صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و654 منذ 7 أكتوبر    نقابة الصحفيين والإعلاميين الجنوبيين تصدر بيانا مهما في اليوم العالمي لحرية الصحافة (3 مايو)    العاصمة عدن تشهد فعالية الذكرى ال7 لاعلان مايو التاريخي    الحرب القادمة في اليمن    نص كلمة الرئيس الزُبيدي في ذكرى إعلان عدن التاريخي    في ظل موجة جديدة تضرب المحافظة.. وفاة وإصابة أكثر من 27 شخصا بالكوليرا في إب    أول مسؤول جنوبي يضحي بمنصبه مقابل مصلحة مواطنيه    من هي المصرية "نعمت شفيق" التي أشعلت انتفاضة الغضب في 67 بجامعة أمريكية؟    الرئيس العليمي يوجه بالتدخل العاجل للتخفيف من آثار المتغير المناخي في المهرة    بدء دورة للمدربين في لعبة كرة السلة بوادي وصحراء حضرموت    أبطال المغرب يعلنون التحدي: ألقاب بطولة المقاتلين المحترفين لنا    تحديث جديد لأسعار صرف الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية    خبير اقتصادي بارز يطالب الحكومة الشرعية " بإعادة النظر في هذا القرار !    تعز مدينة الدهشة والبرود والفرح الحزين    منظمة: الصحافة باليمن تمر بمرحلة حرجة والصحفيون يعملون في ظروف بالغة الخطورة    وفاة فتاة وأمها وإصابة فتيات أخرى في حادث مروري بشع في صنعاء    مارب تغرق في ظلام دامس.. ومصدر يكشف السبب    المخا الشرعية تُكرم عمّال النظافة بشرف و وإب الحوثية تُهينهم بفعل صادم!    اسقاط اسماء الطلاب الأوائل باختبار القبول في كلية الطب بجامعة صنعاء لصالح ابناء السلالة (أسماء)    الحوثيون يعتقلون فنان شعبي وأعضاء فرقته في عمران بتهمة تجريم الغناء    ماذا يجرى داخل المراكز الصيفية الحوثية الطائفية - المغلقة ؟ الممولة بالمليارات (الحلقة الأولى)    ترتيبات الداخل وإشارات الخارج ترعب الحوثي.. حرب أم تكهنات؟    مأرب قلب الشرعية النابض    تن هاغ يعترف بمحاولةا التعاقد مع هاري كاين    الكشف بالصور عن تحركات عسكرية خطيرة للحوثيين على الحدود مع السعودية    الهلال السعودي يهزم التعاون ويقترب من ملامسة لقب الدوري    معركة مع النيران: إخماد حريق ضخم في قاعة افراح بمدينة عدن    أفضل 15 صيغة للصلاة على النبي لزيادة الرزق وقضاء الحاجة.. اغتنمها الآن    اخر تطورات الانقلاب المزعوم الذي كاد يحدث في صنعاء (صدمة)    تتقدمهم قيادات الحزب.. حشود غفيرة تشيع جثمان أمين إصلاح وادي حضرموت باشغيوان    وكلاء وزارة الشؤون الاجتماعية "أبوسهيل والصماتي" يشاركان في انعقاد منتدى التتسيق لشركاء العمل الإنساني    بالفيديو.. داعية مصري : الحجامة تخريف وليست سنة نبوية    فالكاو يقترب من مزاملة ميسي في إنتر ميامي    أمين عام الإصلاح يعزي في وفاة أمين مكتب الحزب بوادي حضرموت «باشغيوان»    الوزير البكري يعزي الاعلامي الكبير رائد عابد في وفاة والده    بعد منع الامارات استخدام أراضيها: الولايات المتحدة تنقل أصولها الجوية إلى قطر وجيبوتي    مارب.. وقفة تضامنية مع سكان غزة الذين يتعرضون لحرب إبادة من قبل الاحتلال الصهيوني    دوري المؤتمر الاوروبي ...