شهدت الأسواق اليمنية خلال يوليو 2025 تحركات متباينة في أسعار الصرف والوقود والسلع الغذائية الأساسية، وفق ما كشفته نشرة السوق والتجارة الصادرة عن برنامج نظم معلومات الأمن الغذائي والتغذية التابع لمنظمة الأغذية والزراعة (الفاو). وأشار التقرير، الذي شمل 22 مدينة وأسواقاً ريفية مختارة، إلى استمرار التدهور الحاد في قيمة الريال اليمني بمناطق حكومة عدن مقابل استقرار نسبي في مناطق صنعاء، ما أدى إلى فجوة واسعة في الأسعار ومستويات المعيشة بين المنطقتين. وبلغ متوسط سعر الصرف في عدن نحو 2,828 ريالاً للدولار بانخفاض سنوي يصل إلى 34%، في حين استقر السعر عند 534 ريالاً للدولار في صنعاء. وفي خطوة للحد من التدهور، اتخذ البنك المركزي في عدن خلال يوليو إجراءات شملت تشكيل لجنة وطنية لتنظيم وتمويل الواردات، وقصر الاستيراد على 25 سلعة أساسية تشمل الحبوب والزيوت والأدوية، إضافة إلى إغلاق عشرات مكاتب الصرافة غير المرخصة. ورغم التحسن المؤقت للريال مطلع أغسطس، حذر التقرير من أن هذه الإجراءات لن تحقق أثراً مستداماً ما لم تقترن بإصلاحات مالية أوسع وتدفق منتظم للعملة الأجنبية. وفي جانب الوقود، رصد التقرير استقراراً نسبياً في الأسعار مقارنة بيونيو، لكن مع ارتفاع سنوي يتراوح بين 21 و63% في مختلف المناطق. ورجح أن يؤدي تحسن سعر الصرف مؤقتاً إلى تراجع محدود في الأسعار، دون معالجة جذرية لتقلبات سوق الطاقة. أما أسعار السلع الغذائية الأساسية، فسجلت ارتفاعاً طفيفاً في عدن لكنها بقيت أعلى بكثير من متوسط السنوات الثلاث الماضية، بينما ظلت الأسعار أقل نسبياً في صنعاء بفضل ضوابط التسعير والقيود على الواردات، رغم ما تسببه من اختناقات متكررة في الإمدادات. ووفق التقرير، ارتفعت تكلفة السلة الغذائية الدنيا في عدن بنسبة 41% على أساس سنوي، فيما انخفضت بنحو 10% في صنعاء مقارنة بمتوسط ثلاث سنوات، ما يعكس أثر السياسات الرقابية رغم محدودية المعروض. القدرة الشرائية أوضح التقرير أن أجور العمالة غير الماهرة شهدت ارتفاعاً سنوياً بلغ 20% في مناطق الحكومة و9% في صنعاء، لكنه غير كافٍ لتعويض تآكل القدرة الشرائية بفعل تضخم أسعار الغذاء، ما أدى إلى تراجع معامل التبادل التجاري بين الأجور والحبوب وتفاقم معاناة الأسر الفقيرة. كما رصد التقرير ارتفاعاً كبيراً في أسعار الثروة الحيوانية بعدن بنسبة تصل إلى 60% مقارنة بالعام الماضي، مقابل تراجع نسبي في صنعاء، مع بقاء الضغوط قائمة بسبب محدودية الأعلاف وموجات الجفاف. المخاطر المستقبلية أظهر التقرير تراجع واردات القمح عبر موانئ الحديدة والصليف، مقابل استقرار نسبي للواردات عبر عدن والمكلا وسط تحديات لوجستية. أما واردات الوقود فسجلت اتجاهات مختلطة بين الموانئ الشمالية والجنوبية. وحذر التقرير من أن الإجراءات المصرفية الأخيرة قد تُضعف مرونة السوق إذا لم تُرافق بخطط منظمة لتدفق النقد التجاري والإنساني، خصوصاً مع استمرار القيود على الحوالات. كما توقع بقاء ملايين اليمنيين عرضة لانعدام الأمن الغذائي الحاد خلال ما تبقى من 2025 في ظل ضعف الدخل وارتفاع أسعار الغذاء. أزمة إنسانية ورغم توقف المعارك العسكرية على معظم الجبهات، أشار التقرير إلى أن الأزمات النقدية والقيود على الواردات والتمويلات تواصل تشكيل جبهة جديدة من المعاناة الاقتصادية، حيث تهدد الأزمات المعيشية حياة ما يقارب 18 مليون يمني في النصف الثاني من العام الجاري، وسط غياب حلول اقتصادية شاملة تعالج جذور الأزمة.