من الاحتفالات في ميدان التحرير بفوز مرشح "الاخوان المسلمين" محمد مرسي بالرئاسة المصرية لندن – – نشرت صحيفة "ذي غارديان" اليوم الاثنين تحليلاً لفوز مرشح الاخوان المسلمين في مصر محمد مرسي في انتخابات الرئاسة وذك تحت عنوان "مرسي يفوز – لكن قوة الجيش باقية". وهنا نص التحليل الذي كتبه ايان بلاك: "في نهاية المطاف بالطبع سيفوز مرشح واحد- مع أن التوتر المثير وقضم الأظافر ظلا مستمرين حتى آخر ثانية. انتصار محمد مرسي في السباق الرئاسي المصري كان نقطة تحول في المرحلة الانتقالية عقب الثورة المصرية الدراماتيكية، وحدثا فارقا في الربيع العربي. وبالنسبة الى رجل يمثل الإخوان المسلمين، وهي أقدم حركة إسلامية في العالم، فإن الفوز في انتخابات حرة ونزيهة برئاسة أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان هو نصر سيتردد صداه في منطقة مضطربة. وسيُعترف به على انه إنجاز تاريخي. لكن فيه عيوبا نوعية. مرسي سيكون أول رئيس مدني لمصر منذ ان اطاح جمال عبد الناصر ورفاقه الضباط (الاحرار) بالملكية عام 1952. وأجبر حسني مبارك على التنحي في شباط (فبراير) 2011، وإن كان الجنرالات الذين دعموه ما يزالون في الحكم. وأكبر مشكلة لمرسي هي ان الجيش ما يزال هناك- السلطة الحقيقية خلف العرش. ومع ذلك، فالكثير مما يتعلق بمصر مختلف بالفعل. فتوقعات التغيير هي الآن أكبر مما كانت عليه قبل أن تبدا دراما ميدان التحرير الكبرى العام الماضي. وليس ممكنا العودة إلى "المربع الاول". لكن الاستقطاب السياسي اكثر وضوحا كذلك: ولا يتوجب على أحد الاستهانة بتأثير نجاح الإخوان المسلمين بالنسبة الى حركة تعرضت للقمع والتخويف منها خلال عقود. ويُنظر لأحمد شفيق المهزوم، وهو آخر رئيس وزراء في عهد مبارك على أنه يمثل النظام القديم، ومع ذلك فقد حصل على 48 في المائة من الأصوات. وكان الخيار بالنسبة الى ملايين كثيرة من المصريين هو بين متناقضين لا يمكن هضمهما. وجاء فوز مرسي بعد انتخابات برلمانية ورئاسية كانت أكثر حرية ونزاهة من أي انتخابات خلال الستين عاما الماضية، مع أن البعض اعتبر العملية كلها تمثيلية. وقال أحد الساخرين في تغريدة على "تويتر" قبل إعلان النتيجة أمس: "واو! كل هذا التشويق في نكتة الانتخابات... تخيلوا لو أنها انتخابات حقيقية". لكن تزييف الانتخابات خلال عهد مبارك حلت محله تدقيقات على أعلى المستويات. ووصف المصريون "انقلابا ناعما" حدث في الإعلان الدستوري الذي يعطي المجلس الأعلى للقوات المسلحة صلاحية غير مسبوقة بعد قرار لمحكمة بحل البرلمان الذي يهيمن عليه الإسلاميون. والدستور الجديد، لم يكتب بعد. ويبدو ان صلاحيات مرسي ستكون محدودة إلى حد كبير. أسرار ما وراء الكواليس بين الإخوان والمجلس العسكري ما تزال مجهولة. وسيكون مستغربا لو أن الجنرالات لن يحتفظوا بامتيازاتهم ونفوذهم المالي، وصلاحياتهم في إعلان الحرب، والإشراف على السياسة الخارجية والمحافظة على الأمن الداخلي- وهي الثلاثية المقدسة في دولة مصر العميقة. وسيناسبهم تماما ان يحمّلوا الرئيس المدني المسؤولية عن حالة الاقتصاد المصري المزرية. وفي تحول مثير للفضول خلال الأيام الأخيرة اتهم أنصار شفيق الولايات المتحدة بالتشجيع على فوز مرسي- وهي طريقة لتعزيز هيمنة المجلس العسكري ومعاهدة السلام الهامة استراتيجيا مع اسرائيل. وعند المقارنة فإن فوز مرسي هو النتيجة الأفضل. فهو يوفر إمكانية لمواصلة المساومة بين الجيش والإخوان، الذين تظل كوادرهم المنظمة جيدا مستعدة للتدفق الى الشوارع لمواصلة الضغط على الجنرالات. ولو فاز شفيق فإن ذلك من شأنه أن يشعل مجددا الاحتجاجات، ويجعل من السهل على الجيش أن يقمع المحتجين بذريعة المحافظة على الاستقرار. والتحدي الأكبر لمرسي سيبدأ الآن. فهل سيقف في مواجهة الجيش؟ ادعاؤه انه يمثل "كل المصريين" سيتعرض للاختبار من خلال الطريقة التي سيتعامل بها مع مرشحي الرئاسة الليبراليين والمستقلين الذين فشلوا في الجولة الاولى من الانتخابات الرئاسية. من سيكون رئيس الوزراء؟ شخصية من غيرالإخوان، وهو محمد البرادعي اسمه مطروح للمنصب- وهذا قد يشير للتعددية ويساعد في تنشيط الاقتصاد. والأقباط المتخوفون والنساء بحاجة للطمأنة. وليس الجميع يؤمنون بروح الانفتاح الجديدة لدى الإخوان: فبعد كل شيء هم أيدوا خطة الانتقال التي وضعها المجلس العسكري خلال معظم شهور السنة الماضية ثم نقضوا تعهدهم بان لا يتقدموا بمرشحين كثيرين للبرلمان، وأن لا يتقدموا باي مرشح للرئاسة. فوز مرسي ليس نهاية للعبة المرحلة العاصفة لما بعد الثورة المصرية. لكنه ربما يكون نهاية مرحلة البداية".