الاقتصادي والمالي حقق في مراحله الأولى نتائج ايجابية بشهادة المؤسسات الدولية.. لافتا الى ان هذه النجاحات تمثلت بضغط وتكميش الطلب, وهو ماانجزته اليمن بنجاح كبير, واستعادت بذلك ثقة المانحين والمؤسسات التمويلية الدولية . وقال الدكتور عبدالله المخلافي في مقابلة اجرتها معه وكالة الانباء اليمنية (سبأ) ان تقليص الدعم للمشتقات النفطية كان ضرورة تنموية سيلمسها المواطن لاحقا, خاصة وان الدعم لم يكن يصل الى مستحقيه.. داعيا الى تحري الدقة والانصاف والامانة العلمية في تقييم النجاحات التي حققها برنامج الاصلاح في مرحلته الاولى . واعتبر المخلافي عملية انجاح ما تبقى من الاصلاحات الاقتصادية والمالية والادارية, اراد مجتمعية, تتطلب من الجميع احزابا ومنظمات مساندتها بغية تحقيق الاهداف المرجوة منها, والمتمثلة في تحسين مستوى حياة المواطن . واستعرض خطط وبرامج الحكومة الهادفة الى تحديث وتطوير الانظمة المالية والمحاسبية, بما يحافظ على موارد البلاد وانفاقها الانفاق الأمثل بما يصب في خدمة افراد المجتمع في الحضر والريف, من خلال تجفيف منابع الهدر والفساد في الموارد وانفاقها. - في البداية نرجو القاء الضوء حول اهمية الاصلاحات التي بدأتها الحكومة منذ عام 1995م, ومبرراتها؟ - تكمن أهمية الاصلاحات الاقتصادية والمالية والادارية التي انتهجتها اليمن منذ منتصف التسعينات في الوضع الاقتصادي المتدهور الذي عانى منه اقتصادنا الوطني في تلك الفترة.. بمعنى آخر فقد جاءت الاصلاحات الاقتصادية وتنفيذ برنامج الاصلاح الاقتصادي بالتعاون والتنسيق بين الحكومة اليمنية وصندوق النقد والبنك الدوليين, كضرورة تنموية وشكلت قرارات شجاعة اتخذتها القيادة السياسية بزعامة فخامة الاخ الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية ليخرج الاقتصاد الوطني من انهيار وشيك. وبنظرة هادئة ودقيقة على مكونات التوازن الداخلي والخارجي للاقتصاد الوطني قبل تنفيذ سياسات الاصلاح الاقتصادي, وعلى سبيل المثال لا الحصر نلاحظ مايلي: أولاً: الموازنة العامة, كانت تعاني من عجز هيكلي طوال الفترة الماضية, حيث وصل معدل العجز الى اكثر من 22 بالمائة في النصف الاول من التسعينات. ثانياً: التضخم, عانى الاقتصاد الوطني من ارتفاع معدل التضخم بحيث وصل الى اكثر من 70 بالمائة, بل وصل الى اكثر من 100 بالمائة حسب النشرة المصرفية العربية الصادرة في البحرين. ثالثاً: المديونية الخارجية, وصلت قبل برنامج الاصلاح الاقتصادي الى اكثر من 150 بالمائة من الناتج المحلي الاجمالي. رابعاً: الإحتياطي من العملات الأجنبية لدى البنك المركزي كانت في عام 1993م حوالي 300 مليون دولار لاتغطي حاجات اليمن من السلع الأساسية لأكثر من 20 يوما وهذا وضع غير آمن وخطير جدا. خامسا: عجز دائم في الموازين الفرعية والموقف الكلي لميزان المدفوعات . كل هذه المؤشرات وغيرها كثير كانت مبررا كافيا وضروريا لأجراء تغييرات جذرية في السياسات الاقتصادية الكلية لليمن أولاً لكي تعمل على إيقاف التدهورالذي يعاني منه الإقتصاد الوطني وثانيا لكي تعمل على معالجة الاختلالات الاقتصادية وغير الإقتصادية وثالثا الإنطلاق بعجلة التنمية الإقتصادية لتحقيق الغايات المنشودة . - اذا فما الذي حققه البرنامج في مراحله الاولى؟ - إذا رجعنا إلى المؤشرات السابقة التي كانت عليه قبل برنامج الإصلاح الاقتصادي والوضع الحالي لها بعد مرور تسع سنوات سنرى ما يلي :- - العجز في الموازنة العامة إنخفض إلى أقل من 3 بالمئة بدلاً من 22بالمئة كما كان عليه الوضع قبل الإصلاحات الاقتصادية بل أن الموازنة العامة حققت فائضا في عامي2000م و2001م . -فيما يخص التضخم أيضا نلاحظ أن معدل التضخم إنخفض إلى أقل من 5 بالمئة بدلاً عن100 بالمئة, ثم عاود الإرتفاع إلى 11 بالمئة تقريبا ويظل هذا المعدل في الحدود الآمنة . - المديونية الخارجية كذلك إنخفضت إلى حوالي أربعة مليارات دولار بدلاً من أكثر من عشرة مليارات دولار, وأصبحت المديونية الخارجية حاليا لاتتجاوز 40 بالمئة من الناتج المحلي . - حقق الإحتياطي من العملات الأجنبية, تحسنا نوعيا بحيث أصبح البنك المركزي اليمني يمتلك إحتياطيا من العملات الأجنبية يفوق خمسة مليارات دولار, تغطي حاجة اليمن من السلع الأساسية لأكثر من سنة وستة أشهر بدلاً من عشرين يوما قبل الإصلاح الاقتصادي, الى جانب استقرار سعر صرف العملة مع إلغاء تعدد أسعار الصرف . وهذه المؤشرات الإيجابية للاقتصاد اليمني ينبغي أن لاينكرها أحد وعلى أولئك الذين يقللون من النجاحات التي حققها برنامج الإصلاح الاقتصادي إما لأعتبارات سياسية أو غيرها, الابتعاد عن هذا وتقييم تلك النجاحات بمنظارعلمي بعيدا عن أي إعتبارات أخرى, وهو ما يجعلنا نقول بكل ثقة بانه لولا الاصلاحات الاقتصادية والمالية لكان البديل هو الانهيار لاقدر الله . فضلا عن ذلك فقد طرأ تغير كبير في مكونات السياسة النقدية والسياسة المالية والتي عملت على تحقيق الكثير من الأهداف في المراحل الأولى من الإصلاح الاقتصادي المتمثلة بضغط وتكميش الطلب .. وبإختصار شديد نقول أن برنامج الإصلاح الاقتصادي نجح نجاحا كبيراً في تقييد الطلب وخفضه بشهادة المؤسسات الدولية.. وبذلك استعادت اليمن ثقة المانحين والمؤسسات التمويلية الدولية ويبقى على العالم دعم اليمن لكي تحقق النجاح في جانب العرض وزيادة الإنتاج في السلع والخدمات في المستقبل القريب إن شاء الله . - في اعتقادكم هل كانت الاصلاحات الاخيرة ضرورة لمواصلة هذه النجاحات؟ - علينا أن نمضي قدماً ومعنا كل الخيرين من الدول الشقيقة والصديقة في استكمال ما تبقى من برنامج الإصلاح الاقتصادي وعلى الأحزاب السياسية ومنظمات العمل الجماهيري ومؤسسات المجتمع المدني وكل أفراد المجتمع اليمني الوقوف إلى جانب القيادة السياسية من أجل إنجاح ما تبقى من الإصلاحات الاقتصادية والمالية والإدارية, لأننا لا نستطيع أن نحقق التنمية بدون توفر إرادة مجتمعية صادقة ومخلصة ومتفانية غير متخاذلة.. وأي تخاذل من قبل المجتمع في الأستجابة لأطروحات الجانب الاقتصادي والاجتماعي والسياسي سيكون له أثر على كل فرد في المجتمع وقد يؤدي إلى تدهور الإنجازات التي تحققت في الفترة الماضية . - اذا ماذا نحتاج لاستكمال الاصلاحات الاقتصادية؟ - في سبيل استكمال الإصلاحات الاقتصادية فإننا نرى إنشاء وزارة للاستثمار تعمل على تهيئة مناخ الاستثمار وإلغاء كل المرجعيات الإدارية السابقة المتعلقة بالاستثمار وتحرير الاستثمار والمستثمرين من كل القيود الإدارية والابتزاز الشخصي من البعض وحماية وضمان الاستثمارات المحلية والأجنبية والقيام بتوقيع الاتفاقيات الثنائية بين اليمن ومعظم دول العالم لحماية وضمان الاستثمارات وحتى القيام بالدفاع عن المستثمرين لدى الجهات القضائية والعدلية والقيام بخلق الوعي لدى المجتمع بأهمية زيادة الاستثمارات من أجل خلق فرص عمل أكبر والقضاء على ظاهرة الفقر, وذلك بعد ان تقوم الوزارة بعمل مسح شامل لكل محافظات الجمهورية من أجل حصر الميزات النسبية والتنافسية للموارد والمقومات الاقتصادية التي تمتلكها كل محافظة من محافظات الجمهورية وتحديد المشروعات التي تتناسب مع تلك الميزات بما يحقق أكبر عائد ممكن وتحقيق الأرباح للمستثمرين, وبنفس الوقت استيفاء المشروعات التي يحتاجها أفراد المجتمع وتحقيق النفع للجميع, بحيث تكون وزارة الاستثمار هي المعنية بالقيام نيابة عن المستثمر في معالجة كل المشكلات والعقبات التي تقف أمام الاستثمار والمستثمرين سواء كانت شخصية أو مؤسسية وذلك حتى ولو مقابل رسوم مقررة سلفاً يدفعها المستثمر. وإذا ما شئنا جذب المزيد من الاستثمارات فعلينا مرحلياً أن ندفع إعانات نقدية للمستثمرين والاستثمارات التي يمكن أن يكون لها عائد كبير على الاقتصاد اليمني في المدى المنظور والطويل , ولكن كل ذلك بشرط أن تكون الوزارة خالية تماماً من الفساد والفاسدين, وعندما يتوفر ذلك نضمن ارتفاع معدل الاستثمار في اليمن وتنشيط عجلة الاقتصاد الوطني في وقت قصير جداً. - وفيما يخص إعادة هيكلة الوزارت والوحدات الاقتصادية؟ -إعادة الهيكلة ينبغي أن تتم على مستوى كل وزارة ووحدة اقتصادية بما يقضي على كل الاختلالات الادارية والمالية وحتى الأخلاقية بما من شأنه القضاء على الفساد المالي والإداري, والحد من المركزية في بعض الجهات. ومن جانب آخر ينبغي علينا ان نفهم طبيعة عمل كل وزارة من الوزارات وتحقيق استقلالية تامة وإبعاد مؤسسات الدولة عن الضغوط الإجتماعية التي تؤدي إلى الإخلال بالنظم والتقاليد الإدارية وإعاقة مؤسسات الدولة عن اداء مهامها بأحسن حال, وتحقيق الكفاءة الاقتصادية والمؤسسية في كل مؤسسات الدولة بالإضافة إلى القطاع الخاص. - هل كان يمكن الاستمرار في الاصلاحات دون اللجؤ الى تقليص الدعم عن المشتقات النفطية؟ -رفع الدعم عن المشتقات النفطية مسألة هامة للغاية لأن الدول في القرن الواحد والعشرين لم تعد داراً للرعاية الإجتماعية وإنما الدولة أصبحت لاعبا ضمن الفريق اللاعب في الميدان بعد أن تكون قد قامت بوظائفها الأساسية المتعارف عليها وفقا للقاموس السياسي. إذا رفع الدعم عن المشتقات النفطية أصبح ضرورة تنموية لأعتبارين:- الأول/ أن الدعم لم يصل إلى الفئات المستهدفة. الثاني/ توفير الموارد المتمثلة بالدعم واستغلالها في تقديم إعانات نقدية مباشرة عن طريق مؤسسات الضمان الاجتماعي أو إنشاء مشروعات تعود بالنفع على الجميع من خلال خلق فرص عمل ومصادر دخل وهذا ما يعرف بالدعم غير المباشر. وفيما يتعلق بالفوائد المتوخاه من الاصلاحات