لجان المقاومة الفلسطينية : نرفض نشر أي قوات أجنبية في غزة    المرشحين لجائزة أفضل لاعب إفريقي لعام 2025    البحسني يتهم العليميين بالتآمر على حضرموت ويهدد باتخاذ قرارات أحادية    المنتخبات المتأهلة إلى الملحق العالمي بتصفيات مونديال 2026    اتفاق المريخ هو الحل    مجلس الأمن وخفايا المرجعيات الثلاث: كيف يبقى الجنوب تحت الهيمنة    الكونغو الديمقراطية تصطاد نسور نيجيريا وتبلغ الملحق العالمي    اعتماد البطائق الشخصية المنتهية حتى 14 ديسمبر    وادي زبيد: الشريان الحيوي ومنارة الأوقاف (4)    رئيس النمسا يفضح أكاذيب حكومة اليمن حول تكاليف قمة المناخ    صنعت الإمارات من عدن 2015 والمكلا 2016 سردية للتاريخ    دائرة التوجيه المعنوي تكرم أسر شهدائها وتنظم زيارات لأضرحة الشهداء    الرئيس المشاط يُعزي الرئيس العراقي في وفاة شقيقه    حذرت كل الأطراف الدولية والإقليمية من اتخاذ القرار ذريعة للإضرار بمصالح الجمهورية اليمنية..    نوهت بالإنجازات النوعية للأجهزة الأمنية... رئاسة مجلس الشورى تناقش المواضيع ذات الصلة بنشاط اللجان الدائمة    الماجستير للباحث النعماني من كلية التجارة بجامعة المستقبل    الدكتور بشير بادة ل " 26 سبتمبر ": الاستخدام الخاطئ للمضاد الحيوي يُضعف المناعة ويسبب مقاومة بكتيرية    مدير المركز الوطني لنقل الدم وأبحاثه ل " 26 سبتمبر " : التداعيات التي فرضها العدوان أثرت بشكل مباشر على خدمات المركز    هزتان أرضيتان جنوب وغرب محافظة تعز    قراءة تحليلية لنص "محاولة انتحار" ل"أحمد سيف حاشد"    التأمل.. قراءة اللامرئي واقتراب من المعنى    الكاتب والباحث والصحفي القدير الأستاذ علي سالم اليزيدي    ايران: لا يوجد تخصيب لليورانيوم في الوقت الحالي    بعد فشل المواجهات العسكرية أمام صمود اليمنيين.. الأجهزة الأمنية تطيح بأخطر المخططات التجسسية الأمريكية الإسرائيلية السعودية    خلال وقفات شعبية وجماهيرية .. أبناء اليمن يؤكدون: مساعي العدوان للنيل من الجبهة الداخلية باتت مكشوفة ومصيرها الفشل    "الصراري" شموخ تنهشه الذئاب..!    النرويج تتأهل إلى المونديال    مدير فرع هيئة المواصفات وضبط الجودة في محافظة ذمار ل 26 سبتمبر : نخوض معركة حقيقية ضد السلع المهربة والبضائع المقلدة والمغشوشة    مرض الفشل الكلوي (28)    أمن مأرب يعرض اعترافات خلايا حوثية ويكشف عملية نوعية جلبت مطلوبًا من قلب صنعاء    قطرات ندية في جوهرية مدارس الكوثر القرآنية    البحسني يهدد باتخاذ قرارات أحادية لتطبيع الأوضاع في حضرموت ويتهم العليمي باستهداف المحافظة    طائرة البرق بتريم تتجاوز تاربة ينعش آماله في المنافسة في البطولة التنشيطية لكرة الطائرة بوادي حضرموت    الشعيب وحالمين تطلقان حملة مجتمعية لتمويل طريق الشهيد الأنعمي    حكومة بريك تسجل 140 مشاركًا في مؤتمر البرازيل بينما الموظفون بلا رواتب    ضبط شحنة أدوية مهربة في