يبدو أن القضية الأكثر جدلا حتى الآن والتي تمثلت في التناقض العام بين الاستضافة وما حققتها من نجاح جماهيري من جهة وبين ما تعرضت له تلك الجماهير الكروية من صدمة كبيرة وخيبة أمل لا توصف جراء النتائج المذلة للمنتخب الوطني في خليجي 20 التي فقد من خلالها حتى كنيته التي جاءت جراء النقطة اليتيمة التي حققها في ثلاث مشاركات له بمنتخب (أبو نقطة) ليفقد تلك النقطة أيضا على أرضه وبين جماهيره بعد أن عجز عن تحقيق أول فوز له على مدار مشاركاته الخمس في دورات الخليج منذ المشاركة الأولى في خليجي 16 في الكويت ليصبح منتخب (أبو سرة) مقارنة بأنواع الفواكه من الموز أبو نقطة والبرتقال أبو سرة ويعلم الله أي فاكهة سيخرج بها علينا في الدورات المقبلة. الجديد المثير ذلك التناقض العجيب والغريب والهزلي المستمر والجاري في الأرقام التي صرفت على إعداد المنتخب الوطني لخليجي عشرين منذ قرابة عام ونصف تقريبا قبل انطلاقة خليجي عشرين، ففي الوقت الذي طالعنا فيه رئيس اتحاد الكرة أحمد العيسي قبيل انطلاق منافسات خليجي عشرين بتصريحات صحفية لوسائل إعلام خليجية بأن تكلفة إعداد المنتخب بلغت عشرة ملايين يورو وتصريح آخر له أكد من خلاله أيضا بأن الإعداد للمنتخب اليمني بلغ قرابة ستة مليارات ريال يمني وهو رقم مهول بالمقارنة بحجم المبالغ التي أنفقتها المنتخبات الخليجية جميعا على إعداد منتخباتها لخوض غمار نفس البطولة وهو ما منح المنتخب اليمني توقعات المنافسة على إحدى بطاقتي مجموعته خصوصا بعد تلك النتائج التي تغنى بها اتحاد العيسي العريضة التي حققها خلال مشواره الإعدادي قبل أن يفاجئ الجميع بأنه ذبح بليل ودون رحمة ولا رأفة من الوهلة الأولى سقوطه برباعية الأخضر السعودي التي أصابت اليمن وكل اليمنيين في مقتل بما فيهم البيت الرئاسي نفسه!! هكذا التناقض استمر وتواصل على نفس النهج والطريقة التي شهدت التناقض ذاته ولو بشكل مختلف بين النجاح الجماهيري والإخفاق في نتائج منتخب اليمن!! فإذا بنا نسمع ونتابع بعد انتهاء البطولة والغضب الجماهيري والرسمي على تلك المهزلة بأن الإنفاق على إعداد المنتخب بلغ وفقا لما أوردته صحيفة الثورة الرسمية في ملحقها الرياضي الأربعاء الماضي بأن المبلغ الذي تم صرفه على إعداد المنتخب بلغ 803 ملايين ريال يمني وهو ما أكده اتحاد الكرة وفيه تناقض شديد وخطير يضعنا أمام رؤية ثانية. وتتمثل في أن رئيس اتحاد الكرة أحمد العيسي لا يعلم مقدار ما تم إنفاقه على إعداد المنتخب قبل انطلاق البطولة وهو ما دفعه للتصريح بتلك الأرقام المهولة وهذا أيضا أخطر من سالفتها بما يعني أن الحاج أحمد العيسي لا يعلم ما يدور في اتحاده ولذلك لا غرابة في حصد تلك النتائج المذلة. ومن زاوية أخرى يؤكد بأن الرقم الذي ذكره محاولة لتهدئة الشارع الرياضي الخليجي قبل انطلاق البطولة وما خرج به الآن خصوصا إذا ما علمنا بأن الاتحاد وقع تحت ضغط شديد وعنيف رسمي وشعبي بعد النتائج المخيبة والأرقام المهولة التي أنفقت على إعداد المنتخب. ومن جهة ثانية يستمر الأمر في التناقضات الفاضحة والواضحة والكبيرة، ففي الوقت الذي أعلن فيه تقرير وزير المالية المرفوع من قبل الحكومة في اجتماع رئيس الجمهورية الأسبوع قبل الماضي بعدن بمجلس الوزراء وقيادات السلطة المحلية لمحافظات عدن ولحج وأبين، أن ما أنفق على إعداد المنتخب والذي تم صرفه من وزارة المالية هو ملياران و500 مليون ريال يمني وبالتالي فإن الرقم الذي أكده رئيس اتحاد الكرة أحمد العيسي الأسبوع الماضي في حوار على قناة السعيدة الفضائية ويقدر ب803 ملايين ريال يتناقض تماما بين ما أكده