بعيداً عن أسطورة فالنتاين وقصة الحب التي خرج منها عيد الحب , وحتى لا يتحسس البعض فيصاب بنوبات الغضب وهستيريا ردَّات الفعل الجنونية على المحتفين بعيد الحب وما يصاحبه من هجمات شرسة ظاهرها محاربة البدع والتقليد وباطنها زراعة الكراهية والأحقاد والإمعان في قيادة حملات التعبئة والتحريض الطافح بهما واقع العرب والمسلمين . بين فترتين : في اليمن نعايش هذا الواقع المرير منذ عقود وتحديداً مذ غزا الفكر الوارد المتطرف شعاب اليمن وتغلغل في عقول الباحثين عن المصالح والموبوئين بعُقَدِ الحقارة . في رحلاتي العلاجية زرت مصر سبع مرات آخرها 2010م ولم أكن أرى ما رأيته في رحلتي العلاجية الأخيرة قبل أسبوعين , فيها رأيت الكراهية والأحقاد والفكر المتطرف يغزو أرض الكنانة من بلاد نجد حيث قرن الشيطان . تونس ومثلها ليبيا .. عاشتا المحبة والتسامح والتعايش إبَّان حكم الديكتاتورين المخلوع بن علي والراحل القذافي وها هما بعد ثورات ما يسمى بالربيع العربي تشتعلان كراهية وأحقاداً , وتنضحان تطرفاً وعنفاً , والدماء تسيل والأرواح تزهق والنسيج الإجتماعي ينهار تحت ضربات معاول التطرف والإجرام المُمَوَّلَيْنِ من بلاد نجد !! عرفت العراق في العام 1999م حين زرتها في رحلة علاجية , كانت تعاني آثار الحصار الغربي العربي ولكن أبناءها الشيعة والسنة كانوا يتعايشون بشكل لفت انتباهي فصار موضوع حديثي بعد عودتي , وحين سقط العراق بيد الاحتلال بفعل التآمر العربي تحولت مياه دجلة والفرات إلى دماء وأشلاء العراقيين بعد لهيب الطائفية والمذهبية اللتين أوقظهما المال الخليجي , والجماعات الإجرامية التي مولَّها وقذف بها نحو العراق تعيث بإنسانه وأرضه . سوريا وقبلها لبنان .. في تاريخهما الحديث لم يعرفا الطائفية والصراعات المذهبية حتى عبث بهما المال الخليجي والفكر الوارد من قرن الشيطان الذي جعل نسيج لبنان على صفيح ساخن ناره على وشك تتقد تحت الرماد , بينما هو اليوم ومنذ عامين تقريباً يعبث بسوريا الممانعة والمقاومة ورجالها وجيشها ومقدراتها وبُناها التحتية واقتصادها المزدهر على أمل تطويعها للمشروع الصهيوأمريكي الحافظ والخادم لأمن إسرائيل !! لم تكن أنظمة الإستبداد في دول ما قبل الربيع العربي أفضل من الأنظمة الحالية لكن هيبة الدولة كانت موجودة ونسيجها الإجتماعي متكامل نوعاً ما , أما الآن فيكاد الجزم بالقول : عليك يا دنيا السلام . فتاوى القتل وحملات الكراهية : فتاوى القتل الفكري والمذهبي والسياسي تغزو مصر وليبيا وتونس واليمن وسوريا كما غزت من قبلها العراق وأفغانستان والباكستان والصومال و .. و .. قائمة طويلة من ضحايا الترهيب والتخريب في عموم الإسلامي الذي يدفع ثمن المؤامرة والعمالة والإرتهان . حياتنا العربية والإسلامية مفخخة بفتاوى التكفير والتبديع وحملات التعبئة والتحريض وسيمفونيات الكراهية والأحقاد التي يتم تلبيسها رداء الدين والدين منها بُراء . من عجائب التَّدَيُّن : شاب يافع يفيض مرحاً وحباً ودماثة أخلاق مع أهله وأصدقائه ومحبيه وفجأة يتحول إلى غول , قد قطَّب وجهه وأغلق بشاشته وأخفى ابتسامته وحكم على نفسه بالعيش كئيباً حزيناً ويريد من حوله أن يكونوا مثله , فنتساءل .. لماذا ؟! لأنه التحق بحركة إسلامية أو علمية !! فهم الدين فهماً خاطئاً وجسَّده تجسيداً مُشَوِّهاً لقيمه وسماحته وعفوه ومُثُله , ساعده على ذلك مشائخه وقادته الذين لا يختلفون عنه في شيء بل ربما كانوا أكثر عنفواناً وفهماً خاطئاً وتشويهاً للدين وقيمه . أين الحب : وبناءً على ما سبق .. من حقنا أن نطلب الحب وأن تحدونا الآمال بأن يحل ربعنا فينزرع بقلوبنا وأبنائنا وينعم به مجتمعنا . لو ترجم المسلمون الحب فيما بينهم لما رأينا فالنتاين ولا غيره لكن حماة الشريعة هم قتلة الحب ومن كانوا السبب في بحث شبابنا من الذكور والإناث عن الحب ولو أتى من الجن المربَّطة .