حمدي ردمان محمد المشهري، لم يعد مجرد حامل لقضية ابنته الشهيدة إفتهان، بل أصبح تجسيداً لإرادة تتحدى آلات النسيان والإفلات من العقاب. لم تعد دعوته منصة للاستجداء، بل هي إعادة تعريف للجبهة، فالجبهة لم تعد حدوداً جغرافية، بل هي إرادة فردية تتحول إلى مؤسسة موازية. عندما تنهار ثقة الناس في الأطر الرسمية، ينهض القائد العضوي من قلب المأساة نفسه. هنا، يتحول الأب من ضحية إلى فاعل، من متلقٍ للظلم إلى مهندس للمواجهة. إن جمع ملفات الضحايا ليس مجرد توثيق، بل هو نسج لنسيج مجتمعي جديد، قائم على التضامن بدلاً من الخوف. سلاحه الأقوى هو تحويل القضية الفردية إلى قضية جماعية، مما يجعلها عصية على الإسكات أو التهميش. في هذه الحركة، التي تبلورت في تشكيل لجنة لأهالي الشهداء لمتابعة القضايا قانونياً وإعلامياً، تنتصر إفتهان مرتين، مرة باستشهادها، ومرة بتحول حزن أبيها إلى سلاح للعدالة، وإلى صوت جماعي يرفع الغطاء عن الجميع، معلناً أن الأمل لم يعد مجرد شعور، بل أصبح مؤسسة شعبية قائمة.