القبض على أكثر من 300 أجنبي في مديرية واحدة دخلوا اليمن بطريقة غير شرعية    يقتل شقيقه بدم بارد.. جريمة مروعة تهز مارب    من لطائف تشابه الأسماء .. محمود شاكر    مصرف الراجحي يوقف تحويلاته عبر ستة بنوك تجارية يمنية بتوجيهات من البنك المركزي في عدن    تاجرين من كبار الفاسدين اليمنيين يسيطران على كهرباء عدن    الانتقالي الجنوبي ثمرة نضالات طويلة وعنوان قضية شعب    فخامة الرئيس بن مبارك صاحب القدرة العنكبوتية على تحديد الضحية والالتفاف    ازمة الانتقالي الشراكة مع الأعداء التاريخيين للجنوب العربي الأرض والإنسان    كرة القدم تُلهم الجنون: اقتحامات نهائي دوري أبطال أوروبا تُظهر شغف المُشجعين    "إنهم خطرون".. مسؤول أمريكي يكشف نقاط القوة لدى الحوثيين ومصير العمليات بالبحر الأحمر    "لماذا اليمن في شقاء وتخلف"...ضاحي خلفان يُطلق النار على الحوثيين    غدر به الحوثيون بعدما كاد أن ينهي حرب اليمن.. من هو ولي العهد الكويتي الجديد؟    كشف هوية القاضي الذي أثار موجة غضب بعد إصداره أحكام الإعدام اليوم في صنعاء    يمني يتوج بجائزة أفضل معلق عربي لعام 2024    عيدروس الزُبيدي يصدر قراراً بتعيينات جديدة في الانتقالي    تجدد مواجهة مصيرية بين سكان صنعاء و الحوثيين    ما خطورة قرارات مركزي عدن بإلغاء العملة القديمة على مناطق سيطرة الحوثيين؟.. باحث اقتصادي يجيب    المرصد اليمني: أكثر من 150 مدنياً سقطوا ضحايا جراء الألغام منذ يناير الماضي    نابولي يقترب من ضم مدافع تورينو بونجورنو    كيف أفشل البنك المركزي اليمني أكبر مخططات الحوثيين للسيطرة على البلاد؟    ضربة موجعة للحوثيين على حدود تعز والحديدة بفضل بسالة القوات المشتركة    جريمة مروعة تهز المنصورة بعدن.. طفلة تودع الحياة خنقًا في منزلها.. من حرمها من حق الحياة؟    مانشستر يونايتد يقترب من خطف لاعب جديد    تنديد حقوقي بأوامر الإعدام الحوثية بحق 44 مدنياً    مشهد رونالدو مع الأمير محمد بن سلمان يشعل منصات التواصل بالسعودية    وصول أكثر من 14 ألف حاج يمني إلى الأراضي المقدسة    سلم منه نسخة لمكتب ممثل الامم المتحدة لليمن في الاردن ومكتب العليمي    استشهاد 95 فلسطينياً وإصابة 350 في مجازر جديدة للاحتلال في غزة    صندق النقد الدولي يعلن التوصل لاتفاق مع اوكرانيا لتقديم مساعدة مالية بقيمة 2.2 مليار دولار    بوروسيا دورتموند الطموح في مواجهة نارية مع ريال مدريد    المنتخب الوطني يواصل تدريباته المكثفة بمعسكره الداخلي استعدادا لبطولة غرب آسيا للشباب    عبدالله بالخير يبدي رغبته في خطوبة هيفاء وهبي.. هل قرر الزواج؟ (فيديو)    بنك سويسري يتعرّض للعقوبة لقيامه بغسيل أموال مسروقة للهالك عفاش    مجلس القيادة يؤكد دعمه لقرارات البنك المركزي ويحث على مواصلة الحزم الاقتصادي    موني جرام تعلن التزامها بقرار البنك المركزي في عدن وتبلغ فروعها بذلك    صلاة الضحى: مفتاحٌ لبركة الله ونعمه في حياتك    حزام طوق العاصمة يضبط كمية كبيرة من الأدوية المخدرة المحظورة    براندت: لا احد يفتقد لجود بيلينغهام    الحديدة.. وفاة عشرة أشخاص وإصابة آخرين بحادث تصادم مروع    الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين: 