كشف المرصد اليمني لحقوق الإنسان عن مقتل ما يزيد عن (180) مواطن وجرح وأصابه أكثر من (15.000) آخرين خلال الثلاثة الأشهر الأولى من عمر ثورة التغيير اليمنية. وأشار المرصد في تقرير حديث عن الإنتهاكات الجسيمة بحق المعتصمين سلميا في اليمن خلال الفترة من فبراير حتى ابريل الماضيين، إلى أن من بين المصابين ما يزيد عن (1100) جريح بالرصاص الحي, في الاعتداءات الأمنية التي طالت المعتصمين والمتظاهرين سلميا منذ اللحظات الأولى لانطلاق ما يعرف بالثورة الشعبية السلمية المطالبة بالتغيير في الحادي عشر من فبراير الماضي. وقال المرصد في تقريره - تنشر الصحوة نت نصه - إن الانتهاك والقمع المنهجي للاحتجاجات السلمية في اليمن، يصنف ضمن الجرائم ضد الإنسانية، ويقتضي من كافه المعنيين بحقوق الإنسان في العالم وفي المقدمة هيئات ومنظمات الأممالمتحدة والمفوضية السامية لحقوق الإنسان، وكل المنظمات الدولية العاملة في مجال حقوق الإنسان التدخل العاجل لإنقاذ حياة المواطنين اليمنيين المطالبين بالتغيير السلمي وإيقاف الانتهاكات المستمرة ضدهم، وإحالة المسئولين عن تلك الانتهاكات إلى العدالة. تقرير حول الانتهاكات الجسيمة بحق المعتصمين سلمياً في الجمهورية اليمنية خلال الفترة من فبراير حتى أبريل 2011م قاد التدهور الكبير للأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في اليمن خلال العقد المنصرم إلى تزايد متصاعد للتجمعات السلمية المنظمة التي شهدتها الكثير من المحافظات والمدن اليمنية، لكن نماذجها الأقدم والأكثر انتشارا تركزت بشكل ملحوظ ومتواصل في المحافظات الجنوبية والشرقية التي عانت دون سواها من الآثار والتبعات الخطيرة لحرب 1994م الظالمة. منذ النصف الثاني للعام 2007م بدأ الحراك السياسي السلمي المنظم - الذي أصبح يعرف فيما بعد بالحراك الجنوبي - يفرض نفسه بقوة ومثل البداية الحقيقية للحراك الاجتماعي والسياسي المنظم في اليمن، حيث وصل عدد التجمعات السلمية المنظمة خلال النصف الثاني من العام 2007 إلى 140 فعاليه تجمع سلمي، وخلال الفترة 2007 – 2010 بلغ عدد التجمعات السلمية المنظمة في عموم محافظات الجمهورية (1874) تجمعاً سلمياً، منها (1141) تجمع في المحافظات الجنوبية والشرقية ما نسبته 60,8 % من إجمالي عدد التجمعات بحسب بيانات وإحصائيات المرصد. وفيما يلي جدول يوضح إجمالي التجمعات السلمية في المحافظات الجنوبية والشرقية للسنوات 2007 -2010 : المحافظة إجمالي التجمعات في 2007 إجمالي التجمعات في 2008 إجمالي التجمعات في 2009 إجمالي التجمعات في 2010 عدن 7 51 45 29 لحج 24 198 107 56 ابين 22 158 66 27 الضالع 19 62 48 54 حضرموت 7 20 19 20 شبوة 11 41 16 13 المهرة - 5 7 9 اجمالي 90 535 308 208
