عند أي حدث أو حديث محوره الشيخ حسين الأحمر تستحضر ذاكرتي متغيرين من تتبعي، أو تلقائية متابعتي لأحداث تتصل به أو له صلة بها. فخلال حملات آخر انتخابات نيابية وفي تجمع جماهيري حاشد بالحجز عمران كنت على مسافة قريبة منه، وهو يرتجل كلمة أو خطاباً كان بمثابة المفاجأة لشخصي في رصانة ودقة اختيار مفرداتها بوعيها ومفهومها أو دلالاتها. في مسألة أو سياق أكبر فاللافت للنظر قدرته على شد شخصيات اجتماعية كبيرة، بل وعدد من أعضاء البرلمان إلى الكتلة أو التكتل الذي أنشأه تحت اسم مجلس التضامن الوطني. الشيخ حسين الأحمر بعد خلافه مع المؤتمر إثر انتخابات أعضاء الأمانة العامة للمؤتمر التي جرت بعدن قبل سنوات ولم ينجح فيها، كان أعلن أنه سينشئ حزباً جديداً في الساحة ولكن ذلك لم يتم حتى الآن، إما لأن النظام يمانع أو يعترض بطرقه على منع الترخيص وإعطاء المشروعية لحزب سياسي جديد، أو لأن الشيخ حسين الأحمر له رؤية غير متسرعة أو استعجالية لخطوة السير في إجراءات لإشهار الحزب، وبالتالي قد يقدر أو يقرر الحاجية لعقد أو أقل أو أكثر لتأسيس الحزب، أو لبناء أساس قوي قبل الإشهار ودخول معمعة الحياة السياسية والتعددية بشكل مباشر. لقد ظل والده المرحوم الشيخ عبدالله الأحمر يتعامل مع نجله حسين ومع واقع حاشد على أنه الوريث الأجدر بخلافته كشيخ مشايخ حاشد، ولكنه قبل وفاته تراجع أو راجع نفسه ليكون هذا الوضع لنجله الأكبر صادق، ولم يفلح اعتراض الشيخ حسين ووقع مشايخ حاشد مع خيار المرحوم الشيخ عبدالله الأحمر لنجله صادق. قد يكون الشيخ حسين الأحمر بإنشاء ما يعرف بمجلس التضامن الوطني أراد ضرب عصفورين بحجر كما يقال، فهذا المجلس يمثل تكتلاً اجتماعياً قبلياً مفتوحاً، وهو ليس كتلة قبلية كحاشد أو بكيل ولا تنافس على مشيخيتها أو ألقابها كما شيخ مشايخ اليمن، وهو يسير حتى الآن كتكتيل اجتماعي سياسي مفتوح، فليس الانضمام إليه هو انضمام لحزب سياسي، كما لا يشترط للانضمام شرط التخلي عن انتماء أو حزب سياسي. لقد ظل المرحوم الشيخ عبدالله الأحمر في جوانب اهتماماته بالقبيلة يهتم إما بتوسيع حاشد أو بالدعوة لإنشاء القبائل اليمنية وفي فترة تبني تصعيد التنسيق بين القبائل العربية إلى مستوى من التوحيد بالقبيلة، وهو في جوانب أخرى استخدم تأثيره القبلي قاعدياً لصالح حزبه "الإصلاح"، وفرض لشخصه من هذا التأثير توازناً في التعامل مع النظام والحزب الحاكم، فظل رئيسا للبرلمان بتصويت النواب المؤتمريين. فالشيخ حسين ربما يختزل تجربة والده الطويلة في الإدماج المباشر والواقعي للمؤثرات القبلية بأهم المؤثرات والمحطات السياسية، وصولاً إلى حزب بالقبيلة أو حزب للقبيلة وعلى مستوى اليمن، وهو بذلك يصل إلى مركزة الجهد وعدم توزعه بين السياسي والقبلي، فيصبح جهداً واحداً يمارس إنضاجه للوصول إلى صياغة الأهداف في واحدية سياسية كحزب، ولهذا فالشيخ حسين الأحمر اقتحم الرياضة بسرعة قياسية ومعيارية في التأثير على القيادات والقواعد داخليا، وترأس اتحاد الكرة وسجل الحالة الوحيدة في تاريخ الرياضة اليمنية في إبلاغ "الفيفا" أو الاتحاد الدولي لكرة القدم، والاعتراض على انتخابات بما فرض عقوبات على اليمن وأعيدت الانتخابات بإشراف "الفيفا". الشيخ حسين الأحمر كان قد تجاوز والده والنظام في طبيعة وعمق وخصوصية لعلاقته بقائد ثورة الفاتح في ليبيا العقيد القذافي، وفي أجواء تلك الفترة فمثل ذلك لم يثر فقط تحفظات في الداخل بل أثار حفيظة بلد أو نظام كما السعودية. فإذا الشيخ حسين الأحمر أو مجلس التضامن دفع بمرشحين في الانتخابات الماضية على أساس أنهم مستقلون، وكان له التأثير الذي لاحظناه في قطاع نوعي داخلي كما الرياضة ذات العلاقة بشرائح وقطاع الشباب، وهو الوحيد الذي أوصل قضية الرياضة من منظوره إلى أعلى إطار دولي يوزاي مجلس الأمن، كما هو الوحيد الذي يحظى باستقبال فيه الكثير من الأهمية من قبل رئيس ليبيا وزعيم ثورتها، وذلك ما يغضب النظام بأي قدر في ظل عجزه عن التعامل مع هذه الحالة، بل ويثير حفيظة لدى نظام شقيق كالسعودية – إذ الشيخ حسين ثقله كل ومثل ذلك – فهو بات حزباً سياسياً فوق قدرة النظام