إن وتيرة الأحداث تتسارع بشكل لافت في اليمن, فضلا عن تطورات الأوضاع الأنسانيه وتزايد معاناة المدنيين كلما أستمرت الحرب. وبالرغم من قرار وقف إطلاق النار الأخير الذي جاء ضمن الهدنه التي أعلنها الرئيس هادي مؤخرا من أجل فك الحصار عن المدن اليمنيه بالتزامن مع مفاوضات جنيف 2 اليمنيه التي ترعاها المنظمة الدوليه وبسبب الوضع الأنساني المتأزم في اليمن, إلا أنه لا يوجد نهاية لهذه الحرب تلوح في الأفق حتى الآن. حيث يتبين إن التدخل العسكري في اليمن جاء بسبب المصالح السعوديه. فالأسباب الحقيقية للتدخل العسكري العربي بقيادة السعوديه في اليمن تتعدى الأهداف المعلنه من قبل دول التحالف, المتمثلة في دعم ومساندة الحكومة الشرعية برئاسة عبد ربه منصور هادي, ومواجهة حركة أنصار الله الحوثية, ولكن هناك هدفين أخرين هما بمثابة المحركات الحقيقية للحرب ضد اليمن هما السياسيه الداخلية والخارجية التي تتبعها الرياض منذ الأنتفاضات العربيه وأحداث ما يسمى بالربيع العربي التي أندلعت عام 2011 ,حيث ترغب السعوديه في ضمان الأستقرار وسحق الحركات المناهضة في منطقة الشرق الأوسط خاصة تلك التي ترى انها تشكل خطرا على إستقرارها.ولكنها وقعت في شر أعمالها, لان تجاهل الأنظمه في الخليج للشعوب وتركيزها على صناعة أنظمة معادية لثورات الربيع العربي كما حدث في مصر ويحدث في اليمن الآن ودفعهم للسلطة لا يؤمن غير حل مؤقت حل يعالج مخاوف السعوديه والخليج مؤقتا ويلبي تطلعهما لأحتواء ثورات الربيع العربي والتحكم بمصير شعوبه ودوله, لكن ذلك لوقت قصير فقط.ولسؤ الحظ أن ذلك يعزز من فرص إيران في إستقطاب الناس والنشاط في الأوساط الشعبية.وهذا مسار قد تكون كلفته في الأخير باهظة ومدمرة ويقرب زمن نهاية الأنظمه الخليجية بشكلها القائم الآن أكثر مما تتوقع,فالناس في اليمن كما في دول مختلفة سيستمرون في الهروب من المشروع السعودي إلى المشروع الإيراني لكنهم بنهاية المطاف سيكتشفون أنه لا السعوديه ولا إيران تمثل ملاذا حقيقيا, لكن إحداهما قد تكون أهون من الأخرى. إن السعوديه وبعض الدول العربيه الأخرى لديها أسبابها الواضحة في تصوير الحرب ضد اليمن على أنها جاءت لحماية الأمن القومي الخليجي والملاحة العالمية من خطر المد الحوثي للمشروع الإيراني, حيث إن الشبح الإيراني أو التخوف من تزايد نفوذ طهران داخل المنطقة يخلق واقع سياسي خاص بالحكومات العربيه. فمن وجهة النظر السعودية فإيران هي الرابح الأكبر منذ عام 2011 ,فحتى الآن لايزال الرئيس السوري " بشار الأسد " على رأس السلطة في دمشق, كما أن حزب الله يعتبر في أفضل حالته وأوج أنتصاراتة السياسيه والعسكرية,إضافة إلى ذلك نجاح المفاوضات النووية بين طهران والدول الست الكبرى حول البرنامج النووي الإيراني, أضف إلى هذا كله أن مركز الثقل السياسي والإستراتيجي في منطقة الشرق الأوسط يميل إلى صالح إيران وحلفائها بالمنطقة,فلقد أنتقلت إيران من وضعية الدفاع إلى الهجوم, ماجعل دول الخليج تشتشعر خطرا وجوديا من المد الإيراني الذي اخذ يطوقها من كل جانب, بشكل مباشر أو عبر حلفاء إيران العرب. فقد أستطاعت إيران أن تصبح لاعبا أساسيا في الشأن الداخلي لكثير من الدول العربية مثل, العراقواليمن وسوريا ولبنان وفلسطين, عبر حلفائها المحليين في هذه الدول, معززة بذلك موقفها الإقليمي والدولي على حساب العرب, وفي نفس الوقت أهتزت الرياض مع أحداث الربيع العربي والإحتجاجات في المنطقة الشرقية, وهو الأمر الذي يجعل النظام السعودي متفهم للتهديدات المحتملة. لهذا لا يمكن لمفاوضات جنيف 2 اليمنيه, أن تنهي حالة اللاحرب واللاسلم الموجوده حاليا في اليمن.لانه لا مصلحة للسعودية في أستئصال جماعة الحوثي وصالح, لان البديل لها هي جماعة الأخوان المسلمين التي سبق للسعودية والامارات تصنيفها كجماعة إرهابيه, أضف إلى ذلك أنها غير مرغوب محليا وإقليميا ودوليا. كما إن السعوديه في الوقت نفسه لا تريد بقاء حركة أنصار الله الحوثية كجزء من العملية السياسيه باليمن, لانها لا ترغب في قيام أي حركات معارضة قوية في هذا البلد الحدودي الذي يخضع للسعودية ويتماشى مع مصالحها منذ عدة سنوات. ومن هذا المنظور, يتبين إن مصلحة السعودية تكمن في إستمرار الحرب, لغرض إستنزاف كل الفرقاء في حرب بلا نهاية. كما أن امريكا وحلفائها الغربيون وروسيا يرغبون ايضا في اطالة أمد الحرب في اليمن, حتى يتم إستهلاك الفكر الجهادي في صراع سني شيعي, حيث يتضح ذلك من عدم ظهور إرادة دولية قوية لوضع حد للحرب في اليمن,وتحديد من هو المسؤل عن استمرارها وأشعال نارها بالأسم, وتحديد مسؤليات جميع الأطراف, وإظهار الرغبة في إيجاد حل لأزمة اليمن السياسيه, فلن يكون هناك أي حل, وسوف تتحول جميع الحوارات والمفاوضات إلى سراب يدفع إلى المزيد من الأنقسام والتمزق في النسيج المجتمعي, وذهاب اليمن إلى الحرب الأهلية والطائفية وتوفير مساحة أكبر لتحرك المنظمات الإرهابيه.. فالحل الأفضل من وجهة نظري هو أن تدعم السعودية ودول الخليج أنفصال الجنوب, ودعم ومساندة الناصريين والأحزاب اليسارية في الشمال للأمساك بزمام الأمور والسيطرة على السلطة. وبهذا تكون السعودية قد ضربت عصفورين بحجر واحد .فاليمن بحاجة إلى ظهور إرادة وطنية حقيقية, لا تنطلق من مسلمة منتصر ومهزوم, بل من منطق الشراكة في بناء الوطن للجميع وبالجميع, وبتأسيس خطوات فعليه في الأنصاف والمصالحة الوطنيه والعدالة الأنتقالية, والسماح لكل القوى والأحزاب والجماعات المؤثرة في العهد السابق بما فيها الحوثيون بأن تأخذ وزنها الطبيعي, لكن وفق قواعد الحياة المدنية الجديدة التي تمنع أستغلال الدين والطائفية وتستوعب الجميع...