تواصل الحكومة الأمريكية محاولة كسب دعم الكونغرس لتوجيه ضربة عسكرية لسوريا على خلفية استخدام الحكومة السورية للأسلحة الكيمائية في هجوم وقع في 21 أغسطس الماضي، في حين كشف مشرعون روس عن اعتزام موسكو إرسال وفد برلماني إلى واشنطن خلال الأيام القليلة المقبلة، للالتقاء مع نظرائهم في الكونغرس الأمريكي، في محاولة لإجهاض خطة إدارة الرئيس باراك أوباما، لتوجيه ضربة عسكرية إلى سوريا. ودعا الرئيس الأمريكي باراك أوباما امس الاثنين العضوين الجمهوريين في مجلس الشيوخ جون ماكين وليندسي غراهام، اللذين يفضلان القيام بخطوة إضافية تجاه سوريا تتجاوز الهجمات الصاروخية، إلى البيت الأبيض لمناقشة التدخل العسكري في سوريا. وتزعم الولاياتالمتحدة أن القوات الحكومية السورية، استخدمت أسلحة كيميائية ضد مدنيين في 21 أغسطس الماضي في هجوم بضواحي العاصمة السورية دمشق، ما أدى إلى مقتل 1429 شخصا بينهم 426 طفلا. لكن الحكومة السورية تنفي الاتهامات جملة وتفصيلة. وبعد الاجتماع مع أوباما، حذر ماكين من خطورة عدم دعم الرئيس في تهديده المعلن باستخدام القوة. قال عضو مجلس الشيوخ الامريكي جون مكين امس الاثنين انه اذا رفض الكونجرس في التصويت الموافقة على طلب الرئيس باراك اوباما إجازة استخدام القوة العسكرية في سوريا فسيكون ذلك كارثة. واضاف مكين انه وجد الاجتماع مشجعا لكن ما زال أمام الادارة "طريق طويل" حتى نصل الى اعتماد القرار. واكد انه والسناتور الجمهوري لينزي جراهام الذي حضر ايضا الاجتماع مع اوباما في البيت الابيض يحبذان تعديل القرار لتوسيعه حتى لا يكون مجرد رد على استخدام اسلحة كيماوية على ايدي حكومة الرئيس السوري بشار الاسد. وتابع "نريد النص على هدف يؤدي تحقيقه مع الوقت الى الحد من قدرات بشار الاسد وزيادة وتطوير قدرات الجيش السوري الحر والحكومة السورية الحرة حتى يمكنهما ان يزيدا القوة الدافعة في ساحات القتال." ويؤيد مكين وجراهام منذ فترة طويلة التدخل الامريكي ضد الاسد في الحرب الاهلية السورية بينما حاول الرئيس الديمقراطي اوباما البقاء خارج الصراع حتى الان. وقال مكين نحن نقدر مقابلة الرئيس لنا وقد تبادلنا وجهات النظر بصراحة واعتقد اننا وجدنا بعض المجالات التي يمكننا العمل معا فيها. لكن الطريق طويل أمامنا." وعقد مسئولون بارزون بالإدارة الأمريكية يوم الأحد الماضي اجتماعا سريا مع مجموعة من المشرعين الكبار، في محاولة لإقناعهم بالحاجة إلى عمل عسكري في سوريا، ولكسب دعمهم للتصويت المزمع في الكونغرس على التفويض في هذا الصدد. وحاول المسئولون إقناع المشرعين بحاجة الحكومة الأمريكية إلى التدخل في الأزمة السورية، في مسعى لكسب مزيد من الدعم لقرار أوباما الخاص بتوجيه ضربة عسكرية محدودة لسوريا. في المقابل توجه رئيس مجلس الدوما (النواب) الروسي سيرغي ناريشكين ورئيسة مجلس الاتحاد فالينتينا ماتفيينكو إلى الرئيس بوتين بطلب استخدام الصلات البرلمانية بين البلدين من أجل تشجيع الحوار مع واشنطن بشأن سورية. وأكد بوتين أنه مستعد لدعم هذه المبادرة. وذكرت وكالة "نوفوستي" للأنباء، في تقرير لها امس الاثنين، أن المبادرة التي طرحها برلمانيون روس، بهدف "تحسين العلاقات مباشرة مع زملائهم الأمريكيين، لمعالجة الأزمة السورية، بدون اللجوء إلى القوة. وقالت الوكالة إن رئيسة مجلس "الاتحاد"، فالينتينا ماتفيينكو، عرضت الفكرة المشتركة التي توصل إليها المجلس مع مجلس "الدوما"، خلال لقاء مع الرئيس بوتين، الذي علق عليها بقوله: "أعتقد أن المبادرة جاءت في الوقت المناسب والسليم لفهم أفضل، فليس هناك وسيلة أخرى سوى الحوار المفتوح المدعوم بالحجج." كما أعرب الرئيس الروسي، بحسب ما أوردت الوكالة، عن أمله في أن تسمح هذه المبادرة بالتوضيح للشركاء الأمريكيين أساس الموقف الروسي، والاستماع إلى تفسيرات وحجج موسكو، الخاصة بمعارضة أي تدخل عسكري خارجي في الأزمة السورية. وأضاف