لا يزال الغموض يلف مستقبل الوضع السياسي في اليمن بشكل أكثر تعقيداً ، فبعد مضي ما يقارب الثلاثة أسابيع على مغادرة الرئيس علي عبدالله صالح صنعاء لتلقي العلاج في الرياض وممارسة النائب عبدربه منصور هادي لمهامه دون أن يتضح ما إن كان قد تم فعلياً نقل الرئيس لصلاحياته خاصة أن من تبقى من أركان نظامه يصرون على التمسك بأمر عودة الرئيس ويقولون إنها قريبة وأن أي حوار سياسي لن يتم إلا في حضوره. أما المعارضة التي تعيش في حالة إرباك شديد لم تقم بعمل شيء معين لمساعدة النائب على الترتيب لنقل السلطة سوى محاولة تكثيف الضغط عليه سياسياً وقبلياً ودينياً وهو ما قد لا يساعد على الخروج من الوضع الحالي بسهولة . مطلع الأسبوع الحالي اتسع نطاق إرباك الثورة الشبابية ..إذ عاد فقهاء الدين لتصدر المشهد ببيان نسب لعدد من علماء ومشائخ اليمن على رأسهم الزنداني والقاضي محمد بن إسماعيل العمراني الذي نفى فيما بعد أي صلة له بالبيان و ذًكر هذا البيان بفتوى سابقة للجهاد ضد ما وصفه بالتدخل والغزو الخارجي وهو ما زاد من تضعضع الموقف الأمريكي تجاه ثورة الشباب ، كما أظهر الثورة وكأنها صراع سياسي وجد الطريق وقد سدت أمامه فلجأ إلى العبور من البوابة الدينية. وتضمن البيان دعوة للقائم بأعمال الرئيس عبدربه منصور هادي، لتشكيل حكومة مؤقتة لإدارة شؤون البلاد وإجراء انتخابات رئاسية خلال ستين يوما. البيان الذي حمل توقيع أكثر من مئة أطلقوا على أنفسهم اسم علماء اليمن، ومشائخ القبائل جاء فيه"نظرا لحالة الرئيس (صالح) الصحية وإصابته فوق ما كان متوقعا، نطالب الجهات المطلعة على حالته في الداخل والخارج بإطلاع الشعب عليها ، وعلى القائم بأعماله القيام بما تستلزمه الأوضاع من تشكيل لجنة عليا للانتخابات يرتضيها الجميع وما تحتاج إليه من وقت يتم التوافق عليه لتصحيح سجلات الناخبين ، وكذا التوافق على قانون للانتخابات يحقق للشعب انتخابات حرة ونزيهة وآمنة . كما دعوا الرئيس بالنيابة أن يقوم بتطبيق ما قرره الدستور من استقلالٍ للقضاء وفصلٍ للسلطات بعقد مؤتمر للقضاة يتم فيه انتخاب مجلس أعلى للقضاء يشرف على القضاء مالياً وإدارياً وقضائياً حتى يجد جميع الناس مرجعاً قضائياً مستقلاً يطمئنون إليه في فصل خصوماتهم وحل نزاعاتهم. وأطلق البيان تحذيرا بشأن التحركات العسكرية الأجنبية التي قالوا إنهم سمعوا بأنها تستهدف غزو البلاد واحتلال الأرض ، مذكرين الشعب اليمني بما صدر عنهم من فتوى سابقة بأن الجهاد يصبح فرض عين على جميع أبناء اليمن القادرين إذا نزل العدو الغازي على أرضهم ويعلنون مرة أخرى رفضهم لأي تدخل عسكري في بلادهم ينتهك سيادتهم". وعلى ما يبدو فإن البيان صاغه الزنداني وضم أسماء إليه دون أن يطلعهم على مضمونه والدليل على ذلك نفي العمراني علمه بما اشتمل عليه البيان ، ونسبت وسائل الإعلام الرسمية إلى العمراني قوله إنه تم التدليس والغش عليه من قبل شخص ادعى أنه مندوب للزنداني –محمد الحزمي- حيث جاءه إلى منزل ولده عندما كان على فراش المرض وطلب منه التوقيع على البيان الذي قيل له بانه يدعو إلى توحيد اليمنيين وتجنيبهم الاقتتال وأن صيغته دينية وليست سياسية " مؤكداً تفاجأ بما أذاعته الفضائيات عن ذلك البيان وأنه لا يقر ما ورد فيه كونه يسعى إلى شق الصف وإثارة الفتنة". وأرفقت صحيفة الثورة الرسمية نفي العمراني بتصريح لمصدر مسؤول في وزارة الأوقاف