18 ألف أسرة نازحة في مأرب مهددة بالطرد من مساكنها مميز    خراب    السعودية تضع شرطًا صارمًا على الحجاج تنفيذه وتوثيقه قبل موسم الحج    هدي النبي صلى الله عليه وسلم في حجه وعمراته    قتلى في غارات امريكية على صنعاء والحديدة    تكريم فريق مؤسسة مواهب بطل العرب في الروبوت بالأردن    الامتحانات.. وبوابة العبور    شاهد .. الضباع تهاجم منزل مواطن وسط اليمن وتفترس أكثر 30 رأسًا من الغنم (فيديو)    الوجه الأسود للعولمة    مخططات عمرانية جديدة في مدينة اب منها وحدة الجوار    هل يجوز صيام العشر من ذي الحجة قبل القضاء؟    تحذير عاجل من مستشفيات صنعاء: انتشار داء خطير يهدد حياة المواطنين!    الطوفان يسطر مواقف الشرف    لا غرابة.. فمن افترى على رؤيا الرسول سيفتري على من هو دونه!!    تحذير هام من مستشفيات صنعاء للمواطنين من انتشار داء خطير    المطرقة فيزيائياً.. وأداتياً مميز    الفنان محمد محسن عطروش يعض اليد السلطانية الفضلية التي أكرمته وعلمته في القاهرة    ثالث حادثة خلال أيام.. وفاة مواطن جراء خطأ طبي في محافظة إب    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما الذي يحدث في اليمن..؟؟!!
نشر في الصحوة نت يوم 27 - 06 - 2010

الاجتماع رفيع المستوى الذي عقد في لندن حول اليمن في نهاية شهر يناير 2010م جاء بناء على طلب رئيس الوزراء البريطاني «جوردون براون Gorden Brown" وذلك استجابة لمحاولة تفجير طائرة الركاب فوق سماء ديتروت، وعلى الرغم من أن هذه المبادرة قد بدت مستعجلة في نظر البعض إلا أنها جاءت تباعاً لعملية تقييم مكثفة للسياسة اليمنية عام 2009م حيث وقد سعت هيئات الحكومة البريطانية إلى الاستجابة للتصور المتنامي بأن اليمن يعتبر دولة تعيش في أزمة.
في عام 2009م نمت شبكات الإرهاب في اليمن واتسعت رقعتها على نطاق عالمي فيما احتدمت الحرب الأهلية المتقطعة في الشمال وازدادت ضراوتها ببينما قامت الأجهزة الأمنية بخوض اشتباكات مع متظاهرين يدعون إلى إستقلال الجنوب.
إن حادثة ديتروت التي حدثت في ديسمبر سرعت وكشفت عملية التقييم الخاصة بالخطر العالمي الذي كان يدفع باليمن بشكل سريع نحو قائمة الدول التي تمثل هاجساً وهماً وقد تم إنهاء العمل الخاص باستراتيجية المملكة المتحدة التي استمرت لمدة ثمانية عشر شهراً في نهاية عام 2009م حيث كانت تحمل عنوان "الاستقرار والأمن في اليمن"، وهذه الاستراتيجية تطرح تصوراً ومنهجاً خاصاً بالانخراط في العمل في الدول الهشة.
وقد كشفت هذه الاستراتيجية وجود حاجة ملحة لتحسين الخدمات العامة وتعزيز مؤسسات الدولة وهذه السياسة، تقوم على أساس أن الوقاية خير من العلاج وتطرح حقيقة أن اليمن التي تعيش في ظرف هش يمكن أن تتوفر لها الفرصة كي تعمل بشكل مبكر باتجاه منع انهيار الدولة ومنع حدوث أي تدخل مستقبلي باهظ الثمن، ووفقاً لورقة عمل مقدمة من إدارة التنمية الدولية التابعة للحكومة البريطانية فإن السياسة البريطانية تجاه اليمن تتبنى دعم سياسة شاملة تضع التنمية وبناء الدولة والإرهاب في إطار واحد وذلك تأسيساً على الدروس المستفادة والمتعلقة بفاعلية الدعم وتنسيق الدول المانحة في العراق وأفغانستان وأقطار أخرى هشة ومتأثرة بالصراع.