على منعه أو قمعه، إن قرر السير في إجراءات الإشهار أو حتى سار في قرار الإشهار، وستستكمل إجراءات المصوغات القانونية إليه. آخر تصريح لافت وجريء للشيخ حسين في الأسبوع الأول من أغسطس 2010م بما معناه: "إننا نطالب الدولة بحماية المواطنين في حين الدولة باتت عاجزة عن حماية ذاتها" المقصود بالطبع تداعيات ما يتصل بحروب صعدة، وتمرد الحوثي في صعدة أو حرف سفيان أو غيرهما.. ففي مثل هذا التصريح نلاحظ وجود قدر من الواقعية وقدرة تأثير على النظام وفي الواقع أكثر منه مثلا في طرح المشترك في سياق "انهيار النظام" أو "انتهاء صلاحية النظام"، فطرح المشترك فيه المباشرة كثيرة الاستفزاز وضعيفة التأثير، كما طرح "توحيد العالم أمميا" أو "الإسلام هو الحل". لقد اختلفت مع الشيخ حسين الأحمر في الرياضة وكنت في الاصطفاف الخاسر للانتخابات الرياضية عام 2000م، وظل الخلاف قبل وبعد ذلك هو السائد في العلاقة غير المباشرة أو العلاقة من بعد، وباستثنائي نقطتي الإعجاب كما سجلتهما في إطار التطورات والصراعات السياسية والواقعية، وما يستجد في التطورات الاجتماعية والظواهر السياسية. لا حاجة لي لأن أتطوع ولا أقبل أن أدفع لعمل أو تعاطٍ دعائي للشيخ حسين الأحمر أو لغيره، وإن بات المعتاد قول مثل ذلك من أي طرف وتحت أي ظرف أكان النظام أو المشترك أو غيرهما، وهذا الاستمرار في خلط الحابل بالنابل بالمزيد من الاستمراء إنما يعيد هو ذاته فرز الحابل من النابل. الشيخ حسين الأحمر والتضامن لم يعد مجرد ظاهرة سياسية اجتماعية وإنما ثقل تأثر وتأثير اجتماعي سياسي، إن لم يكن الواقع قضيته فهو في الواقع قضية سياسية اجتماعية فوق التهميش التجاهل من أي طرف سياسي حاكم أو معارض. الديمقراطية في تفعليها وإحداثيات التفاعلات الأهم تتجلى في إثبات المعارضة قوتها الديمقراطية في الوعي، ومن خلال الواقع أما أن تدعو الشعب للثورة وتؤجج للتثوير لإيصالها إلى الحاكم، ومن ثم ستبث ديمقراطيتها فذلك لا يفرق عن الدعوة للصراع الطبقي وتوحيد العالم أمميا أو طرح "الإسلام هو الحل" ولا وجود لغير حزب الله وحزب الشيطان. وبالتالي لنا أن نسأل عن النعيم في بلدان تطبيق أو عن جنة أفغانستان أو غيرها لتصديق ما يعدنا به هؤلاء من ديمقراطية بعد وصولهم أو إيصالهم إلى النظام. إذا الشيخ حسين الأحمر يحتاج قرابة العقد للوصول إلى إشهار حزب أو طلب الإشهار، فذلك يقدم هذا التفكير أو التكتيك بأنه عزوف عن الصراع أو عن الوصول للحكم، وبالتالي ومن استجابات ذلك يكون لما أوهم ما يثير في طرحه استجابة ذات إيجابية كما تصريحه عن مطالبة الدولة بحماية المواطنين في حين هي العاجزة عن حماية ذاتها. لك تصور أسوأ وزير أو رئيس مؤسسة أو نقابة أو منظمة أهلية؛ فمهما وصل الناس إلى التململ منه حتى الملك، فإنهم يملون أكثر وإلى مستوى من التقزز ذلك المتحرك الذي قضيته ذاته ووصوله للموقع خاصة مع سقوطه أحيانا، فيقدم هبالته وإصراره أحيانا على الاستهبال. نمطية الديمقراطية فرضها المشترك وأسعد بها النظام، وهذه النمطية باتت تحاصر المشترك والنظام، فالنظام أوصل المشترك ديمقراطيا إلى أضعف وضع داخل البرلمان والمشترك، يلف بورقة المقاطعة على عنق النظام من منظور الديمقراطية في الواقع أو ديمقراطية النظام. ما لم يكسر الطرفان هذه النمطية في خطوة نوعية لبناء الثقة بين الطرفين ديمقراطيا وسياسيا، فسواء أراد أو أبى النظام والمشترك، فالشيخ حسين الأحمر أو التضامن بات هو الكاسر لهذه النمطية في الواقع العام بتأثير يصل إلى تعددية في أثقالها وواقعها. النمطية قد يقبلها أو لا خيار غير التعامل بها ومعها حين تكون الديمقراطية مجرد لعبة لا تعطى للواقع أي قدر من الديمقراطية "أي حين الالتفاف على الديمقراطية برمتها بلعبة ديمقراطية" أما في ظل وصول ديمقراطية أي واقع في هامش حرية ونزاهة الانتخابات، فالنمطية لا تقبل ولا يمكن أن تظل كمنظومة أو نظام، وهذا السياق ليس قابلاً للتفكيك بمفهوم المشترك لإقصاء النظام، ولا بمفهوم النظام لإقصاء معارضة أو كسرها أو قسرها في أصعب وضع وأحرج زاوية، حتى وإن بأساليب ومؤثرات ديمقراطية في ظل تخلف كما في واقع اليمن.