كوالالمبور - ماليزيا لا يختلف اثنان بأن اليمن المغلوب على أمره يمر بأزمة اقتصادية أثقلت ظهر المواطن وتحول اهتمام المواطن أو الشريحة الكبرى منه إلى الجري وراء الحصول على رغيف الخبز في ظل الأزمات الداخلية والمستوردة المتلاحقة التي مر بها الوطن خلال السبعة عشرة سنة الأخيرة خصوصا والتي أدت إلى تدهور كبير في الحياة الاقتصادية والاجتماعية وتدهور التعليم والمؤسسات الأكاديمية ومخرجاتها.. إقليميا وفي غياب الثوابت والأخلاق العربية في أمتنا وعدم تقبل رأي الأخر ولو كان عين الحقيقة دفعت بلادنا ثمن الوقوف إلى جانب القضايا العربية وفي مقدمتها قضية العراق الشقيق ولا أعتقد أن الدخول في تفاصيل الحديث ذو قيمة الآن.. وكان الحدث الأبرز هو مشروع الانفصال والحرب في صيف 1994 وما نتج عن ذلك من تدمير لاقتصاد الدولة اليمنية الفتية وانعكاس ذلك على الوضع الاقتصادي والاجتماعي للوطن والمواطن. وباديء ذي بدء فإن الدولة بحكوماتها المتعاقبة هي المسئولة عن الكثير من السياسات الخاطئة التي ساهمت في وصول البلد إلى ما نحن فيه. ولكن ولكي نكون منصفين وعملا بأخلاقنا وبقيم الدين الإسلامي فلا بد أن ننظر إلى الأمور بشيء من العقلانية مع احترامي الشديد لما تطرحه وسائل إعلام المعارضة ممن يضع الوطن ومشكلاته شغله الشاغل ويضع أمن المواطن واستقراره فوق مصالحه الشخصية أو الحزبية ويؤمن بالثوابت الوطنية التي يؤمن بها الأمي قبل المثقف وهي وحدة الوطن وأمنه واستقراره. نعم علينا أن نكون منصفين فكما نطالب ونؤكد عزمنا على المضي في محاربة الفساد والمفسدين والمتلاعبين بالمال العام وكما يطرح دائما من أحزاب المعارضة بعجز الدولة عن حل مشاكل الوطن وتوفير حياة أفضل للمواطن اليمني فهذا صميم عملهم كمعارضة وطنية ولكن لا بد أن نكون صادقين فيما نقول ولا بد للمعارضة أن يكون لديها خطة عملية وضمانات لتنفيذ تلك الخطة في ظل علامات الاستفهام المطروحة عنها داخليا وإقليميا ودوليا هذا واقع وعلينا الإقرار به ونحن نعيش في عالم جديد لا يرحم ولا يجد للأخلاق والمباديء طريقا.. على المعارضة أن تدرك الواقع اليمني.. علينا أن ندرك المشاكل الجسيمة التي تهدد الوطن.. علينا أن ندرك حقيقة أزمة الأخلاق التي يمر بها الصفوة المثقفة من أبناء اليمن سواء في السلطة أو المعارضة.. نعم علينا أولا العمل على تحقيق الانسجام داخل الأسرة والتأكيد على التمسك بأخلاقنا العربية وعقيدتنا الإسلامية.. علينا أن نرفض الكذب والغش بكل صوره، وأن ننسى مبدأ حلال عليً حرام على غيري.. علينا تجسيد الالتزام بالصدق وقول الحق دائما ولا بد من الوقوف كأسرة أولا ضد أي فرد ممن اعتنقوا مبدأ نهب أموال الوطن مهما كانت قرابته منا. علينا كأحزاب وتنظيمات سياسية ومنظمات مدنية وفقهاء وخطباء الوقوف ضد ثقافة السطو على أموال الشعب والكل يعرف الانحراف الخطير عن جوهر الدين والأخلاق على مستوى الأسرة فقط، حيث يقال الآن أن فلان رجل ذكي وعبقري لأنه جمع ثروة كبيرة في ظرف قصير وأما الأخر فيصف