لقد رأى العالم اليوم كيف تسارعت الأحداث في الجنوب وأصبح الكل يترقب الحدث الجديد وبدأت الأمور تأخذ شكلاً آخر، ومضموناً آخر، غير أن سياسة النظام تكابر وتعاند وتصر على أن الوضع في الجنوب مازال تحت السيطرةK بل تقول أو تسمي تلك المظاهرات الحاشدة التي تعبر عن حنق أبناء الجنوب في كل زاوية في الجنوب تسميها ب(مجرد مجموعة قطاع طرق فقدوا مصالحهم والآن يريدون استعادتها فقط)، بل تقول إن الأحداث في صعدة انتهت(والحقيقة إن الحوثيين قد استولوا على حرف سفيان) وأن البلاد اليوم على أحسن حال، والحقيقة تقول خلاف ذلك كله، تقول إن اليمن قد دخلت مرحلة جديدة وستدخل مرحلة خطيرة سياسيا واقتصاديا كما هو متوقع في مقبل الأيام في ظل الحكومة الحالية التي ملّ الناس –في ظلها- من الظلم والقهر والاستبداد والإقصاء وعدم المساواة والخداع (وخاصة في الجنوب) بل وملوا من التزييف والوعود التي ما زال يطلقها النظام الحاكم لكل مظلوم جنوبا وشمالاً وهو ما نستطيع أن نتحدى به من يدافعون أو يبررون صورة النظام القائم أن يثبتوا لنا وجهاً جميلاً أو صورة حقيقية له غير تلك الصورة التي نراها اليوم في الأزمات والمناسبات، أعني الصورة المكررة التي ملينا نحن أن نكتب عنها ونوضحها للناس بل وللنظام دون جدوى ولقد رأينا الحقيقة المطلقة التي رفضت تلك الصورة القبيحة يوم رأينا رفض أبناء الجنوب تلك لتهديدات أو الخيارات (أنا أو العراق أو الصومال أو أفغانستان) حيث خرجوا في حضرموت وشبوة وأبين ولحجوعدن والمهرة اليوم وبالأمس في تلك المظاهرات السلمية الكبيرة يقولون له لا، نحن نريد حق تقرير المصير والتي أصر النظام إلا أن يحولها إلى مجزرة وهو ما نخشى أن تتحول تلك المظاهرات غداً في (7/7) القادم إلى مجزرة قد يكون استدراكها غير ممكن البتة. وهنا نقول لكل من يهمه الأمر إن من حقنا.. نعم من حقنا أبناء الجنوب أن نعبر عن إرادتنا ومن حقنا أن نحافظ على دمائنا ونقول للنظام الحاكم دماؤنا ليست رخيصة؛ لأن دماءنا غالية بحق وليست رخيصة بحق أبداً بل سنقول اليوم يوم(7/7) نحن أحسسنا بالألم والظلم والخداع والتهميش فخرجنا نعبر عن إرادتنا القوية والشجاعة بالطرق السلمية، نعم الألم الذي كنا نتمنى أن يشاركنا به أبناء الشمال، بل الألم الذي لا يريد أبناء الشمال أن يشعروا به معنا ويحسوه كما أحسسناه ولو لمرة واحدة لمرة واحدة فقط على وجه الحقيقة، ونحن نعلم أنهم يعانون أو جلهم يعاني مما نعاني منه وما يجعلنا نتألم نحن أبناء الجنوب نعم فهم لا شك مثلنا يعانون من الظلم والقهر وسياسة التجويع، يعانون من التهميش يعانون من سياسة النظام الإقصائية... إلا أننا نقول لهم تلك حياتكم ومادمتم مرتاحين فيها فذلك من حقكم وتلك إرادتكم ومن حق كل شخص أو شعب أن ينام على الجنب الذي يريحه، كما كان من حق أبناء الجنوب أن يعبروا عن إرادتهم فرفضوا الاستكانة وعبروا عن إرادتهم بحق بالطرق السلمية كما رأيتم وكما يرى العالم اليوم في (7/7)، اليوم الذي ظن النظام الحاكم أنه انتصر فيه وجسده في كل شيء حتى في أرقام التلفون الجوال، فكان على أبناء الجنوب اليوم أن يجسدوا فيه معنى آخر وهو معنى أن الوحدة لم ولن تتم بالقوة وبسفك الدماء والإقصاء وسياسة التجويع أبداً. فكانت الرسالة هي رسالة الشعب في لحج وأبين وحضرموتوعدن وشبوة والمهرة، رسالة التعبير عن الغضب ورفض الظلم بالطرق السلمية وهو ما أتمنى أن يحكم النظام الحاكم العقل فيه في (7/7) ولو لمرة واحدة، ويترك