نقطة مصنع الحديد غرب العاصمة عدن    رئيس تنفيذية انتقالي لحج يطلع على جهود مكتب الزراعة والري بالمحافظة    البرتغال الى المونديال وايرلندا الى الملحق    بلا رونالدو.. البرتغال "مبهرة" تنتصر 9-1 وتصل للمونديال    حضرموت.. حكم قضائي يمنح المعلمين زيادة في الحوافز ويحميهم من الفصل التعسفي    نجوم الإرهاب في زمن الإعلام الرمادي    رئاسة مجلس الشورى تناقش المواضيع ذات الصلة بنشاط اللجان الدائمة    "العسل المجنون" في تركيا..هل لديه القدرة فعلًا على إسقاط جيش كامل؟    الأمير الذي يقود بصمت... ويقاتل بعظمة    بدء صرف راتب أغسطس لموظفي التربية والتعليم بتعز عبر بنك الكريمي    تسجيل 22 وفاة و380 إصابة بالدفتيريا منذ بداية العام 2025    أفاعي الجمهورية    سفيرٌ يمنيٌّ وطنه الحقيقي بطاقة حزبه.. تحويل السفارة من ممثل للدولة إلى مكتبٍ حزبي    مريم وفطوم.. تسيطران على الطريق البحري في عدن (صور)    قراءة تحليلية لنص "في المرقص" ل"أحمد سيف حاشد"    في رحلة البحث عن المياه.. وفاة طفل غرقا في إب    بوادر تمرد في حضرموت على قرار الرئاسي بإغلاق ميناء الشحر    انتشال أكبر سفينة غارقة في حوض ميناء الإصطياد السمكي بعدن    وزارة الأوقاف تعلن عن تفعيل المنصة الالكترونية لخدمة الحجاج    معهد أسترالي: بسبب الحرب على اليمن.. جيل كامل لا يستطيع القراءة والكتابة    المقالح: من يحكم باسم الله لا يولي الشعب أي اعتبار    الإمام الشيخ محمد الغزالي: "الإسلام دين نظيف في أمه وسخة"    قيمة الجواسيس والعملاء وعقوبتهم في قوانين الأرض والسماء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اليمن... من حلم الوحدة إلى كوابيس الانفصال أزمة الجنوب كنتيجة لمشكلات استراتيجية
نشر في يمنات يوم 13 - 04 - 2010

على مدار أسبوع القمة العربية التي انعقدت في مارس الماضي بمدينة سرت الليبية، احتفت وسائل الإعلام اليمنية الرسمية بمبادرة اليمن التي تقدم بها الرئيس علي عبدالله صالح لإصلاح المنظومة العربية، وجعلت منها حدثاً كتبت فيه قصائد شعرية وغنائية. في السنوات الأخيرة، تقدم اليمن بمبادرة لإصلاح الأمم المتحدة، وأخرى لإصلاح العمل العربي المشترك، وثالثة لرأب الصدع الفلسطيني، وبذل مساعٍ لحل أزمة الصومال، وكلها لا شك جهود محمودة، وأغلبها يحوي مضامين تستحق النظر فيها، لكن لسان حال الشارع اليمني يقول: 'نحن أَولى باهتمام الدولة، بدلاً من صبّ جهودها في صيغ مبادرات لإصلاح العالم والمنطقة، خصوصاً أن الأزمات أرهقت كواهل المواطنين في الشمال والجنوب'. ويشهد اليمن اليوم تحديات استراتيجية بالغة الأهمية في مستوى تعقيدها وخطورتها، كما يواجه تحديات اقتصادية وأمنية، لكن التحدي الأكبر على المديين القريب والبعيد هو كيفية الحفاظ عليه ك'دولة موحدة'. ذات يوم كان مجرد ذكر كلمة 'الانفصال' في الصحافة اليمنية ضرباً من المغامرة، وقد يترتب على الأمر أخطار لا