تمر علينا الذكرى السنوية للشهيد فتعود بنا الذاكرة إلى أولئك العظماء الذين خطوا بدمائهم الزكية طريق العزة والكرامة وكتبوا ببطولاتهم أنصع صفحات التاريخ إنها ليست مجرد مناسبة عابرة بل محطة إيمانية ووطنية للتزود من نبع التضحية والفداء وفرصة للتأمل في عظمة الموقف وصدق الإنتماء. قال الله تعالى: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (سورة آل عمران: الآية 169) في هذه الآية الكريمة تتجلى الحقيقة الخالدة التي تؤكد أن الشهداء لم يغيبوا بل انتقلوا إلى مقام أسمى وأكرم عند مليك مقتدر حيث الحياة الأبدية والرزق الوفير والرضوان الإلهي . إن إحياء ذكرى الشهداء ليس مجرد وفاء لذكراهم بل هو تجديد للعهد واستحضارٌ لمعاني الإيمان والثبات وتأكيد على أن طريق الحرية والسيادة لا يعبد إلا بدماء الأطهار. إنهم قدموا أرواحهم رخيصة من أجل أن نحيا بعزة وكرامة وتركوا لنا مسؤولية السير على دربهم بثبات وبصيرة. وما أحوجنا اليوم في ظل التحديات الراهنة أن نستمد من سيرهم العزم ومن وصاياهم الوعي وأن نترجم وفاءنا لهم بالعمل والبذل والالتزام بمبادئهم فذكراهم ليست للحزن بل للانطلاقة والبناء والصمود . إن الشهداء لم يرحلوا بل يعيشون في وجدان الأمة وفي كل موقف صادق وفي كل جبهة دفاع وفي كل قلم يكتب للحق هم النور الذي يبدّد ظلمات الاستسلام والنبراس الذي يرشد الأجيال إلى الطريق الصحيح. وتبقى الذكرى السنوية للشهيد ميثاقا متجددا بين الأحياء والأبرار عنوانها الإخلاص وغايتها النصر فنم قرير العين أيها الشهيد فدمك لم يذهب سدى ووطنك لا يزال يقاوم بعزم لا يلين .