يطعن بشرعية اتحاد(هيئة) علماء اليمن الذي يرأسه الزنداني ، كما خصصت افتتاحيتها لمهاجمة العلماء الموقعين على البيان ووجهت دعوة لبقية العلماء للوقوف ضد من أصدروه وتحديد موقف منهم .. هذا التطور يجعلنا على مبتدأ لصراع ديني كان الرئيس أول من دشنه عندما خول العلماء بالوساطة حل الأزمة لكنه بعد ذلك رفض رؤيتهم وعندما وضحوا ذلك في بيان دعا فقهاء دين مؤيدين له وأصدروا بياناً يدعموا فيه توجهات الرئيس. اللافت في الأمر أن الشيخ محمد الحزمي أقر بالأمر، مؤكداً في تصريح لموقع الصحوة نت أن مجموعة من المشائخ ذهبوا بالبيان إلى العمراني الذي كان فعلاً مريضاً وانه تم عرض موضوع البيان عليه بكل بنوده ومنها تأييد انتقال السلطة إلى نائب الرئيس وانه بعد علمه بمضمون البيان وقع عليه ، إلا أنهم وبعد طبع خمسين ألف نسخة من البيان أتصل بهم القاضي محمد العمراني وطلب مسح اسمه من البيان بحجة مرضه . ويضيف الحزمي"فاجتمع العلماء وقالوا نظرا لظروفه الصحية وحسب طلبه حذف توقيعه تم حذفه بالفعل من بقية النسخ، غير أن البيان كان قد طبع ووزع منه حوالي 50 ألف نسخة، ثم أنه ليس في البيان ما يستعار منه بل إنه محل إجماع عند كل العقلاء المحبين لهذا الوطن " وتجنب الحزمي القول إنه محل إجماع العلماء للإنشقاق الحاصل في صفهم. الصراع الديني لم يتوقف عند هذا الحد، لتصل حدته أمس الأول بإصدار جمعية علماء اليمن بياناً دعت فيه المواطنين إلى عدم الانجرار وراء ما وصفته بالدعوات الضيقة الصادرة من بعض العلماء "الذين غلبت على علمهم النظرة الحزبية الضيقة فانبروا يدعون المواطنين وأفراد القوات المسلحة والأمن إلى التمرد على ولي الأمر والخروج على النظام والشرع والقانون دون مبرر شرعي أو مستند فقهي إلا اتباع الهوى والترويج لفكرهم الحزبي " في إشارة منها إلى هيئة علماء اليمن. وفيما ازدادت الضغوط المختلفة على القائم بأعمال رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي وهو الذي كان حدد أولوياته الحالية في تهدئة الأوضاع وتوفير الاحتياجات الخدمية للمواطنين، فقد اضطره الأمر إلى التلويح بالاستقالة إذا ما استمر ما وصفه ب"لي الذراع"وذلك خلال لقائه الأسبوع المنصرم بعدد من الشباب الثوار وتسلمه رسالة منهم تضمنت طلب تحديد موقفه من الثورة وبأن يكون أحد أعضاء المجلس الانتقالي الذي يشرعون في تشكيله. وذكر أحد الشباب أن النائب تفهم مطالبهم وأكد لهم بأنه مع التغيير ومع بقاء اعتصاماتهم في الساحات ، لكنه قال لهم إنه يحتاج في الوقت الراهن لمعالجة توفير مادة الغاز والبترول ورفع المظاهر المسلحة ، وبعد ترتيب تلك الأوضاع الأمنية خلال مدة لا تتجاوز أسبوعين كحد أقصى ، سينتقل إلى مسألة التغيير العميق. واعتبرت الولاياتالمتحدة الأميركية أن اللقاء الذي جرى بين ممثلين عن الشبان ، ونائب الرئيس عبد ربه منصور هادي أمر "مشجع". ويبدي اللقاء المشترك استياءه من الموقف الضبابي للإدارة الأمريكية من الثورة الشبابية وما يعتبره تجاهلا منها لمطالب الثوار في رحيل الرئيس صالح وأركان نظامه المسيطرين على مؤسسات الجيش والأمن. ولعل هذا الغموض هو ما دعا عضو المجلس الأعلى للمشترك وأمين عام التنظيم الناصري سلطان العتواني خلال لقاء جمع قادة المشترك مع السفير الأمريكي بصنعاء جيرالد فيرستاين إلى المطالبة بموقف أكثر وضوحاً من الثورة الشبابية، حيث أكد السفير فيرستاين