وتفترض هذه الاستراتيجية بأن التهديد الإرهابي القادم من اليمن سوف يزداد مالم يقم المجتمع الدولي بتشجيع الرئيس صالح على معالجة التحديات الأساسية التي تواجه الدولة مثل الاقتصاد والشرعية السياسة.
إن قرار رئيس الوزراء والمتمثل في استضافة مؤتمر لندن قد أعطى صناع السياسة البريطانيين فرصة سانحة للاستفادة من عملية الانخراط رفيعة المستوى للعمل مع اليمن فيما تم تسليط الأضواء الدولية على هذا البلد، وقد تبلور موقف الساسة البريطانيين في لندن يوم 27 يناير عندما قامت أكثر من عشرين دولة بعمل تحليل مشترك لمشاكل اليمن.
كما تم في مؤتمر لندن الإعلان عن تأسيس شبكة أصدقاء اليمن وهذه الشبكة غير الرسمية تعكس وجود محاولة لمعالجة الهشاشة، كما أن هذه الشبكة تمثل آلية لعملية انخراط مستدامة من أجل الاستقرار في معالجة هذه الهشاشة، كما تم تشكيل فريقي عمل بحيث يختص أحدهما بالاقتصاد والحكم ويقود هذا الفريق الإمارات العربية المتحدة وألمانيا.
أما الفريق الآخر فيختص بالعدالة وسيادة القانون وتتزعمه الأردن وهولندا.
إن التأكيد على ضرورة وجود عملية انخراط وشراكة إقليمية أكبر تعكس حقيقة أن الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي يحتمل أن تتحمل القسط الأكبر من الهشاشة المتزايدة في اليمن كما أنه يعكس وجود محاولة من قبل المانحين الغربيين لتعزيز وتنمية الاهتمام الذاتي لدول الخليج في تبني سياسة الجيرة الآمنة التي تسهل عملية انتقال اليمن نحو اقتصاد مابعد النفط.
ولكن دول الخليج تميل بشكل تقليدي إلى إدارة اليمن بشكل ثنائي كما أن اليمن تمثل حالة اختبار لعمل جماعي في إطار مجلس التعاون الخليجي.
بشكل أوسع إن محاولة تفجير الطائرة الأمريكية فوق ديترويت قد خلق اللحظة المفتوحة لليمن وذلك كما وصفها "كليرلك هارد" و ، و"أشرف غني" بالقوة الخلاقة للحظة المفتوحة عندما تظهر احتمالات جديدة بعد حدوث صراع أو صدمة مفاجئة.
ويعتبر صناع السياسة الغربية الإجماع الذي حصل بعد مؤتمر لندن والذي يقوم على أساس اصطفاف أفضل على أنه جاء في وقت متأخر لكنه يمثل مجموعة من الإجراءات الضرورية التي مثلت بداية لمرحلة جديدة وفاعلة من عملية الانخراط والمشاركة الدولية للعمل مع اليمن وعلى الأقل فإنه يمثل إعلاناً جماعياً للنوايا ويحدد اتجاه المسار الذي ينبغي المضي فيه وقد أرسل أحد أصدقاء اليمن الذين حضروا اجتماع لندن رسالة نصية على الهاتف المحمول تقول: "تم إغلاق الصناديق والآن يبدأ العمل الشاق".
إحساس بالضرورة والحتمية
رغم انشغال وسائل الإعلام بالتهديد القادم من اليمن إلا أن الشعور بالضرورة والحتمية، يؤكد الجدل المتعلق بمستقبل البلاد وهذا الجدل نابع من الأزمة الاقتصادية للبلاد الناتجة عن انخفاض إنتاج النفط حيث وقد (انخفضت) الإيرادات النفطية في عام 2009م بنسبة 60% مقارنة بالعام السابق بينما انخفضت احتياطيات اليمن من العملات الأجنبية والناتجة عن إيرادات النفط إلى رقم قياسي.
