تدفع الشقيقة السعودية بكل ثقلها للتوقيع على ما يسمى خارطة الطريق للحل السياسي . الشقيقة هنا تنطلق من نافذة أن التوقيع على تلك الخارطة يمثل نجاحاً دبلوماسياً على الصعيد الدولي والإقليمي، كنتيجة لحوار طويل رعته سلطنة عمان بين السعودية من جهة وإيران ومليشيات الحوثي من جهة أخرى. المكاسب من التوقيع على هذه الخارطة تذهب لطرفي الحوار، دون أن تمنح الطرف المعني (الشرعية اليمنية) رئاسة وحكومة ومؤسسات دستورية ومكونات وشعب وجيش أي مكاسب تذكر، بل تنتزع منه تنازلات تفتح لمليشيات إيران الحوثية نافذة الاعتراف الدولي بها كمكون من مكونات الشرعية اليمنية، وبذلك تكون مبررات بقاء قرارات مجلس الأمن الدولي ومنها 2216 في محل المنعدمة خاصة إذا بارك مجلس الأمن ذلك الاتفاق على مايسمى خارطة الطريق.
الشقيقة تنطلق من منطلق أنها لا تقبل بفشل جهودها في التوقيع على خارطة الطريق حتى لو كانت على قناعة تامة أن خارطة الطرق لا تقبل التنفيذ ولن يلتزم بها طرف المليشيات، المهم أن تنجح الدبلوماسية السعودية، وبذلك تضع الشقيقة السعودية مصالح الجمهورية اليمنية وممثلها الشرعي مجلس القيادة والحكومة، في طاولة المفاوضات على مصالحها ومكاسبها السياسية دولياً وإقليمياً، هذا المتغير أو بمعنى أصح الانقلاب السياسي للشقيقة السعودية تجاه حليفتها اليمن، المتمثل في انقلابها على أهداف التحالف ومبررات وجوديته السياسية والقانونية على المستوى الدولي والإقليمي، المتمثلة في إنهاء الانقلاب الإيراني في صنعاء واستعادة مؤسسات الدولة وتحرير العاصمة صنعاء ونزع سلاح المليشيات والحفاظ على وحدة اليمن وسلامة أراضيه, كل تلك الأهداف التي التزمت بها الشقيقة تجاه اليمن انقلبت عليها، وذهبت لتعمل سياسياً وعسكرياً واقتصادياً على النقيض، فدعمت المليشيات المسلحة ورعت انقلابات مسلحة في عدن ومدن أخرى وأوقفت تحرير الحديدة ومنعت الجيش من التقدم نحو صنعاء وأضعفت الحكومة، ونفذت انقلاباً على الرئيس الشرعي وعينت بديلاً عنه مجلس قيادة، واليوم تجر اليمن بما تبقى من مؤسسات شرعية إلى مرحلة التفكك، واستلاب الشرعية وإلباسها للمليشيات المسلحة في جنوباليمن وشماله.
إلى الآن لم تسمح الشقيقة السعودية للمكونات السياسية بمناقشة مايزمع التوقيع عليه والمسمى "خارطة الطريق"، ولم تسمح لأهم مؤسسة دستورية مجلس النواب بمناقشته أيضاً أو حتى مجلس الشورى.
غالباً, حتى مجلس القيادة الرئاسي لم نسمع أنه ناقش باستفاضة خارطة الطريق التي يزمع قيامه بتوقيعها، والواقعية هنا أن استلاب سلطات الجمهورية اليمنية إرادتها بهذه الصورة التي أقل ما يمكن وصفها بأنها مهينة، يجب رفضها وفقاً لما تقتضيه المصلحة الوطنية للجمهورية اليمنية وبما يضمن وجود خارطة طريق تقودنا إلى سلام حقيقي تضمنه الدولة اليمنية أولاً، والمجتمع الدولي والإقليمي ثانياً.
ما يتم هو مهزلة واستخفاف، بالجمهورية اليمنية ومؤسساتها وشعبها، ما يحدث هو تأسيسا لشرعنة عصابات مسلحة، وشرعنة حروبها ضد الشعب ومؤسسات الدولة، لسنوات طويلة، والكارثة أن جميع مكونات الشرعية ومجلس القيادة والحكومة، ومجلس النواب، يدركون خطورة تداعيات المسار الذي يُجرون إليه حسب تعبيرات بعضهم « إنهم يساقون مجبرين، ليبقى المشهد السياسي للقادم مفتوحاً على مسارات كارثية، مهدداً وجودية الجمهورية اليمنية، أرضاً ومؤسسات وإنساناً.
*- #سيف_الحاضري: المستشار الإعلامي ل "علي محسن الحمر" وصاحب مؤسسة الشموع الصحفية وأخبار اليوم