كشفت دراسة نقدية أن غياب النقد خلق أشكالاً متباينة من الفهم في الوعي ، وأن هناك رؤية أحادية وغير قابلة للحوار .. وان للجامعات اليمنية نصيب السد من عدم فهم الوعي، إذ أن غياب النقد المدرسي ، ومعه النقد المنهجي جعل الأستاذ الجامعي يعيش حالة ازدواج – سلوكه وتفكيره ونظرته الى الحياة تأخذ شكلاً بينما ممارساته الواقعية تأخذ شكلاً آخراً..! واتهمت الدراسة المثقف الحزبي بالتواطؤ مع إيديولوجية النقد، ولم يعمل على تأسيس نظرة نقدية تعزز روح المبادرة لدى أفراد الشعب. وأوضحت الدراسة – التي قدمها الدكتور عادل الشجاع، على هامش أمسية أدبية وفكرية لفرع اتحاد أدباء صنعاء- أن الساحة اليمنية ما زالت تفتقر الى خطاب نقدي يشمل مختلف جوانب الحياة التي لم يضعها دارسو النقد موضوع المساءلة والاختبار ، مبرزة أمثلة عديدة منها التشكل التاريخي للمناهج النقدية والكيفية التي تستجيب بها تلك المناهج لتغيير الواقع الذي تبلورت في سياقه. كما أشار الشجاع في محاضرته الموسومة ( أزمة النقد في اليمن) الى أن أزمة النقد ليست من تلك الأزمات التي يعاني منها الوطن ، ذلك أن النقد ينظر في اللحظة الحضارية ، والحياة والوجود، مبيناً أن النقد يساعد في حل المشكلات بوصفه حواراً يقدم رؤية فكرية وفلسفية وحضارية، ولا يكتفي عند محطة معينة، وإنما يتجاوز العديد من المحطات ليخلق معايير تساعد المتلقي على قراءة الواقع قراءة دقيقة وأمينة بهدف الإسهام في تقدم وتطور الحركة الفكرية، ولهذا فإن النقد في اليمن – بحسب الدراسة- يسجل حضوراً خجولاً في النسق المنهجي. كما نوهت الدراسة الى أن النقد في اليمن وبلدان عديدة حولها ما يزال عملاً ثقيلاً على نفس الناقد والمنقود، متسائلة: أين تكمن الأزمة في النقد.. بما هو أداة، أم في النقد بوصفه محتوى؟ وربطت الإجابة بمجموعة من العلاقات المختلفة ، شكلت علاقة بروز دور الإيديولوجية في أزمة النقد الدور الأساسي في بنية هذه العلاقات، مشيرة الى أن الأحزاب اليسارية في اليمن لم تأخذ من الماركسية سوى الجانب السياسي ، ولم تستفد من النقد الماركسي الذي كان له – بحسب الدراسة- الأثر العظيم في تشكيل النظرية النقدية، فهذه الأحزاب رسخت النقد من مفهوم صراعي، وبسبب ذلك أصبح النقد مجرماً ، الأمر الذي فتح الساحة على صراعات لم تكن سياسية أو فكرية بقدر ما هي صراعات دامية دارت في الواقع بسبب غياب التصورات الوطنية لكيفية صياغة النظام الاجتماعي. وأكدت الدراسة أن النقد يربي الأفراد على الحرية والديمقراطية، وأن ضمان الديمقراطية هو الأفراد أنفسهم بتنشئتهم على الديمقراطية كونها تربية لبناء المستقبل- تحرر عقول الأحياء من سلطة الأموات –على حد تعبير الشجاع. ثم خلصت الى أن النقد يحافظ على الديمقراطية ويضمن رسوخها في العقليات والعادات، وهو الضمانة الأساسية لاستمرارها وتطورها.