على أنه غبي وما يعرف فن الإدارة لأنه تقاعد بدرجة مدير عام ولا يملك بيوت ولا عقارات ولا أرصدة..! نعم علينا أن نلتزم بالفرائض الدينية كاملة وليكون الدين عقيدتنا وشريعتنا وأخلاقنا وعلينا يقينا أن نعلم بأن التهاون في العبادات أهون من التهاون بالحق العام لأن الخالق جل وعلا وعد بالمغفرة لمن تاب عن الخطايا دون الشرك وأما حقوق البشر فلا توبة ألا بردها إلى أهلها.. فكيف سنعيد حقوق الملايين؟ هذه أزمة خطيرة ولمن لا يثق بكلامي أقول أخرجوا إلى المدارس ووجهوا أسئلة للطلاب مابين الثالثة عشرة والعشرين، ولمن يريد التأكد أكثر عليه أن يرى ما يدور بين الفئة الأكثر ثقافة والذين حضوا بفرص التعليم العالي خارج اليمن.. للأسف الشديد كنا قبل الماجستير والدكتوراه أهل الإيمان والحكمة وأصبحنا نتفاخر بثقافة الغش والكذب.. كنا نتميز بالأخوة وما ينطوي تحتها من أخلاق سامية وأصبحنا جسد ممزق ورؤوس خاوية لا هم لها إلا المصلحة الشخصية فقط، بل ويصل الأمر أحيانا كثيرة إلى الوقوف ضد مصالح أو نجاحات يحققها البعض الأخر هذا فقط في الجسد الشبابي الطلابي للدراسات العليا ممن سيحكمون الوطن غد ويتطلع إليهم الشعب كونهم الكنز القادم. وأنا وصلت إلى قناعة بأن ما يقوم به الرئيس هو عظيم وعظيم جدا مع إيماني شخصيا بأن هناك أخطاء جسيمة لابد للحكومة من تلافيها ولا بد من اختراع جهاز للأخ الرئيس لقياس معيار الوطنية في أولئك الذين يرشحون لتولي المهام العليا في الدولة كجهاز التنبوء بالزلازل قبل وقوعها.. وبصراحة وصدق أخاطب الإخوان ممن علق على حديث سابق لي أقول وفي خواتم هذا الشهر العظيم الكريم: نسأل الله سبحانه وتعالى أن يتقبل منا ويعفو عنا ويعتق رقابنا وأهلنا من النار.. أقول لهم إن كنت كذلك أسأل الله لي الهداية وطريق الحق، وإن كنت غير ذلك أسأل الله لهم السماح والهداية والعفو. أخيرا أخاطب أهل الحل والعقل والدين والضمير: من المسئول عما نحن فيه؟؟ في ظل غياب دور الوطني المثقف المحب للوطن، وفي غياب دور الأسرة والفقهاء والأكاديميين..؟ هل هي الأسرة أو المجتمع؟ هل الحكومة ؟ هل رئيس الجمهورية؟ هل المسئولون هم خطباء المساجد والفقهاء والجهاز التعليمي والتربوي؟ هل الجامعات والمراكز الأكاديمية؟ هل الأحزاب والتنظيمات السياسية؟ هل الأكاديميون وحملة الشهادات العليا؟ وشخصيا أرى أن المسئولية على الجميع، وسنُسأل جميعا أمام الله تعالى وسيكون العلماء والفقهاء والأكاديميين أول من سيُسأل يوم الحساب أما العامة من الناس فكلا حسب مقدرته وأرى أن المجتمع الريفي والقبلي ما زال أخلاقيا في وضع أفضل إذا ما قارنا المستوى التعليمي الإمكانات الكبيرة التي صرفت في سبيل إعداد هذه النخبة.. وأخيرا أقول إذا تنكرنا لقيم مجتمعنا الأصيلة وتنكرنا للعلم والثقافة والوطن فعلى الدنيا السلام.. وختاما أسأل الله سبحانه أن يحمي شعبنا، وأن يمد السيد الرئيس بالصحة والعافية، وأن يمده برجال أوفياء للوطن كالآباء والأجداد، أو حتى برجال وطنيين- ولو من كوكب أخر..!