أن واشنطن لا تستطع عمل شيء، وأن التحولات في اليمن مرهونة بموافقة أو عدم موافقة الرئيس صالح على التنحي عن السلطة ،مشيراً إلى أن واشنطن ستبذل جهوداً لدى المملكة العربية السعودية لإقناع الرئيس صالح بالتوقيع على المبادرة الخليجية. وهو ذات الاحتجاج الذي أبلغه رئيس لجنة الحوار الوطني حميد الأحمر للسفير الأمريكي الأسبوع قبل الماضي. وأضاف الأحمر ان "هناك من يريد أن يسطو على السلطة، وأن على السعوديين والأميركيين ومن وقف موقفا خاطئا تجاه الشعب اليمني التوقف عن ذلك".ووجه رسالة إلى السعودية قائلا إن "أمن اليمن هو أمنهم، وهذا يحتاج إلى قيام نظام مؤسساتي يستطيع به الشعب أن يغير النظام الفاسد في أي وقت". ويرى قادة في المشترك أن المواقف المترنحة للولايات المتحدة حيال الثورة الشبابية في اليمن أدت دوراً في تأخير إنجاز التغيير المنشود بعد عملية الاغتيال التي استهدفت الرئيس صالح وسائر أركان نظامه المدنيين والعسكريين مطلع الشهر الجاري في مسجد دار الرئاسة. ويشير هؤلاء إلى أن واشنطن القلقة من خطر تنظيم القاعدة في اليمن لم تمارس أي ضغوط على الرئيس صالح ونظامه قدر الضغوط التي مارستها على قوى المعارضة، في حين أن مواقفها الأخيرة بدت أكثر حذراً بعدما قررت رفع يدها عن الرئيس صالح ودعم أهداف الثورة في جانبها الخاص بتغيير صالح برئيس آخر، مع الإبقاء على أركان نظامه من قادة الجيش والأمن الذين تعاملت معهم لسنوات ودربت قواتهم في الحرب على الإرهاب. وزاد هذا الدعم مع الاضطرابات التي شهدتها محافظة أبين بعد سيطرة مسلحين يشتبه بارتباطهم بتنظيم القاعدة على مدينة زنجبار والمناطق المحيطة بها وخوضهم مواجهات عنيفة مع قوات الجيش المرابطة هناك. ومنتصف الأسبوع الفائت التقى نائب الرئيس بقيادات المعارضة بعد طول تردد من (هادي) وبرغم من تواضع نتائج اللقاء فقد اعتبر خطوة أولى في اتجاه الاعتراف بالواقع الجديد ، مع أن النائب جدد طرح أولوياته المتمثلة في التهدئة الأمنية وسحب المسلحين من العاصمة وفتح الطرقات وتوفير الاحتياجات الأساسية من الغاز والمواد البترولية والكهرباء فقد طلب من المعارضة التعاون في حسم هذه الأولويات ومن ثم سيتم بعدها الدخول في الحوار السياسي حول انتقال السلطة . حاليا يبدو حزب المؤتمر قد اقتنع بفكرة خوض حوار سياسي لشراكة حكم ما بعد الرئيس..وفي هذا الإطار قالت وكالة فرانس برس إن لقاء جمع بين رئيس المجلس الأعلى للقاء المشترك ياسين سعيد نعمان وعبد الكريم الإرياني المستشار السياسي لرئيس الجمهورية وتم مناقشة صيغة حل توفيقي لإخراج اليمن من أزمته". وتابعت أن الحل قوامه "تشكيل حكومة توافق وطني تتولى اتخاذ الخطوات اللازمة في سبيل تحقيق ذلك". لكن الارياني نفى حدوث هذا اللقاء ، لتتحدث مصادر أن التباحث بين ياسين والارياني تم عبر اتصال هاتفي ، مشيرة إلى أن الجهود المسنودة من الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي تتواصل بصورة غير معلنة في صنعاء وترتكز على الإقرار بعجز صالح عن إدارة شؤون الدولة ومن ثم انتقال كافة سلطات الرئيس إلى الفريق هادي. وتضيف هذه المصادر أن «المفاوضات تتركز حاليا على تشكيل حكومة وحدة وطنية والقبول بإجراء انتخابات رئاسية في موعد زمني لا يتجاوز 60 يوماً من تاريخ الإقرار بانتقال السلطة على أن تتم الانتخابات الرئاسية وفقا لسجل الناخبين الحالي وتديرها