وواجهت السلطات هذا الحراك الاجتماعي والسياسي بممارسات قمعية متشددة ترتب عنها انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، ومن ذلك إطلاق الرصاص الحي والقنابل المسيلة للدموع، فضلاً عن مطاردة واعتقال الآلاف من قيادات ومنظمي التجمعات السلمية والمشاركين فيها، واحتجاز أعداد كبيرة منهم لفترات طويلة، وإحالة أعداد أخرى وخاصة من القيادات لمحاكمات تفتقد للحد الأدنى من معايير المحاكمة العادلة، وبحسب إحصائيات المرصد فإن ما يزيد عن (306) تجمعا سلمياً تعرض للقمع، وبما أن المحافظات الجنوبية والشرقية كانت الأكثر احتجاجاً خلال الفترة 2007 – 2010 كما سبق الشارة فقد كانت التجمعات السلمية فيها أكثر عرضة للانتهاك الأمر الذي نتج عنه قتل (87) مواطنا وجرح وإصابة ( 473) آخرين، فيما وصل عدد من تعرضوا للاعتقال التعسفي على خلفيه ممارسه الحق في التجمع السلمي إلى ما يزيد عن (5658) شخص. والجدول التالي يوضح إجمالي عدد الضحايا خلال الفترة 2007-2010 span lang="EN-GB" style="font-family:Arial;mso-bidi-font-family:" simplified="" arabic";="" color:black"="" قتلى جرحى ومصابين اعتقالات تعسفية محاكمات 2007 7 32 441 0 2008 7 124 994 94 2009 49 217 2273 223 2010 24 100 1950 313 ونتيجة للتفاقم المتسارع للأوضاع الأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وتزامنا مع الانتهاكات الممنهجة لحقوق الإنسان خاصة حرية الرأي والتعبير والحق في التجمع السلمي، وما تعرض له الناشطون السياسيون والحقوقيون والصحفيون في عموم اليمن من التضييق والتنكيل عن طريق الإخفاء القسري والاعتقالات التعسفية والمحاكمات الاستثنائية، وما تخلل الحروب الست في شمال اليمن من انتهاكات وجرائم ضد الإنسانية وقمع حركة الاحتجاجات السلمية في المحافظات الجنوبية، واتساع رقعة الفساد الاقتصادي والمالي والسياسي، وتزايد نسبة الفقر التي تجاوزت 45%، وتأثراً بالهبات الشعبية التي شهدتها المنطقة العربية خاصة ثورتي تونس ومصر، أخذت الاحتجاجات السلمية في اليمن منذ يناير 2011م تكتسب منحىً متصاعداً، إذ بدأ الشباب يخرج للشارع بأعداد غير مسبوقة وفي مناطق عديدة بمختلف المحافظات اليمنية، كما تصدّر الشباب الصفوف الأولى للمحتجّين، رافعين نفس المطالب الأكثر جذرية وشمولاً والتي قدّمتها دروس تجربتي مصر وتونس. ولم يمض وقت طويل حتّى كانت المعارضة السياسية قد لجأت لممارسة الاحتجاجات السلمية وبنفس سقف المطالب المرتفعة التي تبنّاها الشباب، ومع انسداد سبل الحوار بين المحتجّين ورموز النظام الرافضة للتنحّي، لم تكتفِ السلطات باللجوء إلى نفس أساليب قمع الاحتجاجات المعتمدة في مصر وتونس قبل السقوط، وإنّما سارعت إلى ابتداع سبل وأدوات أكثر عنفاً لمواجهة الاعتصامات السلمية المتواصلة. وفي ظل ذلك الوضع شهد شهرا فبراير ومارس 2011م تصعيداً غير مسبوق لممارسات القمع ضد المحتجّين، كان أبرزها ما يلي : 1- استخدام الرصاص الحي من قبل قوات الأمن والجيش في قمع المتظاهرين والمعتصمين سلمياً، ما ترتب عنه قتل أعداد كبيرة من الضحايا في مختلف المناطق. 2- استخدام قنابل الغاز والمسيل للدموع من قبل الأمن بعضها مشكوك في احتوائها على مواد سامة، وأخرى ثبت انتهاء صلاحياتها منذ فترة طويلة. 3- الاستخدام المفرط للعنف أثناء تفريق المتظاهرين والمعتصمين باللجوء إلى العصي الكهربائية والهراوات. 4- المطاردة بسيارات وآليات مسرعة لترويع المحتجين بالدهس. 