تُحصى، لكن منذ يوليو 2007 بات رفع علم 'اليمن الجنوبي' أمراً وارداً. بحلول 22 مايو 2010، سيحتفل اليمن، الذي يطل على أهم طرق الملاحة الدولية والمحاذي لأكبر دولة منتجة للنفط، بمرور عقدين على توحيد شطريه الشمالي والجنوبي، لكن اليمن هذه المرة سيبلغ الذكرى ال20 وقد أصبحت مطالب العودة إلى ما قبل الوحدة أكثر حضوراً في أجزاء من بعض المحافظات الجنوبية والشرقية التي كانت تمثل قوام اليمن الجنوبي قبل عام 1990. فتداعيات الاضطرابات التي تشهدها تلك المحافظات تتشكل في الميدان على نحو يهدد الاستقرار، في ظل تصعيد متبادل بين السلطة وقوى الحراك الجنوبي. وعلى نحو شبه يومي، لا تمرّ نشرات الأخبار من دون ذكر 'الجنوب' كساحة احتجاجات، وأحياناً صدامات بين قوات الشرطة وعناصر 'الحراك الجنوبي' في بعض المدن، فضلاً عن تطورات القضية، التي تأتي من خارج البلد الفقير والمنهك بالأزمات. مشاكل استراتيجية تظل مشكلة اليمن في عدم قدرته على استيعاب التمويل الخارجي المقدم من المانحين، أكبر مصدر للإحراج، خصوصاً أن أيادي السلطة ممدودة لمزيد من الدعم، ولم تتمكن الحكومة من صرف مخصصات المشاريع التنموية الممولة من المانحين. يُذكر أن اليمن تسلم حتى نهاية 2009 فقط، 20 في المئة من تعهدات المانحين في مؤتمر لندن 2006، التي بلغت 5.1 مليارات دولار، ولم يصرف إلا 80 في المئة ممّا تسلمه. ويجري حالياً اختبار نظام صرف آلي يسهل عملية الصرف من التمويل الخارجي في إطار مشروع تجريبي، تموله الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، على ثلاثة قطاعات حيوية هي التربية والزراعة والصحة، ويتوقع أن يزيد هذا النظام طاقة اليمن في استيعاب مبالغ أكبر من المانحين قروضاً كانت أم مساعدات، كما سيعزز النظام الجديد الشفافية ويقلل فرص الفساد المالي، حسب قول مسؤول في وزارة المالية، وينفذ هذا المشروع فريق يمني بواسطة مؤسسة تدبير النظم الدولية الأميركية. ويمكن أن يشكل الجنوب تحديا كبيرا، لكن تفاقم المشكلة هناك مع تدهور الأوضاع الاقتصادية، يجعل اليمن برمته بقعة مضطربة تتخوف القوى الإقليمية والدولية من انزلاقها إلى الفشل، فالنفط الذي يوفر 70 في المئة من الموازنة العامة للبلد، مهدد بالنضوب، كما يقع أكثر من 50 في المئة من سكان البلاد البالغ تعدادهم نحو 23 مليون نسمة تحت خط الفقر، إضافة إلى أن اليمن يغرق في صراعات سياسية داخلية، كما حدث في صعدة المحافظة الشمالية التي شهدت 6 حروب بين الحوثيين والجيش منذ يونيو 2004، وامتدت إلى السعودية في نسختها الأخيرة عام 2009، يرافق ذلك إخفاق حكومي في إدارة الموارد المحدودة بكفاءة وفاعلية، من جراء تفشي الفساد بحسب تقارير دولية واعترافات مسؤولين رفيعي المستوى. طارق الشامي، رئيس دائرة الإعلام والثقافة في حزب 'المؤتمر الشعبي العام' الحاكم، يؤكد أن السلطة 'ستشكّل لجانا من أعضاء مجلسي النواب والشورى والسلطات المحلية في المحافظات