اللجنة العليا للانتخابات الحالية. وذكرت أن المجتمع الدولي يريد الاطمئنان على تشكيلة الحكومة الجديدة وعلى التزامها بمحاربة الإرهاب وتنفيذ أجندة إصلاحات سياسية تتضمن تعديل الدستور وتغيير نظام الحكم من نظام رئاسي برلماني إلى نظام حكم برلماني، وإصلاح النظام الانتخابي، ومعالجة القضية الجنوبية، والوضع في صعدة. وطبقا لهذه المصادر فان الجهود التي تبذلها هذه الدول تقوم على أن لا يتم انتقال السلطة إلا بعد الاتفاق على كافة التفاصيل الخاصة بالمرحلة المقبلة ولتجنب حدوث فراغ امني أو سياسي في البلاد. ولفتت إلى أنه بموجب الاتفاق «سيتم معالجة وضع قادة الجيش خلال الفترة الانتقالية حيث ينتظر أن تقوم حكومة الوحدة الوطنية بتشكيل لجنة عسكرية تتولى إعادة هيكلة وحدات الجيش وبما يضمن إعادة بنائها على أسس وطنية بعيدا عن القرابة العائلية وهو ما سيؤدي في النهاية إلى إبعاد أقارب الرئيس صالح عن قيادة وحدات الجيش وخصوصا قوات الحرس الجمهوري وقوات الطيران وقوات الأمن المركزي والفرقة الأولى المدرعة التي يقودها علي محسن الأحمر المنظم للثورة وذلك باعتباره جزءاً من الأزمة. وتعمل بعض أطراف في السلطة لإعاقة أي تقارب سياسي ، ومن ذلك توزيع الاتهامات لأطراف داخلية وخارجية بالوقوف وراء استهداف مسجد الرئاسة ..وقال نائب وزير الإعلام عبده الجندي إن أكثر من جهة داخلية وخارجية متورطة بعملية اغتيال الرئيس علي عبدالله صالح ، وأضاف في مؤتمر صحفي "إن اللجنة المشكلة من كل الأجهزة الأمنية والمكلفة بالتحقيق في حادث الاعتداء على وشك الانتهاء من عملها". وانتقد الجندي الدعوة لتشكيل مجلس انتقالي ، معتبراً تلك الدعوة عودة للشمولية . وقال إن نائب الرئيس عبدربه منصور هادي الذي تطالبه المعارضة بتشكيل مجلس انتقالي يشغل منصب أمين عام حزب المؤتمر الشعبي العام ومصلحته من مصلحة رئيس الجمهورية" وذهب إلى أن "المعارضة والمحتجين يحاولون استعطاف هادي لتشكيل مجلس انتقالي وهو ما لايقبله بصفته نائباً لرئيس الحزب الحاكم". كما انتقد ما قال إنها محاولات يقوم بها البعض للايقاع بين الرئيس ونائبه وأضاف "ليس أمام نائب الرئيس سوى العمل في إطار المؤتمر الشعبي العام الحاكم بايجابياته وسلبياته". واتهم الجندي دولة قطر بالوقوف خلف الانشقاق الحاصل في الجيش عبر تقديم مبالغ مالية ودعا قطر إلى رفع يدها وإيقاف الدعم المالي والمادي الذي قال انها قدمته لإحداث الانشقاق داخل الجيش موضحاً أن السلطات اليمنية كشفت تحويلات مالية تتم عن طريق دولة قطر وأن الوسيط هو سفير اليمن السابق لدى القاهرة عبدالولي الشميري". غير أن السفير الشميري نفى تلك الاتهامات ووصفها ب" الكذبة رقم ألف لنظام صنعاء على لسان الجندي"، متمنيا قدرته على أي عمل يدعم ثورة الشعب اليمني وحماة الثورة". وفيما يخص المطالبات بتشكيل مجلس انتقالي ،بدأت بعض الائتلافات الشبابية وأطراف أكاديمية مستقلة تطرح مقترحات لشكل المجلس ومن ذلك التحالف المدني للثورة الشبابية الذي أعلن عن مسودة مشروع لتشكيل مجلس انتقالي من مختلف القوى الوطنية في الداخل والخارج، داعياً لمناقشته وإثرائه . ويعتبر المشروع، بحسب مسودة أولية، "ضمن الخطوات التي يتخذها شباب الثورة في المرحلة المقبلة بعدما يتم إسقاط نظام الرئيس علي عبد الله صالح ورموزه بالكامل". وقال التحالف المدني "إن المشروع جاء في ظل أوضاع وتدخلات من قبل الأطراف السياسية الداخلية وأطراف خارجية تسعى لإجهاض ثورة الشباب السلمية الشعبية". ومن مهام المجلس الانتقالي، الذي دعا له التحالف المدني، "تشكيل حكومة كفاءات مؤقتة وصياغة دستور جديد لدولة مدنية حديثة تعتمد على مبدأ الفصل بين السلطات، واستقلال كامل للقضاء والتداول السلمي للسلطة وحياد القوات المسلحة والأمن ويكفل تحقيق تنمية شاملة". وطالب بيان مشروع المجلس "استعادة كامل الأموال العامة المنهوبة والمغتصبة لخزينة الدولة. وإنشاء هيئات أو محاكم متخصصة للبت بالمظالم التي ارتكبت في حق الكثير من أبناء الشعب واسترجاع حقوقهم التي نهبت في ظل استقواء واستبداد النظام السابق وتعويضهم عن ما فاتهم من كسب ولحق بهم من خسارة". وطالب بصياغة قانون انتخابات "يتفق مع شكل الدولة الجديدة، وتشكيل اللجنة العليا للانتخابات من شخصيات نزيهة ومحايدة ولديها مؤهل وكفاءة وغير متورطة بقضايا الصراعات السياسية السابقة". وطالب البيان بمحاكمة "المتورطين بقتل وقمع احتجاجات الثورة السلمية واحتجاجات الحراك الجنوبي ومرتكبي جرائم الحرب في حروب صعدة، والتعويض العادل لأسر الشهداء والجرحى وجبر ضررهم وأسرهم". ويعتقد مراقبون أن المعارضة خذلت الشباب وبدأت بالتراجع عن فكرة تشكيل مجلس انتقالي بحجة معارضة الجانب الدولي لهذه الفكرة، وبسبب المخاطر التي ستترتب على اتخاذ هذه الخطوة، لأنها ستفتح المجال أمام أقارب الرئيس صالح لمواجهتها عسكريا ؛ كما أنها ستدفع بالقوى المتصارعة على السلطة نحو الاقتتال حين يستند طرف إلى الشرعية الثورية في مواجهة الطرف الآخر الذي سيحمل قميص الشرعية الدستورية. وعلى صعيد الثورة الشبابية الشعبية في ساحات الاعتصامات تبدو الأوضاع سيئة إثر محاولة القوى السياسية فرض سيطرتها ووصايتها على العمل الثوري بطريقة مستفزة ما قد يقضي على حالة التوحد التي كانت تعيشها الساحات . التنبيهات لحزب الإصلاح لم تجعله يصحح أخطاءه في السيطرة على لجان النظام والأمن والتي وصل تماديها إلى الاعتداء بالضرب على الشباب المستقلين واحتجاز بعضهم كما حصل الأسبوع الفائت لتخلق صراعاً بين التكتلات في ساحة التغيير بصنعاء ترجم على شكل اتهامات وخلافات بين اللجنة التنظيمية لشباب الثورة والمنسقية العليا للثورة واللجنة التحضيرية لمجلس شباب الثورة حول تمثيلهم للشباب في الساحات. فبعد لقاء شباب من منسقية الثورة بنائب الرئيس الأسبوع الماضي على اعتبار أنها الجهة الممثلة للشباب، نفت اللجنة التحضيرية لمجلس شباب الثورة وبقية التكتلات صلتها بالأشخاص الذين التقوا نائب رئيس الجمهورية وقالوا إنهم لا يمثلون إلا انفسهم. وقالت اللجنة التحضيرية لمجلس شباب الثورة في بلاغ صحفي إن من قاموا باللقاء بالقائم بأعمال رئيس الجمهورية "المخلوع "لا يمثلون إلا أنفسهم وليس من حقهم الاتفاق معه على منح بقايا نظام صالح أي مهلة والتنازل عن مطلب النقل الفوري للسلطة إلى مجلس انتقالي وتحملهم مسئولية منح نظام صالح فرصة لإعادة إنتاج نفسه. غير أن المنتمين للمنسقية العليا للثورة قالوا إن اللجنة التنظيمية وتحضيرية الثورة ليست شرعية وأن المنسقية هي التي تمثل شباب الثورة في الساحات كونها تمثل نسبة 80% ، حيث تم انتخابها من قبل الائتلافات الشبابية ، فيما اللجنة التنظيمية تم تعيينها من قبل الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني. وطالبت اللجنة التنظيمية