5- استخدام مأجورين للقيام بأعمال بلطجة لممارسة عنف مباشر وغير مباشر ضد المحتجين، بالاعتماد على أسلحة ذخيرة حية والأسلحة البيضاء، والعصي والأحجار، وضلوع الأجهزة الأمنية في المشاركة والإشراف على ذلك. 6- منع وصول بعض سيارات الإسعاف لإنقاذ الجرحى، وتهديد الأفراد والجهات المتطوعة لتقديم الإسعافات. 7- استخدام بعض سيارات الإسعاف الحكومية لنقل المأجورين لأعمال البلطجة وتوزيع العصي والهراوات، واستخدام سيارات حكومية تابعه للبلدية لنقل الحجارة للمأجورين الذين باتوا يعرفون في أوساط المجتمع اليمني بال"بلاطجة". 8- قيام أشخاص يرتدون زياً مدنياً ( يعتقد بتبعيتهم للأجهزة الأمنية) باختطاف المشاركين من الاحتجاجات السلمية أثناء دخولهم ومغادرتهم لساحات الاعتصامات، والتحفظ عليهم لفترات متفاوتة بعد التحقيق معهم. 9- ترهيب الطلاب، وفصلهم في بعض الحالات من المدارس، بسبب اشتراكهم في الاحتجاجات السلمية. 10- استخدام قناصة متخصصين في الرماية عن بعد لممارسة القتل العمد للمحتجين وتهيئة متطلبات تمويههم وتمركزهم في مواقع مطلة على ساحات الاحتجاجات، وتحركهم بحرية في محيط تلك الساحات. 11- الاختطاف والاعتقال والإخفاء القسري لأعداد تقدر بالمئات من المشاركين في الاحتجاجات، ولفترات متفاوتة وإخضاع البعض للتعذيب بالضرب أثناء التحقيق، وحرمانهم من الأكل والشرب والزيارات وعدم معالجة الجرحى والمصابين منهم، إضافة إلى نقل بعض المعتقلين مباشرة إلى معسكرات وإخراجهم إلى الساحات وتحريض الجنود للاشتباك معهم. 12- استهداف السلم الأهلي والاجتماعي من قبل المسئولين التنفيذيين في الدولة من خلال تحريض القوات المسلحة، وعبر وسائل الإعلام الرسمية وأثناء الفعاليات الجماهيرية، والإشراف على أعمال تخريب وبلطجة لترويع الأهالي وتوزيع الأسلحة عليهم ومحاولة زجهم في صراعات أهلية فيما بينهم، إضافة إلى استخدام الفتوى الدينية عبر وسائل الإعلام الرسمية لتأليب الناس على المنظمين والمشاركين في الاحتجاجات السلمية. 13- حصار المدن الرئيسية والتضييق على حياة الناس وتحركاتهم، والحرمان من الخدمات (الكهرباء والماء), والسلع الأساسية (المحروقات)، وهو ما يمثل انتهاك جماعي طال حقوق جميع الناس. 14- الاقتحام المخطط والمنظم لساحات الاعتصامات السلمية، واستخدام القوة في الاقتحام، والقتل المباشر للمشاركين، والاعتداء على سلامة حياتهم. ونحاول من خلال هذا التقرير التركيز على محاور رئيسية وهي :
أولاً – الاستخدام المفرط للقوة: منذ اللحظات الأولى لانطلاق ما يعرف بالثورة الشعبية السلمية المطالبة بالتغيير، لجأ النظام الحاكم إلى استخدام القوة المفرطة في قمع الاعتصامات والمسيرات والمشاركين فيها، الأمر الذي اظهر وبما لا يدع مجالاً للشك أن ما يجري في اليمن انتهاك وقمع منهجي، يصنف ضمن الجرائم ضد الإنسانية ، يقتضي من كافه المعنيين بحقوق الإنسان في العالم وفي المقدمة هيئات ومنظمات الأممالمتحدة والمفوضية السامية لحقوق الإنسان، وكل المنظمات الدولية العاملة في مجال حقوق الإنسان التدخل العاجل لإنقاذ حياة المواطنين اليمنيين المطالبين بالتغيير السلمي وإيقاف الانتهاكات المستمرة ضدهم، وإحالة المسئولين عن تلك الانتهاكات إلى العدالة. حيث اتبعت