مثلما يصنع الغروب بحيرات حمراء من السحب ، فإنهم على شوارع "تعز" يصنعون بحيرات من دماء الأبرياء ، هناك في المدينة المنكوبة يد الموت لا زالت تسرق الحياة من نفوس الأبرياء ، وأعداء الحياة لم تتوقف أيديهم عن القتل ولم يكتفوا بالحصار المطبق على المدينة منذ أكثر من عام . عاصمة الثقافة أصبحت اليوم عاصمة للأحزان ، فالموتُ والحزنُ يتعانقان في ربوعها ، فمن نجى من أحدهما لا يسلم من الآخر ، كل يوم والمدينة تنام وتستيقظ على أصوات الانفجارات ، وكل يوم نسمع بمجزرة جديدة يرتكبها صناعُ المآسي في شوارع تعز ، آلاف الجرحى والقتلى سقطوا جراء الحرب الدائرة في المدينة معظمهم من النساء والأطفال ، وآلف الأسر تشردت من ديارها لم يكن أمامها من خيار سوى النزوح طمعاً في النجاة وهروباً من الموت . وهناك ثمة مناظر تستوقفك منذ الوهلة الأولى ، تبعث في النفس شيئاً من الحزن والقشعريرة ، مناظر الأطفال الذين تطايرت أشلاءهم في شوارع المدينة وأرصفتها ، أشلاء الموتى التي تدل على وحشية القاتل وقساوته وتجرده من كل قيم الإنسانية ومن كل معاني الرحمة والأخوة . تعز الجرح الدامي في الجسد اليمني ، جرحٌ ينزف ليلَ نهار أمامَ مرأى العالم ومسمعه ، تعزٌ تستغيث تنادي معتصماً ولا معتصماً يلبي نداءها ، لك الله يا تعز لقد تجذرت المأساة في ثراك واتسعت رقعة الخلاف . إن أعداءك اليوم يتكالبون عليك من كل حدب وصوب ينتقمون من كل شيء جميل فيك ، إنهم بوحشية المغول يجتاحون أرضك الطاهرة ، لقد ملؤا سماءك الجميلة بسحبٍ قاتمةٍ سوداء ، هؤلاءِ الخفافيش الذين يتعلقون بأهداب الأمل الكاذب ! فإلى متى يا مدينة الضياء سيحاصرك خفافيش الظلام ، وإلى متى يا جرحنا الدامي سيستمر نزيف الدم اليمني ، ومتى يا وطني سيورق الأمل في قلوب التعساء والمحزونين ، وفي صحراء حياتهم القاحلة ؟! تعزٌ ابناءها يعيشون بين الموت والموت ولا خيار غير ذلك ، فإما أن يموتوا بنيران القناصة ومدفعياتهم أو يموتون عطشاً وجوعاً نتيجة الحصار المفروض على المدينة منذ ما يزيد عن سنة ، تعز يقتلها صمت الشرعية وتخاذلها قبل أن يقتلها الحصار المطبق والقصف العشوائي على الأسواق والأحياء السكنية . شوارعها مضرجة بالدماء ، وسهولها وجبالها مزروعة بالألغام وكل يوم تحصد أرواح العشرات من المارة الذين لا حول لهم ولا قوة ، لا يهمهم انتصرت الشرعية أو المليشيات . أما سياسيونا فإن تضليلهم لن يستطيع أن يخفي حجم الكارثة التي تعيشها محافظة تعز ، وهل تخفى الشمس في رابعة النهار ؟ وأما من ملؤا مسامعنا بضجيجهم الذي لم يخدم قضية تعز ولم يوقف نزيف الدم المتدفق نقول لكلماتهم الرنانة وخطبهم الجوفاء أمطري خبزاً لآلاف الجوعى ، وصحة وعافية للجرحى ، وسعادةً للبؤساء ، أعيدي القتيل إلى أهله حي يرزق ، وأعيدي الطفل إلى أحضان أمه . وأما أعداء الحياة فلايزالون في غيهم وتغطرسهم ، تتجاذبهم الأهواء ، وعلى سلمٍ من هباء يريدون الصعود إلى قمة المستحيل !!اللهم أجر الوطن من جورهم . لكن تعز رغم جرحاها لا زالت تقاوم ببسالة تتحدى كل أساليب الموت ، ستنتصر بأبطالها ولن يتغلب قاهر الضوء عليها وسيضل عدماً لن يخلقا كما قال شاعرها ، و مثلما انصرعَ النهارُ- بضيائه - أمامَ سطوةِ الليل ، غدا سينصرعُ ليلُ الطغاةِ وإلى الأبد وستنتصر تعز وستعلو رايتها خفاقة على جبل "صبر" وقلة القاهرة" . لمتابعة قناة التغيير نت على تيلجيرام https://telegram.me/altagheernet