«فلنتعلم كيف نعيش ونحن مختلفون» جملة قالها المتحدث الرسمي للرئاسة المصرية الانتقالية في مؤتمره الصحفي الموجه لكافة القوى السياسية المصرية وأن الرئاسة المصرية تدعوهم جميعاً للتسامح والتصالح فيما بينهم وأن الجميع مطلوب منهم أن يؤمنوا بان يتعايشوا جميعاً مع وجود الاختلاف الحاصل بين الناس وأن هذا الاختلاف ظاهرة صحية وأن الله عز وجل قد خلق الناس على الاختلاف فإن آمنوا بذلك فإن هذا الاختلاف سيوصلهم إلى الائتلاف لا إلى الخلاف أو الشقاق وتمنى ذلك المتحدث بأن يصل المجتمع أو يتوصل إلى سلم أهلي وتوافق مجتمعي. كم تمنيت وأنا أسمع هذا الكلام من المتحدث الرسمي للرئاسة المصرية الانتقالية أن تكون كافة القوى السياسية في بلادنا قد سمعت هذا الكلام واستوعبته أو فكرت في كيفية تطبيقه كسلوك ونهج في أقوالها وأفعالها وبرامجها وممارساتها اليومية والحياتية فالعاقل من اتعظ بغيره واستفاد من الآخرين وما خاب من استشار أو تعلم من البلدان المتقدمة التي قد قطعت أشواطاً في تجربتها الديمقراطية خاصة وأن هذه التجربة في بلادنا ما زالت هشة ولم تنم بذورها بعد في وجداننا ومشاعرنا وسلوكنا ولا نعرف سوى القمع والاستبداد والاحتكار وسيادة الرأي الأحادي الديكتاتوري والبطش والتنكيل وتصفية الخصوم ولم نتعود بعد على قبول الرأي الآخر المختلف أو الرضوخ للحق ولو كان على لسان معارضينا. لو نظر أحدنا إلى نفسه لوجد أنه يختلف في تفكيره وثقافته عن شخص آخر وأن له سحنة وشكلاً وجسماً ولوناً واسماً يختلف عن الآخرين فإذا آمن كل شخص بأن الآخرين يختلفون عنه وهو يختلف عنهم فلا يطلب منهم أن يكونوا مثله أو يقتنعوا بأفكاره وقناعاته لكي يكون راضياً عنهم وهم راضون عنه فلماذا نريد من الناس أن يكونوا مثلنا وهم مختلفون عنا فلم يتبق إلا أن نتعايش مع هذا الاختلاف إذا أردنا أن يعيش الجميع في ائتلاف وانسجام، وأما سياسة الإقصاء والتهميش والتصفية والاستبداد فهذا سلوك من يرى نفسه فوق الجميع وأنه يفهم أفضل من الآخرين فهذا عين الغرور والكبر والطغيان والبغي وجهل بدواخل النفس البشرية وبطرائق التفكير بين البشر. هذه الفروق والاختلافات بين فرد وفرد فما بالك بالفروق بين جماعة وجماعة وحزب وآخر ودولة وأخرى وأمة و أمة وقارة و قارة أخرى فقد تحارب الغرب الأوروبي حتى سالت الدماء إلى الركب ثم استجمعت الدول الأوروبية قواها ونهضت وتقدمت وازدهرت فيها الديمقراطيات بعد أن آمنوا بروح الاختلاف فيما بينهم وهاهم اليوم يعلموننا معنى احترام الرأي والرأي الآخر واحترام حقوق الإنسان وحرية الفكر وحب التعايش في ظل الاختلاف وهاهم الآن قوة اقتصادية مؤثرة في اتحادها الأوروبي وكل هذا بفضل التعايش في ظل الاختلاف والتنوع الإثني أو العرقي والعقائدي والفكري.