السلطات اليمنية أساليب ووسائل مختلفة في قمع الاعتصام والمسيرات والمشاركين فيها، منها الضرب بالهراوات والصعق بالكهرباء، والاستخدام المفرط لقنابل الغاز والقنابل المسيلة للدموع التي ثبت انتهاء صلاحياتها منذ فترة طويلة، واحتواء بعضها على مواد سامه وهي غازات بحسب إفادة عدد من الأطباء الذين شاركوا في تقديم المساعدات الطبية للمصابين ومتابعه حالاتهم تؤدي إلى تشنجات للأعصاب مع توقف لحظي للتنفس مصحوب بارتفاع في ضغط الدم وانخفاض عدد ضربات القلب، إضافة إلى اختلال الوعي. كما لجأت الأجهزة الأمنية وقوات الجيش في أكثر من مناسبة إلى إطلاق الرصاص الحي بشكل مباشر على المعتصمين والمحتجين سلمياً وبدون إنذار مسبق، ووصل الأمر حد استخدام قناصة متخصصين في الرماية عن بعد لممارسة القتل العمد للمحتجين وهيئت متطلبات تمويههم وتمركزهم في مواقع مطلة على الساحات، ووصل الأمر حد اقتحام الساحات من قبل وحدات عسكرية من الأمن العام والأمن المركزي والحرس الجمهوري والشرطة العسكرية، واستخدمت في ذلك كل أنواع الأسلحة بما فيها الدبابات لمحاصرة الساحة واقتحامها والاعتداء على المعتصمين سلمياً، بإطلاق الرصاص المباشر عليهم، وإحراق الخيام، والدهس بالسيارات والعربات العسكرية؛ الأمر الذي نتج عنه قتل ما يزيد عن (180) مواطن وجرح وأصابه أكثر من (15.000) آخرين من بينهم ما يزيد عن (1100) جريح بالرصاص الحي, فيما الآخرين كانت إصابتهم إما اختناق بالغاز أو إصابات بأدوات صلبة وحادة، فضلا عن اختطاف وإخفاء وتعذيب آخرين لم يتم التحقق من أعدادهم وأماكن تواجد بعضهم حتى لحظة إعداد هذا التقرير، وإخفاء بعض الجثث والجرحى من ساحات الاعتصام أو التظاهر والمستشفيات، ونقلها إلى جهات غير معلومة، فعلى سبيل المثال، ما حدث ظهر يوم 18 مارس تعرض معتصمو ساحة التغيير بصنعاء لهجوم غير مسبوق بالذخيرة الحية حيث أمطرتهم جماعات مسلحة بعضها بلباس الشرطة والبعض بلباس مدني يعتقد أنهم تابعين للأجهزة الأمنية كانت محتمية بالمباني المجاورة لمدخل الساحة الملاصق لشارع الرقاص بنيران كثيفة ومتقطعة, استمر الهجوم فترة تجاوزت الساعتين، لم تتخذ قوات الأمن والجيش المتواجدة في المكان خلالها أي إجراء لوقف عملية القتل والهجوم على المعتصمين؛ الأمر الذي أسفر عنه قتل 53 شخصاً وجرح المئات، وبهدف حجب الرؤية ومنع تصوير وتوثيق الانتهاك والقائمين به سبق إطلاق الرصاص الحي على المعتصمين إشعال النار في إطارات سيارات وضعت خلف جدار من الطوب (البلك) كانت الجهات الأمنية قد قامت قبل عدة أيام ببنائه وسط الشارع العام بهدف منع توسع المعتصمين، فضلاُ عن انتشار قناصة متخصصين على عدد من المنازل المجاورة للساحة منها منزل محافظ محافظة المحويتالسابق واحد نافذي الحزب الحاكم، أحمد علي محسن الأحول، حيث جرى إفراغ المنزل من سكانه ونقل عدد من المسلحين بلباس مدني إليه منذ منتصف الليلة السابقة، وقد نفذ هؤلاء عمليات القنص ضد المعتصمين، حيث تأكد المرصد أن الكثير من حالات القتل والجرح نجمت عن إصابات مباشرة في الرأس والصدر، كما أن عدداً من الضحايا كانوا يقفون في مواقع بعيدة جداً عن منطقة الاشتباك ما