أجلت السفارات الأجنبية في موسكو، موظفيها "غير الضروريين"، وأفراد أسر العاملين بها، في ظل مخاوف من انبعاث مواد مشعة في الهواء، نتيجة الحرائق التي تشهدها روسيا حاليًا، خاصة في منطقة "بريانسك"، التي شهدت كارثة انفجار مفاعل "تشيرنوبل" النووي، قبل 24 عامًا. وتسود مخاوف من ارتفاع مستويات الإشعاع في المنطقة الواقعة على الحدود مع أوكرانيا، وتبعد حوالي 350 كيلومتراً فقط عن جنوب غربي موسكو، بعد أن امتدت الحرائق إلى إحدى المناطق التي دفنت فيها نفايات نووية تحت الأشجار، بالإضافة إلى ارتفاع درجات الحرارة إلى مستويات غير مسبوقة. مواد مشعة ونقل موقع CNN بالعربية عن مجلة "سبيشيال ريبورت"، إن سفارتي كندا وبولندا لجأتا إلى إجلاء الموظفين غير الضروريين، وكذلك أفراد أسر العاملين بكلا السفارتين، بسبب الدخان الكثيف الذي يغطي سماء موسكو، وبسبب مخاوف من تلوث الهواء "بمواد مشعة"، من مخلفات كارثة "تشيرنوبل"، التي حدثت عام 1986. وكان الدخان الكثيف غطى موسكو يوم السبت وسط امتداد حرائق الغابات من وسط روسيا إلى جنوبها. وحملت الرياح الساخنة دخان حرائق الغابات إلى كل أنحاء العاصمة وحتى داخل مترو الأنفاق والمكاتب والمنازل، مما اضطر الكثيرين إلى استخدام الأقنعة الواقية. وتسبب الدخان الكثيف في تحويل مسارات عشرات الرحلات الجوية من موسكو إلى المدن الروسية الأخرى، بحسب ما ذكرت فضائية "روسيا اليوم". استمرار الحرائق ولم تفلح حتى الآن جهود 160 ألف رجل إطفاء في عمليات إطفاء 600 حريق مختلف يغطي مساحة قدرها نصف مليون هكتار، ومنع امتدادها إلى مناطق أخرى من روسيا، علمًا بأن أوكرانيا وكازاخستان وروسياالبيضاء وإيطاليا تشارك في إطفاء الحرائق التي ارتفعت حصيلة ضحاياها إلى 52 قتيلاً وأكثر من 400 مصاب حتى الآن. ومع استمرار الحرائق وارتفاع درجات الحرارة، نصح وزير الصحة الروسي كل من يستطيع مغادرة موسكو أن يفعل ذلك، بعد أن وصلت درجات الحرارة ارتفاعها لتبلغ مستويات قياسية، وسط توقعات بأن تصل إلى 40 درجة مئوية بالعاصمة. وكانت السلطات الروسية دعت سكان العاصمة، البالغ عددهم نحو عشرة ملايين شخص، إلى التزام مساكنهم. وأعلنت وزارة الصحة الروسية أن دخان الحرائق المشتعلة رفع معدلات أول أكسيد الكربون إلى خمس أضعاف معدلات المستوى الذي يعتبر آمنًا. يأتي هذا في الوقت الذي دعا فيه الرئيس الروسي دميتري مدفيديف، المواطنين الروس إلى التحلي بالصبر، بالصبر في هذه الظروف الصعبة التي تشهدها العاصمة موسكو. وقام مدفيديف بزيارة لأحد مراكز الإسعاف في موسكو، وتحدث مع الأطباء الذين أخبروه بأن عدد حالات استدعاء سيارات الإسعاف ارتفع في موسكو في الآونة الأخيرة بنسبة 10 % بسبب سوء الأحوال الجوية. كما قام مدفيديف بالتبرع من أمواله الشخصية بمبلغ حوالي 12 ألف دولار للحساب الخيري الذي افتتحه مجلس العموم لمساعدة ضحايا الحرائق. نقل الصواريخ واتخذت روسيا إجراءات لمواجهة أسوأ الاحتمالات، وقال مصدر مسئول في المكتب الإعلامي لوزارة الدفاع الروسية في وقت سابق، إن كافة مستودعات الصواريخ والأسلحة الواقعة في دائرة موسكو، نقلت إلى "مناطق آمنة"، بناءً على قرار قيادة الدائرة العسكرية، تحسبًا من الحرائق، وفق ما أوردت وكالة الأنباء الرسمية. ووسط مخاوف من احتمال وصول النيران منطقة ساروف وسط روسيا التي يقع فيها أحد أهم وأكثر مفاعلات الأبحاث النووية سرية، والذي يقع قرب مدينة ساروف التي يحظر دخول الأجانب إليها، تم إرسال أكثر من ألفي عنصر من فرق الطوارئ ومئات من أفراد القوات المسلحة إلى المنطقة. وأكد ديمتري بولجاكوف نائب وزير الدفاع الروسي في وقت سابق أن الوضع تحت السيطرة وأن المفاعل النووي بمأمن من النيران، ولا يوجد أي مؤشرات تدعو للقلق.