استطلاع/محمد غزوان في تعز أفلت العسكريون لجام الدبابات والمجنزرات ورصاصات البنادق والقناصات نحو اندفاعها المخيف لقتل الشباب وحتى الأطفال بدون رحمة أو شفقة وتم منح القيادات العسكرية صلاحيات ارتكاب جريمة القتل لكل شاب تعزي حتى يصبح القتيل عبرة لشاب آخر ما زال جسده ينبض بالحياة يهتف برحيل الرئيس وسقوط النظام، فعملية إطلاق الرصاص القاتل على الجسد التعزي بات أسهل من شربة ماء.. ففي يوم الجمعة المنصرمة هتف طفل صغير في وجه جنود النجدة (ارحل) فأطلقوا الرصاص عليه مباشرة وأردوه قتيلا.. لم يكن ذلك الطفل يقود مسيرة جماهيرية بل كان بمفرده ربما ببراءة الطفولة أحب أن يمازح الجنود ولكن الجنود فتحوا نار بنادقهم صوب جسده الصغير بكل صلف وجنون.. هكذا هي الأوامر التي زودتهم بها القيادات العسكرية والمدنية.. اقمعوا أبناء تعز فهم وراء كل ثورة وانتفاضة شعبية، فالتاريخ يشير إلى ذلك وعلى القوى العسكرية واللجنة الأمنية بقيادة علي محمد صلاح ومدير الأمن القتل بدون تراجع أو تفكير ولهذا أقدمت قوات الحرس الجمهوري التي ترابط أمام القصر الجمهوري عصر يوم الخميس بإطلاق النار على شابين كانا على متن دراجة نارية يمران من أمام حراسة القصر الجمهوري وهتفا ب(ارحل) فباشرهما الجنود بإطلاق النار بعد أن ركضوا خلفهما، قتل أحدهما وجرح الآخر، فالقتل في تعز أصبح مشروعاً لكل جندي يتمنطق السلاح يقتل ولا يُسأل لماذا قتل ولماذا أطلق الرصاص.. بات أمر تأديب شباب تعز بالقتل والسحل أمراً مفروضاً من أجل إخماد الثورة. والملفت في وثائقيات سجل الثوار في عموم المحافظات أنه أينما تولي وجهك بالبحث عن الانتهاكات التي تلحق بالثوار في المحافظات تجد ابن تعز قتيلا أو جريحا، ففي العاصمة صنعاء كان عدد القتلى من أبناء تعز ثلاثة وعشرون قتيلا وفي محافظة عدن كان عدد القتلى من أبناء تعز قتيلين والحديدة قتيل واحد أما الجرحى فحدث ولا حرج، ففي حضرموت ثلاثة جرحى وفي عدن ثلاثين جريحاً وفي الحديدة خمسة وعشرون جريحا وفي صنعاء أكثر من مائة جريح ومئات من المصابين المتأثرين بالغازات السامة. إن الشتات الذي فرض على أبناء تعز فرض عليهم بطيب خاطر أن يستبسلوا في كل مدن اليمن واليمن تستحق الاستبسال تحت راية الثورة التي وحدت أبناء اليمن ونبذت النعرات التي جسدها الحاكم وأتباعه من الجوارب التي ينتعلها في حذائه باسم كل محافظة ليمثلوا أبناء محافظاتهم وهم يلعقون القدم ويزهون فخرا بما حققوا من حياة باذخة. عزيزي القارئ في هذا العدد صحيفة الوسط كانت في محافظة تعز انتقلت الصحيفة حتى توثق الحقائق وتنقل لكم حقيقة الوضع من فوهة بركان الثورة تعز.. فإلى بلد العز وأهل العز ساحة الحرية في تعز. مناضلون الموترات شباب تتراوح أعمارهم ما بين 17-25 عاما أغلبهم لم يتمكنوا من التحصيل العلمي بالشكل المطلوب بالتأكيد لأنهم من أسر فقيرة وإلا ما كانوا امتهنوا مهنة الموت (قيادة الدراجات النارية) ولكنهم حملوا هم الوطن فنصروا تلك القلة من الشباب المثقف الذين خرجوا في تعز يهتفون بسقوط النظام ويعلنون عن ثورتهم فاستجاب لهم شباب الدراجات النارية فهتفوا معهم بإخلاص، وبجلدهم وتعودهم على الشقاء وعدم الخوف من المخاطر تقدموا صفوف المجابهة لطوابير البلاطجة التي سلطت على الشباب الثوار