لا زلت أتذكر خطاب جمال بن عمر في يوم 18 مارس 2013م في دار الرئاسة بصنعاء والذي تضمن العديد من التطمينات للشعب اليمني بعدم الوصاية والتدخلات الأجنبية في الشأن الداخلي اليمني وأكد على قوله بأن القرار سيكون قراركم أنتم أيها اليمنيون ولم تلبث التطمينات الا قليلاً حتى تتابعت جلسات الحوار الوطني، لنجد من خلالها شخصيات ومكونات دفع بها للمشاركة والمطالبة الجادة بإقرار عدة قضايا تخدم مشاريع خارجية إقليمية ودولية, وأدركنا حينها أن مشكلة التدخل بالشأن اليمني الداخلي ليست مرتبطة لا بالشرق ولا بالغرب، وإن المشكلة تكمن في المستشرقين والمتغربين الجدد من أبناء البلد حتى صار ينطبق عليهم قول الشاعر كنت من جند إبليس فارتقى بي…….. الحال حتى صار إبليس من جندي فالسفارات التي تعمل في البلاد لم يعد لها دور بارز في تمرير ما تريد حيث أكتفت بأن ترقب الوضع عن كثب وذلك بعد نجاحها في استخدام أيادي يمنية لتضع السم في العسل . وبسبب كثرة المعرقلين للمرحلة الانتقالية وكثرة الاختلافات والنازعات بين الاطراف السياسية في اليمن جاءت الوصاية أو كما سميه البعض “الاحتلال لليمن بثوبه الجديد” من خلال قرار اتخذته اليوم الثلاثاء 26/2/2014م من ظاهره الرحمة ومن باطنه العذاب، والذي يدخل اليمن تحت البند السابع من ميثاق الاممالمتحدة والذي ينص على الآتي: يتعهد جميع أعضاء “الأممالمتحدة” في سبيل المساهمة في حفظ السلم والأمن الدولي، أن يضعوا تحت تصرف مجلس الأمن بناء على طلبه وطبقاً لاتفاق أو اتفاقات خاصة ما يلزم من القوات المسلحة والمساعدات والتسهيلات الضرورية لحفظ السلم والأمن الدولي ومن ذلك حق المرور. يجب أن يحدد ذلك الاتفاق أو تلك الاتفاقات عدد هذه القوات وأنواعها ومدى استعدادها وأماكنها عموماً ونوع التسهيلات والمساعدات التي تقدم. تجرى المفاوضة في الاتفاق أو الاتفاقات المذكورة بأسرع ما يمكن بناءً على طلب مجلس الأمن، وتبرم بين مجلس الأمن وبين أعضاء “الأممالمتحدة” أو بينه وبين مجموعات من أعضاء “الأممالمتحدة”، وتصدق عليها الدول الموقعة وفق مقتضيات أوضاعها الدستورية. المادة 44 إذا قرر مجلس الأمن استخدام القوة، فإنه قبل أن يطلب من عضو غير ممثل فيه تقديم القوات المسلحة وفاءً بالالتزامات المنصوص عليها في المادة 43، ينبغي له أن يدعو هذا العضو إلى أن يشترك إذا شاء في القرارات التي يصدرها فيما يختص باستخدام وحدات من قوات هذا العضو المسلحة.
وهذا القرار يفتح الباب على مصراعيه أمام التدخل العسكري الأجنبي في اليمن، ويضع اليمن أيضاً في إطار الاحتلال كما أن القرار فيه إدانة واضحة للسلطة القائمة، لأنه وضع اليمن في المرتبة العاشرة ضمن الدول المرشحة للفشل، كما أنه أشار أيضاً إلى أن الوضع في اليمن أصبح مهدداً للأمن والسلم الدوليين. وهذا القرار يستخدمه مجلس الأمن بمثابة العصاء لإذلال الدول التي تحاول الخروج عن الوصاية الأجنبية أو حتى الدول التي مازال مستقبلها مجهول ويشتمون من خلاله رائحة التحرر أو الاستقلال السيادي ولكن مجلس الامن لا يمكن أن يتخذ مثل هكذا قرار في أي بلد إلا بعد أن يبث فيه روح الفرقة والتنازع وإثارة النعرات الجاهلية تارة باسم التقدمية وتارة باسم المدنية وتارة باسم الطائفية وكذلك تقسيم الناس الى عدة أقسام ارهابي وغير إرهابي وإسلام سياسي واسلام جهادي وإسلام دعوي وبهذا التقسيم يستطيع أن يضرب أحدهم بالآخر ثم يأتي في نهاية المطاف كالمنقذ والمصلح بين المتخاصمين , ومع أن مجلس الأمن كان يستطيع يتخذ قرار العقوبة بحق المعرقلين للمرحلة الانتقالية في اليمن والتسوية السياسية دون أن يدخل اليمن تحت البند السابع للأمم المتحدة إلا أن مآربه الأخرى وأبعاده الاستراتيجية في المنطقة لم تسمح له بذلك .