الجنوبية، للوقوف أمام أي مطالب'، وهذا النوع من المعالجات لا يبدو انه سيقدم حلا أمثل ممّا سبق. ويتحدث عن وجود 'توجه جاد من الدولة لإجراء إصلاحات دستورية وقانونية'، تكفل الانتقال إلى نظام الحكم المحلي كامل الصلاحيات، بالتزامن مع إصلاحات 'تنموية واقتصادية تحد من الفقر والبطالة'. المشكلة في الجنوب باتت أكبر حسب ما يعتقد رئيس منتدى التنمية السياسية علي سيف حسن، الذي يرى أنه 'لا يمكن معالجتها بهذه الوسائل التقليدية'. يفضل حسن قراءة ظاهرة الحراك باعتبارها 'تعبيرا عن حالة رفض وغضب في الجنوب'، ويقول إن القضية الجنوبية 'قضية استثنائية، فهي قضية موقع وجغرافيا معطلة لا تقوم بدورها وانعكست على المواطنين وعدم قيامهم بدورهم،' مشيراً إلى ما يكرره أبناء الجنوب من شعورهم ب 'التهميش'، لكنه لا يذكرها صراحة. ويتابع: 'عدن معطلة رغم أنها بوابة اليمن إلى العالم، وحضرموت كذلك رغم أنها بوابة اليمن إلى الخليج'. كابوس التشطير أستاذ العلوم السياسية في جامعة صنعاء الدكتور محمد الظاهري يقول إن استمرار المعالجات بذات الطريقة 'سيقود إلى خطر التشطير والتجزئة '، ويضيف: 'إذا استمرت السلطة في تحايلها السياسي وعجزها عن القيام بواجبها، أخشى أننا سنصل إلى أكثر من يمن وأخاف حربا أهلية، على أولئك أن يدركوا أن أي مساس بالوحدة لا سمح الله، لن يعود الوطن إلى شطرين، كما يعتقد البعض: شطر شمالي وشطر جنوبي، بل سيتجزأ وستكون هناك دويلات ونتوءات عديدة، وسيتقاتل أبناء الشعب من بيت إلى بيت ومن طاقة إلى طاقة ولن يجدوا طريقا آمنا ولا طيرانا ولا سفينة تبحر'، هكذا حذر الرئيس اليمني علي عبدالله صالح في أبريل 2009 في معرض تحذيره من المخاطر التي يمكن أن تؤدي إليها دعاوى إنهاء الوحدة اليمنية. ويضيف الرئيس صالح: 'عليهم أن يأخذوا العبرة مما حدث في دول أخرى، وأن ينظروا إلى ما يحدث في العراق، مليون ونصف المليون قتيل بعد أن انهار النظام العراقي، وينظروا إلى ماذا يحدث في الصومال، إذ يتقاتل الصوماليون من بيت إلى بيت، لهذا فالوحدة هي منجز عظيم ضمتنا جميعا ومسؤوليتنا جميعا أن نحميها ونصونها ونبحر بهذه السفينة ونقودها إلى بر الأمان، دون أن نسمح لأي كان أن يستهدفها بمشاريعه الصغيرة والأنانية'. وتجاه هذه المخاوف، بذلت الدولة مساعي باتجاه الحلول، لكن هناك من يرى أن الجهاز التنفيذي في الدولة هو من يعطل الحلول. يقول رئيس اتحاد نقابات عمال اليمن-فرع عدن عثمان كاكو، إن 'السلطة التنفيذية تستولي عليها سلطة نافذة'. ويضيف أن 'هناك حربا وصراع مصالح في السلطة من أبناء الشمال أو الجنوب، الذين يؤججون الحراك في الشارع الجنوبي'. ويعتقد مراقبون أن كثيرا من فرص حل المشكلة قد تسرب، وهناك شك في قدرة السلطة على تسوية الأمور بتلك البساطة بعد سنوات من الإخفاق في التعاطي الآمن معها، وبناء على ذلك، ينصح تقرير مركز دراسات الشرق الأوسط في واشنطن، الإدارة الأميركية بدعم الوحدة