وبينما يقدر أن يزداد حجم عجز الموازنة في البلاد إلى أرقام قياسية عام 2010م فإن سعر الريال اليمني يحتمل أن يستمر في الانخفاض وهذا بدوره يزيد نسبة التضخم ويؤدي إلى استنزاف احتياطيات العملة الأجنبية الآخذة في الانخفاض والتناقص، وبينما ترتفع نسبة الديون دون وجود مؤشرات تتعلق بالحصول على أموال ضخمة لتسديد القروض الحالية فإن اليمن تواجه خطر الانزلاق إلى أدنى مستوى في مؤشر الدول الأقل تطوراً ولن تتمكن من الوصول إلى مستوى متوسط في التنمية حسب الرؤية الاستراتيجية للبلاد عام 2025م.
فقبل ثلاث سنوات تعهدت دول الخليج والدول المانحة الأخرى بتقديم مبلغ 4.7 مليار دولار وذلك أثناء انعقاد مؤتمر لنكستر هاوس في لندن إلا أنه لم يتم الوفاء إلا بنسبة 10% من تلك التعهدات أما الدول الغربية المانحة فقد أوفت بنسبة أفضل من تعهداتها حيث إن المملكة المتحدة قد أوفت بجميع التزاماتها لعامي 2009-2010م حيث قدمت 25 مليون جنيه استرليني.
أما مساهمة الدول المانحة الأخرى فتبدو ضئيلة مقارنة بالدعم المقدم من المانحين العرب وقد تم تحقيق تقدم في مسألة الوفاء بالتعهدات التي قدمتها الرياض وذلك إثر إعلان وقف إطلاق النار بين الحكومة في صنعاء والمتمردين الحوثيين في محافظة صعدة الشمالية بحيث تم وقف الجولة السادسة من القتال في صراع متقطع استمر لمدة ست سنوات.
وقد وافق متمردو صعدة على نزع السلاح وإطلاق سراح الجنود المعتقلين، وكذلك المعدات التي تم مصادرتها ورفع الحواجز التي تم وضعها في الطرق العامة والانسحاب من المواقع الاستراتيجية وذلك انسجاماً مع الاتفاقيات السابقة لوقف إطلاق النار، كما وافق المتمردون أيضاً على وقف الهجمات ضد الأهداف السعودية وذلك عقب الهجمات العابرة للحدود والتي شُنّت في النصف الثاني من عام 2009م والتي تم خلالها استدراج الجيش السعودي بما في ذلك القوات الجوية والبحرية إلى الانخراط في الصراع وذلك في شهر نوفمبر 2009م وبينما لا زالت وسائل الإعلام الرسمية تشير إلى متمردي صعدة على أنهم عصابة إرهاب فإن منظمات المجتمع المدني في اليمن قد دعت المجتمع الدولي لتعريف مسمى الإرهابي ففي السنوات الأخير تمكنت الحكومة من التحايل على الشركاء الدوليين من خلال تصوير الخصوم السياسيين على أنهم إرهابيون بينما تظهر عملية الرضا عن ذاتها فيما يتعلق باتخاذ إجراءات ضرورية للتعامل مع الجماعات الإرهابية، فمنذ عام 1998م قتل 66 شخصاً، من بينهم عشرون مواطناً أمريكياً في عمليات العنف الجهادي في اليمن بينما ظل شبح القاعدة في شبه الجزيرة العربية يطغى على المصالح الإستراتيجية الأمريكية وقد تم الإعلان عن تشكيل القاعدة في شبه الجزيرة العربية في يناير 2009م عقب إندماج فروعها في اليمن والسعودية وأدى ذلك إلى خلق كيان إقليمي يتمتع بقيادة مزدوجة الجنسية.
بينما حاولت تنفيذ هجمات في الأجواء الأمريكية فقد أعلنت مسئوليتها عن محاولة تنفيذ هجوم ديتروت رداً على سلسلة الضربات الجوية المدعومة أمريكياً والتي نفذت في شهر ديسمبر في محاولة فاشلة لإستئصال القيادة المحلية وقد صرح الرئيس الأمريكي باراك أوباما بأن البيت الأبيض لا يعتزم نشر قوات أمريكية بأعداد كبيرة في اليمن بينما تميل وزيرة الخارجية الأمريكية إلى انتهاج سياسة شاملة تجاه اليمن إلا أن التوازن الدقيق بين وزارة الخارجية والبنتاجون ربما يظهر كرد فعل للأحداث ففي الوقت الذي يحتفظ البنتاجون بتواجد بسيط في اليمن بحيث يوفر الدعم للعمليات العسكرية والتدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الإستخباراتية لكن ذلك التواجد يبقى بعيدا عن الأنظار وتقوم قيادة العمليات الخاصة المشتركة بمساعدة الجيش اليمني على تطوير الاستراتيجيات والتكتيكات العسكرية والتخطيط للمهمات العسكرية لمواجهة المنظمات المتطرفة وتنص آخر وثيقة إستراتيجية صادرة عن الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية بأن اليمن قد أصبح مهما وبشكل متزايد بالنسبة للمصالح الأمريكية حيث يصل إجمالي الدعم الأمريكي المقدم لليمن إلى أكثر من مئة مليون دولار غير أن هذا الدعم يبدو ضئيلاً بالنظر إلى إجمالي التعهدات الأمريكية للأعوام المالية القادمة والتي تبلغ عشرة مليارات دولار تم تخصيصها كدعم لأفغانستان والعراق وباكستان علاوة على ذلك تعتزم واشنطن تقديم مبلغ 140 مليون دولار كدعم عسكري لليمن عام 2010م بما في ذلك مشاريع مدنية ومشاريع خدمات اجتماعية تنفذ من قبل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية.
مبررات للتفاؤل:
إن الجدل الحالي حول مستقبل اليمن لا يدور فقط بين الحمائم والصقور بل أيضاً بين المتفائلين والمتشائمين حول ما يمكن أن يؤول إليه الوضع حيث يقول المتفاؤلون بأن اليمن يدخل مرحلة جديدة حرجة يعززها مستوى غير مسبوق من الاهتمام الدولي ويشيرون إلى إعلان وقف إطلاق النار في صعدة وتخفيض الدعم الحكومي للديزل كدليل على وجود إرادة سياسية جديدة عقب مؤتمر لندن ويقولون بأن أصدقاء اليمن يمكنهم الاستفادة من هذه الخطوات المبكرة عن طريق المساعدة في الاستمرار في وقف إطلاق النار وتأسيس شبكة ضمان اجتماعي فعالة من أجل الاستمرار في تخفيض الدعم الحكومي للديزل ويعترف المتفائلون بالحاجة إلى حوار صريح مع القيادة اليمنية من خلال الاستمرار في عملية التقدم التي تم احرازها لكن المتشائمين يجادلون بأنه وبغض النظر عن الإجراءات التجميلية فإن سجل اليمن فيما يتعلق بالإصلاح يعتبر مرعبا فمنذ مؤتمر لنكسترهاوس الذي عقد في لندن قبل ثلاث سنوات تراجعت اليمن في العديد من المؤشرات بحيث تضاعفت التحديات الأمنية الثلاثة ويقول المتشائمون بأن أجندة الإصلاح يعتريها الخلل لأنها تتجاهل عملية الفصل بين التكنوقراط ونخبة صناع القرار فبينما يسعى الغرب إلى العمل من خلال نظرائهم في الوزارات اليمنية إلا أن السلطة الحقيقية تتجذر في الشبكات غير الرسمية التي تتجاوز مؤسسات الدولة، فأجندة الإصلاح تهدد هذه الشبكات الخاصة مما يدفع بذوي المصالح إلى الاستمرار في مقاومة التغيير وترى مجموعة برجماتية ثالثة بأنه ليس من المفيد الاستمرار في تقديم نفس الرسالة وإنما ينبغي أن يتم إطلاق صيحات أعلى فمن أجل نجاح برنامج الإصلاح ينبغي على سماسرة نخبة السلطة أن يضعوا خصوماتهم الشخصية جانبا وأن يتخلوا عن مصالحهم الشخصية لما فيه مصلحة مؤسسات الدولة.
إن حقيقة أن اليمن قد حقق تقدماً بسيطاً ونسبياً فيما يتعلق بعملية الإصلاح التي توحي بأن النخب لم تقم بعد بتحديد مصالحها الذاتية إزاء هذه التغييرات المقترحة من أجل تحقيق النجاح يجب على أولئك الذين يدافعون عن الإصلاحات والقيام ببناء علاقات أساسية وتحديد الحوافز وصياغة التغيرات المقترحة بطريقة تروق لغرائز صناع القرار في اليمن علاوة على ذلك هناك خطر يتمثل في أن قانون النتائج غير المحسوبة سوف يدخل حيز التنفيذ فبرنامج الإصلاحات تم صياغته بلغة فنية وتقنية ولكنه يدور حول إعادة هيكلة أساسية لتسوية سياسية في وقت تزداد فيه حدة التوتر وتشتد المنافسة على الموارد فهل سيؤدي الإصلاح إلى فتح التسوية السياسية الحالية بطريقة تؤدي إلى تعزيز الاستقرار طويل المدى أم أنه سيخلق فجوة أو قطيعة؟
وتعترف الحكومة البريطانية بأن المخاطر التي تصاحب عملية التغيير كبيرة إلا أن عواقب عدم العمل على التغيير تعتبر أخطر حيث أن طبيعة هذه الأخطار تكمن في التعقيد الحاصل في كل من الهشاشة والعلاقة بين السبب والنتيجة فلا الحكومة اليمنية ولا شبكات السلطة النخبوية التي تجلس داخل وخارج الحكومة تعمل ككيان عضوي متماسك، إن شبكة السلطة تتألف من شلل وشخصيات مهيمنة قادرة على اللعب بالمصالح المعلنة للدول المانحة وذلك لغرض تحقيق أجندتها الشخصية.
إن التحليل الصحيح للاقتصاد السياسي والخريطة الدقيقة للعلاقات المتطورة بين الفاعلين الرئيسيين يعتبر شرطاً أساسياً للشراكة الفاعلة من قبل الفاعلين الأجانب.
فما هو دور أحزاب المعارضة اليمنية في هذه العملية؟ إن الإستراتيجية الخاصة بالمملكة المتحدة تدعو الرئيس صالح إلى (معالجة أسباب المظالم بين السكان بما في ذلك الغضب المتزايد حول الفساد المستشري وسيطرة أصحاب النفوذ والمصالح وكذلك حول تدهور الخدمات الأساسية دون تخفيف القبضة على السلطة) وتتساءل أصوات المعارضة اليمنية عن الأسباب التي جعلت الدول المانحة الغربية عازمة على إطالة أمد الرئيس صالح في الحكم مع أنه قد مكث أكثر من ثلاثين عاما متربعاً على السلطة وهناك توجه بين الحكومات الغربية نحو الافتراض بأنه لا يمكن تحقيق الإصلاحات أو على الأقل تحريكها دون موافقة قائد قوي وصاحب خبرة كما يؤمل أن تتم عملية الإصلاح في ظل وجود أدنى حد من الفوضى المدنية وقد صرح وزير الخارجية البريطاني (أيقون لويس) أثناء مؤتمر صحفي عقد في لندن في فبراير 2010م بحضور العديد من المنظمات غير الحكومية بأن أي تغيير للقيادة يمثل قضية مهمة في المجتمع اليمني ويتم عبر التداول السلمي للسلطة من خلال صناديق الاقتراع وسوف يتم إجراء انتخابات برلمانية في اليمن عام 2011م بينما من المقرر أن يتم إجراء الانتخابات الرئاسية عام 2012م ومن المفيد في عملية بناء الدولة بأن يصمم المانحون الغربيون على إجراء الانتخابات كوسيلة لتعزيز شرعية الحكومة وفي ظل ظروف اليمن الحالية هل ستساهم الانتخابات البرلمانية في إحداث استقرار في الوضع أم أنها ستساهم في زيادة الفوضى أو التوتر؟!