في تعز منذ بداية ميلادها وأخذت مجاميع البلاطجة تجهض كل محاولات الثوار في تحديد مكان اعتصامهم تطارد الشباب لكن ثوار الدراجات النارية المعروفين بمسمى أصحاب الموترات كانوا للبلاطجة بالمرصاد، فقد تصدوا لهم وقاموا بمواجهة السيل المنهمر من قذائف الأحجار التي كانت تستهدف الرؤوس وتخيف الكثير ممن لم يجيدوا فنيات قذف الحجارة ولكن مناضلي الموتورات شباب المدينة الحالمة الذي استهدف النظام كرامتها ونال من مدنيتها وحاول أن يكرس فيها الهمجية والجهل والعصبية، تصدوا بكل قوة واستبسال وعبر كافة القنوات الفضائية شاهد العالم محافظة تعز وشبابها يواجهون التكالب الحكومي بمساندة من بعض أبنائها الإمعات الذين كانت مجريات وسياسات النظام تسير لصالح همجيتهم لتطويع ملايين تعز البشرية ليصبحوا تابعين لنظام الاستعباد والنهب والرشوة فاختار أرذلهم ليصبحوا حكاما عليهم. لقد أصر وثابر هؤلاء الفتية حتى نصبت الخيام وأعلنت مضارب الاعتصام في تعز لتهب بعد ذلك باقي محافظات الجمهورية لتحذو حذو تعز ولكن ليس في باقي المحافظات سائقو دراجات نارية بوعي سائقي دراجات تعز. كلهم جيفارا يقال -والله أعلم- أن جيفارا رمز الحرية في العالم كان يملك دراجة نارية، يتنقل بها ويلوذ بالفرار على متنها حين يواجه مآزق الخصوم وقد شاهدنا في تعز حضوراً كبيراً لصور جيفارا وكذلك لضجيج أصوات محركات الدراجات النارية المحبوبة والمألوفة في أوساط زحام المسيرات فتلك الدراجات حين تلعلع طلقات الرصاص ويتصاعد دخان القنابل الغازية تتحول إلى سيارات إسعاف.. لذلك فقد طلبت من أحد سائقي هذه الدراجات أن ينتقل بي من طرف المسيرة إلى طرفها الآخر وكذلك أن يجوب بي مداخل ميدان الاعتصام ومخارجه والأماكن المحيطة بمبنى المحافظة حتى أقيم الاستعدادات الأمنية لمواجهة المسيرة الحاشدة.. في صباح ذلك اليوم -الخميس المنصرم- كان السائق شاباً عشريني انطلق بي بمرح وكان يتحدث لي ببراءة وبتلقائية قال لي "ما درستو إلا إلى تاسع كنت اشتي أدرس لكن الظروف ما سمحت، حتى الدراسة أصبحت فيها رشوة ووساطة ما فيش حل إلا أن أعمل فوق موتر وكنت يائساً لكن الثورة رجعت لي الأمل، نشتي دولة فيها عدالة وأمان وما فيهاش سرق وعادي بانصبر حتى لو متنا جوعاً ولا هذه الدولة اللي كل من يجزع شلته" ثم أخذ هذا الشاب -تحفظ عن ذكر اسمه - يشرح لي كيف تمت محاولة استقطابه ليكون ضمن البلاطجة وتم وعده بوظيفة ولكنه لم يتجاوب لأنه يدرك أنهم مجرد كذابين وحسب تعبيره قال يستخدمون البلاطجة مثل مناديل الورق يقذفون بها بعد أن يتمخطون بها وبعد قذفها يكرهون حتى رؤيتها وأوضح أنه يعمل بدراجته ويشارك في المساء بالاعتصام وعند المسيرات في النهار لا يشارك في تلك المسيرات بل يهتم بالعمل ولكن حين يعلم أن هناك اعتداءات وسقوط ضحايا في أوساط المتظاهرين يهرع مسرعا للمشاركة في إسعاف المصابين ويواجه عنفوان البلاطجة الذين في الكثير من الأوقات يقومون بمنعهم ولكنه يقاومهم حتى يتمكن من إسعاف المصابين.. وبعد أن أكملت جولتي مع هذا الشاب التي استمرت قرابة ساعة ونصف حدد أجرته بمبلغ خمسمائة ريال ورفض أن يأخذ أكثر منها والمريح أنه لم يكن هناك أي عائق بين لهجتي العدنية ولهجته التعزية كنت أفهمه بسهولة وهو كذلك عكس ما أواجهه في المحافظات الأخرى حتى الجنوبية منها. تنكروا لهم الأحزاب الممثلة باللقاء المشترك التي أعلنت انضمامها لثورة الشباب بعد أن تمكن شباب تعز من الاعتصام بعشرة أيام جاءت بثقلها وأيضا بطباعها الكريه المتمثل في أن يصبح الناس تابعين لها، فهي الأخرى لا تميل لدعم المستقلين رغم أنهم يمثلون شرعية المرحلة الثورية ولكن غباءها لم يمكنها من فهم طبيعة المرحلة وبحكم أن الأحزاب تملك الكادر والإمكانيات والمنصة وفن الحديث والخطابة تنكرت لهؤلاء الشباب من سائقي الدراجات وآخرين مناصرين لهم من أبناء الحواري الشعبية إلى حد التهميش وأخذت هذه الأحزاب تنشئ مسميات حركاتها ليتقدموا الصفوف بقلة حياء وهذا أمر لم تعتده تعز.. هؤلاء الشباب الذين تفرضهم المرحلة السياسية بقوة تمكنوا من تشكيل حركة باسم حركة فبراير منحوا ثقتهم لشخصيتين من شباب تعز، هاتان الشخصيتان معروفتان بنقائهما ومتميزتان بثقافتهما وهما مناضلتان منذ دراستهما الجامعية حتى اليوم وهما الزميلان فكري قاسم وصلاح الدكاك اللذان احتويا هؤلاء الشباب المناضل وأخذا يوجهانهم إلى الطريق الذي يسلكونه لمواصلة نضالهم حتى لا تصيبهم عقدة التنكر الثوري وحتى لا يهمش التاريخ دورهم النضالي وتضحياتهم واستبسالهم من باب الإنصاف وليس لمطمع أو غرض غير حماية عنق الحقيقة من الالتواء وعلمنا أن ذلك التجاوب الجميل والرائع من فكري والدكاك قوبل باستياء من بعض الجهات، خاصة جماعة (بارك الله فيك) حتى وصل الأمر إلى منع الزميل فكري من دخول ساحة الاعتصام. وفي كل الأحوال نأمل لم الشتات فقد أصبح شباب فبراير من أبرز حراس مداخل ساحات الاعتصام وسفينة النجاة التي يلوذ بها الجميع حين تتصاعد غيمة دخان القنابل الغازية فيصل رواد الدراجات النارية ليحملوا كل مصاب ويسرعون به صوب المستشفى الميداني.. فتحية لهؤلاء الشباب وتحية لفكري والدكاك. تعز.. ووحشية الانتقام منذ يوم الأحد الماضي 3/3 ومحافظة تعز تعيش حالة غليان ثوري، فقد كان يوم الأحد يوما دمويا بكل ما تعنيه الكلمة وزيادة أنه كان عدوانيا بربريا قتل شباب تعز على مشارف جولة حوض الأشراف، حيث اتخذت المجنزرات والدبابات والسيارات المصفحة والجنود المدججة بالسلاح والعتاد القاتل والمتنوع مواقعها لمواجهة الشباب الذين كانوا يشقون طريقهم نحو مبنى المحافظة ليعبروا عن احتجاجاتهم على صلف عدواني حل بهم اليوم الأول (السبت) ولكن مسئولي المحافظة ارتعدت فرائصهم وهولوا الأمر وطلبوا من التعزيزات الأمنية أن تواجه مسيرة الشباب السلمية الزاحفة نحو المحافظة، اتخذت الآليات القاتلة مكانها ونشر رجال المهمات القذرة أفرادهم من أصحاب المهمات الأكثر قذارة فوق اسطح المنازل بقناصاتهم التي لا تنتقي إلا شباباً في عز الربيع من أعمارهم ليسقط أكثر من 17 قتيلاً في ظرف ساعة واحدة، قالت السلطات إن الشباب كانوا يريدون اقتحام المحافظة، بينما الشباب أوضحوا أنهم كانوا يرغبون بالاعتصام في حوش وأمام المحافظة أما المبنى وما يتبعه من معدات وأثاث وموظفين لم يكن في حسبانهم إلحاق أي أذى بهم لأن أخلاقيات ثورتهم ترفض الفوضى والتخريب ولكن كيد القتلة ومسئولي تعز كيد حقير. جنون القتل جنون وشهوة القتل وصلت إلى حد لا يطاق، فصباح يوم الجمعة المنصرمة 8 إبريل الحالي كان الجنود متأهبين للقتل