كشفت وثائق رسمية- تحتفظ "نبأ نيوز" بنسخ منها- عن تحقيقات يجريها مكتب رئاسة الجمهورية حول تورط عدة أطراف حكومية في أمانة العاصمة بأعمال بيع "ممتلكات وأصول عامة"، محرم قانونياً التصرف بها، ومن قبل شخص غير مفوض بالبيع، وبموافقة الهيئة الإدارية للمجلس المحلي، وبمخالفة قانونية من قبل المحكمة التجارية، وبتضليل لصناع القرار. وتأتي هذه التحقيقات بناءً على تقرير صادر عن الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة برقم (4102) وبتاريخ 21/10/2008م، وموجه إلى مكتب رئاسة الجمهورية، يفيد بأن الإدارة العامة للواجبات الزكوية بأمانة العاصمة اشترت بتاريخ 26/12/2007م "مبنى الأصبحي" بالمزاد العلني، وبموجب حكم المحكمة التجارية الابتدائية، والمقر من قبل الشعبة التجارية الاستئنافية الثانية بالأمانة، وبمبلغ (232.854.350) ريالاً، وقامت الأمانة بسداد المبلغ كاملاً للمحكمة المذكورة.. فأصبح المبنى منذ تلك اللحظة في عداد الممتلكات العامة للدولة. وبحسب التقرير: فأنه وبعد مضي فترة شهرين ونصف من إرساء المزاد، ومضي عشرين يوماً من تاريخ سداد القيمة شاملة- أي بتاريخ 8/3/2008م- قام الأمين العام للمجلس المحلي بأمانة العاصمة أمين محمد جمعان بالتنازل عن المبنى لأحد المشائخ "بذات الثمن والقيمة"، وبمحضر جلسة منعقدة برئاسة القاضي فهيم عبد الله محسن، "مستخدماً بذلك حجج واهية، وساعد في ذلك عدم التزام المحكمة بالقواعد الناظمة، والتي يتوجب عليها تسليم المبنى وتحرير صكوك الملكية للفائز بالمزاد فور ترسيته واستكمال سداد القيمة"- طبقاً لنص ما أورده تقرير الجهاز المركزي. • تضليل صناع القرار وعلى الرغم من أن الأمين العام كان قد أنهى إجراءات إعادة بيع المبنى منذ يوم 8/3/2008م، إلاّ أن الأمين العام "جمعان"، حرر بتاريخ 22/4/2008م مذكرة– تحتفظ "نبأ نيوز" بنسخة منها- موجهة إلى وزير الدولة، أمين العاصمة، رئيس المجلس المحلي يدعي فيها "تعثر عملية شراء المبنى، وطلب الموافقة على التنازل والبحث عن مبنى جديد". ولفت تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة إلى "أن طلب الأخ الأمين العام بالتنازل قد جاء لاحقاً لتنازله، وقيامه باتخاذ الإجراءات المترتبة على ذلك، حيث قام بتاريخ 8/4/2008م أي بعد شهر من تأريخ التنازل بتحرير رسالة برقم (155) إلى رئيس المحكمة يطلب فيها تحرير شيك بما سبق وأن قامت الأمانة بتوريده إلى المحكمة كثمن للمبنى"!! • تورط الهيئة الإدارية ويبدو أن أمين العاصمة الدكتور يحيى الشعيبي (آنذاك) لم يكن على علم بأن الأمين العام قد أنهى عملية الشراء، وأنهى أيضاً عملية إعادة البيع، وأن المبنى أصبح في عداد الممتلكات العامة للدولة، لذلك رد على رسالة الأمين العام بالتوجيه بتاريخ 26/4/2008م بعرض الموضوع على الهيئة الإدارية للمجلس المحلي. وبتاريخ 14/5/2008م انعقدت الهيئة الإدارية بناء على توجيه أمين العاصمة وأقرت التنازل عن المبنى، وتم توقيع محضر اجتماع بذلك.. • خلاصة الرقابة والمحاسبة خلص تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة إلى القول: (وبناء على ما سبق يتضح أن الأخ أمين عام المجلس المحلي بأمانة العاصمة قام بالتنازل عن المبنى بعد أن أرسي المزاد على الإدارة العامة للواجبات بأمانة العاصمة، وقيام الأمانة بسداد قيمة العقار بعد إتمام عقد البيع، وأصبح المبنى ملك للإدارة العامة للواجبات، ولا يجوز التصرف فيه، إلاّ أن الهيئة الإدارية قد صادقت ووافقت على ذلك التنازل بتاريخ 14/5/2008م، إضافة إلى أن المحكمة التجارية لم تراع الإجراءات الواجب إتباعها عند التنازل عن مال عام، حيث سارت في إجراءات التنازل من شخص غير مفوض ببيع ممتلكات وأصول عامة)! • الرئاسة تحقق وبحسب الوثائق فإن رئاسة الجمهورية تحقق حالياً للكشف عن الحقيقة، وقد وجهت رسالة مساءلة لرئاسة الوزراء بتاريخ 4/11/2008م، فيما وجهت رئاسة الوزراء بتاريخ 18/11/2008م مذكرات مماثلة إلى كل الأطراف المتورطة. وفي رسالة جوابية برقم (15) وتأريخ 12/1/2009م، تخص مدى سلامة إجراءات المحكمة التجارية الابتدائية، وبعد شرح للإجراءات التي قامت بها المحكمة، أشار خلاله وزير العدل الدكتور غازي الأغبري إلى أن المشتري الجديد قدم عرضاً يزيد ب(12) مليون ريال عن عرض أمانة العاصمة، أكد في ختام رسالته: "أن المحكمة التجارية الابتدائية بالأمانة لم ترتكب أي خطأ أو مخالفة في الموضوع"، وطلب من الجهات المختصة استيضاح أمين عام المجلس المحلي بشأن تنازله عن المبنى! هذا ولم تحصل "نبأ نيوز" على أي معلومات حول رد أمين عام المجلس المحلي بأمانة العاصمة على الرسالة التي وجهها رئيس الوزراء الدكتور علي محمد مجور.