اعد الباحث الحقوقي ياسر علاونة من الهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق المواطن تقريرا شاملا حول المسؤولية القانونية التي يتحملها الاحتلال الإسرائيلي عن عملية اقتحام سجن أريحا بالضفة الغربية واختطاف الأمين العام للجبهة الشعبية أحمد ساعدات وعدد من مرافقيه إضافة إلى العميد فؤاد الشوبكي. ويتناول التقرير المسؤولية القانونية لاقتحام سجن أريحا واختطاف المعتقلين السياسيين من قوات الاحتلال الإسرائيلي بتاريخ 14/3/2006، على كافة الأطراف ذات العلاقة بما في ذلك المسؤوليات المترتبة على السلطة الوطنية الفلسطينية، إسرائيل، الولاياتالمتحدةالأمريكية، وبريطانيا. يهدف التقرير إلى معرفة المسؤولية القانونية ّتجاه الأطراف المختلفة عن عملية اقتحام سجن أريحا المركزي، في ظل عملية الغموض التي اكتنفت العملية، وانسحاب المراقبين البريطانيين والأمريكيين من السجن، وعدم اتخاذ السلطة الوطنية لأية إجراءات في أعقاب إبلاغها من القنصل الأمريكي والقنصل البريطاني بالتحذير من أن الحكومتين البريطانية والأمريكية سوف تسحب مراقبيها، ما لم تلتزم السلطة الوطنية بتنفيذ اتفاقية رام الله، وكذلك رفض السلطة الفلسطينية الإفراج عن بعض المعتقلين الذين صدرت بحقهم قرارات إفراج من محكمة العدل الفلسطينية، وبقاء البعض الاخر منهم رهن الاعتقال رغم انتهاء محكوميتهم. وبصورة عامة، يتناول التقرير لمحة تاريخية عن الموضوع، عملية الاعتقال، المحاكمة التي تمت والوضع القانوني للمحاكمة، واتفاقية رام الله التي تمت بخصوص المعتقلين الستة، قرار محكمة العدل العليا الفلسطينية القاضي بالإفراج عن أحمد سعدات، والمسؤولية القانونية لاقتحام السجن من إسرائيل والانتهاكات التي وقعت خلال عملية الاقتحام. وخلص التقرير إلى أن قوات الاحتلال قامت باختطاف المعتقلين السياسيين من سجن أريحا من أجل دواعي انتخابية تتعلق بالانتخابات الإسرائيلية التي كانت مقررة في 28/3/2006، وكان رئيس حزب "كديما" المرشح للانتخابات ورئيس الوزراء الإسرائيلي بالوكالة "أيهود اولمرت" بحاجة إلى هذه العملية من أجل جذب أصوات الناخبين في إسرائيل للتصويت لحزبهم في الانتخابات، وما يؤكد هذه الفرضية هو معرفة الحكومة الإسرائيلية بأنها لا يمكن لها إعادة محاكمة المخطوفين الستة في المحاكم الإسرائيلية كونهم قد عرضوا على المحاكم الفلسطينية، وتمت محاكمتهم وسجنهم بناءً على تلك المحاكمات، وكون أن اتفاقيات أوسلو وطابا قد نصت على واجب أن تمتنع إسرائيل عن محاكمة أو اعتقال أي شخص اعتقل وحكم عليه وفق القوانين الفلسطينية. وأضاف علاونة:"وفي أعقاب العملية الإسرائيلية في اقتحام سجن أريحا و"اختطاف" السجناء السياسيين منه، اعترفت إسرائيل بوجود مشكلة قانونية في إعادة المحاكمة، وطلبت من المستشار القانوني الإسرائيلي اتخاذ قرار بشأن كيفية التعامل القانوني مع القضية، ومع أن رئيس الوزراء بالوكالة قال بأنه ستتم محاكمة المعتقلين الفلسطينيين في إسرائيل، وناصره الرأي شمعون بيريس الذي قال "إن بإمكان إسرائيل إعادة محاكمة المختطفين الستة، وذلك كون الجريمة ارتكبت على الأراضي الإسرائيلية فإن لإسرائيل سيادة قضائية على المعتقلين"، وطالبت وزيرة الخارجية الإسرائيلية التأكد أولاً من السلطات القانونية من أنه يمكن لإسرائيل إعادة محاكمة سعدات". وقال إن الإجابة القانونية على سؤال الوزيرة بأنه لا يمكن لإسرائيل إعادة محاكمة الستة سجناء لكون ذلك ومن ناحية القانون الدولي يشكل خرقاً لمتطلبات المحاكمة العادلة التي تمنع معاقبة الشخص على تهمة مرتين، وكذلك لكون القانون الإسرائيلي الساري المفعول في إسرائيل