التقرير الذي أصدره التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان حول الضحايا المختطفين الذين تعرضوا للتعذيب في السجون أنه رصد (274) حالة تعذيب داخل سجون جماعة الحوثي والقوات الموالية للرئيس المعزول علي عبدالله صالح، في 14 محافظة يمنية خلال الفترة من يوليو 2014 وحتى سبتمبر 2016.
وتحدث التقرير عن إحصائيات حديثة لمنظمات أخرى تفيد أن حالات التعذيب في اليمن بلغت (4698) داخل 484 سجنا عاما وخاصا تابعة لجماعة الحوثي وقوات الرئيس المعزول علي عبدالله صالح، موزعة على 17 محافظة يمنية، وذلك خلال الفترة من يوليو 2014 وحتى إبريل 2016.
وذكر التقرير أن الأرقام المعلنة لا تمثل كل حالات التعذيب في اليمن، وإنما تمثل فقط الحالات التي تم التحقيق فيها من قبل فريق الرصد التابع للتحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان.