يبدأ وزير الخارجية الاميركي جون كيري اليوم الخميس زيارة لفلسطين واسرائيل في محاولة جديدة لتحريك المفاوضات بين الفلسطينيين واسرائيل والتي تعاني من خلافات نتيجة التعنت الإسرائيلي وإصرار حكومة تل أبيب على بناء المستوطنات علي الأراضي المحتلة بالإضافة الى تبني اللجنة الوزاريّة الإسرائيلية للقوانين مشروع قانون يقضي بضم غور الأردن إلى الحدود بين الضفة الغربيةوالأردن، حتى في حال التوصّل إلى اتفاق سلام مع الفلسطينيين. وسيعقد كيري خلال جولته ال11 للمنطقة لقاءات مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وسيقدم لهما خلال لقاءات منفردة بنود وثيقة حل للوصول ل "اتفاق إطار" يمنع انهيار المفاوضات، أو انقضاء مدة الشهور التسعة دون التوصل إلى حلول. ولم يكشف بعد عن النصوص التي ستحملها الوثيقة الأمريكية المرتقبة، لكن هناك توقعات كثيرة حول فحواها، دفعت بساسة فلسطينيين إلى الإعلان عن رفضها قبل طرحها، كونها تشمل تواجد عسكريا إسرائيليا على حدود الدولة الفلسطينية المنشودة مع الأردن في منطقة الأغوار. وبحسب مصادر سياسية في إسرائيل فقد ذكرت أنه تمهيدا لزيارة كيري يبذل المسؤولون الأمريكيون المقربين منه مساعي اللحظة الأخيرة لبلورة وثيقة المبادئ التي ستطرح على الإسرائيليين والفلسطينيين. ويعمل هؤلاء على تقليص عدد التحفظات لكلا الجانبين التي ستدرج على الوثيقة كما يبدو. ورجحت مصادر اسرائيلية مسؤولة أن يوافق نتنياهو على وثيقة إعلان المبادئ، التي من المتوقع أن يطرحها وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، على الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي، وتتضمن اشارة مباشرة الى خطوط عام 67، وفكرة تبادل الأراضي في إطار التسوية الدائمة، لكنها أضافت إنه من المتوقع أن تضيف حكومة نتنياهو ملاحظات إلى الوثيقة، مشيرة إلى أن خلفية موافقة نتنياهو المحتملة تعود إلى الاهتمام بعدم اتهام اسرائيل بإفشال المفاوضات، ومن أجل الحصول على موافقة الجانبين الفلسطيني والاميركي على تمديد المباحثات عاماً اخر. وأوضحت المصادر أن نتنياهو كشف خلال مداولات مغلقة عن أن رئيس حزب البيت اليهودي، نفتالي بينيت، لمح إلى أنه سينسحب من الحكومة إذا تبنت الحكومة الوثيقة الأميركية. لكن هذه المصادر رجحت أن ملاحظات نتنياهو ستسمح لحزب "البيت اليهودي" بالبقاء في صفوف الائتلاف الحكومي، لكن بينيت رفض التعقيب على هذه الأقوال. إلى ذلك فقد أفادت صحيفة /معاريف/ الإسرائيلية في عددها أمس أن إسرائيل اقترحت على الولاياتالمتحدة دراسة فكرة نقل أراض في منطقة المثلث إلى الفلسطينيين تعويضا عن إبقاء كتل استيطانية في الضفة الغربية تحت السيطرة الإسرائيلية في إطار التسوية مع الفلسطينيين. وأضافت الصحيفة نقلا عن مصادر إسرائيلية مطلعة قولها أن هذه الفكرة طرحت على بساط البحث مرة واحدة على الأقل خلال محادثات مع مسؤولين أمريكيين على مستوى رفيع وكذلك خلال محادثات على مستويات أدنى. وأكدت المصادر المطلعة مع ذلك أن هذه الفكرة ليست جزءا من المسار الرئيسي للمحادثات التي يجريها نتنياهو مع كيري. وذكرت الصحيفة أن جهات قضائية إسرائيلية ترافق المفاوضات مع الفلسطينيين تدرس الجوانب القضائية لهذه الفكرة بما في ذلك مسألة الجنسية الإسرائيلية التي يتمتع بها المواطنون العرب في منطقة المثلث التي ستصبح تحت سيطرة فلسطينية. وهناك تحد آخر يواجه عملية المفاوضات ويحد من فرض نجاح كيري في مهمته، حيث كشف عن نية الحكومة الإسرائيلية الإعلان عن بناء 1400 وحدة استيطانية جديدة. وبحسب مصادر صحفية فإن الرئيس عباس سيطلب من كيري التدخل بقوة لوقف المخطط الإسرائيلي، وأنه سيتم إبلاغه بأن هكذا مخطط من شأنه أن ينسف المفاوضات والجهود الأمريكية الرامية لإنجاحها. وبسبب المواقف الإسرائيلية المتشنجة حيال ملفي الأمن والحدود، لا يتوقع أن تحدث انطلاقة وانفراجة خلال زيارة كيري. ومن المتوقع بحسب مسؤولين فلسطينيين أن يطلب كيري من فريقا التفاوض الفلسطيني والإسرائيلي أن يكثفا من عقد جلسات تفاوضية لبحث الأفكار الأمريكية الواردة في وثيقة "اتفاق الإطار" بحضور مساعديه الذين