منذ أربعين عاما والصحافة الدنماركية تأخذ مكانتها بين شرائح الصحافة العالمية، ولا حدود للجهود التي بذلت في سبيل إخراج تلك الصحافة إلى النور سواء أكانت رسمية أو أهلية . وبوجود منظمات خاصة تدعم الصحافة وتشجع المستقلة والأهلية منها في الدنمارك، خطت الصحافة الدنماركية خطوة كبيرة في الظهور في أوساط الإعلام العالمي، حيث قامت تلك المنظمات بتأسيس مطبعة خاصة بكل صحيفة مستقلة ،الأمر الذي أدى إلى قتل المنافسة بين الصحف –حسب رئيس الوفد الدنماركي الزائر لليمن-فكلا منها تتمتع بنفس جودة تنويع الطباعة وتقتصر المنافسة في محتوى مواد الصحيفة . ولم يقف هذا التطوير في حدود الدنمارك ، ولكنه زحف إلى العديد من البلدان بالتعاون مع الخارجية الدنماركية والاتحاد الأوروبي في الدنمارك واتحاد الصحافيين العالميين ، أملا في تطوير الصحافة الأهلية والمستقلة التي تنقصها المادة كي تنتعش وبالشكل المطلوب ، ويكمن هذا التطوير بإقامة مطبعة ضخمة يشترك فيها أكبر عدد ممكن من الصحف المستقلة والأهلية لتنجز فيها جميع أعمال الطباعة الخاصة بالصحيفة وبذلك تخفف التكلفة على ملاك الصحف وتكرس الميزانية الخاصة بهم في اقتناء المادة الصحفية . وإلى هنا قدم موفد من الخارجية الدنماركية راغبا بإقامة مثل هذا المشروع في اليمن حيث الصحافة النشطة التي ما يعوقها إلا الجانب المادي لعدم توفر الدول المانحة في هذا المجال ، على حد قول السيد جورجن رنجارد رئيس الوفد، حيث يقول : نحن في الدنمارك بدأنا من الصفر وبذلنا جهود شتى حتى وصلنا إلى هذا المستوى وتأسيس مؤسسة طباعة تشترك فيها معظم الصحف المستقلة، وقد مررنا بمراحل عديدة ، وقابلنا الكثير من المشاكل، وتعرضنا للعديد من الضغوطات، ليس من قبل الحكومة فقط وإنما حتى من رؤساء تحرير بعض الصحف ،الذين ابدوا خلافهم مع بعض شروط المؤسسة . في الحقيقة الوضع كان معقدا جدا ولذلك كان من المفروض أن نضع إستراتيجية نسير عليها كي ينجح المشروع ومن بنود تلك الاستراتيجية وجود وحدة قانونية مميزة تعمل على تخليصنا من أمور كثيرة كانت تعيقنا ، وبالفعل استطعنا أن نجتاز تلك الظروف حتى أصبحت مطبعتنا تشرف على طباعة 75% من صحف البلد، وكنا نضع 25% من الأرباح في صندوق المؤسسة لدعم الصحف المبتدئة الراغبة في أخذ بعض القروض. ولكن الوضع هنا في اليمن أسهل بكثير مما كنا عليه في الدنمارك فالصحافة في اليمن تتمتع بمساحة إعلامية كبيرة، يمكن أن تساعد في تأسيس منظمة تشترك فيها الصحف الأهلية بأسهم تخفف من تكلفة الطباعة عند كل صحيفة . وتقول السيدة ستيفينيا بورك أحد أعضاء الوفد، إن مشروع مثل هذا ليس بالأمر الهين ويحتاج إلى جهود كبيرة ، وأعتقد بوجود اتحاد وتفاهم الصحف الأهلية هنا في اليمن سينجح المشروع وبوقت قياسي. وتضيف: استشففت من خلال زيارتي القصيرة لليمن أن الصحافة منتعشة ويعوقها بعض المشاكل المادية وهذا ما سمعته من أكثر من راعي لصحيفة . ويؤكد السيد : جان كيولن أحد أعضاء الوفد أنه من الممكن جدا أن تقام مثل هذه المؤسسة في اليمن مع وجود دعم كاف فالوضع ملائم جدا في الوسط الإعلامي الذي سيسهل السير بخطوات قياسية سريعة . وتتفق معه السيدة : بيرنيل جورجنسن العضوة الرابعة في الوفد في أن الوسط الإعلامي اليمني مهيأ جدا لإقامة مثل هذا المشروع ولكن هذا يتطلب جهد يصحبه اتفاق بين جميع المؤسسات الصحفية الأهلية اليمنية والجهة الداعمة. وسط إعلامي يمني واسع وصحافة حرة نشطة ولكن ينقصها دعم مادي يبث الروح في التحرك الصحافي نحو منافسة دولية ، فما يمكن أن يفعله مثل هؤلاء لمساعدة الصحافة اليمنية ، وما هي الخطوة القادمة التي من المفروض أن تخطوها الصحافة اليمنية ؟ يقول السيد/ رينجارد في هذا الصدد : هناك إستراتيجية كاملة نسعى وفقا لبنودها ، وعلينا التقيد بكل صغير وكبيرة منها ، ونحن قد قدمنا إلى هنا رغبة في تطوير الصحافة الأهلية في اليمن ووضع جميع الحلول الممكنة للمشاكل التي تواجهها ، وأعرف تمام المعرفة أن من أهم المشاكل التي تواجهها الصحافة ليس في اليمن فحسب بل في معظم دول العالم هي مشاكل مادية ولذلك نحن بصدد وضع الحلول الممكنة في العديد من الدول ، ونحن على استعداد في تقديم الدعم الكامل لإنجاز مثل هذا المشروع في غضون خمسة أعوام أي حتى 2009م كحد أعلى ليكون هذا المشروع على أتم جاهزية ، وأعتقد أن هذا سيساعد الصحف الأهلية في اليمن التي تشكو من تضخم التكلفة وقلة الربح . وما على الصحافة اليمنية إلا توحيد الرؤية ووضع خطة تشرح فيها ما يمكننا أن نقدمه كخطوات أولية ، وتشرح فيها أيضا عن مقترحات لخطط العمل في جميع جوانب الصحافة . ونحن بدورنا سنطلع الجهات الراغبة في المشاركة في هذه المؤسسة على برنامجنا ومخططاتنا القادمة لإقامة المشروع في اليمن وفي الموعد المحدد. وتقول السيدة بورك: نحن نحاول أن نوصف حماسنا لإنجاز هذا المخطط الذي أأمل أن يحل المشاكل التي تواجهها الصحافة اليمنية المستقلة وأتمنى أن يقام هنا اتحاد للصحف المستقلة والخاصة بغرض الاستفادة من البرنامج الدنمركي . مبادرة جميلة ستحظى بها الصحافة المستقلة في اليمن ، ولكن إذا ما تحققت هذه الخطوة وأقيمت مؤسسة ضخمة كهذه كي تخدم الصحافة الأهلية المفتقرة للدعم ،فهل سنرى ذلك التقدم الإعلامي في المهارات الصحفية الذي تحدثوا عنه والذي سيفتح لنا باب المنافسة العالمية ؟ سبأنت