وهل من المفيد الدفع باتجاه إجراء انتخابات في بداية عملية الإصلاحات المثيرة للجدل أو إتاحة الوقت لتلك الإصلاحات لكي تؤتي أكلها؟ وتبقى هناك عملية فصل غير مريحة بين الأهداف المعلنة للإدارة الأمريكية فيما يتعلق بالتنمية وبين التعاون العسكري رفيع المستوى مع عائلة الرئيس صالح وهناك خطر يتمثل في أن منتقدي الوضع الراهن في اليمن سوف ينظرون إلى بروز الرئيس صالح على أنه أمر يؤيده البيت الأبيض الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى تحويل السخط المحلي إلى نقمة ضد الأمريكان وفي غضون ذلك فإن القاعدة في شبه الجزيرة العربية تستفيد من السخط الشعبي على الفساد وسوء الإدارة الاقتصادية، إن التعامل مع هذه المشكلة يتطلب أكثر من مجرد استراتيجية لعملية تواصل أفضل ويحتاج صناع السياسة الغربية إلى قبول حقيقة أن شرائح المجتمع اليمني وخصوصا في المناطق الفقيرة تنظر إلى الأجهزة اليمنية على أنها قوة اقتصادية وسياسية متطفلة تهدد أرزاقهم ورفاهيتهم، إن الجريمة المنظمة في المنطقة وخصوصا تجارة الأسلحة بين اليمن والصومال وشبكة الرعاية القائمة في البلاد تعتبر أيضاً جديرة بالاهتمام والمعالجة وعلى الأقل فإن وجود خريطة أكثر دقة لتلك التدفقات المالية ووجود فهم أفضل للمضامين والدلالات في تغيير تلك التدفقات تعتبر شرطاً أساسياً لتحقيق إصلاحات ناجحة.
وقد صرح السفير (جيفري فلتمن) مساعد وزير ة الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأدنى أثناء حديثه للجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكية في يناير 2010م بأن الولايات المتحدة الأمريكية تدعم يمناً موحداً مستقراً ديمقراطياً ومزدهراً وفي السياق ذاته فإن الاستراتيجية البريطانية الخاصة باليمن تنص على أن هناك رؤية طويلة الأمد ليمن مستقر وآمن ويتمتع بالتنمية المستدامة كشريك فاعل للإتحاد الأوروبي ومنطقة الخليج.
لق بما يمكن تحقيقه في اليمن فبدون استكشافات نفطية جديدة وكبيرة فإنه يتوقع أن تنخفض الإيرادات النفطية إلى الصفر في القادم علاوة على ذلك تواجه اليمن ضغط ديموغرافي متزايد وارتفاع في نسبة البطالة وزيادة شحة المياه وعليه فإن تخفيف آثار الأزمة الاقتصادية تمثل الحاجة الأشد إلحاحاً ويعترف نائب وزير المالية اليمني جلال عمر يعقوب بأن الأولويات الحالية الخاصة بالإصلاحات تهدف فقط إلى توفير المقومات الأساسية لإحداث تحول اقتصادي الأمر الذي يتطلب بدوره بذل جهود أكبر ويحتمل أن تحتاج اليمن في الأعوام القادمة إلى معونات انسانية متزايدة.
* زميل مشارك في مؤسسة تشاتام هاووس في لندن

❊ ترجمة خاصة بالصحوة
الموقع (انفرها ورد) الموقع يزود الهيئات والمؤسسات الأكاديمية والعلمية والتجارية والمهنية على مستوى العالم بمعلومات تخصصية.
الموقع الأساسي في لندن ولديه مراكز فرعية في أمريكا اللاتينية وأمريكا الشمالية واستراليا وسنغافورة.
المكاتب الفرعية في أوروبا.
لديه أكثر من (150) مكتباً في أكثر من (34) دولة ويقوم بتشغيل (9250) موظفاً في كافة أنحاء العالم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.