في بيانها عبد ربه منصور هادي القائم بأعمال رئيس الجمهورية إلى الاعتراف بالثورة الشبابية والالتزام بتنفيذ أهدافها ومطالبها ، مؤكدة رفضها الكامل لأي حوار أو لقاء مع أي من بقايا النظام المخلوع بما فيهم القائم بأعمال رئيس الجمهورية قبل الاعتراف بالثورة وأهدافها . واعتبرت أي حوار أو لقاء به باسم الثورة أو شبابها عملاً سياسياً مضاداً للثورة والتفافاً على أهدافها وخيانة لدماء الشهداء والجرحى ولتضحيات الثوار وخرقاً للمبدأ الثوري بعدم التفاوض والحوار مع نظام صالح. ودعت اللجنة التحضيرية لمجلس شباب الثورة كافة الثوار في جميع ساحات الحرية والتغيير إلى عدم التعاطي مع بقايا النظام المخلوع بالحوار المباشر أو غير المباشر وعدم الاعتراف بأية نتائج تتمخض عنها تلك الحوارات واللقاءات والتعبير عن إدانتها ورفضها . هذه التباينات أمتدت إلى المحافظات الجنوبية ،فبعد محاولة الأحزاب فرض هيمنتها على الساحات ،خلق نوع من التململ في أوساط الشباب انعكس على تقليص فعالياتهم الاحتجاجية وخاصة المسيرات . وأمس الأول أعلنت إحدى الحركات الاحتجاجية في عدن "شباب ثورة 16 فبراير " ولاءها المطلق للحركة الوطنية الجنوبية "الحراك الجنوبي " وتأييدها لكافة مطالبه السياسية بما فيها المطالبة باستقلال الجنوب عن الشمال وهي النبرة التي كانت اختفت عند انطلاق الثورة الشبابية الشعبية .وفي بيان لها قالت "إن مطالب الشعب الجنوبي بالحرية والاستقلال واستعادة الدولة هي مطالب الثورة وانهم سيقفون مع شعب الجنوب بكل مطالبه". وشددت الحركة على التأكيد انها "ثورة شبابية سلمية لشباب الجنوب ولن تخضع لأي تيار أو فصيل وستكون معبرة عن طموحات وآمال الشعب الجنوبي لنيل مطالبه". الحركة التي تعد أكبر الحركات في عدن وأول من دعا إلى تنفيذ عصيان مدني في عدن ، كانت قد خرجت عصر الاثنين من الأسبوع الماضي بمسيرة احتجاجية حاشدة رفع المشاركون فيها أعلام الجنوب ولافتات تطالب بمنح أهالي الجنوب حق تقرير المصير كحل عادل لقضية الجنوب. على الصعيد العسكري ، تتجه الأوضاع نحو مزيد من الانشقاقات ، فبعد الخلاف داخل اللواء 33 مدرع في تعز اندلعت أواخر الأسبوع الفائت اشتباكات خفيفة داخل لواء عسكري في محافظة حجة يتبع الفرقة الأولى مدرع وذلك على اثر تعيين اللواء علي محسن الأحمر قائداً جديداً للواء ورفض قائده السابق تنفيذ القرار وتسليم اللواء. وكان اللواء علي محسن أجرى تغييرات في اللواء 33 مدرع المحسوب على الحرس الجمهوري وعدد من المواقع العسكرية في محافظة تعز قوبل بالرفض ايضاً . وفي سياق التوتر العسكري المتصاعد بين الموالين للرئيس والمنضمين للثورة ،تبادلت قوات من الحرس الجمهوري وأفراد من لواء حجة العسكري التابع للفرقة الأولى مدرع إطلاق النار ما أدى إلى مقتل جندي وإصابة 5 من المعتصمين بميدان حورة المقابل لمكان الاشتباكات. وتبادل الطرفان الاتهامات حول السيطرة على إحدى نوبات الحراسة الواقعة ضمن سور مبنى قيادة اللواء . ووفقا للمعلومات فإن قائد الحرس الجمهوري عبدالوهاب قعشن كان قائدا للواء التابع للفرقة وتم استبداله ب "عبد الله سراج" عند تأييد قائد الفرقة الأولى مدرع لثورة الشباب وحينها لم يكن هناك معسكر للحرس فتم استحداث معسكر للحرس وتعيين قعشن قائدا له برفقة عدد من جنود المعسكر التابع للفرقة الرافضين لقرار تأييد الثورة الشعبية مما أدى إلى توتر بينهم.