وينبغي علينا أن ندرك جيدا خطورة وأبعاد هذا القرار وحتى لا يزور البعض على اليمنين بأنه يخدم مصالحهم ويخدم المرحلة الانتقالية فقد كانت تبعاته كبيرة على الشعب العراقي حيث كبده الكثير من الخسائر الباهظة وفرض عليه الكثير من القيود والسعيد من اتعظ بغيره .
ففي عام 1990م دخلت العراق تحت طائلة البند السابع وفقا للقرار الاممي المرقم (678) وهذا له عدة معاني انعكست تبعاته على الشعب العراقي ولم يستطع التعافي منه حتى الان بالرغم من خروج العراق من تحت وطأة هذا القرار. حيث أن الفصل السابع لميثاق الأممالمتحدة هو الفصل المخصص للتعامل بالقوة مع الدول التي تشكل تهديدا للسلام_ والامن_الدولي. فقد خضعت العراق منذ اجتياح الكويت لبنود الفصل 7 وبما أن الفصل السابع هو احد فصول ميثاق الاممالمتحدة الذي يتكون من 19 فصلا بالإضافة الى مذكرة وديباجة. وعلية فقد صارت الأممالمتحدة بعد دخول العراق تحت هذا الفصل السابع هي المسؤولة عن كل التدخلات الخارجية التي تعرض لها العراق من 1991 وكان اخرها الاحتلال الاميركي في 2003 كما مثل جزءً من فشل العراق في استقطاب الشركات العابرة للقارات بسبب ارتفاع كلفة التأمين بسبب مقتضيات الفصل السابع كما منع دخول الشركات العالمية للسوق العراقية. وتمتاز هذه الشركات بقلة فسادها المالي وسرعة ودقة تنفيذها للمشاريع وبموجب الفصل السابع فان العراق صار ممنوع من التعامل الا مع 3 بنوك احدها البنك العربي في الاردن الذي يعتبر النافذة المالية للعراق منذ 1990 بموجب الفصل السابع فقد خضع العراق ل 30 قرار اصدرها مجلس الامن كان بدايتها بالقرارين 660-661 الصادرين في اب 1990 الفصل السابع حرم العراق طيلة ثلاث عقود من استيراد معدات طبية وصناعية لأنها تدخل في استخدامات عسكرية. الفصل السابع يعني صعوبة حصول العراقيين على الفيزا واستثناء العراق من التعامل بالمثل مع الدول الأخرى كما أنه ساهم في انخفاض التأمينات العالية التي تدفعها الشركات العالمية مقابل العمل في العراق وقد تصل ل40٪ كما أن هذا الفصل جمد أموال العراق البالغة (80 مليار ) ، وحظر على العراق المطالبة بحقه في ترسيم الحدود مع الكويت بعد أن اقتطعت الأممالمتحدة مدن عراقية وأعطت الكويت مساحات شاسعة غنية بالبترول .. كما أنه منع الحكومة العراقية من أن تشتكي في المحاكم الدولية لإعادة الأراضي العراقية والمطالبة بتعويضات . وبالفصل السابع من ميثاق الاممالمتحدة استطاعت الأممالمتحدة أن تجعل العراق يحتاج لمئات السنين حتى يستعيد عافيته ولم يكن ذنب العراق أنذاك إلا أنه بدأ يؤسس فيه لنظام ذات سيادة .
أما في اليمن فصحيح ما قاله وزير الخارجية اليمن الدكتور أبو بكر القربي “أن وضع اليمن تحت البند السابع بانه يعكس عجز اليمنيين عن فهم خطورة مواقفهم الخاطئة وعدم توافقهم لمصلحة اليمن حيث ” تنفذ أجندات العداء ويضيع حلم اليمن الجديد”. والادهى والامر من هذا أن يكون القرار بطلب من سلطة الوفاق التي تزعم أنه لا ظهر لها ولا نصير سوى الاستقواء بالخارج بسبب الضعف الموجود في الداخل .
وإذا لم تكن الحكومة والمسؤولون فيها عن مستوى طموح المواطنين فانه ينبغي على الشعب اليمني ان يتحد ويتناسى ثارات الماضي ويدرك حجم المؤامرة علية سواء في الداخل أو الخارج وإذا كانت الطائرات بدون طيار تقتل وتستهدف اليمنيين بالقتل الفرادى فأن قرار دخول اليمن تحت الفصل السابع فيه حكم بالإعدام على كل اليمنيين وسيظلون تحت رحمة الأممالمتحدة وما تقرره لهم وبرأيي أن مثل هذه القرارات تعطي الشرعية للجماعات المسلحة والضوء الاخضر لمزيد من العمليات الدموية . وفي الاخير نذكر كل يمني يقول الله عز وجل ((وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ))