كشفت دراسة أعدتها شبكة منظمات المجتمع المدني للتنمية، وقدمتها اليوم الاثنين للجنة مناقشة الموازنة بمجلس النواب، عن اختلالات واسعة في الموازنة العامة للدولة من حيث توزيع الإنفاق من منظور اجتماعي. وانتقدت الدراسة التحليلية الحساب الختامي للعام 2007م ومشروع موازنة عام 2009م، تحيزهما لصالح الدواوين العامة على حساب المحافظات، مشيرا إلى استحواذ الدوواين ما نسبته (85%) من إجمالي الإنفاق العام، في حين كانت النسبة المتبقية والمقدرة ب(14،6%) هي مخصصات المحافظات، معتبرة ذلك مخالفا لتوجهات الدولة والمعايير العالمية في توزيع الإنفاق بين السلطة المركزية والسلطة المحلية. الدراسة التحليلية ل( عدالة توزيع النفقات في الموازنة العامة من منظور اجتماعي) والتي أعدها أستاذ المحاسبة والمراجعة المساعد بجامعة صنعاء ( الدكتور محمد علي جبران) لصالح شبكات منظمات المجتمع المدني للتنمية، أشارت إلى تحيز آخر للموازنة العامة للدولة لصالح الدوواين على حساب السلطة المحلية، حيث كان نصيب السلطة المحلية ما نسبته (38%) من الإنفاق الاجتماعي العام، موضحة عن نسبة الإنفاق الاجتماعي مع الضمان الاجتماعي والمقدر ب(20،32%) فقط من إجمالي الإنفاق العام، وبدون الضمان (19,2%)، واصفة تلك النسبة بالضئيلة جدا مقارنة مع بدول عربية تتشابه ظروفها مع ظروف اليمن. وبشيء من التفصيل راحت الدراسة التي تم عرضها على لجنة مناقشة الموازنة العامة للدولة بمجلس النواب وحضيت بترحيبهم- توضح من خلال نتائجها الأولية- عن نسب النفقات الاجتماعية من إجمالي الإنفاق العام، حيث أظهرت عن نسبة وصفتها ب"الضئيلة جدا" في مجال الإنفاق على التعليم والذي يحضى على ما نسبته ( 14,3%) من الإنفاق العام، مشيرة إلى تراجع تلك النسبة عن النسب المخصصة للتعليم في أعوام سابقة، متكهنة وبناء على ذلك بعدم قدرة اليمن على تحقيق أهداف الألفية. وفيما يخص مخصصات الصحة، أوضحت الدراسة عن تراجع حصتها عما كان عليها حالها في عامي 2005/2006م، حيث كان نصيبها من الإنفاق العام ما نسبته (5%)، وتراجعها لتصل في موازنة 2007/ ومشروع موازنة 2009م إلى (3،15%)، مشيرة إلى نصيب الفرد من الإنفاق العام لايتعدى (12) دولار سنويا، قارنة بنصيب الفرد في دول منطقة الشرق الأوسط والذي يصل إلى (30) دولار. وفيما أكدت الدراسة التحليلية عدم جدية الحكومة في تحسين الإنفاق على المياه والصرف الصحي، حيث لاتزيد حصتها من أجمالي الإنفاق العام عن ( 1،7%)، أشارت إلى تحيز تلك النسبة الضئيلة جدا للحضر على حساب الريف، محددة نوع الإنفاق بأنه "عبارة عن دعم لمؤسسات الصرف الصحي في المدن. ولا تبتعد حصة الضمان الاجتماعي كثيرا عن حصة المياه والصرف الصحي، حيث أظهرت الدراسة عن نسبة مخصص الضمان الاجتماعي من إجمالي النفقات العامة للدولة ما يساوي ( 1,16%)، ملفتة إلى تقييم برنامج الأممالمتحدة الإنمائي لنتائج مسح ميزانية الأسرة للعام 206م والذي أكد أن " 70% من السكان اللذين يحصلون على نفقات الضمان الاجتماعي ليسوا من الفئة المستهدفة وأن الفقراء لا يحصلون إلا على نسبة 14% من نفقات الصندوق". وبالمقابل تحدثت الدراسة عن ذهاب نفقات الصندوق الاجتماعي للتنمية إلى نفقات وصفتها ب"غير المجدية"، ممثلة على ذلك ب" شراء الأثاث والسيارات والمعدات"، موضحة عن استبعاد نفقات الصندوق من النفقات الاجتماعية نظرا لإنفاقه (3,54 %) من نفقات المشاريع على البناء والتشييد، بينما ذهبت النسبة الباقية في شراء سيارات ووسائل نقل ومعدات. وعلى نفس السياق، نفت الدراسة وجود معايير عادلة في توزيع الدعم والإنفاق بين المحافظات، لكنها أشارت إلى عدم تطبيقها في حالة وجودها. وفي توصياتها، طالبت الدراسة الحكومة برصد مبالغ كافية تتماشى مع تحقيق أهداف الألفية، من خلال زيادة فعلية وليست شكلية لحصة النفقات الاجتماعية كما ظهرت به موازنة 2009م، داعية إلى تخفيض تكاليف الإبتعاث للخارج بعد ملاحظتها زيادة في تكاليفه تصل إلى أكثر من 2مليون ريال للطالب سنويا. وطالبت الدراسة في توصياتها- الحكومة بتوزيع عادل لنفقات الصحة تتناسب والكثافة السكانية، وإعادة نظرها في الصندوق الاجتماعي للتنمية، والتقليل من التحيز ضد المركزية الشديدة في موضوع توزيع الإنفاق ومنح المحليات اعتمادات إضافية، إضافة إلى مطالبتها باعتماد معايير علمية واضحة في توزيع المراد بين المحافظات والمركز وبين المحافظات وبعضها.