في هذا الحوار المميز، يتحدث ل " التغيير" الدكتور عيدروس نصر ناصر النقيب، رئيس الكتلة النيابية للحزب الاشتراكي اليمني في مجلس النواب ( البرلمان ) عن رؤيته لضرورة إجراء انتخابات تشريعية مبكرة في اليمن وكذا المطالب الإصلاحية التي يراها وحزبه، كما يتحدث عن الفساد والإرهاب ومواقف الاشتراكي والحكومة والبرلمان من هاتين القضيتين وغيرهما من القضايا. انتخابات مبكرة! التغيير: استقالة النائب فيصل أبو رأس ومطالبة النائب حميد الأحمر بحل البرلمان وذلك بسبب ضعف أدائه.. ماذا يجري بالضبط في البرلمان.. هل المسألة لا تعدو عن كونها دعاية انتخابية مبكرة ؟ النقيب: أتصور أن ما يعيشه البرلمان هذه الأيام من وضع مضطرب هو مجموعة من الظواهر التي قد تبدو منفصلة عن بعضها البعض ولكن في حقيقة الأمر هي انعكاس لوضع يشبه وضع المأزق، وجزء منه مأزق كبير تمر به البلاد. أولا: هذا البرلمان هو نتاج غير حقيقي لتوازن القوى السياسية في المجتمع وبالتالي جميع ما ترتب عن وجود هذه التركيبة كانت نتيجة غير طبيعية لتوازن القوى السياسية وبالتالي نتجت عنه حكومة تمثل حزب الأغلبية ولكنها في الحقيقة.. هذه الحكومة التي وصلت بسهولة إلى موقع الحكم و استمرأت الاستهانة بالبرلمان.. مرت اشهر عديدة وفترة طويلة من الزمن كان أعضاء البرلمان يوجهون أسئلة إلى الوزراء ويفترض أن يمر أسبوعان على السؤال ليأتي الوزير ليجيب عليه.. لكن للأسف الشديد هناك أسئلة مضت عليها أكثر من تسعة اشهر.. لم يتنازل السادة الوزراء وأقول البعض.. ليأتوا للرد على أسئلة أعضاء البرلمان. وعندما أتي احدهم بالأمس بادر بتوجيه الإهانة إلى أعضاء البرلمان بدلا عن الاعتذار لتأخره عن الرد على أسئلة النواب. بالنسبة لاستقالة الزميل فيصل أبو راس وما تقدم به البعض من مطالبة بحل البرلمان هو جزء من مطالب جزء كبير من الأعضاء.. نحن طالبنا عندما حصلت أزمة الاضطرابات الناجمة عن " الجرع " السعرية بانعقاد طارئ لمجلس النواب.. ولكن اثبت البرلمان ومن يقودونه بأنه غير معنى بقضايا الشعب. للأسف الشديد طالبنا بانتخابات مبكرة وهذا سيكون أنجع الحلول.. لا بد من انتخابات مبكرة تعيد ترتيب توازن القوى السياسية داخل المجتمع وتخلق برلمانا يعكس حقيقة التوازن السياسي وليس برلمانا مشوها يعبر عن سطوة الفئة الحاكمة ويهمش الشرائح الواسعة في المجتمع التي أصبحت غير راضية عن السياسية التي تدار بها البلاد. تركيبة مشوهة! التغيير: دكتور هل تقصد أن انتخابات مبكرة يمكن أن تأتي ببرلمان يمثل التوازن الحقيقي.. يعني.. طبيعة الانتخابات التي ستجري..هل ستكون نزيهة إلى هذه الدرجة ؟ النقيب: أي انتخابات لا تتمتع بالنزاهة ستنتج نتيجة مشوهة والنتيجة المشوهة هي التي نراها حاليا.. أنا أتصور أن القائمين على أمور البلاد ينبغي أن يدركوا أن الأمور تغيرت وانه لم يعد بالامكان إدارة البلاد بسياسة ألازمات ولم يعد بالامكان التحكم بأصوات الناخبين، ليس من المعقول أن يحصل حزب معين على 80% من أصوات الناخبين ويخرج المتظاهرون يرفضون سياساته، هذا أمر غير طبيعي وغير منطقي جدا.. الحزب الذي يحصل على الأغلبية الكاسحة، وتخرج الناس تتظاهر ضد سياساته وتقوم بالتكسير والتدمير وما إلى ذلك.. إذا نحن بحاجة إلى انتخابات نزيهة أولا، ثانيا انتخابات مرتبطة برنامج إصلاح شامل ينبغي أن يشتمل على الإصلاح السياسي الذي يعيد الفصل بين السلطات ويعيد التوازن بين السلطات الثلاث ويحيد المؤسسات التي لا شأن لها بالهم السياسي واقصد بذلك القضاء، المؤسسات العسكرية، الإعلام والثروة أما إذا ظلت هذه المؤسسات وكل وسائل القوى بيد حزب واحد لا يمكن إلا أن ينتج تركيبة سياسية مشوهة تؤدي إلى مزيد من إعادة إنتاج الأزمات. " التغيير " : التقيتم مؤخرا برئيس الجمهورية كمكتب سياسي للحزب الاشتراكي .. هل طرحتم مثل هذه القضايا عليه .. مثل الانتخابات المبكرة وغيرها ؟ النقيب: الحقيقة اللقاء بالأخ الرئيس كان تعارفيا وطرحت الكثير من الهموم السياسية بما في ذلك موضوع الإصلاحات وكانت هناك ملاحظات متبادلة، كان الأخ الرئيس والأخوة الذين شاركوا في اللقاء من الحزب الحاكم لهم ملاحظات على الخطاب السياسي للحزب الاشتراكي اليمني وعلى عمل الحزب ونحن طرحنا أيضا ملاحظات منها ما يتعلق بوضع الحزب وموقف الخصومة الموجة تجاه الحزب وما يتعلق بممتلكات الحزب وأرصدته ومقراته.. طرحت قضايا كالإصلاحات التي ممكن أن تقدم عليها البلاد، ولكن لم يتم الخوض في التفاصيل، والأخ الرئيس أبدى استعداده الاستماع إلى آراء الآخرين. " التغيير ": هناك قضية اعتقد أنكم كحزب وكبرلمانيين معنيين بها وهي أن أبناء القوات المسلحة والأمن حتى الآن بدون مرتبات وقد شارف الشهر على الانتصاف ؟ النقيب: لدينا استدعاء للحكومة بعد بكره ( الأربعاء 14 / 9/ 2005م ) وربما تكون هذه من القضايا التي تطرح، لأنه لدينا الكثير من القضايا مع الحكومة.. الحكومة خالفت قرار مجلس النواب المتعلق بالقات، خالفت قرار المجلس المتعلق باستراتيجية الأجور والمرتبات، خالفت قرار مجلس النواب المتعلق بضريبة المبيعات.. وأتصور أن قضية المرتبات للجيش والأمن يبغي مساءلة الحكومة عنها.. الحكومة اتخذت الكثير من الإجراءات المخالفة للقانون، بما في ذلك إيقاف مرتبات بعض الفئات، هم يتحججون بأنهم يعيدون منظومة المستحقات ولكن الذي اكتشفناه أن الذين استلموا مرتباتهم في القطاع المدني تسلموا وفقا للكادر القديم. إفلاس وإفلاس قادم! " التغيير ": هناك معلومات تشير إلى خزينة الدولة مفلسة تماما وان عملية ترسيم السيارات والجباية التي تتم في بعض المؤسسات الجبائية هي من اجل توفير السيولة النقدية لدفع المرتبات، في الوقت الذي يذهب الرئيس إلى رداع ويتبرع هناك لمدرسة العامرية وتتبرع الحكومة ب 100 ألف دولار لمنكوبي إعصار كاترينا، ما تعليقكم ؟ النقيب: أنا ليست لدي معلومات فيما يتعلق بما يوجد في خزينة الدولة ولكن أنا أقول إن سياسة العبث والصرفيات البذخية وعدم التوازن بين إمكانيات البلد وما نشهده من مظاهر الترف والصرف العبثي غير المنظم حتما ستؤدي إن لم يكن اليوم ففي الغد إلى إفراغ الخزينة العامة مما بها ، من المفارقات العجيبة أن الدولة تطلب تخفيض بعض المصروفات بما ذلك مخصصات مشاريع التنمية ، البرنامج الاستثماري وتخفض بعض الموازنات بواقع 25% وتطلب اعتمادا إضافيا ب 450 مليار ريال .. يعني أن لدى الدولة فائضا نقديا بمقدر نفس الرقم .. في هذه البلاد تدور أشياء عجيبة وغريبة لها طابع المفارقة.. لا استبعد أن تكون خزينة الدولة فارغة ولكن السؤال هو من أين هذه الصرفيات البذخية التي نشاهدها على هذا النحو.. يعني شيء عجيب وأتصور انه ينبغي أن تجيب عنه الحكومة. الإرهاب والفساد!! " التغيير ": هل تعتقد أن البرلمان يقوم بواجبه بالصورة المطلوبة تجاه قضية الفساد ؟ النقيب: للأسف الشديد أرد عليك بالسلب، البرلمان لم يستطع أن يقوم بما ينبغي أن يقوم به، في أحسن الحالات أو في أعلى درجة ممارسة الرقابة على الحكومة هو السؤال، والسؤال يأخذ في اغلب الأحيان طابع الاستيضاح، لماذا لم يحصل كذا.. أو ماذا عملتي يا حكومة بشأن كذا.. لم يحدث يوما أن سئل وزير أو مدير عن تصرفاته وانتقد على ما يمارسه. البلاد تدار بطريقة عشوائية غير نظامية همجية بشكل عجيب ولا أنكر أن كثيرا من الأعضاء لهم مواقف محترمة ونحن نعتز بها ولو أن الحكومة لاقت مساءلة قاسية لما أقدمت على ما أقدمت عليه من تصرفات سواء الصرف العبثي بالثروة والممتلكات وانتهاء بقتل المواطنين في الشوارع. " التغيير ": قضية التعاون اليمني – الأمريكي في مجال مكافحة الإرهاب والتعاون مع دول أخرى في هذا الجانب وأيضا تواجد قوات أجنبية على الأراضي اليمنية.. هل ناقشها البرلمان كما يتطلب منه ؟ النقيب: للأسف الشديد أقولها لك مرة أخرى، الحكومة تتعامل باستهانة إن لم اقل مفردة أقوى من ذلك، سواء مع مجلس النواب أو مع القوى السياسية في المجتمع أو مع المجتمع ككل، مفهوم التعاون في مجال مكافحة الإرهاب يشوبه الكثير من الضبابية والغموض، نحن لا نعلم إلا ما يخطبه المسؤولون وما تنشره الصحف من تصريحات، كلام إعلامي لا يحمل أي مضمون ملموس، نحن لا نعلم ماذا تتضمن الاتفاقيات، لكن حقيقة موقف الحكومة من الإرهاب ربما الحكومة تقدم بعض أشكال التعاون مع الأطراف الدولية الأخرى ولكن نحن في كثير من الحالات ظل موقف الحكومة غامضا من الإرهاب، ففي كثير من الأحيان كانت ترعى بعض الخلايا الإرهابية وتدعمها عندما يتعلق الأمر بتصفية قيادات المعارضة وما قضية جار الله عمر إلا صورة من هذه الصور، وعندما يتعلق الأمر بالمصالح الأجنبية، هناك أجندة غير معروفة بين الحكومة والأطراف الدولية وما زلنا نطالب بالشفافية في هذه القضية، وعندما نقول الشفافية، نحن لا نقول لهم أعطونا أسماء الإرهابيين المطلوبين ولكن نقول ماذا تتضمن هذه الاتفاقيات، الشعب مغيب، البرلمان مغيب، والمعارضة مغيبة، وأتصور أن الحزب الحاكم أيضا مغيب والاتفاقيات لا تعلمها إلا قلة في سدة الحكم. " التغيير ": أشرت إلى المطلوبين في قضايا الإرهاب ومن بين هؤلاء الشيخ عبد المجيد الزنداني وتابعتم التطورات الأخيرة بشأن الزنداني ومجلس الأمن والخارجية اليمنية.. ما تعليقكم وما موقفكم تجاه الزنداني في الحزب الاشتراكي اليمني ؟ النقيب: أتصور أن الشيخ عبد المجيد الزنداني هو مواطن يمني وينبغي أن يعامل وفقا للقوانين اليمنية، وإذا كانت هناك إدانة أو براهين على أي أعمال للشيخ عبد المجيد أو أي مواطن، فسوف يعامل كما يعامل أي مواطن عادي من قبل الحكومة اليمنية في علاقاتها مع الأطراف الأخرى، والشيخ عبد المجيد الزنداني معروف في اليمن. " التغيير ": ماذا بالنسبة لمطالبة الاشتراكي التحقيق معه في قضية اغتيال الشهيد جار الله عمر؟ النقيب: بالنسبة لقضية الشهيد جار الله عمر، هو مطلب الحزب الاشتراكي وفي الأساس كان مطلب المحامين والهيئة الوطنية لمتابعة قضية الشهيد جار الله.. كان المطلب هو استدعاء كل من ورد ذكرهم في ملفات التحقيق.. طبعا هناك أسماء كثيرة وردت، يعني أنا علمت أن الأستاذ محمد اليدومي، الأمين العام لحزب التجمع اليمني للإصلاح ذهب دون استدعاء عندما علم بان اسمه ورد في التحقيق أو حاجة من هذا القبيل، ذهب إلى ممثل النيابة العامة وجهات التحقيق وعرض لهم استعداده لأي شيء يطلب منه.. المبدأ أن كل من ورد اسمه في التحقيق ينبغي أن يتم استدعاءه، وأنا طبعا لا ادري من هي الأسماء التي وردت في التحقيق، لكننا نتحدث عن مبدأ بصورة عامة أن كل من ورد اسمه ينبغي أن يستدعى ويستجوب ويثبت براءته ومن أدين بإدانة يطبق عليه القانون.