بعد مرور أكثر من عقدين على مؤتمر مدريد للسلام في الشرق الاوسط أعيد إطلاق مفاوضات السلام الفلسطينية- الإسرائيلية برعاية أمريكية لكن حتى الان لم ينجح الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي في التوصل إلى اتفاق سلام نهائي يتعامل مع القضايا الصعبة والحساسة والشائكة الامر الذي قد يحقق انجاز على طريق التوصل لحل نهائي للصراع مع انتهاء ولاية الرئيس باراك أوباما الثانية نهاية العام 2016. ولم تخفِ الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة وحكومة نتنياهو خاصة رفضها المطلق لتجميد الاستيطان، في الاراضي الفلسطينيةالمحتلة خاصة في القدسالمحتلة والضفة الغربية أو حتى التقليص والكبح – وهو المصطلح الذي استخدمه أوباما لأول مرّة أثناء خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر 2009 . وفي خطابه الاخير لعام 2013 في الاممالمتحدة شدد الرئيس الامريكي مجددا على أن حل الدولتين في التسوية الشرق أوسطية هو الطريق الوحيد الى احلال السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين. وقال اوباما إنه "حان الوقت ليدعم المجتمع الدولي بأسره المساعي لتحقيق السلام ". وأشار الى أنه يجب أن تدرك اسرائيل وأصدقاؤها بأن أمن اسرائيل يتوقف على حل الدولتين واقامة دولة فلسطينية مستقلة، ومن جانب آخر يجب أن يدرك الفلسطينيون ضرورة أن تعيش اسرائيل بآمان. وفي واشنطن أطلقت وزيرة العدل الاسرائيلية تسيبي ليفني المكلفة ملف مفاوضات السلام بين الاسرائيليين والفلسطينيين، يوم أمس السبت تصريحات اعتبرت فيها ان حل "الدولتين لشعبين" يصب في مصلحة اسرائيل. وقالت في خطاب القته في افتتاح مؤتمر يستمر ثلاثة ايام لمنظمة "جي ستريت" اليهودية الاميركية ان "الطريقة الوحيدة للحفاظ على القيم الديموقراطية لاسرائيل هي في تبني فكرة الدولتين لشعبين". واضافت ليفني ان "كلمتي اسرائيل وسلام لا يتعارضان وبامكانهما بل يجب ان تتعايشا"، الا انها اكدت ان كلمتي "سلام وامن يجب ان تكونا معا"، موضحة ان اسرائيل تعيش "في جوار صعب" سيبقى على حاله بعد توقيع اتفاق سلام. لكن مع استمرار سياسة الاستيطان الاسرائيلي في الاراضي الفسلطينية المحتلة والانتهاكات الاسرائيلية في القدسالمحتلة والرفض الاسرائيلي المستمر لقررات الشرعية الدولية لوجود حل عادل للاجئين الفلسطينيين وكل قضايا الحل النهائي يقوض المفاوضات ويدفعاها الى الفشل. ونبه الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى أن المحادثات الفلسطينية الإسرائيلية الجارية حالياً، هي "محادثات مفصلية، وقد تكون الفرصة الأخيرة لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي". وأكد عباس في حديث لوكالة الانباء الفلسطينية "وفا" في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة أن اللقاءات التي عقدها مع زعماء وممثلي الدول العربية والأجنبية "تصب في سير المفاوضات"، مشدداً على أن "المحادثات الجارية مع الجانب الإسرائيلي مفصلية، وقد تكون الفرصة الأخيرة لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي". وأشار إلى "جدية الولاياتالمتحدة بجهود رئيسها (باراك) اوباما ووزير خارجيتها (جون) كيري والاهتمام الملموس من جميع دول العالم لإحلال السلام وإنهاء النزاع"، مؤكداً ان "السلام مهم لكل العالم وليس فقط للفلسطينيين". وحذر عباس من "العواقب الوخيمة التي قد تنتج في حال فشل التوصل إلى حلول خلال التسعة أشهر المتفق عليها لإنجاز محادثات السلام الجارية"، وقال: "صبرنا كثيراً وتحملنا كثيراً وعانينا كثيراً، لكن العالم بدأ يتفهم جيداً القضية الفلسطينية". وأكد أن على إسرائيل أن تنسحب