الاقتصادية في المرحلة القادمة, فان برنامج الاصلاح الاقتصادي ينقسم الى قسمين رئيسيين: القسم الاول جانب الطلب وهو ما انجزته الجمهورية اليمنية بنجاح كبير. القسم الثاني جانب العرض وهو يشكل المهمة القادمة ويحتاج الى كثير من الوقت.. وانجاز الاصلاحات في جانب العرض عادة يتم في الآجل الطويل.. وهناك دول بدأت قبل اليمن في الاصلاحات الاقتصادية ولم تصل بعد الى الشق الثاني المتعلق بإصلاح جانب العرض.. وبالتالي على المجتمع بمختلف فئاته الحفاظ على الانجازات ومحاولة احداث نوع من التراكم في الانجازات والعمل على انجاح برنامج الاصلاح الاقتصادي في جانب العرض. وفي هذا الشأن نعرب عن الاسف لما شهدته العاصمة وبعض المدن خلال يومي 20 و 21 يوليو من اعمال شغب وفوضى وتخريب من قبل البعض على الممتلكات العامة والخاصة, باعتبار ذلك لايصب في مصلحة اي يمني ايا كان.. كما ان هذه الفوضى تشكل عامل طرد للاستثمار والمستثمرين المحليين والاجانب, لانه عندما ينخفض الاستثمار تنخفض فرص العمل وبالتالي زيادة معدل الفقر ، اذا هل يمكن اعتبار مثل هذه الاعمال تصب في مصلحة اليمن واليمنيين؟ .. وهل من خلالها يمكن محاربة البطالة والفقر؟.. طبعا لايختلف اثنان على ان مثل هذه الاعمال الهدامة تسهم في زيادة معدلات البطالة والفقر . - اخيرا نرجو تسليط الضوء على الخطوات التي تعتزم وزارة المالية اتخاذها لتطوير النظام المالي والمحاسبي، وكذا النظام المالي الخاص بتبويب الميزانية العامة للدولة الذي تعتزم الوزارة تطبيقه اعتباراً من مطلع 2007م, بهدف تجفيف منابع الفساد؟ - فيما يخص تطوير النظام المحاسبي تقوم الدولة ممثلة بوزارة المالية على تحديث وتطوير الانظمة المالية والمحاسبية بما يحافظ على موارد البلاد وانفاقها الانفاق الأمثل بما يصب في خدمة افراد المجتمع في الحضر والريف وذلك من خلال تجفيف منابع الهدر والفساد في الموارد وانفاقها. وهناك اهمية استراتيجية للتحول والانتقال الى دليل احصائيات مالية الحكومة 2001م ، وذلك من خلال التطبيق التدريجي والناجح.. كما ان الانتقال الى التبويب الاقتصادي للإيرادات والنفقات العامة على الاساس النقدي ابتداء من عام 2007م يعد جزء من تحديث وتطوير الموازنة العامة للدولة, على ان يتم التحضير والتهيئة من خلال تكثيف التدريب واعداد الادلة والنماذج والسجلات لاعداد الموازنة العامة 2007م , وفقا للتبويب الاقتصادي على الاساس النقدي, بما من شأنه تطوير البنية التحتية للقطاع المالي وتنمية القدرات التكنولوجية للادارة عبر استخدام البرمجة المعلوماتية في العمليات المالية والمحاسبة للحكومة. كما ان الدولة حريصة وعازمة على الانتقال الى دليل 2001 في اطار الرغبة في تطوير الاداء المالي ومتابعة تنفيذ الموازنة بالاضافة الى تمكين السلطات المالية من اداة فعالة لتحليل المالية الحكومية، واتخاذ القرارات فيما يخص السياسة الاقتصادية والمالية للدولة. وتبعا لهذه التوجهات اقدمت وزارة المالية في خطوة اولية الى تشكيل فريق عمل متعدد الاطراف قام بدراسة دليل احصائيات مالية الحكومة 2001 , واعداد مشروع مخطط اولي طويل المدى كمسار انتقال للنظام الجديد.