صالح البراجماتي يتخفف من الحمولة الحوثية اليوم بدفاعه الصريح عن قيادات المؤتمر الشعبي المتواجدة في الرياض المؤتمر الشعبي لا يملك كحزب (تنظيم سياسي غير عقائدي نشأ في احضان الدولة وارتبط وجوده برئاستها) لا يملك ان يضبط ايقاعه على نغمة صوت عبدالملك الحوثي. وسبق لصالح ان رحب بالقرارات اادولية وبقرار انهاء المرحلة الاولي للعاصفة. هناك تنظيم سياسي كبير يسعى الى الانفكاك من تحالفه مع الحوثيين، ما يفرض عزلة رهيبة على هذه الجماعة التي تحتاج الي نصح اصدقائها وحلفائها والمتعاطفين معها أكثر مما تحناج الي خطبهم الحماسية وتأييدهم الاعمى لفتوحاتهم المؤقتة التي تفاقم من جراح اليمنيين ونباعد فيما بينهم وترفع اسوار كراهية بين مناطقهم وفي قلوبهم. صالح يبحث عن مخرج بينما الحوثيون يواصلون التقدم مقامرين بكل ما لديهم.
*** من المهم أن يتمايز المؤتمر الشعبي العام (حزب الرئيس السابق صالح) عن جماعة الحوثيين في مواقفه حيال الحقائق السياسية المترتبة على تحالفهما، يمنيا واقليميا ودوليا، وأبرزها قرار مجلس الأمن الدولي الذي اعلن المؤتمر استعداده للتعاطي مع بنوده. الأكثر أهمية من التمايز في المواقف السياسية العلنية هو التمايز في السلوك على الأرض. هناك فروق مهمة سياسيا بين الحليفين الحربيين، يتوجب اخذها في الاعتبار لتجنيب اليمن امرين: أولهما مباراة صفرية، وأقله مضاعفات ما بعد نهاية المباراة؛ وثانيهما، تطييف الحرب كأن تأخذ طابعا مذهبيا، وبالتالي جغرافيا، بالنظر إلى الخلفيات الاجتماعية لأطراف الحرب الداخلية، الحاربين والمحروبين! المؤتمر الشعبي البراجماتي مطالب بما هو أبعد من الانفكاك التدريجي عن حليفه العقائدي. عليه ان يحاول ان يمسك بيده ليأخذه إلى "السياسة" بدلا من الإيغال جنوبا وشرقا في حرب اجتياحية يعلم الجميع، باستثناء الدونكيشوتيين في صنعاء والضاحية الجنوبية، استحالة ان تدر مردودا سياسيا على هذا الحليف المحارب في مأربوعدن ولحج وتعز، بقدر ما تضرب حصارا سياسيا واجتماعيا حوله، نمهيدا لتحديد إقامته ثم تحجيم تأثيره ودحره من المناطق التي يطبق عليها انطلاقا من عدن ولحج، فتعز وتهامة وإب وذمار، مرورا بالعاصمة القاصمة (!) وبلوغا إلى معقله وسنامه ومسقط راسه محافظة صعدة. هذا مسار مرجح للحرب، مسار معاكس لما جرى منذ خريف 2013 عندما بدأت المغامرة الحوثية في دماج. وهو، علي أية حال، مسار شديد الكلفة، عسكريا واقتصاديا واجتماعيا وسياسيا، يمكن تفاديه بإعادة تقدير الموقف طبق المعطيات على الأرض مع تحييد حماسيات اللجنة الثورية العليا، وطنطنات فرسان الفضائيات الإيرانية وتجاهل رطانات وتفاهات نمور الفضائيات الخليجية الورقيين والكرتونيين، الذين كانوا قبل عامين يتأتئون باسم الحوار والدولة المدنية واليمن الجديد. مسار حربي معلوم النتائج والعواقب والمضاعفات يمكن تفاديه بالقليل من الحكمة والكثير من الشجاعة!