توجت مفردات المشهد الدموي الذي تخلل ملابسات أعنف اعتداء مسلح تعرض إليه الجمعة المعتصمون سلمياً بساحة التغيير بصنعاء، مشهد الأزمة السياسية المتصاعدة في اليمن ليفرض خيارات محددة للخروج بتسوية منصفة ليس من بينها العودة مجددا للاحتكام إلى طاولة الحوار بين أحزاب المعارضة الرئيسية في البلاد وحزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم . مبادرة الرئيس علي عبد الله صالح بإعلان حالة الطوارئ في أرجاء البلاد كافة لمدة ثلاثين يوماً، إجراء يفتقد سنداً قانونياً أو دستورياً، استهدف احتواء تداعيات انفلات أمني وشيك، إلا أنه مثل بحسب العديد من المراقبين أول اعتراف صريح من قبل الرئيس صالح بأن الفعاليات الشعبية المناهضة لنظام حكمه لم تعد محصورة في مجرد مخيمات اعتصام يؤمها آلاف معدودة بل أصوات تمثل الأغلبية الشعبية مقارنة بإعداد مؤيدة . واعتبر الناشط الحقوقي اليمني الدكتور سعيد هزاع أحمد الشرجبي أن المذبحة التي شهدها مخيم الاعتصام بساحة التغيير نهار الجمعة، رفعت من سقف مطالب المعتصمين إلى حد وصل إلى المطالبة بتنحي الرئيس ومحاكمته، منوهاً بأن صالح ربما يكون قد فقد فعليا خيار الخروج الآمن من السلطة بفعل المجزرة الأخيرة، وركاكة الرواية الرسمية لتبرير العنف المفرط الذي استخدم في مواجهة مئات الآلاف من المعتصمين سلمياً . من جهته أكد الأكاديمي المتخصص في القانون الدستوري الدكتور أحمد عبدالله محمد المتوكل أن إعلان الرئيس حالة الطوارئ في البلاد يمثل إجراء غير دستوري كونه لا يوجد في اليمن تشريع قانوني ينظم إعلان حالة الطوارئ باستثناء المادة “121” من الدستور اليمني التي تتيح لرئيس الدولة إعلان حالة الطوارئ بقرار جمهوري في حال تعرض البلاد إلى فتنة داخلية ترتكز على صراعات مسلحة ذات طابع مذهبي أو قبلي أو طائفي، أو وجود ظروف حرب مع قوى خارجية، أو تعرض أجزاء كبيرة من البلاد إلى كوارث طبيعية، وهو ما لم يتحقق في الظروف القائمة التي أعلنت بموجبها حالة الطوارئ في اليمن . رئيس المنظمة اليمنية للدفاع عن الحقوق المدنية عبدالله أحمد سالم المطاع اعتبر من جهته أن إعلان الرئيس حالة الطوارئ في البلاد يعد مؤشراً إلى انسداد الأفق السياسي، وهو ما قد يفرد مساحة لأحداث عنف متوقعة تقلص من هامش الحريات المدنية في اليمن . وقال إن “إعلان حالة الطوارئ وهو قرار مخالف للدستور قد يكون إجراء استهدف من خلاله النظام إيجاد ذريعة جديدة لتبرير استخدام ورقة الجيش في الأزمة السياسية المحتقنة حالياً في البلاد، والأيام المقبلة وحدها ستثبت إن كان لدى اليمنيين جيش وطني أم مجرد ورقة في يد النظام الحاكم” . ماذا يعني فرض حالة الطوارئ؟ 1 وضع قيود على حرية الأشخاص في الاجتماع والانتقال والإقامة والمرور في أماكن أو أوقات معينة والقبض على المشتبه فيهم أو الخطرين على الأمن والنظام العام واعتقالهم والترخيص في تفتيش الأشخاص والأماكن من دون التقيد بأحكام قانون الإجراءات الجنائية وكذلك تكليف أي شخص بتأدية أي عمل من الأعمال . 2 مراقبة الرسائل أياً كان نوعها ومراقبة الصحف والنشرات والمطبوعات والمحررات والرسوم وكافة وسائل التعبير والدعاية والإعلان قبل نشرها وضبطها ومصادرتها وإغلاق أماكن طباعتها . 3 تحديد مواعيد فتح المحال العامة وإغلاقها، وكذلك الأمر بإغلاق هذه المحال كلها أو بعضها . 4 الاستيلاء على أي منقول أو عقار والأمر بفرض الحراسة على الشركات والمؤسسات وكذلك تأجيل أداء الديون والالتزامات المستحقة والتي تستحق على ما تستولي عليه أو على ما تفرض عليه الحراسة . 5 سحب التراخيص بالأسلحة أو الذخائر أو المواد القابلة للانفجار أو المفرقعات على اختلاف أنواعها والأمر بتسليمها وضبطها وإغلاق مخازن الأسلحة . 6 إخلاء بعض المناطق أو عزلها وتنظيم وسائل النقل وحصر المواصلات وتحديدها بين المناطق المختلفة ويجوز بقرار من رئيس الجمهورية .