يرى الدكتور سليمان العسكري أن سيادة الجمود الفكري والتكلس العقلي وتراجع العقل الاجتهادي، وهيمنة الخرافة ورفض الآخر، واحتقار العمل، أصبحت كلها ظواهر تشي بمقدار ما أصاب العمران الثقافي والاجتماعي العربي من خراب هائل. وهو يواصل في حديثه الشهري بالعدد الجديد من مجلة "العربي" (أكتوبر/تشرين الأول 2010) رؤاه حول "التجدد الحضاري" مشيرا إلى أن تشبُّع العرب الفاتحين بثقافات الشعوب التي فتحت أراضيها واحدا من الأسباب التي تغذت منها حضارة العرب والمسلمين، وأطلقت فيها دينامية البناء والتقدم، وأن البحث عن أمة جديدة ناهضة وفاعلة في محيطها الإقليمي والدولي، يجب أن يؤمِّن حماية ما في تلك الأمة من تنوع ثقافي مصدره روافد ثقافية شعبية متنوعة في المجتمع العربي. وتحت عنوان "صيف الراحلين" ترثي "العربي" رحيل الأدباء والمبدعين والمفكرين: أحمد السقاف، ود. أحمد البغدادي، والطاهر وطار، ود. غازي القصيبي، فيما يتطلع د. نبيل علي إلى المستقبل ورؤية لغوية للمحتوي الثقافي العربي، يتبعها سؤال العالم الإنثروبولوجي د. أحمد أبوزيد: هل انتهى عصر الخيال العلمي؟ مشيرا إلى تضاؤل الفجوة بين الواقع والخيال. وتختار سعدية مفرح الشاعر الفرزدق ليكون شاعر العدد، في حين يختار فاروق شوشة، شوقي بغدادي شاعرا للفرح، وفي باب "شخصيات" يختار د. ميشال خليل جحا الحديث عن بهاء الدين زهير شاعر الغزل الرقيق. في حين يتوقف جهاد فاضل عند الشاعر رسول حمزاتوف وقصائده الأخيرة. ويأخذنا إبراهيم فرغلي في استطلاع "العربي" إلى جزر الفلبين موطن أكبر عائلة في العالم، مشيرا إلى أن الشعب الفلبيني يصنع ثروته بابتسامة. ويضع الاستطلاع يده على أوضاع المسلمين في الفلبين، ويرسم بعض ملامح المشهد الثقافي الفلبيني، ويتوقف أمام بعض الشواهد التاريخية في خليج مانيلا. ويواجه د. سليمان الشطي الفنانة الكويتية الرائدة حياة الفهد في باب "وجها لوجه" الذي يسرد قصة امرأة فنانة في مجتمع الحَجْب والحجاب. ويكتب د. جابر عصفور في أوراقه الأدبية عن شعرية محمد عفيفي مطر، ومكابدات القروي وغواية أدونيس، بينما تتحدث د. هالة فؤاد عن نموذج التوحيدي والوعي الاجتماعي غير الناضج، وتتناول د. مشاعل عبدالعزيز الهاجري في متوالياتها القصصية الأبعاد الكبيرة للعدسات الصغيرة. ملف "العربي" لهذا العدد (623) حمل عنوان "المسرح العربي بين التراث والحداثة" كتب فيه عبيدو باشا عن "ضعف المسرحيات العربية فلا تراث ولا حداثة"، وتناول نبيل أبومراد الشكل الملحمي في المسرح الرحباني بين أرسطو وبرشت، وتحدث د. عبدالمجيد شكير عن المادة التراثية في المسرح المغربي وسياقات الاستلهام وأشكال التوظيف، في حين توقف لخضر منصوري عند المظاهر الأرسطية في مسرح الفنان الجزائري عبدالقادر علولة، بينما اختار خالد سليمان أن يتحدث عن المسرح الحر في مصر. ويتناول د. يوسف صيداني فن الرسوم الجدارية، ويتحدث فواز حداد عن دمشق وخفاياها المتجلية في باب "كاتب ومدينة"، ويتأمل عبود عطية لوحة "المقصورة سي العربة 293" للفنان الأميركي إدوارد هوبر (1882 1967). وعودة من الفلبين، ليواصل فرغلي حديثه عن روَّاد ورائدات فضاء الإنترنت: بوب ميتكاتف و"حلول لأزمة تراكم البيانات"، ودوجلاس إنجلبرت "مخترع فأرة الحواسب الآلية"، وفينتون سيرف "الأب الفعلي للإنترنت"، وتيد نيلسون و"نظرية النص الافتراضي التشعبي"، وتيم بيرنزلي و"شبكة باتساع العالم". ويتناول د. جورج قرم الفكر الاقتصادي العربي من التبعية إلى الاستقلال، متوقفا عند القضايا العربية الرئيسية من تحديات داخلية وتحديات خارجية، منوها إلى ضرورة تطوير ثقافة اقتصادية عربية جديدة مستقلة فكريا. هذا عدا الأبواب الثابتة التي تزخر بها دائما مجلة "العربي": اللغة حياة، والإنسان والبيئة، ومنتدى الحوار، والبيت العربي، والمسابقة الثقافية، ومسابقة التصوير الفوتوغرافي، والمفكرة الثقافية، ووتريات، وقصص على الهواء، وعزيزي العربي، وإلى أن نلتقي. بالإضافة إلى هديتي المجلة "ملحق العربي العلمي"، و"كتاب في جريدة" الذي يوزع في الكويت واحتوى هذا الشهر على طبعة جديدة من رواية "سلامة القس" لعلي أحمد باكثير.