إن المتابع للتطورات الأخيرة في المشهد اليمني يلاحظ مدى ضراوة صراع الإرادات التي تحكم اللاعبين ...ففي حين يصدر الرئيس عبد ربه منصور هادي مرسومه بإقالة محمد صالح الأحمر وطارق محمد عبد الله صالح من منصبيهما إلى مناصب أخرى ربما اقل تأثير... نجد أن الطرف الأخر يستغل الفرصة لإثبات انه لن يقبل بهذا التغيير ليس حبا في شخص الأول وإنما وقوفا مع الثور الأبيض خوفا من أن تنطبق عليه مقولة (أكلت يوم أكل الثور الأبيض ) وربما هو الثور الأضعف نتيجة عوامل كثيرة, وهم على يقين أن التغيير سيتم لا محالة ولكن أرادوا أن يوصلوا من خلاله رسالة مفادها أن وقوفنا مع الثور الأقوى سيكون أسطوريا... فلا تقربوا من حماه ولا حتى بمجرد التفكير ..وهذا يعني أن عائلة صالح ربما تكون قد تخلت ظاهريا عن المشروع السلطوي ولو مؤقتا ...ولكنها على ما يبدوا لم ولن تتخلى عن مشروع التوريث ...ولكن بأسلوبها ..وطريقتها التي تراها مناسبة وما ظهور قائد الحرس الجمهوري في خطاب هو الأول من نوعه لقيادة الحرس وبشكل كرنفالي وكأننا نستمع إلى أمير حرب قادم يتكلم بكل صلف وعنجهية. أما بطانته وحاشيته مستعدة لما هو قادم ..وهو التدشين لمرحلة جديدة يقودها الشاب المفعم بكل طموح الرئاسة علنا. إضافة إلى محاولة تفجير الوضع على أكثر من صعيد في توقيت متزامن, فالبركاني في مجلس النواب, ويحي يعيد الانتشار في شوارع صنعاء وأزقتها, وآخر يحشد البلاطجة من جديد لإرباك الشارع ويأتي احمد ليدق طبول الحرب برسالة إعلامية وعسكرية واضحة يعلمها الجميع .. وفي المقابل في الطرف الأخر يقف الرئيس هادي بكل ثقة وهدوء محاولا عدم الإنجرار إلى ردود فعل غير محسوبة... ويبدوا أن الفريقين للأسف مع كثر المماحكات السياسية بينهم قد فهم كل طرف طريقة تفكير الأخر فلم يعد عند احدهم ما يستطيع أن يفاجأ به الأخر ليحسم الأمر ولكن يبقى عامل الوقت الذي أصبح يخدم هادي أكثر من صالح ولو مرحليا ومحاوله إظهارهم للعالم الخارجي كمجوعة عصابة خارجة عن القانون ربما تفيد ولكن على المدى المتوسط فقط .. وفي المحصلة نحن أمام مطبخ سياسي للرئيس هادي عنده من الصبر والهدوء ما يفتقده الطرف الأخر. ولربما تفيده هفوة غير محسوبة للطرف الأخر حتى ينهى هذا المشهد المراوح.