دق قطاع الاستيراد في السودان ناقوس الخطر، إثر تطبيق حزمة قرارات اقتصادية اعلنت عنها الحكومة مطلع نوفمبر/ تشرين ثاني الماضي. ويعاني المستوردون في كافة القطاعات، من شح النقد الأجنبي لتلبية احتياجات التزاماتهم الخارجية من المؤسسات الرسمية، مما يجعلهم يلجأوون إلى السوق السوداء. ونفذت السودان مطلع نوفمبر/ تشرين ثاني الماضي، سياسة مرنة لأسعار صرف الجنيه السوداني (تعويم)، إلا أن الإجراءات الحكومية لم تنجح في القضاء على السوق الموازية، وتعزيز سيولة الدولار في القنوات الرسمية (البنوك). ووجهت وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي، اتهامات لقطاع الاستيراد بتسببه في عدم استقرار صرف العملات الأجنبية أمام العملة الوطنية في الاسواق السوداء، عبر ارتفاع الطلب على الدولار وسط محدودية العرض. وتسبب انفصال دولة جنوب السودان في يوليو/ تموز 2011 في شح النقد الأجنبي بعد فقدان السودان ثلاثة أرباع موارده النفطية التي آلت للجنوب. وحذرت غرفة المستوردين في الغرفة التجارية المنضوية تحت اتحاد أصحاب العمل (قطاع خاص) من انهيار القطاع في الفترة المقبلة، وسط عزم الحكومة السودانية رفع القيمة الضريبة الخاصة بالأعمال في موازنة 2017. وقال مالك جعفر، رئيس غرفة المستوردين إن وزارة المالية تعتزم إجراء تعديلات في قيمة بعض الضرائب الخاصة بقطاع الاستيراد، المتمثلة في زيادة في ضريبة أرباح الأعمال للأفراد والشركات من 15% الى 20% ورفع ضريبة الأرباح الرأسمالية إلى 3% بدلاً عن 2% علاوة على رفع ضريبة دخل العقارات إلى 15% بدلا عن 10%. وحذر "جعفر" في تصريح للأناضول، من أن تطبيق هذه الإجراءات ستؤدي إلى انهيار القطاع بالكامل، علاوة عن تسببها في ارتفاع أسعار جميع السلع لزيادة التكلفة. وكشف وزير المالية السوداني بدر الدين محمود، في وقت سابق عن انخفاض واردات السودان خلال الشهور العشرة الأولى من العام الجاري من 9.1 مليارات دولار إلى 7.1 مليارات دولار. وأشار رئيس غرفة المستوردين، إلى انخفاض عدد المستوردين بنسبة تفوق 70% خلال العام الجاري من إجمالي عددهم، مقارنة مع 52% في العام الماضي. وتوقع ارتفاع ظاهرة تهريب السلع إلى السودان، بعد التضييق الذي تمارسه الدولة على المستوردين برفع الرسوم الضريبية والجمركية، علاوة على الرسوم التي تفرضها جهات حكومية أخرى. وشكا "جعفر" من اهتمام الحكومة السودانية بالشركات الأجنبية والقطاع الخاص الأجنبي، الأمر الذي يؤثر على إضعاف القطاع الخاص الوطني ويقلص من دوره في الاقتصاد السوداني. وأكد على أن الدولة وبعد الإجراءات الأخيرة التي طبقتها على النقد الأجنبي، لم تستطع الإيفاء بالتزامات المستوردين عبر القطاع المصرفي وما زالو يلبون حاجتهم من السوق السوداء. وتتمثل سياسة الصرف المرنة التي اتبعتها الدولة مطلع الشهر الماضي، بإصدار البنك المركزي قراراً بالتعامل بسياسية الحافز عند شراء النقد الأجنبي من مدخرات السودانين العاملين بالخارج، وإيرادات الصادرات واستغلال هذه المبالغ لعدد من الاغراض من بينها الاستيراد. ووصل سعر الدولار في السوق الموازية (السوداء) إلى 18.80 جنيهاً سودانياً، مقابل السعر الرسمي لبنك السودان والذي يبلغ 7 جنيهات. وقال علي صلاح الامين العام للغرفة القومية للمستوردين، أن حزمة الاجراءات الاقتصادية الأخيرة وزيادة الضرائب في موازنة العام المقبل ستؤدي الى انهيار تام لقطاع الاستيراد. وأكد في تصريحات صحفية سابقة، أن الضرائب وحزمة الاجراءات الاقتصادية الأخيرة، ستحدث ضرراً لالاقتصاد الكلي ولالقطاع التجاري بكافة قطاعاته وعلى وجه الخصوص قطاع الاستيراد. وتهدف موجهات موازنة العام 2017 الى تقليل الواردات وتعظيم الصادرات، عبر اجراءات رفع الرسوم ومنع استيراد عدد من السلع. واصدرت وزارة التجارة قراراً بداية نوفمبر/ تشرين ثاني الماضي، بمنع استيراد الحيوانات الحية واللحوم بأنواعها والمياه المعدنية والغازية بالاضافة الى الزهور وأسماك الزينة.