مع حقيقة توغل «القاعدة» في اليمن وما صاحبها من ضربات وجهها اليه الجيش اليمني مع صياغة جديدة للشراكة مع الولايات المتحدة الامريكية والمجتمع الدولي في مكافحة الارهاب ودعم التنمية ،تقاطعت حملة من الابتزاز والتشهير الخارجية ضد اليمن ، مع استثمار سياسي وأيدلوجي ديني فاتح لكل من لديه مخططات وأهداف يرغب في تنفيذها . والتفات المجتمع الدولي إلى اليمن ودعمه تنمويا وبمكافحة الارهاب من خلال مؤتمر دولي دعت اليه لندن نهاية الشهر الجاري بعد عملية القاعدة الأخيرة التي فشل في تنفيذها احد عناصره عند محاولة تفجير طائرة ركاب أميركية في عيد الميلاد ،ساق مؤخرا الى مخاوف يمنية وعربية من تدويل مشكلات اليمن وفرض الوصاية علية. غيران تعزيز السلطة التعاون مع امريكا والسعودية في مكافحة الارهاب والترحيب بمؤتمر لندن بوصفه يتركز حول دعم لليمن بملفين اقتصادي وامني في ظل تفاهم وتنسيق يمني -بريطاني ، نقل تلك المخاوف من مسار سياسي كرستها المعارضة اليمنية بالتقليل من خطر القاعدة واتهام النظام باستخدام هذا الملف لكسب الدعم في الحكم وضرب معارضيه، إلى مسار تحريضي ديني تسوقه أطراف داخلية وخارجية متورطة في تعزيز نشاط "القاعدة"بتنظيمها الدولي،و"الحوثية" بتنظيمها الاقليمي، و"الانفصالية" بصبغتها الاستعمارية . ويتلاقف الشارع اليمني شائعات عن مخطط لاحتلال أجنبي للبلاد ،وشنت أحزاب إسلامية وجماعات وشخصيات دينية بارتباطات تنظيمية اقليمية ودولية عبر المنابر والمقايل ووسائل "إعلامها" المختلفة محليا وفضائيا منذ عدة أيام اتهامات للنظام بالخيانة والعمالة نظرا لتعاون مع الغرب في الحرب ضد الإرهاب ، واعتبار مؤتمر لندن الذي تشارك اليمن بالتحضير له إنما هو لدعم بقاء الرئيس صالح بالحكم مقابل تسهيل لتدخل عسكري امريكي -بريطاني ووضع البلاد تحت الوصاية الدولية. ويرى مراقبون ان هذه الحملة بصبغتها الدينية بالوقت الراهن لا يمكن فصلها عن مشروعات التطرف والتشدد في العالم الإسلامي وخاصة في ظل مواربت وتقاطع هذا الخطاب مع القاعدة في كثير من تفسيراته ومنها علاقة المسلمين ببعضهم وعلاقتهم بالأخر وتفسير التعاون الدولي والشراكة ما هي إلا تسهيلات لاحتلال البلدان ومؤازرة الغرب على ذلك واتهام الحكام بالخيانة بدلائل شرعية لكسب تعاطف البسطاء نحو مشروع دولة الخلافة المنشودة. وأكد الشيخ عبدالمجيد الزنداني عضو الهيئة العليا في حزب الاصلاح الاسلامي المعارض والذي تتهمه واشنطن بدعم الإرهاب، الاثنين رفض اي تدخل أميركي مباشر في اليمن لمكافحة القاعدة ووصف تدخلا كهذا بانه احتلال واستعمار.وقال الزنداني في مؤتمر صحافي "نرفض الاحتلال العسكري لبلادنا ولا نقبل عودة الاستعمار مرة ثانية". واعتبر ان "الحشود العسكرية الاميركية والاطلسية الموجودة على سواحلنا (...) بذريعة مكافحة القرصنة (...) لا تتناسب مع مطاردة القراصنة في البحر الاحمر وخليج عدن". كما اكد الزنداني معارضته بشدة للمؤتمر الدولي حول اليمن الذي سيعقد في لندن في 28 كانون الثاني/يناير. وقال ان الداعين للمؤتمر "يرون ان الحكومة اليمنية فاشلة"، دعيا "ابناء اليمن الى ان ينتبهوا حكاما ومحكومين قبل ان تفرض عليهم الوصاية". ونفى الزنداني اي علاقة مباشرة له بالامام اليمني انور العولقي الذي قد يكون مرتبطا بالهجوم الفاشل على الطائرة الاميركية يوم عيد الميلاد وباطلاق النار في قاعدة فورت هود الاميركية في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي. وقال "لم اكن يوما استاذا مباشرا لانور العولقي (...) اذا قال شخص انه يسمع محاضراتي او يقرأ كتبي هل اكون مسؤولا عنه؟".