تقرير وزارة المالية وبين ما أكده أيضا عضو اتحاد الكرة لملحق الثورة الرياضي الأسبوع الماضي، في إشارة واضحة إلى أن هناك حلقة فساد مفقودة في منتصف الطريق تشير بالتأكيد وفقا لذلك صوب رئيس اللجنة المنظمة حمود عباد ورئيس اللجنة المالية حسين الشريف. مصادر تؤكد التلاعب بالصرف!! في المقابل ذكرت مصادر خاصة ومقربة من اتحاد الكرة ل"الوسط الرياضي" بأن هناك مساع من قبل القائمين على شئون الصرف وتحديدا رئيس اللجنة المنظمة ورئيس اللجنة المالية وفقا لما أوردته مصادرنا بأن المساعي تهدف إلى توزيع تلك المبالغ المفقودة بين حلقتي الاثنين المالية المؤكدة بأن المبلغ ملياران ونصف المليار واتحاد الكرة بثمانمائة ملايين في بنود غير البنود المعتمدة للصرف بما فيها مرتبات المدرب رغم أنها تصرف من بند آخر من وزارة المالية إضافة إلى مبالغ أنفقت على شراء سيارات بما فيها السيارة الصالون 2010م التي صرفت لرئيس اللجنة المالية بداعي تعرض سيارته لحادث مروري أثناء سفره لحضور قرعة خليجي عشرين التي أقيمت في ال12 أغسطس 2009م المنصرف بمدينة عدن مع أنه سافر لحضور القرعة جوا. وفي حالة كانت تلك المعلومات التي حصلنا عليها من قبل تلك المصادر صحيحة بأنها تشير إلى عملية فساد كبيرة لا يمكن السكوت أو المرور عليها مرور الكرام دون فتح ملفات الفساد والعبث المالي الذي تحول من خلاله خليجي عشرين من حدث وطني إلى موسم لمزيد من الكسب الشخصي للهبيشة وهواة القطقطة وهو يضعنا أمام تساؤل آخر. هل بالإمكان أن نجد من يحاسب كل المعنيين فيما أنفق على إعداد المنتخب خصوصا وأن تلك الأمور التي صرفت هي من قوت الشعب اليمني الذي يتجرع الكثير من ويلات الفقر وضنك العيش من أجل البقاء؟! فهل نجد أجهزة الرقابة والمحاسبة ممثلة بكل من الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة والهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد على موعد لإيقاف تلك التلاعبات أم أن القضية ستحفظ ضد مجهول وكأن شيئا لم يحدث؟! بالمقابل اعتبر نقاد يمنيون بأن السكوت الرئاسي خصوصا من قبل رئيس الجمهورية علي عبدالله صالح لم يكن بطيب خاطر وطبطبة على الفساد والمفسدين بقدر ما كان سكوتاً على مضض!! في ظل التغيرات التي تشهدها الساحة السياسية في بلادنا والمقبلة على معترك انتخابي شديد الوطأة وأشد بين الحاكم من جهة وبين المشترك وبقية أطياف معارضيه وهو ما جعل الرئيس يتكبد الصمت وعدم التوجيه بالمحاسبة لكل الفاسدين والمقصرين، مكتفيا بالنجاح الذي رافق الاستضافة أما الأشقاء بعد رهان الفشل على الإعداد لخليجي عشرين. ومن ناحية أخرى اعتبر بعض النقاد بأن السكوت الرئاسي مجرد وقت بانتظار ما ستتضمنه التقارير التي سيتم إعدادها من جهات مختلفة وتحليل ما فيها ومن ثم التعامل معها وفقا لما تقتضيه مصلحة الحاكم قبل مصلحة البلاد. لكننا في (الوسط الرياضي) نؤكد بأنه لا بد من محاسبة ولا يمكن للرئيس أن يكون مظلة للفساد أو يستظل بها المفسدون من خلال ما عرفناه من توجيهاته المستمرة على محاربة الفساد والمفسدين وأن الأيام وفقا لما نتوقعه وتعرفه بأن الرئيس سيعمل على محاسبة أي مقصر ومعاقبة أي اختلال دائر في تلك الحلقات جميعا. وكي لا تذهب تلك الدلائل على توجه الرئيس وما يقوم به حاليا عقب انتهاء أحداث خليجي عشرين من متابعة دائمة ومستمرة خلال إقامته الشتوية في العاصمة الاقتصادية عدن الثلاثة الأسابيع المنصرمة لمختلف الألعاب والأحداث الشبابية والرياضية بأن الرئيس كون فكرة عامة عن الوضع الرياضي عموما والكروي على وجه التحديد والتغيير قادم لا محالة.. نأمل ذلك!!.