وصل عدد منهم مؤخرا للمنطقة، للوصول الى حد أدنى من الحلول حول ملفي الأمن والحدود. وفي سياق المفاوضات قال الرئيس عباس في كلمة متلفزة بمناسبة الذكرى ال 49 لانطلاقة الثورة الفلسطينية "سنقول نعم لما يلبي حقوقنا، ولن نهاب ولن نتردد لحظة في أن نقول لا ومهما كانت الضغوط لأي مقترح ينتقص أو يلتف على المصالح الوطنية العليا لشعبنا'، وذلك في إشارة لاحتمال تعرضه لضغوط أمريكية". وهدد باللجوء قريبا إلى الأممالمتحدة لوقف الاستيطان الإسرائيلي، وقال "لن نصبر على استمرار تمدد السرطان الاستيطاني خاصة في القدس، وسنستخدم حقنا كدولة مراقب في الأممالمتحدة في التحرك الدبلوماسي والسياسي والقانوني لوقفه". ورفض عباس أي حلول سياسية مؤقتة، وقال "نحن نخوض المفاوضات من أجل التوصل إلى اتفاق سلام نهائي، فبالتالي ليس على جدول أعمالنا أي أحاديث عن اتفاقات مؤقتة أو انتقالية أو تجريبية ولا مجال لأي أفكار تطيل عمر الاحتلال واستمرار معاناة شعبنا". وأكد أنه يتفاوض للتوصل إلى حل يقود وعلى الفور إلى قيام دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشريف على كامل الأراضي التي احتلت في العام 1967، وإلى حل عادل لقضية اللاجئين وفق القرار 194 كما نصت عليه مبادرة السلام العربية. وجدد رفضه لأي تواجد عسكري إسرائيلي على أراضي دولة فلسطين المستقلة، وشدد من التمسك بكامل سيادة دولة فلسطين على أراضيها ومياهها وثرواتها وسمائها وهوائها وحدودها ومعابرها. ورفض وزراء في الائتلاف الإسرائيلي الحاكم برئاسة نتنياهو دعوات عباس بأن تكون حدود العام 67 هي حدود الدولة الفلسطينية المنشودة. وقال الوزير عوزي لانداو من حزب "إسرائيل بيتنا" المتشدد "يجب رفض أي اقتراح بالإنسحاب إلى حدود 67 للتو'، مشيرا إلى أن موافقة إسرائيل على مثل هذا الإقتراح ستعتبر "تجاوزا لخط أحمر آخر". وظهرت نقطة خلاف جديدة مع تبني اللجنة الوزاريّة الإسرائيلية للقوانين الأحد مشروع قانون يقضي بضم غور الأردن إلى الحدود بين الضفة الغربيةوالأردن، حتى في حال التوصّل إلى اتفاق سلام مع الفلسطينيين. ودان الفلسطينيون بشدّة هذه المبادرة التي أطلقها صقور اليمين بما في ذلك حزب الليكود الذي يقوده نتانياهو وقال المعلقون الإسرائيليون إنها ترتدي طابعًا رمزيًا. وقال عباس إن غور الأردن "أرض فلسطينية" وضمها يُشكل "خطًا أحمر لا يمكن لأحد تجاوزه". وعقد مجلس الوزراء الفلسطيني اجتماعه الأسبوعي الثلاثاء في غور الأردن الذي يُشكل ثلث الضفة الغربيّة. وأكد وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي "ان قرار اللجنة الوزارية الاسرائيلية بضم الاغوار ليس ملزما لانه بحاجة الى عرضه على الكنيست الاسرائيلي ويحتاج الى قراءة اولى وثانية وثالثة ...لكنه حتى اللحظة هو بالون اختبار من قبل اليمين المتطرف واشك انه سوف يمر ولن تقبل به الادارة الامريكية لانها ستجد نفسها بلا عمل في حال تم هذا القرار". واضاف المالكي "ان قرار ضم الاغوار من شانه ان يلقى ردود فعل دولية قوية تقف ضد تمريره وإذا مر القرار فمن المرجح أن تجدد السلطة هجومها الدبلوماسي الدولي ضد إسرائيل الذي شهد حتى الآن فوز فلسطين بعضوية منظمة اليونسكو" . إلى ذلك، قال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، رئيس الفريق الفلسطيني في المفاوضات، صائب عريقات إن المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية المباشرة متوقفة منذ أكثر من شهر. ويخالف ذلك تصريحات أميركية، وما ذكرته صحيفة /هآرتس/ الإسرائيلية من أن المفاوضات مستمرة. وأضاف عريقات: "لقد توقفت اللقاءات المباشرة مع الإسرائيليين، لأنها وصلت إلى مرحلة لم يعد بالإمكان المواصلة فيها، بعد كل الممارسات الإسرائيلية، وقتلها 33 فلسطينياً، وطرحها أكثر من 5 آلاف عطاء استيطاني، وهدم مئات المنازل الفلسطينية على نحو متسارع، وإغلاق عشرات الطرق في الضفة الغربية للضغط علينا منذ استئناف المفاوضات" أواخر يونيو الماضي. تجدر الإشارة إلى انه تم استئناف المحادثات بين اسرائيل والفلسطينيين فى يوليو 2013 بعد توقف استمر ثلاثة أعوام بسبب استمرار اسرائيل فى بناء المستوطنات.