واضاف "فوجئت بانه صعد الى الجبال". واعتبر الشيخ الزنداني تهمه واشنطن له بدعمه للإرهاب، بأنها تهم باطلة وكاذبة . وتبدوا لعبة خلط الأوراق التي تعززها ايران وما قاربها خليجيا سياسيا واعلاميا في ملف القاعدة والانفصال لتشتيت الضغط عن مسلحي الحوثي على حدود السعودية الشقيقة ،حاضرة وبقوة في سياق هذا المشهد من خلال حملة تضليل وتشوية لصورة اليمن وتوجيه لخطاب كسب التعطف الجماهيري مع حركات الإرهاب بإيحاء قدوم بل ووجود قوات امريكية في اليمن واتهام النظام وشخص الرئيس صالح بصفقات مع امريكا والسعودية لتفريط بالسيادة وتدمير اليمن وقتل أبناءه بذريعة مكافحة الإرهاب والقاعدة مقابل دعم بقاء في الحكم. وزعمت "عالم" إيران ان هناك مؤامرة سعودية اميركية تهدف الى تدمير اليمن وجعله ميدان حرب ومعركة باسم محاربة تنظيم القاعدة ،متهمة الرئيس صالح بتنفذها بكل سلاسة ولم يؤخرها الا الحوثيون الذين قالت انهم كشفوها قبل خمس سنوات، ودفعوا كل غالي، مستدلة في سياق تحليل ان حسين الحوثي مؤسس الحركة والذي لقي مصرعه في 2004 شرح السيناريو لهذه المؤامرة بالقول ان السلطة ستوزع اعضاء سلفية على المناطق ليقولوا بان هذه المنطقة ماوى للارهابيين وبالتالي يغزونها ويشنون عليها حربا مدمرة. المتمردون الحوثيون من جانبهم حذروا واشنطن من التدخل باليمن ،مؤكدين امتلاكهم ادلة دامغة على تورط الولايات المتحدة في الحرب ضدهم بصعدة ، معتبرين أن اشنطن تتخذ اليمن قاعدة لاستهداف المنطقة-في اشارة لايران. وقال المتحدث باسم الحوثيين محمد عبد السلام في تصريح لقناة العالم الاخبارية ضمن برنامج "اميركا والعالم": "لا رغبة لدى الحوثيين اصلا لجر الولايات المتحدة الى مواجهة معهم في اليمن لاية اسباب" مشيرا الى ان الولايات المتحدة تبحث في المنطقة عن مصالحها من خلال اعلانها الوقوف مع السعودية في اية حرب. واضاف: ان اميركا التي فشلت في العراق وافغانستان، تحاول اليوم استغلال ذريعة القاعدة لضرب مكونات الامة متخذة من اليمن موضع قدم لها لما يمتاز به من موقع جغرافي وموارد نفطية واقتصادية. ونوه عبد السلام الى فشل حكومتي السعودية واليمن في تحقيق اي تقدم ميداني في حربهما على صعدة، الامر الذي يدفع بالادارة الاميركية الى التدخل مباشرة في الحرب لعلها تحقق شيئا على ارض الميدان. والمح عبد السلام الى وجود تحركات عسكرية واستخباراتية اميركية في معسكر الجبل الاسود لدعم النظام اليمني، معتبرا انه لا حاجة للتدخل الاميركي لضرب القاعدة ما دامت الحكومة اليمينة تمتلك الجيش وتستطيع القيام بذلك لوحدها. وحذر عبد السلام من ان اي تدخل مباشر من قبل الولايات المتحدة سيواجه بموقف رافض من الشعب والامة كلها، داعيا النظام اليمني الى الكف عن جر الويلات على البلاد. في غضون ذلك جدد اليمن في تصريحات لمصدر مسئول الاثنين تأكيد أنه لن يقبل على أراضيه وجود أي قوات أجنبيه وان التعاون القائم بينه وبين العديد من الدول الشقيقة والصديقة في مجال مكافحة الإرهاب يتركز على مجالات التدريب وتبادل المعلومات وباعتبار أن الإرهاب آفة خطيرة تهدد امن وسلامة الجميع. من ناحية أخرى استهجن مصدر امني بوزارة الداخلية ما تردده بعض الوسائل الإعلامية عن وجود انفلات امني في بعض المناطق من اليمن وقال هذه مزاعم لا أساس لها من الصحة وهي تندرج في إطار الإرهاب الإعلامي الذي تمارسه للأسف بعض القنوات الفضائية للإساءة إلى اليمن وتشويه صورته. واضاف بان الأمن في البلاد مستتب وان محاولة بعض العناصر الخارجة عن النظام والقانون ارتكاب أعمال إجرامية أمر يتم مواجهته أولا بأول وحيث يتم ضبط مرتكبي تلك الإعمال وتقديمهم للعدالة.مؤكدا بأن الأجهزة الأمنية هي بالمرصاد لكل من يفكر العبث بالأمن والاستقرار والسكينة العامة في المجتمع أو الخروج عن النظام والقانون ولن تتساهل معه.