واستقرار اليمن، وهذا ما أكدت عليه كل زيارات المسؤولين الأميركيين لليمن، لكنه نبه صناع السياسة الأميركية إلى أن يكون الدعم مشروطا ب'التزام يمني باحترام المؤسسات الديمقراطية وحكم القانون والحريات الصحافية وحقوق الإنسان'. ويجمع خبراء محليون وأجانب في الشأن اليمني، على أنه اصبح من الصعوبة بمكان تقديم حلول دون مشاركة واسعة من النخب المحلية وبإشراف وسيط خارجي يتسم بالمصداقية، لكن إقناع صنعاء بهذا قد يأخذ وقتا طويلا، فالدعوات المحلية إلى إجراء حوار واسع وشامل، مع جميع الأطراف يواجه بمناورات دائمة كما تقول الأحزاب. 'لا يوجد أي تحفظ عن الجلوس مع أي قوى سياسية على طاولة الحوار سواء في الداخل أو الخارج،' يقول طارق الشامي، ولا تخلو هذه المرونة المفترضة من شروط، فالحوار يمكن أن يحدث بالنسبة إلى السلطة 'مادام أنه يندرج تحت سقف الدستور والوحدة والجمهورية'، حسب قوله. ويبدو من استئناف المراسلات بين حزب 'المؤتمر' الحاكم وتكتل 'اللقاء المشترك' المعارض منذ مطلع أبريل 2010، بخصوص التحضير للحوار الوطني، دليل على تقارب في الرؤى السياسية، وإن كانت أحزاب المعارضة تتعامل بحذر مع تفاعل الحزب الحاكم، في ظل تواصل الهجمة الإعلامية عليها في الصحف الرسمية. تفاوت وتهاون محلياً تحظى القضية الجنوبية باهتمام من كل أطراف المعادلة السياسية مع تفاوت في الإحساس بخطورتها. ويقول رئيس منتدى التنمية السياسية ان 'معظم الأطراف تملك الاهتمام، لكنها تفتقد القدرة والجسارة الكافية للإسهام في المعالجة، مشدداً على أن هناك فرقا بين الاهتمام والقدرة. بنظر رئيس منتدى التنمية السياسية، وهو من أبناء محافظة الضالع في الجنوب، فإن معالجة المشكلة في الجنوب تحتاج إلى 'جسارة سياسية غير عادية، وأحزاب اللقاء المشترك المعارض وقيادات الحراك الجنوبي غير قادرة على امتلاك هذه الجسارة'. ويضيف حسن أن الرئيس صالح وحده القادر على أن يكون جسوراً لمواجهة هذه الأزمة بشكل سلمي 'يعيد إلى الأذهان جسارة الرئيس نفسه، عندما قرر الذهاب إلى عدن لتوقيع اتفاقية الوحدة عام 1989 وترك الجميع خلفه في صنعاء'. تقديرات حسن تتفق إلى حد ما مع ما ذكره التقرير الأميركي الذي أكد أن حل الأزمة الجنوبية سلميا 'يعتمد جزئياً على رغبة الرئيس صالح في التدخل إلى تسوية وكذلك معالجة مظالم الجنوب بطريقة جديدة'. سيناريوهات بالنسبة إلى الحراك الجنوبي، ليس هناك ما يشير إلى انه يفكر في التسليم بقوة الأمر الواقع، ما يعني أن وتيرة الاحتجاجات ستظل على حالها إن لم تتصاعد، وقد تتسع رقعة الاضطرابات في البلاد مع تدهور الأوضاع الاقتصادية، وقد نشاهد حراكاً في المحافظات الشمالية،' كما يقول الدكتور الظاهري في صنعاء ويؤيده الرأي عثمان كاكو، رئيس اتحاد نقابات العمال في عدن. من جملة السيناريوهات المحتملة 'استمرار حالة التمرد في الجنوب'، وفي هذه الحالة، فإن 'قابلية الاقتصاد للنمو والتطور ستتعرض لتهديدات