وددت أن أكتب في وقت سابق عن العملية السياسية والحوار الوطني ومآلات الأوضاع في البلاد، لكن كان هناك ما يمنعني كعضو في مؤتمر الحوار ربما عليها التزام الحياد والاستماع أكثر من الترويج للقناعات. بعد كل هذه الفترة من المداولات، لا يوجد أدنى شك من أننا جميعا ما زلنا نبحث عن بارقة أمل، لأن الأمر ببساطة ليس مجرد الاستمرار في الحوار، ولكن لأن المرحلة وهدفها النهائي ما زالت تواجه الكثير من المعوقات. واليوم اذا كان هناك انجاز يستحق الثناء، فهو هذه التشاركية المجتمعية مع المؤتمر والنقد العنيف والمتعدد لمسار للعملية السياسية التي يقع في القلب منها مؤتمر الحوار الوطني ، فكان لنا أن نتشارك بتلك الدرجة من الوضوح والاختلاف الذي يجب أن يستمر لمراقبة الاجراءات التنفيذية الملبية لأهداف التغيير. ومن المستغرب أن يضيق البعض في الاجهزة التنفيذية من النقد الذي يعكس قلق الناس من هذه المحاصصة، التي تبدو اسلوبا ناعما للانقضاض على السلطة واحتكارها بعد ثورة شعبية اندلعت لهذا السبب تحديدا، وإني أرى في ذلك أشد خطرا على مشروع التغيير وأسرع الطرق إلى الفشل والإنهيار المدمر. من الواضح ان هناك إختلافا كبيرا في الطريقة التي نضع فيها الاولويات والاستحقاقات المطلوبة للتغيير، والتي تضعنا احيانا في سياق واسع من التشتت، وبالتالي التقييم غير المحكم لأدوار الأطراف المتسببة في الوصول إلى الفشل. وفي حالة مؤتمر الحوار الوطني، فإذا كان هناك إطار لمراقبته فينبغي – بحسب إعتقادي- أن ينطلق من مدى تشاركية هذا المؤتمر وشفافيته في مرحلته الاولى، ثم قدرته على حمل الأطراف للتوافق على عقد اجتماعي جديد يضمن لليمنيين الكرامة والعدل والفرص المتساوية. ولأني لا أريد أن أقف موقف الدفاع العدمي عن مؤتمر الحوار فما زلت أرى أن أي فرصة للنقد ستكون عاملا اضافيا للدفع بهذا المؤتمر نحو النجاح، من دون أن نجد أنفسنا في حالة تصادم تام مع الجميع قد يقود إلى مزيد من إنسداد الأفق. ولهذا علينا أن نشعر بالارتياح من هذا الحشد الذي يصنعه الناشطون والصحفيون وجماعات الضغط المختلفة ،إلى جانب الحقوق المطلبية لاخواننا الجنوبيين الذين عانوا بالفعل من قسوة الظلم في عهد النظام السابق. وحتى الآن ليس هناك ما يبعث على الاطمئنان لإجراءات الانصاف المعلنة في الجنوب، ولذلك فإن التحدي الأكبر هو توحيد المكونات السياسية والمجتمعية واختيار الرؤى الاستراتيجية للحل وليس خطط الاحتواء الدعائية. إننا بحاجة إلى الإجابة في كل مرة على سؤال جوهري، هو كيف يمكن أن نتجاوز هذه الخطوة؟ وما هي المساعدة التي نريدها الآن؟ حسنا .. كنا نتمنى مخلصين لو أن مؤتمر الحوار أختتم في موعده المحدد، و أن الانتخابات ستجري في موعدها ، لكن هذا هو ما حصل.. وليس أمامنا الان سوى تحقيق الفائدة التي نرجوها من هذا المؤتمر بعد كل هذه الخسائر.. ليس أمامنا سوى استثمار هذا التوافق الدولي من أجل دستور للمستقبل ، يلبي حاجتنا إلى دولة مؤثرة ومكونات سياسية متحررة من تاريخها الاستبدادي.