في كل جولة يتمركزون فيها. كان الطفل عرفات محمد سعيد والذي يبلغ من العمر ثمان سنوات قادماً مع والده من منطقة الحوبان وعند وصولهما إلى منطقة حوض الأشرف أشار الطفل بيديه ومشكلاً أصبعيه بعلامة النصر أو الشهادة وهتف: ارحل.. ارحل وعلى الفور جن جنون جنود النجدة من تصرفه البريء والذي يمكن أنه أيضا لا يدرك معناه الدقيق ولكن لا شفاعة لطفل ولا للإنسانية فأطلقوا الرصاص صوب الطفل وأردوه قتيلا ونال الشهادة في الحال، لقد سيطرت شهوة القتل الذي أصبح مباحاً للجنود الذين أخلصت القيادة العسكرية التابعة للنظام أن تجردهم من الضمير والإنسانية والإخلاص للوطن ليكون إخلاصهم لرغبات الحاكم الذي يذلهم ويعوضهم بالسماح لهم حين يريد بإذلال المواطنين وإن وجهم بالقتل بغير الحق قتلوا لا تفسير غير ذلك والله المستعان. يوم الخميس 7 إبريل أطلق جنود الحرس الجمهوري على شابين -مرا من أمامهم في حي القصر الجمهوري وهما يهتفان ارحل.. ارحل- الرصاص فقتل أحدهما وأصاب الآخر، فقد أصبح الجنود يطلقون الرصاص صوب صدور المواطنين لمجرد الهتاف العابر من أشخاص لا يزيد عددهم عن اثنين يعني بدون أن تظهر منهم أي مخاطر حتى على المستوى الأقل من السطحي مجرد طيش صبياني وربما مداعبة يواجهها الرصاص القاتل. المحافظ راقد في يوم الخميس المنصرم كانت صحيفة "الوسط" في محافظة تعز وشاهدت العديد من الانتهاكات الإنسانية في حق المتظاهرين وعلمت بمقتل شاب الدراجة النارية وإصابة زميله بجروح خطرة.. حاولت الصحيفة التواصل مع محافظ المحافظة عبر الشاب عدنان السكرتير التابع والمقرب له ولم نجد جواباً بعد أن كانت هناك موافقة على اللقاء به وحين حاولنا الاستفسار عن بعض الخروقات التي تمس الحقوق الإنسانية حتى عبر الهاتف تم إعلامنا بأن المحافظ يغط في نوم عميق، فهو يسهر الليل مرعوبا من هتافات منصة الشباب وفي النهار يسقط جراء عوامل السهر موكلا أمر أبناء محافظته إلى رجال اللجنة الأمنية بقيادة علي محمد صلاح وشلة البلاطجة ليصحو عصرا من أجل مواصلة سهر ليلة جديدة. جثث تدهسها جيوب الأفندم وعلمت صحيفة الوسط من الشباب الثوار أنه في مذبحة يوم الأحد 3 إبريل أن ما يقارب عدد أربع جثث من القتلى الشباب الذين سقطوا جراء رصاص القناصة وحاول زملائهم سحب جثثهم من أجل إسعافهم لأنهم لم يكون على علم أنهم فارقوا الحياة قام طقم يتبع الشرطة العسكرية بالاندفاع نحوهم بسرعة حتى يمنعهم من إسعاف زملائهم لتدوس عجلات الطقم المندفع تلك الجثث حتى حطمت صدورهم وعبثت بأمعاء وبطون بعضهم ثم قاموا بأخذ تلك الجثث حتى لا تكون دليل إدانة على وحشية القتل وأنهم لا يعرفون أسماء أصحاب الجثث وأن هناك عدداً كبيراً من المفقودين من الشباب وقد قامت الصحيفة بتوثيق هذه الانتهاكات من شهود عيان ممن شاهدوا بشاعة هذا التصرف. الرقم القياسي لتعز تشير الإحصائيات الأولية أن مجموع عدد شهداء ثورة الشباب منذ بداية اندلاعها في 15 يناير وصل إلى 140 شهيداً في عموم محافظات اليمن نصيب أبناء تعز من ذلك الرقم في عموم المحافظات وصل إلى 47 شهيداً والعدد قابل للزيادة، لأن هناك عدد منهم رهن العناية المركزة والحالات الحرجة.. فهنيئا لتعز بقافلة شهدائها الأبرار وهنيئا لليمن تعز.. أسكن الله جميع شهداء اليمن فسيح جناته.