أبناء الجنوب يعبرون عن إرادتهم بحرية وبطرق سلمية وبدون الدخول في دوامة العنف وسفك الدماء البريئة، وقتل ما تبقى من مشاعر الأخوة بين الجنوبيين والشماليين وزرع الكراهية بينهم بسياسة العنف والخداع التي لم يعد تنطلي على أحد، نقول ذلك حتى لا يتكرر في /7/7/ القادم ما حصل بالأمس في عدن والضالع والحبيلين من مجازر ضد الأبرياء) – بجد أتمنى أن ينظر إليه النظام الحاكم بوجه يدل على شيء من الرقي وقبل هذا وذاك أتمنى أن يتساءل النظام الحاكم بل ويتساءل كل أبناء الشمال لماذا؟ ومن هم أولئك الذين خرجوا بالأمس واليوم وبالمستقبل، يرفعون شعار التحرير؟ ثم نجيبه منطقياً فنقول له ولهم حقيقةً هم الذين أُقصوا وظُلموا وأُقعدوا في بيتهم وهذا ينطبق على أغلبية الشعب في الجنوب (لأن شعب الجنوب شعبٌ ظلم في ظل الوحدة التي تحولت عن مسارها بعد تلك الأحداث الدامية عام (94)والتي صار الرهان اليوم على بقائها بقوة السلاح فقط دون النظر إلى أن أي شيء يفرض بالقوة يبقى أسير الأحداث والتطورات إلى أن يفشل أو ينتهي)؛ حقاً كان على النظام الحاكم أن يتساءل بل ويتساءل كل شمالي لماذا خرج أبناء الجنوب يطالبون بحق تقرير المصير؟ لماذا خرج من كان بالأمس يوم تحققت الوحدة عام (90) يرفع شعارات الوحدة اليوم يمزقها ويرفض بقاءها جملة وتفصيلا؟؛ كان عليه وعليكم أن تتساءلوا دون إرسال الرسائل الخاطئة (العروض العسكرية) حتى تبقى إمكانية الحلول السلمية ممكنة دائماً، ومساحة الحوار أوسع وأكبر. أخي القارئ اعلم أن اليوم الذي اختار فيه أبناء الجنوب خيار التعبير عن إرادتهم بالطرق السلمية اختار فيه النظام الحاكم الخيارات المستحيلة أو القاتلة (خيار القوة) كما رأينا في العرض العسكري الذي أجري في ميدان السبعين في احتفالات الأمس القريب بمناسبة مرور(19)عاماً على قيام الوحدة التي سفكت فيها دماء أبناء الجنوب البريئة عام (94) بل وأقصي أبناء الجنوب بعد(7/7/1994) إقصاءً كلياً وهو ما سبب المشكلة التي نراها ويراها العالم بأسره اليوم، ومع ذلك نقول وبدون مزايدة إن قيامها بالأصل أصّل على وجه الحقيقة لوفاتها يوم وجودت، أولاً بتلك الصورة الاندماجية الخطيرة الخاطئة، ومع ذلك أخي المتابع فإنه كان بالإمكان تصحيح مسارها بالأمس عام (94)يوم رفض الفكرة وحتى وقت قريب النظام الحاكم وأصر على أن تظل كما هي عليه اليوم، فصار الوضع كما ترى؟ وحتى لا نبتعد عن لب الموضع نقول إن إبقاء استعمال خيار القوة في إبقاء الوضع على ما هو عليه اليوم دون النظر إلى إرادة أبناء الجنوب أو دون النظر إلى إمكانية التحول في إستراتيجية الحرب بين الماضي والحاضر؛ كحدوث محاربة الشبح الخفي (أعني حروب العصابات) التي معه يكون خيار الحروب الكلاسيكية منعدماً بل يُعد ضرباً من ضروب البساطة والخيال القاتل أو المستحيل؛ لأن الشعب اليوم في الجنوب يقف وسيقف موقفاً سيفاجئ كل من راهن على خيار السلاح والقوة. وعليه نسأل قادة النظام الحاكم مرة ثانية بتجرد وحيادية ونقول لهم هل وضعتم في خياراتكم عدم إمكانية استعمال الجيوش في مثل تلك الحروب التي فشل أمامها جيش الولاياتالمتحدة وحلفاؤه في العراقوأفغانستان وفشلت فيه الحكومة الإندونيسية أمام جموع المقاتلين في تيمور الشرقية وفشلت فيه الحكومة السودانية في جنوب السودان وغرب السودان (دارفور)؟ بل وفشلتم فيه أنتم في جبال صعدة أمام مجموعة من المقاتلين يعدون قلة قليلة بالنسبة لأبناء الجنوب، أم إنكم لا تعرفون إلا الخيار الذي رسمتموه بعقولكم والذي ما زالت نشوته تخدعكم من عام (94) إلى اليوم؟ ثم تناسيتم أن الوضع اليوم مختلف؛ لأن كل أبناء الجنوب اليوم يقفون بجانب الحراك كما وقفوا بالأمس مع الوحدة عام (94)! فكان جزاؤهم التهميش والظلم والإقصاء والطرد، هل نسيتم ذلك؟ فإن نسيتم ذلك كان لزاماً علينا أن نذكركم بحق النصح فنقول لكم إن خيار القوة خيار فاشل لأنه يقف أمام خيار السلام والنضال السلمي يقف أمام إرادة وقوة إرادة أبناء الجنوب للتعيير عن حقوقهم بالطرق السلمية والتي تحولت من الضعف إلى القوة شيئاً فشيئاً، فحطمت حاجزاً كان يراه البعض بالأمس مستحيلاً، نقول ذلك؛ لأن إرادة الشعوب أقوى من كل سلاح وقد رأينا إرادة الشعب الهندي يوم اختار المقاومة السلمية كيف انتصر بإرادته وصبره؟! فهل يظن الطرف الآخر اليوم على هذه الأرض أرض الجنوب بأن قوة السلاح أو خيار السلاح تحل مشكلة أو تكسر إرادة شعبٍ كامل وقد قرر التعبير عن إرادته بالطرق السلمية، ورفض سياسة الإقصاء والظلم والقهر والتجويع التي فرضت عليه بتقديم اللصوص والمتملقين والمتنفذين الذين أصبحوا يعيثون في أرض الجنوب الفساد وينهبون الأرض والبحر دون أن يجدوا رادعا وقوة تحمي المواطنين المساكين من قوة نفوذهم وشرهم المستطير الذي لم يتحمله أبناء الجنوب فخرجوا يقولون بصوت واحد،لا ويطالبون بحق تقرير المصير. بل نزيد على ذلك ونجعلها خاتمة لهذه الرسالة المختصرة فنقول: إن خيار السلاح الذي سقطت فيه عدن في (7/7) كان بداية جديدة لقتل الوضوح والحقيقة والصراحة والعدل الذي يجب أن تبنى عليه القيم ويعيش في ظله المحكوم بأمان وسلام على الأقل، لماذا؟ لأن خيار القوة يعني شيئاً واحدا، يعني اختيار الحرب والاقتناع بها لحل كل قضية ممكن حلها سلماً بالرجوع للاستفتاءات الشعبية أو بطريق التحكيم الدولي (وهذا لا يعد عيباً ولا استسلاما أبداً) لأنه قد لجأ إليه النظام الحاكم لحل مشكلة حنيش بالأمس، نعم حنيش التي كان من واجبكم(أعني النظام الحاكم) في حينها أن تستعملوا أمامها (إريتريا) القوة التي تستعملونها اليوم أمام المتظاهرين العزل الذين خرجوا يعبرون عن إرادتهم بالسلم والسلام، القوة التي لم نرها بالأمس يوم اجتاحت إريتريا جزيرة حنيش وقتلت 15 جندياً يمنياً وأسرت 185 جندياً يمنياً ومعهم 17 مدنياً، وهنا نتساءل ويتساءل كل من يطلع على الشأن اليمني: لماذا نرى اليوم استخدام القوة بتلك الصورة المخزية أمام العالم ولم نرها بالأمس ضد إريتريا؟ لماذا؟ لماذا؟هل هذا هو جزاء أبناء الجنوب الذين تنازلوا عن كل شيء عام (90) من أجل الوحدة ؟،هل هذا هو الجزاء؟، ألا توجد طرق سلمية وحلول أخرى غير استخدام القوة؟! حتى لا نزرع الكراهية على الأقل بين الجنوبيين والشماليين الذين صار النظام الحاكم يمثلهم عند أغلبية الجنوبيين بكل شيء وإن لم يكن صحيحاً لأن النظام لا يمثل إلا النظام!. وعلى ضوء ذلك وما سيجري في (7/7) وما سيجري بعد (7/7) أخي القارئ نستطيع اليوم أن نقول لك وبكل صدق وبدون مزايدة بأن الكثير من أبناء الجنوب يتساءلون هل الوحدة التي وقعت عام(90) بين الجنوب والشمال وخرج الشعب كل الشعب يرقص حينها ويتنقل بين مدنها وقراها بفرحة عارمة لا توصف كانت حقيقية من الجانبين أم كانت مجرد خدعة استدرج إليها أبناء الجنوب، خدعة سيدفعون ثمنها كما أنهم قد دفعوا ثمنها من راحتهم وراحة أسرهم وأبنائهم اليوم وبالأمس وبالمستقبل إلى أجل مسمى؟!. الدكتور/ علي جارالله اليافعي