يمنع حدوث إعادة فرض العقوبة من جديد، ولكون الاتفاقيات الموقعة بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل تمنع التعرض أو حبس أو إعادة اعتقال ومحاكمة شخص قامت السلطة باعتقاله فإن هذا يتطلب من إسرائيل الإفراج الفوري عن المعتقلين وإعادتهم إلى الأراضي الفلسطينية لأن إعادة محاكمتهم تشكل انتهاكا للقوانين السارية حتى في إسرائيل. وأوضح التقرير أنه لا يوجد أي نص في القانون الدولي والقوانين الفلسطينية يعاقب الشخص على الانتماء السياسي أو مقاومة الاحتلال. كما أتضح أن عملية اعتقال احمد سعدات وباقي المتهمين لم تكن قانونية وكان اعتقالاً تعسفياً. و تبين أيضا أن إسرائيل ارتكبت جرائم حرب خلال محاصرة مقر المقاطعة في مدينة رام الله بتاريخ 29/3/2002. وأنتقد التقرير السلطة الفلسطينية وقال أنها لم تراع أيا من ضمانات المحاكمة العادلة التي تتطلبها القوانين الفلسطينية والقانون الدولي لحقوق الإنسان في محاكمة المتهمين الخمسة، الذين تمت محاكمتهم في مقر المقاطعة في مدينة رام الله بتاريخ 25/4/2002. وحمل التقرير السلطة الفلسطينية مسؤولية قانونية وأخلاقية وأدبية في إبرامها اتفاق رام الله بخصوص الموقوفين الستة. وأضاف:" تبين أن الاتفاق الموقع في رام الله اتفاق باطل من الناحية القانونية لأنه خالف مشروعية موضوع التعاقد الذي تنص عليه المعاهدات. وتتحمل السلطة الفلسطينية المسؤولية القانونية الكاملة عن عدم تنفيذ قرار محكمة العدل العليا القاضي بالإفراج الفوري عن أحمد سعدات". وحمل التقرير السلطة الفلسطينية المسؤولية القانونية عن عدم الإفراج عن عاهد أبو غلمة الذي انتهت مدة محكوميته، وأبقت السلطة الوطنية عليه رغم ذلك لمدة ثلاثة سنوات أخرى. وقال التقرير أن إسرائيل تتحمل المسؤولية القانونية والجنائية والمدنية الكاملة عن اقتحام سجن أريحا واختطاف المعتقلين الستة. وتابع:" لا يمكن لإسرائيل من الناحية القانونية، سواء في القانون الدولي أو في الاتفاقيات الموقعة مع السلطة الوطنية، إعادة محاكمة المعتقلين الستة". وبحسب التقرير فأن:" هناك تواطؤ من قبل الحكومة البريطانية والأمريكية في عملية الاقتحام، وعدم وجود تقدير دقيق للأمور من قبل السلطة الوطنية الفلسطينية". وأوصى التقرير بضرورة كف السلطة الوطنية عن حجز حرية الأفراد على خلفية أرائهم السياسية. مع ضرورة أن تقوم السلطة الوطنية بتشكيل لجنة تحقيق فلسطينية مستقلة من أعضاء المجلس التشريعي وأكاديميين ومؤسسات حقوق الإنسان، تكون مهمتها التحقيق في ملابسات اختطاف الأشخاص الستة وعملية اقتحام سجن أريحا، والتوصية بأن تقوم الجهات المختصة في السلطة الوطنية بفتح تحقيق كامل في هذا القضية وتحديد المسؤولين فيها، وإحالتهم إلى القضاء المختص لمحاسبتهم. ودعا التقرير إلى الضغط على الأطراف الموقعة على اتفاقية جنيف الرابعة من أجل عمل لجنة تحقيق دولية لمتابعة الانتهاكات التي قامت بها قوات الاحتلال خلال اقتحام سجن أريحا. 4. رفع قضية سجن أريحا إلى المحكمة الجنائية الدولية لمتابعة الموضوع وملاحقة إسرائيل جنائياً، وكذلك رفع دعوى قضائية على كل من بريطانيا وأمريكا لتورطهم في عملية اقتحام إسرائيل سجن أريحا واختطاف السجناء منه. وطالب علاونة في تقريره السلطة الوطنية، وبالتنسيق مع مؤسسات حقوق الإنسان الدولية، بالعمل من اجل إدراج أسماء كل من "أيهود اولمرت"، "شاؤول موفاز"، و"يائير نافيه" كمجرمي حرب ومنعهم من دخول الدول التي تلاحق وتعاقب هؤلاء وفق قوانينها الوطنية. ودعا إلى الضغط من أجل تشكيل محكمة جنائية دولية على غرار محكمة يوغسلافيا من أجل ملاحقة مرتكبي جرائم الحرب الإسرائيليين.