يشير إلى أن المهاجمين هم قناصة مدربون بشكل جيد، وهو أمر أكدته مصادر المعلومات التي تلقاها المرصد. وفي 17 فبراير استخدمت قوات الأمن بمحافظه عدن الرصاص الحي خلال قمعها للاحتجاجات التي شهدها حي ريمي في مدينة المنصورة، وسجَّل المرصد قيام قناصة كانوا على أسطح البنايات المجاورة للشوارع التي شهدت الاحتجاجات، والحديقة المجاورة لمحطة سيارات الأجرة (الفرزة) وهم يطلقون النار على المحتجين، الأمر الذي أسفر عن قُتل ثلاثة مواطنين وأصابه سبعة عشر آخرين بجروح. في محافظة تعز وعلى مدى ثلاثة أيام متواصلة من 3-5/4/2011م قامت قوات من الأمن المركزي والحرس الجمهوري بمهاجمة المتظاهرين والمحتجين سلميا بإطلاق الرصاص الحي وقنابل الغاز المشابهة لتلك التي تم استخدامها في صنعاء، وقد نتج عن ذلك قتل 7 متظاهرين وإصابة حوالي (1800) آخرين من المحتجين سلميا بإصابات مختلفة. تعز: من ساحة للاعتصام إلى ساحة حرب: في تعز أيضا كانت جريمة الاعتداء على المعتصمين بساحة الاعتصام في تعز يوم الأحد الموافق 29/5/2011م والتي بدأت أحداثها الدامية عند الساعة الخامسة والنصف مساء، بعد أن قام مدير إدارة أمن القاهرة، ومعه أفراد عسكريين تابعين له، وعناصر مدنية مسلحة بإطلاق النار من مبنى الإدارة ومحيطها على المعتصمين أمام مقر إدارة الأمن، والذين كانوا يطالبون بالإفراج عن المعتقلين، الأمر الذي نتج عنه مقتل (4) متظاهرين، وإصابة أكثر من (80) بالرصاص الحي. أعقب ذلك بوقت قصير قيام عناصر تابعة للأمن ومسلحين مدنيين تابعين للحكومة، بعضهم اعتلى أسطح البنايات المجاورة، بالاعتداء على المعتصمين المسالمين المتواجدين في المدخل الشرقي للساحة، والقريب من إدارة الأمن، وإطلاق النار والقنابل المسيلة للدموع عليهم، وترافق هذا مع انتشار وحدات عسكرية من الحرس الجمهوري والأمن المركزي ومسلحين مدنيين يُعتقد أنهم تابعين للوحدات نفسها على مداخل الساحة، واعتلاء أسطح بنايات مجاورة، وباشرت إطلاق النار صوب المواطنين في الساحة، لكنها سرعان ما توقفت لتتراجع بعدها، وتبقى على مسافات قريبة، وعند منتصف الليل بدأت هذه الوحدات هجوماً جديداً على الساحة، وقد لوحظ أن هذه الوحدات المدعمة بالعربات المصفحة والآليات والجرافات قد قامت بمهاجمة الساحة من مداخليها وزواياها المختلفة، واستخدمت في هجومها لتفريق المعتصمين الأسلحة المختلفة، حيث تمَّ إطلاق النار بكثافة شديدة من قبل الجنود والآليات بشكل مباشر تجاه المعتصمين، ورشهم بالمياه الملوثة والساخنة، والقنابل المسيلة للدموع، بالتزامن مع إطلاق نار كثيف وغازات مسيلة للدموع من على أسطح البنايات المطلة على الساحة، إحراق الخيام بشكل جماعي وعشوائي، ورشها بمواد تزيد من الاشتعال، ليتبع ذلك جرف محتويات الساحة والخيام وأغراض المعتصمين بالجرافات. كما قامت القوات العسكرية بمحاصرة أعداد كبيرة من المعتصمين في بعض المباني والمحلات المجاورة للساحة، والتي كانوا لجئوا إليها عند بدء الاقتحام، إضافة إلى حصارها للمستشفى الميداني، ومستشفى الصفوة، بل واقتحامها ونهب محتوياتهما والعبث بها، واختطاف الجرحى وجثث القتلى منها، وتقلهم إلى أماكن