من كل الأراضي الفلسطينية التي احتلت عام 1967 بما فيها القدس، وضرورة إيجاد حل عادل للاجئين وفق القرار الأممي 194 وكل قضايا الحل النهائي وفق المرجعية الدولية. وثمن عباس دور أوروبا المهم في الدورة الحالية للجمعية العامة للامم المتحدة، خصوصاً قرارها مقاطعة منتجات المستوطنات، مشيرا إلى أن "هذا القرار موجه ضد الاحتلال والاستيطان وليس إسرائيل، ويؤكد عدم شرعية الاستيطان وضرورة وقفه وتوسعه في الأرض الفلسطينية". من جهة ثانية، أعلن عباس إن "فلسطين حصدت ثمار رفع تمثليها إلى دولة "مراقب" في الأممالمتحدة، في هذه الدورة ال68 للجمعية العامة للأمم المتحدة، إذ عوملت كدولة لأول مرة في التاريخ"، معتبراً أن "مشاركة فلسطين في هذه الدورة كانت مهمة للغاية ليس فقط على الصعيد السياسي، إنما على الصعيد الاقتصادي أيضاً". وقال: "بحثنا مجمل القضايا السياسية والاقتصادية، ولأول مرة تبحث القضايا الاقتصادية بشكل موسع بجلب دعم للشعب الفلسطيني، وتميزت هذه الدورة بتكريس الإنجاز الذي حققناه في الدورة السابقة في 29 نوفمبر من العام الماضي، اليوم اعترف بنا كدولة وعوملنا كدولة لنحصد ثمار جهدنا". وتزايد في الآونة الأخيرة حجم الاستيطان الاسرائيلي في الاراضي الفلسطينيةالمحتلة والانتهاكات الاسرائيلية في القدسالمحتلة وإقدام سلطات الاحتلال على اعطاء الضوء الأخضر للمستوطنين اليهود من أجل المزيد من التوسع على حساب السكان الفلسطينيين أصحاب الأرض في القدس. وقد نشر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان مؤخرا تقريراً رصد فيه معادلتيّ السكان والسيادة داخل القدس الشرقية، إلى جانب الانتهاكات الإسرائيلية في المدينة خلال الأسابيع القليلة الماضية. وقال المرصد في بيان له الخميس الماضي إن التقرير الذي شارك في إعداده منظمة أوروبيون لأجل القدس سيرفع إلى الدوائر المعنية في الأممالمتحدة وعدد من الهياكل الحقوقية في الاتحاد الأوروبي، موضحاً أن التقرير انتقد تزامن الدعوات الأمريكية والأوروبية للجانب الفلسطيني من أجل الجلوس على طاولة المفاوضات، مع التغاضي في الوقت ذاته عن سلسلة من الانتهاكات الإسرائيلية المرتكبة في القدس الشرقية، بصورة تزعزع الثقة بعملية السلام. وأضاف التقرير أنه وبالتزامن مع انطلاق جولة جديدة للمباحثات المشتركة بين الإسرائيليين والفلسطينيين، بقيت السلطات الإسرائيلية تعطي الضوء الأخضر للمستوطنين المتشددين من أجل مزيد من التوسع على حساب السكان الفلسطينيين في القدس، كما عمدت إجراءات الحكومة إلى تحويل المدينة التي يُعترف بها على نطاق واسع كعاصمة للأراضي الفلسطينية، إلى كيان لا يتمتّع فيه الفلسطينيون بأية سيادة. ولفت التقرير إلى أنه وخلال جلسات الحوار المشتركة أقدمت السلطات الإسرائيلية على تقديم التسهيلات لجماعات من اليهود المتطرفين دخلوا المسجد الأقصى تحت حمايتها، في الوقت الذي اعتدت فيه على عشرات الفلسطينيين الذين تواجدوا في المسجد ومحيطه بما فيهم بعض الشخصيات الاعتبارية كوزير شؤون القدس عدنان الحسيني، مخلفة العديد من الإصابات. وفي مجال الاستيطان؛ نوّه التقرير إلى أن التغول الاستيطاني آخذ بالاتساع دون رادع، حيث أقرَّت اللجنة المالية في بلدية القدس الاسرائيلية دعماً مالياً شمل 1500 وحدة استيطانية جديدة أواخر أغسطس الماضي، كما باشرت الجرافات الإسرائيلية في الشهر ذاته عمليات الهدم في حيّ الطور تمهيداً لتشييد حديقة وطنية إسرائيلية. كما يطالب التقرير بدفع إسرائيل إلى تجميد الاستيطان المتعاظم في القدس الشرقية بصورة فورية، إلى جانب حماية السيادة الفلسطينية على القدس الشرقية وتعزيز وضعها كعاصمة لدولة فلسطينية مستقبلية.