اوليمبياكوس يسقط استون فيلا الانجليزي برباعية    صحيح العقيدة اهم من سن القوانين.. قيادة السيارة ومبايض المرأة    بعد إثارة الجدل.. بالفيديو: داعية يرد على عالم الآثار زاهي حواس بشأن عدم وجود دليل لوجود الأنبياء في مصر    أيهما أفضل: يوم الجمعة الصلاة على النبي أم قيام الليل؟    طقم ليفربول الجديد لموسم 2024-2025.. محمد صلاح باق مع النادي    لماذا يُدمّر الحوثيون المقابر الأثرية في إب؟    ناشط من عدن ينتقد تضليل الهيئة العليا للأدوية بشأن حاويات الأدوية    دربي مدينة سيئون ينتهي بالتعادل في بطولة كأس حضرموت الثامنة    الارياني: مليشيا الحوثي استغلت أحداث غزه لصرف الأنظار عن نهبها للإيرادات والمرتبات    أثر جانبي خطير لأدوية حرقة المعدة    الصين تجدد دعمها للشرعية ومساندة الجهود الأممية والإقليمية لإنهاء الحرب في اليمن    ضلت تقاوم وتصرخ طوال أسابيع ولا مجيب .. كهرباء عدن تحتضر    الخميني والتصوف    جماعة الحوثي تعيد فتح المتحفين الوطني والموروث الشعبي بصنعاء بعد أن افرغوه من محتواه وكل ما يتعلق بثورة 26 سبتمبر    انتقالي لحج يستعيد مقر اتحاد أدباء وكتاب الجنوب بعد إن كان مقتحما منذ حرب 2015    مياه الصرف الصحي تغرق شوارع مدينة القاعدة وتحذيرات من كارثة صحية    كيف تسبب الحوثي بتحويل عمال اليمن إلى فقراء؟    المخا ستفوج لاول مرة بينما صنعاء تعتبر الثالثة لمطاري جدة والمدينة المنورة    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحصار
قصة قصيرة
نشر في 14 أكتوبر يوم 16 - 12 - 2012

خرجت من الصف، بعد عمل يوم شاق مع طلاب هذا الزمن العجيب، فور سماع رنين جرس المدرسة، كمن يهرب من معركة، ودخلت غرفة المعلمين لتصلح ما انكسر من أعصابها، وتجمل ما تغير من تعابير وجهها ، وتستبدل عبوسا مكفهرا كغيوم الشتاء المتلبدة، لا يلائم وجهها، بابتسامة تشرق كشمس نيسان في يوم صاف، وتعيد إلى وجهها الوجه الطبيعي الذي يعرفها الناس به، وتستعد للانطلاق من عالم الطلاب المراهقين إلى عالم أطفالها الصغار الذين ينتظرونها كما تنتظر صغار العصافير أمهاتها.
نفضت ملابسها لتزيل عنها ما علق بها من غبار الطباشير، وحين نظرت إلى المرآة المثبتة بجانب الباب، قبل خروجها، هالها ما علق على وجهها وشعرها من غبار الزمن، والذي يرفض التساقط كغبار الطباشير.
ومع أنها ابتسمت لصورتها في المرآة، إلا أنها أحست بشيء من الانقباض يعصر إحساسها ، لم تتمهل كثيرا أمام المرآة، وخرجت مسرعة، تركب الهواء لو استطاعت، لتصل إلى أطفالها الذين ينتظرونه كصغار العصافير.
فجأة أحست بلسعة كالغصة في الحلق!
تذكرت أنها جاءت بالباص، وأنها تركت سيارتها في البيت، منذ تنازلت عن رخصة السياقة لم تعد تجرؤ على أن تدير رأسها نحوها!
كيف تعود إلى البيت؟؟..صغارها ينتظرونها على جوع ...كصغار العصافير...ليس لديهم أي فكرة عن الوقت و المسافات، وهي بشوق إليهم كشوق الأم إلى صغارها...
لماذا تنازلت عن رخصة السياقة؟؟؟!!! ليس لديها جواب، ولا تجرؤ حتى على التفتيش عن الجواب!!!.. طلب منها! فلبت الطلب دون نقاش!
عرضت عليها زميلتها أن تركب معها فرفضت..إنها تخاف.. تخاف كأنها محاصرة!
كيف تعتبر نفسها محاصرة؟؟ هذه الكلمة تثير تداعيات موغلة في التاريخ والرعب!
تذكرت حصار نابليون لعكا! وتذكرت حصار النازيين لموسكو!