أكثر، بينما يمكن للفوضى الداخلية أن توفر مساحة إضافية لتنظيم القاعدة كي توسع نفوذها، بحسب التقرير الأميركي. وإذا انزلقت الأوضاع إلى هذه الحال، فإن آثار ذلك لن تقتصر على اليمن وحده بل ستشمل جواره الجغرافي والمصالح الدولية المباشرة وغير المباشرة، فاليمن بلد مهم بالنسبة إلى المصالح الحيوية للعالم، فهو يطل على أهم طرق الملاحة العالمية، إذ يعبر بمحاذاة شريطه الساحلي نحو 3 ملايين برميل تتدفق للعالم نفط يوميا، ويحاذي اكبر دولة منتجة للنفط في العالم وهي المملكة العربية السعودية. ربما هذا هو ما يدفع رئيس منتدى التنمية السياسية علي سيف حسن إلى القول: 'العالم لن يسمح للأوضاع المضطربة بالاستمرار، فلا اليمن ولا الإقليم يستطيع تحمل بقاء الأمور على ما هي عليه'، لذلك يتوقع أن 'يمارس العالم الخارجي ضغوطا كبيرة نحو حل المشكلة،' مستبعدا أن يتدخل فيها بشكل مباشر. لكن ما من احد يجزم بأن ذلك قد يحدث على وجه التحديد، لتظل التطورات مفتوحة على كل الاحتمالات، بما فيها الانفجار الكبير. أولويات يسعى فريق ممن يطلقون على أنفسهم ب'الإصلاحيين الشباب'، وعلى رأسهم نجل الرئيس الأكبر أحمد، الذي يقود الحرس الجمهوري والقوات الخاصة، إلى تقديم حلول استراتيجية سريعة لما أطلقوا عليه 'الأولويات العشر'، وتتمثل في إحلال 100 شاب يمني من الكفاءات المتميزة، والتي تلقت تعليماً نوعياً في الغرب، بمواقع القرار في قطاعات الدولة المختلفة، وحل مشكلة الأراضي (في الجنوب)، وتفعيل دور العاصمة الاقتصادية عدن، ورفع الدعم عن المشتقات النفطية من دون إحداث أي تضخم في الأسعار، وخلق فرص عمل للشباب في اليمن والخليج، وكذلك تحسين صورة اليمن، من أجل جذب وتشجيع الاستثمار الأجنبي، وتوفير حلول لمشكلة المياه، وتفعيل دور الدولة تعزيز سلطة القانون. وتلقى هذه الأولويات اهتمام المانحين، إلا أن هناك قيادات بارزة في الحكومة وسلطات الدولة تعارضها وتحاول تعطيلها لأنها كما يبدو تمس مصالح الجيل الأول، حسب أحد مؤسسي هذه المجموعة. وبناءً على تقييم للوضع القائم في اليمن، أعلنت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية عن مشروعين هما الأكبر منذ معاودة نشاطها في اليمن منذ قرابة 10 سنوات، في
إطار استراتيجية تمتد من 2010 حتى 2012، ويهدف المشروعان إلى محاولة معالجة أو إزالة عوامل الاضطراب في ثماني محافظات منها خمس جنوبية: أبين وعدن ولحج والضالع وشبوة، وتقدر قيمة المشروعين بحوالي 121 مليون دولار أميركي، وقد تمتد فترة المشروعين من ثلاث إلى خمس سنوات، يتوقع أن يتم البدء فيها في يونيو. مقترحات حلول أمين عام الحزب الاشتراكي اليمني د. ياسين سعيد نعمان قال في كلمة له حول 'وثيقة الإنقاذ الوطني' التي تقدمت بها المعارضة: 'وثيقة الإنقاذ تقدم أفكاراً مهمة على هذا الصعيد من الممكن أن تشكل أساساً لحوارات جادة ومثمرة، ولن يكون مفيداً تفريغ الأزمة بإصلاحات جزئية لاتمس جذر