حذر عضو مجلس الشورى السياسي البارز عبد الحميد الحدي أحزاب المعارضة اليمنية من الانجرار وراء بعض الفرقعات هنا أو هناك فيما يتصل بالحراك الجنوبي، مشيرا إلى أن تلك التحركات ستكون البديل لها، وعليها أن تتنبه لهذه النقطة قبل أن يُسحب من تحتها البساط، لأن البديل سيكون قوىً لا تريد إلا التمزيق والتخريب للنسيج الاجتماعي "حسب قوله". وأضاف عضو المؤتمر القومي العربي في هذا الحوار الخاص بإيلاف أن الأمور في بلادنا أفضل من أي قطر عربي آخر، مشيرا إلى أنه يقول هذا الكلام وفق دراسة تحليلية دقيقة، ولا شك أن المطالب الحقوقية نحن معها ولا ننكرها، لكن الانحراف عن هذه المطالب إلى نواحي أخرى تشكل خطرا على المعارضة وعلى الأحزاب أكثر من النظام. وقال الحدي يُفترض في كل مسئول في أي مكان كان أن يتميز بالطهر الوطني الذي لا يرى في الأشياء إلا خيرها، وعدم التفريط في حقوق الناس، مطالبا بالتوزيع العادل للثروة من خلال برامج تنموية ومشاريع تنموية، والقضاء على البطالة وتنمية الموارد المائية وغيرها فإلى الحوار. * ماذا يحدث في صعده وما حقيقة هذه الحرب؟ - أهلا وسهلا بكم وفي صحيفتكم الغراء، أما بالنسبة لما يحدث في صعده فهناك حالتين مختلفتين، الحالة الأولى أن هناك ما يُسمى بالشباب المؤمن وهم مجموعة غير مستوعبه ولا ناضجة وبالتالي حجتهم من الناحية الفقهية والسياسية غير ناضجة ولا معروفه وضعيفة، والذي يلجأ للعنف في العادة - كقاعدة عامة - أنه الذي يفقد الحجة المنطقية، وفي الوقت الذي يوجد في المقابل حالة من الاسترخاء وعدم الحسم من قبل دولة قائمة على النظام والتعددية السياسية وأنا أتهم الدولة بالتراخي والتساهل إذ يفترض على الدولة حماية مواطنيها وحدودها وأرضها وحماية السكينة العامة وهو هدف الدولة وهناك تساهل وتفريط إلى أبعد الحدود. * من وجهة نظرك لماذا لم يتم الحسم حتى الآن؟ - مشكلة الحوثيين أن أعمالهم بدأت تضر بالنسيج الاجتماعي في المجتمع اليمني، والخطورة أنهم أصبحوا يؤثروا على فئات كثيرة من ناحية العلاقات الاجتماعية والاستقرار النفسي والعائلي والأسري والمجتمع اليمني، وهم لا يدركوا أن أعمالهم غير الناضجة وغير الواعية أصبحت كارثة، والمجتمع اليمني يعيش حالة تجانس وتعايش الآن وهي مرحلة لم تحدث عبر التاريخ، والشباب المؤمن يظهروا أنفسهم كفئة متميزة وحتى في العهد البائد كان الحاكم يحكم في حكمة بما يتوفر له بمبدأ العدالة من أي مذهب كان، وأنا كمواطن يمني أدعو الدولة إلى سرعة الحسم، وحتى الحوثيين يفترض عليهم حماية أنفسهم وعدم التمرد، والمجتمع اليمني يعيش حالة من التجانس والتعايش والحرب كارثة. * هل أنت مع من يقول أن هناك مستفيدين من الحرب؟ - الدولة مسئولة ويجب أن تكشف هؤلاء المستفيدين وتحاكمهم. * يُحاكموا عبر ماذا؟ - عبر المحاكم وفي الفترة الأخيرة كان هناك نفحات قضائية طيبه يجب الإشادة بها مثل قرار عدم قانونية إلغاء صحيفة الوسط وقرار إعادة القضاة المعزولين وإلغاء قرارات مجلس القضاء الأعلى الإدارية، فلماذا وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة لم تشد بتلك القرارات وكذلك الأحزاب والمنظمات المرئية، يجب علينا ترسيخ قيم القضاء والإشادة بأي شيء يستحق الإشادة فيه. * لكن الحكم بسجن الزميل الخيواني خيب الآمال؟ - أمامه مراحل قضائية عدة فله الحق أن يستأنف، ومن الجيِّد أن يرسخ الخيواني قيم القضاء المدني، وهناك العديد من الوسائل خلال مراحل التقاضي، وإذا ثبت الإدانة فيجب احترام قرارات القضاء، لأن هناك حقوق ناس ومتضررين وغيره فعلينا المضي حسب القانون والدستور. * اتفاقية الدوحة الأخيرة وصفها البعض بأنها مذلة وأبدت ضعف الدولة؟ - ليست مذلة لكن هناك نوعٌ من التسامح لحقن الدماء، وإذا كان هناك طرف من المتمردين طلب من قطر التدخل والقطريين بحكم الأخوة وعلاقتنا الطيبة مع قطر وموقعها المشرف في الوقوف إلى جانب الوحدة في حرب 1994م يجب أن لا ننساه، ولذلك هم استأذنوا بالوساطة ونحن رحبنا، وبالعكس قلنا لهم حتى لو أردتم أن تحلوها أنتم وتأتوا إلى هنا بأنفسكم لا مانع، وأنا شخصياً ًضد أي وساطة أو تدويل لقضية داخلية، يُفترض على الدولة أن تحمي أمنها، وهناك نظام تعددي وحزبية ويجب نحن كحزبيين أن نترك للدولة القيام بواجباتها ويفترض على الأحزاب السياسية الابتعاد عن التهريج والمكايدات وعندما نطرح برنامج انتخابي ونحصر الأصوات في مجلس النواب من أجل ترسيخ الديمقراطية والمجتمع المدني ونترك للدولة القيام بصلاحيتها سواءً التشريعية أو التنفيذية، وأنا إذا انشغلت بالتهم والابتعاد عن الواقع في هذه الحالة أنا لست وطنياً أو حزبياً، ويجب على الكتل النيابية داخل مجلس النواب القيام بواجباتها، وعلى المعارضة أن توجد البديل الأفضل بما يقابل برنامج الحكومة. * هل هناك شبه بين مايجري حاليا في صعده وما كان يجري في المناطق الوسطى أيام الثمانينيات؟ - لا لا لا، كان الصراع سياسي، وعندما وجد حلا سياسيا انتهت المشكلة، لكن مايجري في صعده هو صراع مذهبي وعلى ما أقرأ إذا كان الحوثيين معتنقين للمذهب الإثني عشري فتلك طامة، لأن اليمن على مر التاريخ متجانس في مذاهبه الدينية ولم يحدث صراع على أساس مذهبي لأن ذلك خطر وصعب القضاء علية بسهولة، والمذهب الزيدي هو أقرب المذاهب إلى السنة، وعلماء الزيدية الكبار كلهم أدانوا الحوثي وأدانوا التمرد. * هل ترى أن الصراع السني الشيعي الذي في العراق انتقل إلى اليمن؟ - المجتمع اليمني يرفض كل الأفكار التي لا تتلاءم مع فطرة الإنسان اليمني الذي عاش وتربى وترعرع عليها وهي حالة التسامح الديني أساساً والله عزوجل يقول "لا يُكلف الله نفساً إلا وسعها" وقال "وجادلهم بالتي هي أحسن" وقال "لكم دينكم ولي دين" يتعامل مع الكفار.. وجاء في سورة الحجرات "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم، إن الله خبير بما تعملون" يعني رقيب عليكم وآية أخرى في نفس السورة "لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم" فالناس تربوا على هذه القيم والقواعد الطيبة، وما يجري في العراق هي مؤامرة دولية كبرى لأنها كانت الدولة العربية الوحيدة التي كان لها مشروع عربي قومي تنموي، وما يجري الآن بأيادي ليست عربية فالذين جاؤوا من أطراف الدنيا لكي يُمزقوا العراق ويُشعلوا التقاتل بين أبناء الشعب العراقي ويشعلوا المذهبية ليسوا من أبناء العروبة، وما يجري هذه الأيام من تمزيق وتدمير هو بسبب القوى الاستعمارية وبعض المتخلفين، والمقاومة العراقية الباسلة محاصرة من أبناء جلدتهم من العرب أنفسهم، لكني واثق كل الثقة من أنها سوف تنتصر لأنها على حق والباطل لا يدوم والدول المحيطة بالعراق تحوّلت إلى أدوات بوليسية لقمع المقاومة والله سبحانه وتعالى معهم والله يقول "واصبر وما صبرك إلا بالله ولا تكن في ضيق مما يمكرون"، ويقول "ولا تحزن عليهم"، ويقول "ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين" ولا