مجهولة حتى اللحظة، واعتقال عدد من المواطنين والأطباء. وقد تلقى المرصد معلومات عن سقوط أكثر من خمسين قتيل من المشاركين؛ إلا أنه وحتى اللحظة تمكن من التحقق فقط من أسماء عشرة منهم، فيما لا يزال البحث والتحقيق جارٍ عن مصير جثث الآخرين، وأسمائهم. لم يقف الأمر عند هذا الحد، فبعد تفريق وجرف الساحة تمركزت بعض القوات في الساحة، وانتشرت الآليات العسكرية في أنحاء المدينة، مواصلة محاصرة المعتصمين في البنايات التي التجئوا إليها، واعتقلت عدد منهم، كما قامت هذه الوحدات وعناصر بلباس مدنية بحملات مطاردة للمتواجدين في شوارع المدينة، وباشرت اعتداءاتها على التجمعات الاحتجاجية التي ينظمها المواطنون للتنديد بما حدث في مجزرة الاقتحام، إضافة إلى قيام الوحدات العسكرية بإغلاق مداخل المدينة، ومنع المواطنين المتوافدين إليها من الدخول، والاعتداء عليهم من قبل هذه الوحدات، وكان أبرزها ما حدث في جولة (دوار) وادي القاضي، حيث قامت قوات الأمن بإطلاق النار على المواطنين، ما نتج عنه مقتل أربعة أشخاص بينهم طفل، وإصابة أكثر من (40) آخرين بجراح متفاوتة، وأعقب ذلك محاصرة قوات أمنية أخرى تجمعاً نسائياً احتجاجياً بالقرب من المكان، وبعد إطلاق النار في الهواء لتفريقهن، قام عدد من الجنود، الذين ارتدوا ملابس نسائية ضمنها النقاب الذي يخفي الوجه، بالاعتداء عليهن بالهراوات والعصي، ومحاولة تمزيق ملابسهن، والتحرش الجنسي بهن، وقد أصيبت إحداهن بحالة إغماء بسبب الاعتداء عليها، فيم تعرضت أخرى للإجهاض. بعدها فرضت السلطات حالة من التشديد الأمني على المدينة، وأحكمت الحصار عليها، واستمرت في ملاحقة النشطاء، وأطلق النار بشكل عشوائي على المتجمعين، الأمر الذي خلق حالة من الفوضى داخل المدينة، وتذمراً لدى المواطنين، وزاد من غضبهم، وهو ما دفع عدد من أهالي المناطق الريفية المحيطة بالمدينة إلى التجمع داخل المدينة، والإعلان عن حماية حياة أبنائهم على حد قولهم، وهو ما دفع بالأمور في تعز إلى أن تنحو باتجاه العمل المسلح، لتصبح المدينة بعد ذلك ساحة للاشتباكات المسلحة بين مسلحين مدنيين من أبناء المحافظة من جهة والقوات العسكرية ومدنيين محسوبين عليها، رصد قيام تلك القوات بقصف بعض أحياء المدينةبالدبابات أحياناً، وهو ما نتج وينتج عنه سقوط جرحى وقتلى من الطرفين يومياً، إضافة إلى بعض الأهالي. (جدول أولي يوضح عدد القتلى والمصابين في كل محافظة من محافظات الجمهورية بحسب المعلومات المتوفرة) ملاحظات جرحى ومصابين بالغاز وأدوات أخرى جرحى بالرصاص والشظايا قتلى المحافظة بحسب إحصائيات المستشفى الميداني فإن ما يزيد عن650 من إجمالي 4000 جريح تعرضوا للإصابة والجرح بأدوات مثل الحجارة والهراوات والشظايا، و1838 تعرضوا للإصابة بالغازات وهي حالات تختلف عن حالات الإصابة بالاختناق الناجمة عن استنشاق دخان القنابل المسيلة للدموع حيث تظهر على الضحايا علامات الإصابة بغازات كاتمة للأنفاس ومهيجة للأعصاب وكثير من الحالات كانت تعود للمستشفى بعد يومين أو ثلاث أيام لظهور الأعراض مرة أخرى. بقيه الإصابات كانت اختناقات بغازات القنابل المسيلة للدموع. 6000 300 79 صنعاء