المشكلة لأن هذا لن يعني أكثر من مجرد ترحيل لهذه الأزمة وتواطؤ مع مخرجاتها المخيفة التي أخذت تنقل المشكلة من أيدي اليمنيين لتضعها في إطار مختلف عن الحاجة الفعلية إلى معالجة الأزمة ومظاهرها الأساسية'. في مارس 2010، أطلق حزب رابطة أبناء اليمن (رأي) مبادرة دعت إلى الأخذ بالنظام الاتحادي الفدرالي على أساس إقليمين، تقترح المبادرة تطبيق نظام حكم محلي كامل الصلاحيات للوحدات في إطار كل من إقليمَي أو ولايتَي الدولة'. ويقول إن هذا النظام 'يضمن لليمن استمرارية وحدته، في ظل دولة فدرالية واحدة متماسكة، بدستور واحد، ومواطنة واحدة، ورئيس واحد، وعلم واحد، وجيش واحد، وسياسة خارجية واحدة'. وكان رئيس حزب 'رأي' عبدالرحمن الجفري قال ان 'الحل يبدأ بالجلوس على طاولة الحوار ويكون مفتوحا لجميع اللاعبين السياسيين، بمن في ذلك قادة الحراك في الداخل والخارج والحوثيون، ولا يُستثنى أحد'. عثمان كاكو يقول إن 'الحل يبدأ بثقافة الاعتراف بالمشاكل الموجودة وعند الاعتراف بالآخر، وأن تتم إعادة النظر في الخطاب السياسي الذي وصفه ب'خطاب موتور على مستوى عام وملتف لا يتناول الواقع بثقافة الاعتراف'، مضيفاً أن 'اليمن في حاجة إلى عقل سياسي يفكر ثم يقرر، لا العكس'. تشكيل وتشجيع وحياد في ختام هذا الملف بشأن قضية جنوب اليمن، تجدر الإشارة إلى أنه، خلال رسمنا لخطة الملف، كنا على يقين أن مثل هذا العمل سيلاقي جمهوراً واسعاً من القراء من داخل اليمن وخارجه– من يمنيين أو عرب، مع ما يجري أو ضده. وأقدمنا على المهمة ونحن على يقين أننا سنتعرض لكثير من الانتقادات وربما التشكيك في مدى مهنيتنا في ما ننقله إلى الناس على صفحات 'الجريدة'. وحدث بالفعل أن تلقينا قدراً لا بأس به من التشجيع، ومعلومات إضافية، وأيضاً في المقابل تلقينا كثيراً من الكلام القاسي والنقد غير البنّاء من إخوة يتوقعون من صحافي ما أن يخاطب رغباتهم ويغفل الطرف الآخر. وخلال إعداد 'الملف'، تجردنا من كل الانتماءات التي قد تؤثر في حيادية الطرح، وهناك من تفاعل بإيجابية عالية وساند بالرأي والنصيحة، التي عملنا بكثير منها حيثما وجدناها لا تتحيز لطرف. تلقينا نقداً ممن يتعصبون للوحدة عاتبين علينا من إتاحة فرصة لأصحاب 'الحراك' للتعبير عن آرائهم، ومعتبرين أننا تخلينا عن أهم الثوابت الوطنية وهي الوحدة، لكننا بمجرد أن سمعنا أصواتاً كهذه من أصدقاء أعزاء وشخصيات قيادية في الدولة شعرنا أننا فعلاً حياديون ونقف في الوسط، وكان في ذلك عزاؤنا. وسيظل هذا الجهد متواضعاً ومحدوداً لأنه من المستحيل أن يشمل الملف كل شيء وكل جانب وطرف بالتفصيل الوافي، خصوصاً أننا طرحنا هذه السلسلة على قراء 'الجريدة' بلغة يمكن متابعتها، بعيدة عن السرد التاريخي المجرد، أو اللقاءات المطولة المملة. محمد الأسعدي محرر الملف.
صنعاء – محمد الأسعديشارك في الإعداد عبد العزيز المجيدي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.