عندما خرج اليمنيون الي الساحات والميادين في الشمال والجنوب كان يعني ذلك انهم وصلوا الي قناعة ان البلد وصلت الي طريق مسدود وان الاوضاع القائمة لم تعد مقبولة وتغييرها بات خيارهم الوحيد مستعدين تقديم التضحيات مهما كانت من اجل الوصول الي هذه الغاية..وعندما بدات المواجهات وتوزعت المتارس في صنعاء وبعض المدن الرئيسية ادركوا انهم سيدخلون في حلقة مفرغة من الصراع والعنف والاحتراب الداخلي ولتجنب الكارثة قبلوا بتسوية سياسية ما دامت ستؤدي الي تحقيق تطلعه بالتغيير ولمعرفتهم ان هذه التسوية الي عون ودعم الاشقاء والاصدقاء الذين استجابوا انطلاقا من فهم المخاطر التي ستنتج عن ذهاب اليمن الي الفوضى على الاستقرار الاقليمي والمصالح العالمية ..جاءت المبادرة الخليجية لتكون خارطة طريق لتسوية سياسية تفضي الي التغيير واختار اليمنييون الحوار مسارا لذلك..الذي فيه تلاقوا وطرحوا قضاياه ومشاكلهم على طاولته لنقاش جاد ومسؤول وشفاف وتقدم مكوناته الممثلة للشعب اليمني بكافة فئاته وقواه السياسية والحزبية والمدنية رؤاها لجذور القضايا الرئيسية التي حددت بتسع قضايا وتصوراتهم للحلول والمعالجات وبعد شد وجذب توافقوا واتفقوا ليخرجوا بوثيقة تضعهم على عتبة مستقبل يمن جديد بدستور لنظام سياسي ودولة اتحادية مدنية حديثة متجاوزين الماضي بكل تراكمات صراعاته وأزماته..أخطاءه وسلبياته..آلامه ومآسيه..أحقاده وضغائنه بإغلاق ملفاته بتوافقهم المجسد بمخرجات الحوار الوطني الذي يعد اختتامه نجاح كبير وانجاز عظيم انتقل بنا الي مستوى جديد نوعي اهميته تكمن لتحويل مخرجات الحوار من طابعها النظري الى توجه عملي يصبح فيه تطلع شعبنا الى العدالة والمساواة في الحقوق والواجبات واقعا سياسيا واقتصاديا ديموقراطيا وتنمويا المعاش في حاضرهم وغد اجيالهم. لقد دخلنا الفترة الاهم ونعي جميعا شعبا ونخبا وقوى اجتماعية ان لها صعوباتها وتحدياتها التي لا تقل عن ما واجهناه في الفترة السابقة من تنفيذ المبادرة الخليجية ومؤتمر الحوار الوطني..وتحتاج هذه الفترة الى تراصا واصطفافا وتلاحما من كل ابناء الوطن وانه بات جليا وواضحا الطريق والهدف..الغموض والضبابية التي دخلنا بها مؤتمر الحوار الوطني تلاشت المطلوب فقط صدق النوايا وتوفر الارادة ومغادرة اوهام العودة الي الماضي وانانية المصالح الضيقة المدمرة التي نرى البعض مسكونا بها وعجزا عن التحرر من قيودها وهو ما نتبينه في ذلك الاصرار العجيب منهم على الاستمرار في المكايدات والمناكفات والتهويل والتشكيك بما تحقق في خطابهم الاعلامي وممارستهم السياسية غير مستوعبين ان قطار التغيير قد تحرك ولن يتوقف الا في محطته الاخيرة التي تنتهي بقيام يمنا اتحاديا تتحقق فيه الشراكة في السلطة والثروة..يمنا أبناءه ينظرون الي الأمام ولا يلتفتون الي الخلف الا لأخذ الدرس والعبرة .