لماذا توغل في التاريخ...؟ لماذا لا ترى الحاضر..؟ أهو أيضا محاصر؟؟ أم نحن المحاصرون حتى لا نرى بشاعة الحصار..؟
تذكرت حصار الاحتلال لغزة !
لكنني لست في غزة ، قالت لنفسها
ومع ذلك أنت محاصرة، ومهددة بالخوف والحرمان والعقاب..إن أنت قدت سيارة، ليس مهما إلى أين، إلى المدرسة، أو العيادة أو إن أنت نقلت مريضا إلى الطبيب أو المستشفى أو إن ركبت مع زميلتك أو حتى إن ركب معك زوجك.. أنت تركبين معه ممكن! أما أن يركب هو معك ..هذا من المحرمات المقدسات عليك وعليها وعليهن!!
(عقاب) !!! قالتها بشيء من الاحتجاج
(لست الوحيدة المعاقبة)
( لكن الجريمة تكبر وتكبر حين يصير العقاب جماعياً)
ممنوع أن تقودي سيارة....ممنوع أن تركبي مع سائقة...ممنوع أن تتنفسي هواء نقياً.. قد يكون ملغوما.. يجب أن يفتش..كما يفتش أي مواطن يدخل محطة القطار، أو مركزا تجاريا، أو مؤسسة عامة..
عودي إلى أطفالك دون فلسفة ...إنهم ينتظرون!
كيف يا ربي.؟ إنه فوق استطاعتي ....لا بد أن تستغيثي بأحد... بزوجك!
إنه بعيد...بعد الأفق...في الجانب البعيد من البلاد!
بأخيك...
في الجانب الآخر من البلاد
أخو زوجك
إنه من المحرمات كرخص السياقة
اتصلت بأخيها الأصغر..الطالب في الثانوية الذي يقود السيارة بدون رخصة سياقة، تحمس للفكرة كمن استيقظت فيه الشهامة العربية....قاد السيارة كالمجنون.. لا يفكر بشيء سوى أنه يحلق في عالم الشباب...قادها في منعطفات الشوارع الضيقة.. المكتظة بالمارة وطلاب المدارس العائدين من مدارسهم... رأى الشارع أمامه ميدان سباق خاليا من كل شيء.. وفي آخره تقف أخته وحيدة تنتظره...نسي نفسه ونسي المنعطفات الضيقة والمارة ...وفي وحل نسيانه لم يحس بالسيارة حين ضربت أحد المارة، طالبا في الصف الرابع، ونسي أن يتوقف ليرى ما فعل! وواصل تحليقه ...
كيف وصل إلى أخته..؟ لا يدري، ما يعرفه أنه انتصر على الوقت، وتركه يلهث خلفه.
وهي تجلس على المقعد الأمامي، بجانبه، أحست بانقباض مؤلم بصدرها، كأنه كابوس يضغط بشدة،...كأنها ارتكبت خطيئة..لم تفطن إلى أنها تجلس بجانب سائق لا يحمل رخصة سياقة...فقط أحست بأنها تنتقم ...ممن؟ لم تحدد، ربما من نفسها فأحست أنها تحمل شيئا من المسؤولية ..(لو لم أتنازل عن رخصة السياقة، لما وقفت وحيدة في الشارع، ولما زج بي في مغامرة (السباق) هذه) !
تاهت في إحساسها بالمسؤولية، وفقدت الصلة بأخيها الجالس بجانبها، يسابق الشارع، كأنه يقود طيارة، وبالشارع وبالمارة ، وصارت كالمخدرة تحت ثقل الأفكار المتضاربة، ولم تحس بشيء حتى داهمها جمهور كبير، بعضه يصرخ وبعضه يبكي وبعضه يحركه الغضب نحو السيارة، يصرخون بصوت واحد (هذا هو)
وأمام هذا الغضب الزاحف نحوهما فقدت وعيها، وغاصت في غيبوبة طويلة، استيقظت منها بعد أيام ، لترى حول سريرها في المستشفى زوجها ووالديها ووالد الطالب المصاب، رأت الابتسامة على وجوههم حين فتحت عينيها، وانطلقت الألسن تحمد الله على سلامتها، تقدم منها أبو الطالب المصاب قائلاً:
عودي إلى أطفالك الذين ينتظرونك
عودي لتحطمي الحصار!!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.