حظ هذه الآية البليغة والواضحة "فتوكل على الله إنك على الحق المبين"، هذه المقاومة الباسلة هي على الحق، وسوف تنتصر، والأمة العربية إذا كان هناك بعض النتوءات هنا وهناك فهي حالات شاذة ومتخلفة، وفي كل المجتمعات إذا كان هناك حالات متخلفة فلأنها تستفيد من المشروع الاستعماري الامبريالي الذي يقوده التيار المتطرف في البيت الأبيض الآن، لكن هذه القوى لن تدوم. الحراك الجنوبي * ما يحدث في الجنوب من احتجاجات هل هو انعكاس لمشروع أمريكا لتقسيم الشرق الأوسط الجديد؟ - أطمئنك أن الأمور في بلادنا هي أفضل من أي قطر عربي آخر، هذا الكلام لا مبالغة ولا مجاملة ولكنه وفق دراسة تحليلية سليمة، ولا شك أن المطالب الحقوقية نحن معها ولا ننكرها لكن الانحراف عن هذه المطالب إلى نواحي أخرى تشكل خطرا على المعارضة وعلى الأحزاب أكثر من النظام، وأنا أدعو كل القوى الحزبية والسياسية المعترف بها من شئون الأحزاب أن ينتبهوا لان هذه الدعوات ستكون البديل للأحزاب، فعلى هذه الأحزاب أن تتنبه لهذه النقطة قبل أن يُسحب من تحتها البساط، لأن البديل سيكون قوى لا تريد إلا التمزيق والتخريب للنسيج الاجتماعي، وأنا أطمئنك أن الوضع الدولي والإقليمي مع اليمن، لأن اليمن يقع في منطقة حساسة وإستراتيجية هامة تشرف على أهم الممرات المائية في العالم وفي هذا الظرف الدولي المحرج والمزعج ليس هناك أي قوة أو دولة تحاول الإضرار باليمن لا أمريكا ولا غيرها، والمراهنة على الخارج يجب أن تلغى من عقول بعض الأفراد، وأنا أقول أن هناك قصورا هنا وهناك، والفساد لا يعني نهب المال العام فقط ولكنه يشمل الإضرار بحقوق ومصالح الناس وعدم البت في مشاكلهم وتأخيرهم، ونحن مع أي معارضة تنتقد بشكل سليم، والفساد هو أن تؤذي الناس لغرض في نفس يعقوب، وعلينا واجب جميعاً الحفاظ على مؤسسات الدولة، ويفترض في كل مسئول في أي مكان كان أن يتميز بالطهر الوطني الذي لا يرى في الأشياء إلا خيرها، والشر هو عكسها وهو التفريط في حقوق الناس، لكن علينا واجب وهو التوزيع العادل للثروة من خلال برامج تنموية ومشاريع ضمن المتاح، والقضاء على البطالة وتنمية الموارد المائية وغيرها واليمن بخير بخير، بخير. * لكن هنالك متضررين كُثر من حرب صيف 1994م؟ - أولا يجب علينا أن نأخذ الأمور بشكل سليم، اختلاف النظامين في شطري اليمن قبل إعادة الوحدة، حيث كان الأخوة في الجنوب يعتمدون بشكل كلي على الدولة عكس ما هو في الشمال، والحزب الاشتراكي في الأساس حزب وحدوي وقيادته حين أعلنت الانفصال هو ما تسبب في زوالها، ومنذ الأربعينات من القرن الماضي أول مؤسسة أقيمت هي الإتحاد اليمني الذي كان يضم كل أبناء الشعب اليمني، كان يرتكز على مبدأ الوحدة اليمنية وحزب الشعب والحركة القومية واتحاد عمال اليمن ورابطة أبناء الجنوب، كلها تقوم على الوحدة وكل من يخرج عن الوحدة ينتهي، والاشتراكي حين دعا إلى الانفصال حاربته حتى وحداته العسكرية التي تخلت عنه، والجنوبيين هم أكثر وحدوية منا في الشمال، وقواعد القانون الدولي تقوم على مبدأ الأرض وفي بعض المواقف ولو هي بعيدة لكن من باب التذكير حينما نشبت حرب 1994م هل تعتقد أن الوحدات العسكرية الشمالية حسب تصنيفك هي التي حسمت الحرب أم الجنوبيين أنفسهم حينما شعروا أن الوحدة في خطر حاربوا من أجل الوحدة لأنهم عاشوا على مبدأ الوحدة فلم يرجعوا للخلف، والوحدة هي وحدة أرض وإنسان، والخلاف هو في تسيير أمور الحياة، أنت تحب تشرب كوكاكولا وأنا أشرب ماء، ويجب علينا أن نبحث عما يعزز إنسانية الإنسان وحقوقه، أما الوحدة فهي ثابتة وراسخة ولا خلاف عليها. * هل أنت بعثي أم متعاطف مع البعثيين؟ - "يضحك" ثم يقول أنت ذكرتني بمقابلة أجراها معي نقيب الصحفيين السابق محبوب علي رعاه الله بعد اتقافية 30 نوفمبر مباشرة، وسألني هل عندما تقوم الوحدة سوف تنظم إلى المؤتمر أم إلى البعث، فقلت له أنا لست حزبيا في الأساس وهناك فرق لما تكون متعاطف مع أي قضية قومية أو عربية، وأن تكون منظم حزبياً، أنا يمني الأصل عربي الهوية، إسلامي العقيدة، إنساني التعامل، وهي نفس إجابتي عليك. انقلاب الناصريين * انقلاب الناصريين عام 1978م هل هناك شيء عالق بالذاكرة يستحق الذكر؟ - أولاً اذكروا محاسن موتاكم، الرئيس قد عفا عن الجميع، والموضوع قديم له أكثر من 28 سنة، وأنا أحرص أن يستمر التيار القومي والإسلامي في حوار دائم وهذا ما سار عليه منتدى الحوار العربي الإسلامي (منتدى الأربعاء) ولا نفكر في الماضي، كان هناك نزق شبابي، وأي شخص يحاول التصرف بطريقة غير سليمة ستكون هناك نتائج وخيمة و....، ورحم الله الجميع، علينا طي الماضي وترسيخ دعائم الوحدة، ويكفي المؤتمر الشعبي العام فخراً أنه كواحة تنظيمية كان أساسها الحوار وهو ما يجب أن يستمر. * بنظرك هل ستوافق الأحزاب على منح المرأة نسبة 15 % في الانتخابات القادمة؟ - كنت أتمنى أن لا تطالب المرأة بما يسمى بالكوتا لأن ذلك سوف يُعيقها، ومشكلة المرأة في كل العالم أنها هي عدو نفسها، انظر انتخابات الكويت، في الأخير لم يصفى إلا امرأة واحدة ولم تفز، ونحن هنا أوجدنا المرأة في النواب والشورى وهي سفيرة ووزيرة ووكيلة وهي الأم والأخت والبنت والزوجة، لكن الأمور تؤخذ تدريجياً، أنا مع المرأة لكن ضمن التطور الطبيعي، والمرأة أكثر ديكتاتورية من الرجل في إدارتها لمنزلها، والإسلام كرم المرأة والرسول صلى الله عليه وسلم قال أمك ثم أمك ثم أمك ثم أبيك، والمجتمع اليمني مجتمع منفتح وليس متعصب. * قرر المجلس المحلي بجزيرة سقطرى منع القات لكن جهات عليا لم تنفذ القرار مارأيك؟ - أولا ليس لي علم بهذا القرار وإذا كان قد اقره المجلس المحلي هناك فيجب أن يُنفذ لأن المجلس يُمثل رأي السكان، وبالنسبة لجزيرة سقطرى فهي محمية طبيعية، ولجنة المياه والبيئة التي أرأسها في مجلس النواب نزلت سقطرى وتلمست كل المشاكل وأعدت تقريرا رائعا رفعته لفخامة رئيس الجمهورية والذي وجه الحكومة الأخذ به وتنفيذه، أما قضية القات فهي مشكلة يمنية لكن من الصعب أن تمنعه، ولازلنا نحاول مكافحته تدريجياً، وهناك شريحة واسعة تصل إلى 2 مليون مواطن يعيش على زراعة وبيع القات، وقد يحدث خلل وضرر كبير لهذه الشريحة إذا مُنع، ويجب علينا توعية الشباب بشكل خاص من أضرار القات المادية والجسمية والعقلية. * أنت من مؤسسي المؤتمر الشعبي العام ومعك العديد من القيادات مثل عبد السلام العنسي والدكتور احمد الأصبحي وعبد الله عطية والآن تم تهميشكم.. لماذا؟ - أولا ذكرتني بصديق عزيز هو المرحوم الشاعر والأديب عبد الله عطية الذي كان له مكانة في الحديدة وبالخصوص في مدينة زبيد التاريخية والأثرية، رحمه الله رحمة الأبرار، أما التهميش فلا يوجد أي تهميش، بالعكس أنا اشعر بالسعادة عندما يأتي شاب ليحل محلي لأن هذه هي سنة الحياة، يأتي شاب ليقوم بالواجب وفق آليات ومبادئ الميثاق الوطني التي تهم كل فئات المجتمع.. وشكرا جزيلاً.