بوتين أن "حواراً مماثلاً بين البرلمانيين سيكون بدون شك جزءاً من تطوير وتنمية العلاقات الروسية الأمريكية"، مؤكداً أنه مستعد لبذل ما يمكنه من جهود تتعلق به في هذا المجال، مشيراً إلى أنه سيطلب من وزارة الخارجية تقديم التعاون اللازم لإنجاح المبادرة. كما أشارت الوكالة ذاتها إلى أن رئيس الوفد الروسي إلى الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا، أليكسي بوشكوف، اقترح تناول الأزمة السورية، وسبل الخروج منها، خلال الجلسة التي ستعقدها المنظمة في مدينة "ستراسبورغ" الروسية، الخريف المقبل. وفي بيان صحافي صادر عن المكتب الإعلامي للوفد الروسي أنه خلال اجتماع مكتب الجمعية التي أكملت للتو عملها في كرواتيا، عرض رئيس الوفد الروسي بوشكوف اقتراحا لمناقشة الوضع في سوريا و سبل الخروج من الأزمة السورية في إطار مناقشة عاجلة في الدورة المقبلة للجمعية البرلمانية في ستراسبورغ ". وجاء في البيان أن هذا الاقتراح حظي بتأييد عدد من أعضاء الجمعية وبعد النظر على مستوى المجموعات الحزبية سيبرز الاقتراح على جدول أعمال الدورة. وإجراء مناقشة عاجلة يعني تبادل وجهات النظر حول هذه المسألة، و اعتماد القرار السياسي ، الأمر الذي يعكس موقف الجمعية البرلمانية". وفي الوقت نفسه، نقلت العينات التي جمعها مفتشو الأممالمتحدة من الموقع سوري الذي تعرض في 21 أغسطس الماضي لهجوم بالأسلحة الكيميائية نقلت من لاهاي في هولندا امس الاثنين وسوف تصل إلى مختبرات متخصصة قريبا. كان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي - مون قد وجه بتشكيل فريق لتقصي الحقائق بقيادة الخبير السويدي آكي سلستروم في مارس الماضي بناء على طلب من الحكومة السورية. وأمرت الأممالمتحدة فريقها بالخروج من سوريا التي تمزقها الحرب يوم السبت والعودة إلى لاهاي. وناقش الأمين العام للأمم المتحدة امس الاثنين مع رئيس الفريق سلستروم "كيفية تسهيل عملية تحليل العينات وفقا للمعايير واللوائح الدولية القائمة"، حسبما قال المتحدث باسم الأممالمتحدة، والذي لم يكشف عن مدة عملية تحليل العينات. وقال الرئيس السوري بشار الأسد في حديث لصحيفة ((لو فيغارو)) الفرنسية "لو كان لدى الأمريكيين أو الفرنسيين أو البريطانيين دليل واحد على مزاعم الكيميائي لأعلنوه". وحذر الرئيس الأسد من أن أي تدخل عسكري في سوريا قد يؤجج "حربا إقليمية" في الشرق الأوسط. وفيما يتعلق بالتكتيك الذي اتبعه أوباما مؤخرا بمطالبته الكونغرس بتفويض للحرب على سوريا، قال الأسد إن أيا من كان يريد التصويت لابد أن يسأل نفسه أولا حول ما خلفته الحروب السابقة للولايات المتحدة وأوروبا وما جناه العالم بعد حربي العراق وليبيا. من ناحية أخرى، استبعد الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) أندرس فوغ راسموسين إمكانية أن يلعب الحلف أي دور في هجوم محتمل على سوريا، ولكنه أضاف أن المجتمع الدولي يجب أن يرد على الاستخدام المزعوم للأسلحة الكيميائية في سوريا. وبينما صوت البرلمان البريطاني برفض العمل العسكري ضد سوريا، وبينما قرر أوباما التشاور مع الكونغرس، أكد الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند عزمه معاقبة منفذي الهجوم ومناقشة القضية السورية خلال جلسة طارئة للبرلمان الفرنسي يوم الأربعاء. ورفض رئيس الوزراء الفرنسي جان - مارك آرو دعوات المعارضة إلى تصويت في البرلمان حول الأزمة السورية. وبموجب الدستور الفرنسي، يحق لأولاند ، بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة، إصدار أمر بعمل عسكري ولكن يتعين عليه إبلاغ البرلمان قبل 3 أيام من بدء العمل. ويكون تصويت أعضاء البرلمان إجباريا إذا كانت هناك رغبة للاستمرار في العمل العسكري لأكثر من 4 أشهر. وكشف آرو عن تقرير استخباراتي خلال اجتماع مع مشرعين، وأظهر التقرير أن القوات الموالية للرئيس الأسد تقف وراء الهجوم الكيميائي.